لندن ـ «القدس العربي»: صدر للكاتب السوري هوشنك أوسي (Hosheng Ossi) رواية جديدة عنوانها «بالوكالة عن الغيب.. بالأصالة عن الكارثة» عن مؤسسة «بتانة» للنشر، في العاصمة المصرية القاهرة. ومن المفترض أن يوقع أوسي روايته على هامش معرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الرابعة والخمسين. الرواية من صنف روايات الخيال العلمي، كتبها أوسي أثناء فترة الحجر الصحي، على خلفية جائحة «كوفيد 19». تتداخل فصول الرواية بين راوٍ يروي ساعاتِ يومهِ الأول في الحجر الصحي، وراوٍ عليم، يروي ما جرى خلال 15 سنة من حياة ذلك البلد والعالم. المكان مجهول، وأبطال العمل، دون أسماء. فقط الزمان يمكن استنتاجهُ عبر بعض الحسابات. الراوي الأساسي ولد سنة 1980، وبدأ بكتابة روايته عن الأحداث، بحكم أنه كان شاهدا عليها، سنة 2055، يعني كان عمره 75 سنة. وبعد مرور 20 عاما على كارثة انتهت سنة 2035، واستمرت 15 سنة. لذا، الرواية متخيلة، تأمليه في الحياة، واحتمالات الكوارث والفوضى، وانحدار العالم إلى الحضيض، وردود أفعال البشر والأنظمة والمجتمعات في حالات كهذه.
تبدأ أحداثها سنة 2020، باستيقاظ العالم على خبر تفشي مرض نادر جدا، في بلد صغير. ذلكَ المرض هو «متلازمة إمبراس» (Ambras Syndrome) أو «المستذئب». ينمو الشعر بكثافةٍ شديدة على جسم الإنسان، دون أن يكون مصحوبا بالسعار والدموية، كما صورته أفلامُ الرعب والروايات. فقط خلل هرموني. لكنه جعل شعبا بأكملهِ، مصابا. يقف ذلك البلد، ومعه العالم، عاجزيَن أمام كشف سبب تحول المرض النادر إلى وباء وجائحة. يقرر العالم فرض حصار خانق على البلد الموبوء المصاب، وبناء جدار عازل كبير حوله، بحجة منع انتشارهِ والحؤول دون تحول البشر إلى ذئاب، أو أقله إلى قِردة. ينجح الحصار في ضبط المرض.
تعود الحياة إلى طبيعتها في ذلك البلد المنكوب الذي يتأقلم مع المرض، لكنه يبقى محاصرا. تطرأ على البلد تحولات فكرية وثقافية واجتماعية، نتيجة الحالة الجديدة التي يعيشها أبناؤه. يشهدُ طفرةً وتطورا هائلاً في العلوم، ويكتشف أدوية لكل الأمراض المستعصية؛ السرطان، الإيدز، الشلل، أمراض القلب، السكر، إلخ، لكن يفشل في كشف سبب تحول «متلازمة إمبراس» إلى وباء. بسبب التطور العلمي والرعاية الصحية، تقل نسبة الوفيات، وتزداد معدلات الأعمار، وعدد السكان، وتضيق المساحة. يطالب البلد المصاب العالمَ بتوسيع مساحته، عبر توسيع نطاق الجدار. لكن العالم يرفض. تستمر الحال هكذا مدة خمس عشرة سنة.
يضع البلد المنكوب خططا بديلة، عبر بناء مُدن تحت الأرض، وإيجاد مصادر طاقة بديلة. التطور العلمي يدفع حكومة البلد إلى التفكير بجدية غزو الفضاء، والتوجه نحو تطوير وزيادة القدرات الدفاعية والهجومية، ويحقق ذلك. يصبح ذلك البلد الصغير قادرا على التحكم في العالم، عبر التحكم في الأقمار الاصطناعية، والمجال الحيوي التقني في العالم. في ظل قبة إلكترونية دفاعية مانعة مغلقة للمجال الجوي ومضادة للطيران والصواريخ، جعلت من ذلك البلد نقطة عمياء أمام كل أقمار التجسس التي يمتلكها العالم الذي بات يجهل ما يجري هناك، تحت القُبة.
الحصار والتعامل الدولي الدنيء مع البلد المنكوب، والتطور العلمي الهائل، فتحا المجال أمام بروز الكراهية والأفكار المتطرفة وتسربها بين أبناء البلد الصغير. يصل حزب يميني متطرف إلى الحكم، ويطالب بغزو العالم. ويقف العالم بكل قدراته العلمية والعسكرية والتقنية عاجزا عن مواجهة ذلك البلد الصغير، الذي حدد مهلة لرفع الحصار ـ الجدار عنه، لأن ذلك المرض لم يحول المصابين به إلى ذئاب، بل البشر الذين يحاصرون ذلك البلد، تحولوا إلى ذئاب في هيئة بشر.
تتسارع الأحداث، وتصل إلى لحظة الذروة والمواجهة التي سيخسر فيها العالم كله أمام ذلك البلد الذي نجحَ في نقل الحياة إلى سطح القمر أيضا، بنقل التربة، الماء، الأوكسجين، شمس اصطناعية، الأشجار، النباتات الطيور والحيوانات… إلى هناك. تنتهي الرواية بحدث مفاجئ، ينزع فتيل الأزمة التي كادت أن تُودي بالكوكب.