بيروت- “القدس العربي”: يستمر المشهد القاتم رئاسياً مع رفع السقوف السياسية وعودة كل طرف للتمترس خلف مواقفه ومرشحه، وفيما أبلغ حزب الله الموفد القطري جاسم بن فهد آل ثاني تمسكه برئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية أولاً وثانياً وثالثاً، فإن رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل وفي محاولة لقطع الطريق على قائد الجيش العماد جوزف عون كأحد الأسماء المطروحة كخيار ثالث وجّه إليه سهاماً جديدة في اليومين الماضيين، وقال “يلوموننا كيف نصوّب على قيادة الجيش والأجهزة”، وأضاف “حان الوقت لتنكشف الحقائق للمغشوشين بالمظاهر”، متهماً أفراداً وقادة في الجيش “بالتلكؤ والتقاعس في قضية النزوح السوري وبالتواطؤ سياسياً والاستفادة مادياً من شبكات التهريب”، مطالباً “برئيس ملتزم على رأس السطح لإعادة النازحين إلى بلدهم مهما كلّف الأمر، رئيس سيادي بطبعه وليس تابعاً لمحور ولا مسيّر، ملتزم بضميره الوطني وبالدستور. وليس مخالفاً الدستور بجلسة انتخابه”.
وجاء كلام باسيل مترافقاً مع استمرار موجة القلق لدى الكثير من اللبنانيين من أزمة النازحين والهجرة غير الشرعية عبر الحدود في غياب أي خطة حكومية للمعالجة وانقضاء المهلة التي حددتها جلسة مجلس الوزراء لوزير الخارجية عبد الله بو حبيب للتوصل مع النظام السوري لبحث هذه القضية.
وفي هذا الاطار، قلّل الوزير بوحبيب من أهمية أي زيارة سيقوم بها إلى سوريا، وقال في حديث تلفزيوني “إذا ذهبت إلى سوريا “مش رح شيل الزير من البير”وهناك ضغط دولي حتى لا يُعمَل شيء”. وتطرّق بوحبيب إلى المناكفات الدائرة بين بعض الوزراء حول كيفية التعاطي مع الملف وخصوصاً من قبل وزير المهجرين عصام شرف الدين، فقال “يا ريت يخفف وزير المهجرين “شوية حكي”. فردّ عليه وزير المهجرين قائلاً: “انت لسانك طويل وأنا تحملتك المرة الماضية”، سائلاً “انت بشو شاطر؟ انت خانع ومهادن ومتواطئ”.
وحضرت هذه القضية خلال زيارة وزير الداخلية بسام مولوي إلى عين التينة حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري، وخرج ليصف هذه القضية بأنها “معضلة شائكة ينبغي أن تُحل بطريقة علمية ومنطقية وبالمتابعة والمثابرة بدءاً بالسياسية ولاحقاً بكل الإجراءات الإدارية والأمنية التي تؤخذ على الأرض”، واعتبر “أن هذا الموضوع ليس موضوعاً للمزايدة، وكل الشعب موحّد حوله ومن الضروري أن تكون هذه الوحدة بعيداً عن المزايدات كي تؤدي إلى الحل”.
من جهته، ردّ رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على رئيس التيار الوطني الحر، ولفت في بيان إلى “أن بعضهم دأب في المرحلة الأخيرة على الحديث عن لجوء سوري مستجد إلى لبنان إضافة إلى اللجوء الموجود، مما يشكل خطراً وجودياً كيانياً على لبنان واللبنانيين”، وقال “الجدير ذكره أن التيار الوطني الحر وحلفاءه يشكلون ليس فقط أكثرية داخل الحكومة، إنما حكومة تصريف الأعمال كلها، فلماذا لا تجتمع هذه الحكومة، ولا سيما أن المعضلة السورية في لبنان باتت تشكل خطراً وجودياً، وتعطي أوامر تنفيذية واضحة ومحددة جداً لكل الأجهزة الأمنية المعنية بتطبيق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء بحذافيرها تحت طائلة المسؤولية؟”. وأضاف “متابعة هذه الخطوة بشكل حثيث وجدي من قبل الوزراء المعنيين، وتحديدًا وزراء الداخلية والدفاع والعدل هي وحدها الكفيلة بإبعاد هذا الخطر الوجودي عن لبنان، فيما التصاريح والاستغلال السياسي لا تنتج سوى تعميق الأزمة وانتشارها أكثر فأكثر”.
بدوره، أكد الحزب التقدمي الاشتراكي على “ضرورة دعم الجيش اللبناني الذي تزداد على عاتقه الأعباء الكبيرة في ظل تحديات الأزمات الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية والسياسية الصعبة، وهذا ما يستدعي مزيداً من الالتفاف الوطني حول المؤسسة العسكرية وكافة القوى والأجهزة الأمنية، ومزيداً من الجهد والدعم من الدول التي سبق وقدمت المساعدات خصوصاً بعد انفجار مرفأ بيروت، لتمكين الجيش والقوى الأمنية من الاستمرار في القيام بمهامها في حفظ الأمن والاستقرار على مساحة الوطن وحدوده”، وفي السياق ذاته أكد الحزب الاشتراكي في بيا صادر عن مفوضية الإعلام “أهمية تعيين المجلس العسكري، بالتوازي مع أهمية إتمام استحقاق انتخاب رئيس الجمهورية الذي يبقى المدخل الأساس لمعالجة ما تواجهه البلاد من أزمات”.
أما المكتب السياسي لحركة أمل فعرض “لحال المراوحة وتصعيد الخطاب السياسي من بعض القوى التي راهنت على تفكك وتحلل الدولة وإداراتها عبر استمرار الدفع باتجاه تعطيل المؤسسات الدستورية وصولاً إلى تشكيك في المؤسسات العسكرية والأمنية بما ينذر بتصعيد المخاطر على الاستقرار العام”، ودعا الجميع “لأن يعوا أن المكابرة ورفع السقوف في الخطاب السياسي والتشكيك لن يوصل إلا إلى مزيد من قلق ويأس اللبنانيين من هذه القيادات ومستقبلها”.