يعد الاتفاق مع الإمارات بشرى سارة لسببين وجيهين: الأول، أنه اتفاق التطبيع الثالث الذي توقع عليه إسرائيل مع دولة عربية، والأول خليجياً. كما أن له معنى تاريخياً أيضاً بتعابير إقليمية وبتعابير إسرائيلية داخلية على حد سواء. والثاني، أنه يزيل فكرة الضم عن جدول الأعمال. وسيتعين على اليمين في إسرائيل أن يعيد احتساب المسار مثلما اضطر لإعادة احتساب المسار بعد اتفاق السلام مع مصر.
جدير نتنياهو بتقدير عظيم على هاتين الخطوتين. فلأول مرة منذ انتخب رئيساً للوزراء يقوم بخطوة سياسية إيجابية ولا يبحث عن مجده بإحباط خطوات الآخرين. هذا السلام سلامه. إذا ما تطور وازدهر فهو له؛ وإذا ما تشوش وألغي فهو له.
الشيخ محمد بن زايد، حاكم الإمارات، عقد صفقته. ويقول معارفه إنه رجل جدي، وراشد، وكلمته كلمة. فهل سيقف نتنياهو عند كلمته؟ هل سيقف ترامب عند كلمته؟ هل تعهدا للشيخ خطياً بشأن سياسة إسرائيل في الضفة؟ شفوياً؟ هل يرتبط التزام نتنياهو وقوله بتخليه على الضم “حالياً”، بزمن ما؟ ثلاث سنوات؟ خمس؟ السفارات يمكن فتحها؛ ويمكن إغلاقها أيضاً.
وثمة مسألة أخرى، لا تقل حساسية، تتطلب جواباً مرتباً. فحكومة الإمارات تنكب على تطوير قدرة عسكرية ذات مغزى: لديها المال ولديها التطلع. ورفعت إلى الإدارة الأمريكية قائمة طويلة من الطلبات لشراء عتاد عسكري متطور وعلى رأسها طلب لشراء طائرات اف 35، الطائرة الأكثر تطوراً في الترسانة الأمريكية. والسعودية هي الأخرى رفعت قائمة. واستجاب ترامب وكوشنير بحماسة: فقد أشعلهما المال.
غير أن الكونغرس أوقف الصفقة مع النظام السعودي لأنها أقلقت الكونغرس على نحو خاص، لعدة أسباب. كما ثار اعتراض أيضاً على الصفقة مع الإمارات. إسرائيل واللوبي المؤيد لإسرائيل كانا أحد الأسباب. يتخوف الكونغرس من أن يمس توريد العتاد المتطور بالتعهد الأمريكي التاريخي بالحفاظ على التفوق العسكري الإسرائيلي. فقد قررت الإمارات في السنة الماضية التخلي عن “اف 35” والاكتفاء بـ “اف 16” محسنة.
فهل يتضمن الاتفاق بنداً سرياً يغير سياسة المشتريات الأمريكية؟ هل هناك تفاهم صامت في هذا الموضوع بين الشركاء الثلاثة؟ بكلمات أخرى، هل يوجد هنا شيء ما يذكر بقصة بيع الغواصات الألمانية لمصر، من خلف ظهر جهاز الأمن؟ ليس لدي جواب. عندما يخرج وزير الدفاع غانتس، الذي لم يدخل إلى الصورة إلا بعد انتهاء الأمر، من المستشفى ينبغي للسؤال أن يثار.
السلام الإقليمي – أي اتفاقات سلام مع السعودية ودول الخليج، هو فكرة على جدول الأعمال لسنوات عديدة. وثمة نهجان في الولايات المتحدة تجاه هذه الفكرة. فقد اعتقدت إدارة أوباما أن بإمكانها إقناع إسرائيل بالتوقيع على سلام مع الفلسطينيين فيما يكون المقابل سلاماً إقليمياً. بكلمات أخرى – أولاً فلسطين؛ وبعد ذلك السلام. أما نتنياهو فادعى ترتيباً معاكساً: أولاً السلام الإقليمي، بعد ذلك الفلسطينيين. وقد أقنع كوشنير أن يقنع الإمارات. هذا الاتفاق يمنح انتصاراً لخط نتنياهو.
ولكن التطبيع الجزئي كان قبل ذلك بكثير. في حالة الإمارات، كفت العلاقات عن أن تكون سرية منذ زمن بعيد. تحتفظ إسرائيل هناك بممثلية، وتقيم علاقات دبلوماسية وأمنية. وزارة الخارجية نشطة هناك. وأمسى رئيس الموساد ضيفاً مرغوباً فيه هناك. رجال أعمال يخرجون ويعودون. عندما تورط الموساد في قضية تصفية ناشط حماس محمود المبحوح في دبي في 2010، رفض رئيس الموساد مئير داغان التأثر، فقد كان يعرف أن بإمكانه أن يتدبر أمره مع المحليين.
أما إقامة علاقات دبلوماسية كاملة فهي قصة أخرى تماماً، تفتح الباب لإقامة علاقات كاملة مع دول أخرى – ليس فقط البحرين، أو قطر، أو السعودية؛ بل المغرب أيضاً. وهي تعزز الجبهة الإسرائيلية – السُنية حيال إيران.
لكن هذه الخطوة الاستراتيجية لن تتقدم في ظل ضم الضفة. يمكن أن نفهم، بالتالي، غضب رؤساء المستوطنين في الضفة. فنتنياهو لم يخرق وعداً انتخابياً فحسب، بل خرق الوعود الانتخابية، وهذا متوقع، بل وأحياناً واجب الواقع، بل إنه نزع الطعام من أفواههم. فقبل بضعة أسابيع فقط، تقاتلوا على مسألة كم وأين سيكون الضم. وأراد كل منهم “ضماً” خاصاً. أما الآن فيشعرون بأنهم إمعات. خدعهم نتنياهو وهم خدعوا ناخبيهم. بعد قليل سيبدأون بالتظاهر في بلفور.
لماذا فعل نتنياهو هذا؟ الجواب البسيط ينطوي في حساب الكلفة مقابل المنفعة: فقد فهم بأن الضم برعاية أمريكية لن يكون، فاختار المقابل الذي عرض عليه. الجواب المركب يقول: الرجل يسعى لإعادة تعريف جدول أعمال اليمين. هو يعمل على إرثه.
أما أبو مازن فلا بد أنه يشعر بالخيانة، فقد استخف الشيخ بن زايد بالمقاطعة التي فرضها على إسرائيل، بل ويعرف نفسه كمدافع عن القضية الفلسطينية. وفرض على أبو مازن عزلة قاتمة: سيرحب العالم الغربي بالاتفاق، وربما مصر والأردن، أما هو فسيعلق في جبهة الرفض مع إيران.
من الشائق معرفة شعور غانتس الآن. من جهة، لديه كثير من الأسباب التي تدعوه لتأييد الاتفاق. ومن جهة أخرى، أثبت له نتنياهو، بطريقة لا لبس فيها، بأن ليس له ثقة به وبأشكنازي، ولا يرى فيهما شركاء سر ولا يرى فيهما جزءاً من القيادة الوطنية. يمكن لغانتس أن يغمض عينيه ويتصور ماذا كان سيحصل لو أنه هو، كرئيس وزراء، كان يدير المفاوضات على التطبيع مع دول عربية، ولا يروي شيئاً لنتنياهو، رئيس الوزراء البديل.
بقلم: ناحوم برنياع
يديعوت 14/8/2020
اليوم بن زايد وغدا بن سلمان وووووو،لا تستغربوا وأخيرا شركة تسمى الجامعة الدول العربية ،ربما يكون للكيان الصهيوني مقعدا، حسبنا الله ونعم الوكيل