واشنطن: يراهن الرئيس الأمريكي جو بايدن على أدائه الاقتصادي لإعطاء دفع لحملته للبقاء في البيت الأبيض في انتخابات العام المقبل، عارضا على الناخبين هذا الأسبوع ما حققته سياسته التي أطلق عليها تسمية “بايدنوميكس”.
بعدما ورث بايدن اقتصادا منهكا بفعل تبعات وباء كوفيد ثم التضخم الحاد وتعثر سلاسل الإمداد، واجه صعوبة في حصد تأييد الأمريكيين.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته شبكة “إيه بي سي نيوز” وصحيفة واشنطن بوست ونشرت نتائجه في أيار/ مايو أن سلف بايدن الجمهوري دونالد ترامب الذي شهدت ولايته عددا من الفضائح والذي يرجح أن يكون خصمه في السباق إلى البيت الأبيض، يتصدر بفارق 18 نقطة مئوية حول مسألة من تولّى الاقتصاد بصورة أفضل.
ويعتقد البيت الأبيض أن بإمكان بايدن تغيير الوضع لصالحه بتركيزه على سياسته الاقتصادية في خطاب يلقيه الأربعاء في شيكاغو ويطلق فيه عبارة “بايدنوميكس”، على ما أوضحت مساعدة المتحدثة باسم البيت الأبيض أوليفيا دالتون للصحافيين.
وقالت إن هذه التسمية “هي كلمة اليوم، كلمة الأسبوع، كلمة الشهر، كلمة العام هنا في البيت الأبيض”.
وتذكر تسمية “بايدنوميكس” ولو بصورة عكسية بتسمية “ريغانوميكس” نسبة إلى السياسة الاقتصادية المثيرة للجدل التي انتهجها الرئيس الجمهوري الأسبق رونالد ريغان في الثمانينات ونسب إليها البعض الازدهار الذي عاشته الولايات المتحدة بفعل مبدأ “توزيع الثروات من الأعلى إلى الأسفل” الذي قامت عليه، غير أنها تواجه انتقادات لإعطائها الأفضلية للأثرياء والشركات الكبرى معتبرة أن ازدهارها سينعكس في نهاية المطاف على الجميع.
وأفاد البيت الأبيض أن بايدن يعتزم طي صفحة “ريغانوميكس”.
وأوضحت لايل براينارد مديرة المجلس الوطني الاقتصادي للصحافيين أن الرئيس “رفض الاقتصاد العمودي، النظرية القائلة بأن التخفيضات الضريبية في الأعلى سوف تنعكس إلى الأسفل، أن كل ما نحتاج إليه هو ألّا تقف الحكومة في الطريق”.
وقالت دالتون إن بايدن سيركز على عكس ذلك على “القناعة بأن الاقتصاد ينمو حين تنمو الطبقة الوسطى”.
ويؤكد بايدن أن الخطط الحكومية الضخمة والباهظة التي طبقها خلال ولايته الأولى حتى الآن ستحفز النمو الاقتصادي على المدى البعيد، ما يؤدي إلى إنعاش قطاع التصنيع في الولايات المتحدة وينهض بالطبقات الأقل ثراء في البلد.
وليست هذه حجة اقتصادية فحسب، بل قد تشكل خارطة طريق للفوز في الانتخابات التي يتوقع أن تشهد معركة شرسة بين الديموقراطيين والجمهوريين حول عدد ضئيل من الولايات المتأرجحة.
وما يعزز حجج بايدن في توجهه إلى الناخبين هو القائمة الملفتة من الانتصارات التشريعية التي حققها في السنتين الأخيرتين.
فالقوانين الكبرى التي أقرها الكونغرس ضخت قدرا تاريخيا من الأموال في تكنولوجيا الاقتصاد الأخضر وقطاع أشباه الموصلات، كما رصد ما لا يقل عن 550 مليار دولار لخطة واسعة لترميم البنى التحتية من طرقات وجسور وغيرها في البلد.
وقالت براينارد إن نظرية تقطير الثروات بصورة تنازلية الموروثة من عهد ريغان أدت إلى انهيار مدن صناعية أميركية بسبب نقل الشركات مراكز إنتاجها والتخلي عن تطوير البنى التحتية بصورة طموحة.
في المقابل، فإن سياسة بايدن الصناعية تستخدم بحسب براينارد التمويل الحكومي كحافز لإحداث “فورة إنفاق في القطاع الخاص على تطوير النشاط التصنيعي”.
ولفتت إلى التمويل لتوسيع شبكة الإنترنت العريض النطاق إلى كل زاوية من الولايات المتحدة، وهو مشروع يذكر على حد قولها ببرنامج مد الكهرباء الذي طبقه الرئيس فرانكلين روزفلت في ثلاثينات القرن العشرين لتطوير البلد.
غير أن المشكلة التي يصطدم بها بايدن هي أن إنجازاته الاقتصادية لا تنعكس مكاسب سياسية لدى الناخبين.
وتظهر استطلاعات الرأي أن الأمريكيين قلما ينسبون إليه الفضل في تدني معدل البطالة وفي الازدهار الاقتصادي. فإن كان التضخم في تراجع بطيء إنما متواصل منذ 11 شهرا على التوالي، فإنه يبقى في طليعة هواجس الناخبين.
وقالت دالتون إن الأمريكيين سينظرون إلى الوضع بصورة مختلفة حين تظهر أخيرا ثمار البرامج التي طبقها بايدن.
وأضافت “إننا نرى استثمارات خاصة تعود إلى البلد، نرى ملايين الوظائف المستحدثة. حان الوقت الآن مع كل هذه الإنجازات، ليحمل الرئيس هذه الرسالة إلى الشعب الأمريكي ويؤكد أن هذا ما تحققه سياسة بايدنوميكس”.
(أ ف ب)