رفع الجيش الأوكراني حال التأهّب الجوّي محذراً من وجود تهديد بضربات صاروخيّة روسيّة، في وقتٍ كانت القوات الأوكرانية تحاول صدّ هجوم بمُسيّرات على العاصمة.
باريس ـ «القدس العربي»: تستمر بداية العام 2024 الدموية للحرب الروسية-الأوكرانية، مع تصاعد حدة الصراع لاسيما الهجوم الكبير في بيلغورود الروسية يوم الثلاثين من كانون الأول/ديسمبر الماضي، والذي خلّف أربعة وعشرين قتيلاً، في ضربات غير مسبوقة تلقي روسيا باللوم فيها على أوكرانيا.
فقد نفذ الجيش الروسي في الأيام الأخيرة بعضاً من أعنف الضربات منذ بداية الصراع. وتم إطلاق حوالي عشرات الصواريخ باتجاه أوكرانيا وطائرات مسيرة متفجرة. وبينما كثف الجيش الأوكراني من ضرباته على الأراضي الروسية أو في شبه جزيرة القرم، في وتيرة غير مسبوقة منذ بداية الصراع، وعد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بمناسبة العام الجديد بـ «تدمير» القوات الروسية في أوكرانيا. في المقابل، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في كلمته بمناسبة العام الجديد، أن جيش بلاده «سيكثّف»من ضرباته على أهداف عسكرية في أوكرانيا رداً على القصف واسع النطاق وغير المسبوق للجيش الأوكراني على مدينة بيلغورود الروسية في نهاية العام 2023.
تكثيف الضربات
ووصف سيد الكرملين هذا القصف على بيلغورود الذي أوقع أربعة وعشرين قتيلا وأكثر من مئة جريح بأنه «عمل إرهابي» متهما القوات الأوكرانية بضرب «وسط المدينة حيث يتنزه الناس قبل ليلة رأس السنة». وقال الرئيس الروسي إن قوات بلاده استعادت «المبادرة الإستراتيجية» على الجبهة الأوكرانية حيث تتقدم بصورة تدريجية بعد فشل الهجوم الأوكراني المضاد في فصل الصيف.
ووعد بوتين بتكثيف الضربات على أوكرانيا، تزامنا مع إعلان أوكرانيا عن تعرضها لهجوم «قياسي» بتسعين طائرة مسيرة أطلقتها موسكو ليلة 31 كانون الأول/ديسمبر إلى الأول من كانون الثاني/يناير الجاري، استهدفت مدينتي لفيف وأوديسا، من جانبها، أكدت القوات الروسية أنه تم تدمير حوالي تسعين طائرة بدون طيار مفخخة تم إرسالها في منتصف الرحلة.
ووسط مخاوف بعض المراقبين من أن روسيا ربما تُعدّ لهجوم شتوي واسع النطاق، استمر التصعيد طوال الأسبوع، حيث نفذت القوات الروسية ضربات واسعة ضد أوكرانيا، في كييف وخاركيف، بما في ذلك إطلاق حوالي مئة صاروخ ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى. ورفع الجيش الأوكراني حال التأهّب الجوّي يوم الثلاثاء الماضي محذراً من وجود تهديد بضربات صاروخيّة روسيّة، وذلك بعد سماع دويّ انفجارات في كييف، في وقتٍ كانت القوات الأوكرانية تحاول صدّ هجوم بمُسيّرات على العاصمة الأوكرانية. ومجدداً، كانت مدينة بيلغورود الروسية هدفاً لجولة جديدة من التفجيرات الأوكرانية ليلة الخميس-الجمعة بعد ساعات من صدور أوامر للمدارس في جميع أنحاء المنطقة بتمديد إغلاقها خلال العطلات بسبب خطر وقوع هجمات جديدة.
كما أعلنت القوات الجوية الأوكرانية، نهاية الأسبوع أنها أسقطت غالبية طائرات «شاهد» بدون طيار ذات التصميم الإيراني والتي أطلقتها روسيا، دون الإبلاغ عن أضرار جسيمة. فيما أعلن الجيش الروسي، من جانبه، أن الدفاعات الجوية أسقطت 21 طائرة مسيرة من أصل 29 تم إطلاقها ضد مناطق ميكولايف وخيرسون ودنيبرو وتشيركاسي وكيروفوهراد وخميلنيتسكي في جنوب ووسط أوكرانيا. كما أعلنت روسيا يوم الجمعة الماضي أنها صدت هجومًا جديدًا بطائرة بدون طيار أوكرانية على شبه جزيرة القرم التي ضمتها. وقالت موسكو يوم الخميس الماضي إنها أسقطت عشرة صواريخ أوكرانية استهدفت سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم، وسقطت شظاياها في مناطق مأهولة بالسكان ما أدى إلى إصابة شخص واحد على الأقل، حسب حاكم المدينة ميخائيل رازفوييف الذي عينته روسيا في منصبه.
صواريخ كورية شمالية
في خضم ذلك، أعلنت السلطات الأوكرانية أن روسيا أطلقت على أوكرانيا صواريخ قدمتها كوريا الشمالية، مؤكدة معلومات أمريكية، حيث قال جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، في وقت سابق، أنه حسب الأجهزة الأمريكية، فإن «كوريا الشمالية زودت روسيا مؤخراً بأنظمة إطلاق صواريخ باليستية وعدة صواريخ باليستية».
وقال جون كيربي إن الولايات المتحدة وحلفاءها سيرفعون الآن القضية إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لأن نقل الصواريخ يمثل انتهاكا لعقوبات الأمم المتحدة على كوريا الشمالية. وفي تشرين الأول/اكتوبر الماضي، قالت الولايات المتحدة إن أكثر من ألف حاوية من المعدات العسكرية والذخائر تم تسليمها إلى روسيا من كوريا الشمالية في الأسابيع السابقة.
كما قدرت سيول أن كوريا الشمالية زودت روسيا بأكثر من مليون قذيفة مدفعية لحربها في أوكرانيا، وتلقت في المقابل المشورة الفنية لأقمارها الاصطناعية. في هذا الصدد، أعلنت بريطانيا أنها «ستضمن أن تدفع كوريا الشمالية ثمناً باهظاً مقابل دعمها لروسيا» معتبرة أن موسكو، علاوة على ذلك، انتهكت قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
ومع تصاعد حدة الصراع، سيجتمع سفراء أوكرانيا والدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي «الناتو» يوم الأربعاء المقبل في بروكسل بناءً على طلب كييف، التي تدعو إلى مزيد من وسائل الدفاع الجوي لمحاربة «الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار الروسية الأخيرة».
ولن يتم الإفراج عن مظروف الخمسين مليار يورو الذي اقترحه الاتحاد الأوروبي لمساعدة الجيش الأوكراني في مواجهة الهجوم الروسي قبل القمة الأوروبية المقرر عقدها في بداية شهر شباط/فبراير المقبل. كما أن المساعدات الأمريكية لكييف تمت عرقلتها في الكونغرس الأمريكي، حيث تعثّر طلب إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بمبلغ 61 مليار دولار أخرى لدعم أوكرانيا في الكونغرس، ويشدد الجمهوريون على أنه يجب أن تقترن الموافقة على المساعدات بإقرار قيود أكثر صرامة على الهجرة على طول الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك.
تبادل أسرى
ووسط تصاعد الأعمال العسكرية بين البلدين مع بداية السنة الجديدة، أعلنت كل من روسيا وأوكرانيا الأربعاء المنصرم عن تبادل أكثر من 230 أسير حرب، في أول عملية تبادل رسمية بينهما منذ أشهر عدة، توسطت فيها دولة الإمارات العربية المتحدة. الجانب الروسي، وصف عملية التفاوض بأنها كانت معقدة، وتم بموجبها استعادة 248 عسكرياً روسياً من الأراضي التي يسيطر عليها الأوكرانيون. من جانبها، أعلنت أوكرانيا أنّ «أكثر من200 شخص، بمن فيهم جنود ومدنيون، عادوا من الأسر لدى الروس». وأكد مفوض حقوق الإنسان الأوكراني دميترو لوبينيتس، استعادة 230 جنديًا أوكرانيًا بالضبط خلال عملية التبادل هذه «التاسعة والأربعين» بين كييف وموسكو منذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا في شباط/فبراير عام 2022 وما زال الآلاف من أسرى الحرب لدى الجانبين.