بدون مساعدة لن تقوم قائمة لمصر

حجم الخط
0

في أوقات الازمة يتسابق المحللون والخبراء على اختلاف أنواعهم على من سيتنبأ أولا بما سيأتي. والمرة تلو الاخرى، يتبين ان اولئك المتنبئين يتصرفون بشكل معاكس تماما، مرة اخرى يتنبأون بالوضع في مصر، بل ويقررون انه من المؤكد سيكون الحال افضل مما كان حتى الان، منذ صعود مرسي.
لو كان هؤلاء يتحدثون كالناس العاديين، لكان الصحافيون الذين يجرون المقابلات معهم ينبشون في ملفاتهم الاعلامية، ويفحصون توقعاتهم ويحللون تحليلاتهم ليصلوا الى الاستنتاج بانه بين ما تنبأوا به والواقع توجد هوة كبيرة. واحتراما لهم، لن نذكر هنا اسماء، ولكننا بسهولة يمكن أن نجد في أقوالهم ما يثير السخرية.
الوضع الثوري لا يكون ابدا قابلا للتوقع الدقيق، فمن يستطيع مثلا ان يتوقع هل النظام الذي سيقوم في مصر بعد نهاية الثورة افضل؟ هل الثورة حقا بدأت كردة على الاصولية الاسلامية ومحاولة مرسي فرض دستور ديني؟ لا يقين. والدليل هو أن مرسي انتخب بشكل ديمقراطي من اغلبية كبيرة من المواطنين، فهل الذين انتخبوه لم يعرفوا ما هي عقيدته السياسية؟ بالتأكيد عرفوا ومع ذلك انتخبوه.
وهاكم اقتباس من مقال لاحد المحللين المعتبرين، من الخبراء في الشؤون العربية الذين ينالون التقدير وله علاقات مع العالم العربي: ‘من الصعب ان نتواسى بهذا بالطبع، ولكن من الافضل ان تكون شخصيات علمانية في قمة النظام الجديد في القاهرة، تحت تأثير قوي للقوات المسلحة، من متزمتي الدين.
نظام يستعين بالسعودية افضل من نظام يستعين بقطر. نظام يركز على الازمات الداخلية في بلاد النيل افضل من نظام له رؤية عموم اسلامية’. ظاهرا، أقوال معقولة. غير أنه كان يجدر وضع تحفظ كبير على هذه الاقوال.
متزمتو الدين في العالم العربي والاسلامي هم حقيقة قائمة. والدول الغربية بما فيها الولايات المتحدة واسرائيل أدارت، ولا تزال تدير، شبكات علاقات ممتازة مع هذه الانظمة. ومن جهة اخرى، لدينا غير قليل من النماذج لانظمة عربية علمانية أوقعت مصيبة على شعوبها وعلى محيطها.
ناصر لم يكن اصوليا اسلاميا؛ والسادات بالتأكيد لم يكن؛ زعماء المملكة الهاشمية لم يكونوا الا علمانيين واضحين؛ الاسد الاب والابن لم يسكنا كل حياتهما في المساجد واتبعا الشريعة؛ صدام حسين والقذافي لم يكونا متزمتين دينيا. وهناك نماذج كثيرة. كما لا توجد فروقات جوهرية بين الرغبة في انتهاج سياسة عموم اسلامية وارادة القيادة العموم عربية مثل ناصر..
وعليه فان القول ماذا سيكون في المستقبل أفضل، هو تخمين جيد مثل كل تخمين في اليانصيب. مصر مبارك كانت مستقرة، ظاهرا. من ناحية اسرائيل، شكل مبارك ضمانة لمواصلة اتفاقات السلام والهدوء النسبي على الحدود.
هذا كثير جدا. محلل عسكري محترم يقول: ‘من ناحية اسرائيل هذا تطور جيد. صحيح أن في عهد مرسي العلاقات مع مصر كانت جيدة، ولكن حماس في غزة تلقت ريح اسناد من مرسي والاخوان المسلمين. اما الان فلديها عصي في الدواليب. تهديد الارهاب من سيناء من غير المتوقع أن يكون اسوأ مما عليه اليوم. وفي عهد مرسي وعهد مبارك على حد سواء لم تكن لمصر سيطرة كاملة في سيناء، ولهذا فان الوضع لا يتغير’.
هذا تفاؤل جدير بالاشارة، ولكن على ماذا يستند؟ ربما على خريطة النجوم. مصر توجد في وضع فظيع من الناحية الاجتماعية والاقتصادية. ليس مرسي ولا اي زعيم آخر سيأتي سيكون قادرا على حل أزمات مصر في سنة أو سنتين. لم يعد للشعب المصري صبر، ومثلما خرج الملايين الى الشوارع ضد مرسي، هكذا سيحصل لاحقا ايضا. مصر غير قابلة للتقدير العقلي لان الفوضى هي التي تسيطر وستبقى تسيطر لزمن طويل آخر. من دون مساعدة من الخارج لن تقوم قائمة لمصر. ومثل هذه المساعدة لا تلوح في الافق. ولهذا فان الاستنتاج هو أن الوضع قد يتدهور الى فوضى مطلقة. فهل عندها أيضا سيكون هذا جيدا؟

معاريف 7/7/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية