القاهرة ـ «القدس العربي»: تشعر الحكومة التي يترأسها الدكتور مصطفى مدبولي بالمزيد من الثقة، على الرغم من الهجوم الذي تتعرض له من قبل الأغلبية الكاسحة، التي تعيش ظروفاً قاسية بسبب الغلاء.. مرد ثقة الحكومة يتمثل في أن الاقتصاد يتعافى بشهادة مؤسسات اقتصادية مرموقة، فعلى الرغم من تهاوي اقتصاديات العديد من البلدان حول العالم، إلا أن السلطة الحاكمة التي تدير شؤون البلاد تشعر بالغبطة والثقة، لأنها نجت من مصير مروع لبعض البلدان.
بين ليلة وضحاها، وقفت مصر بين حدثين كبيرين، كما أشارت صحف أمس الأربعاء 13 يناير/كانون الثاني، الحدث الأول تنظيم الجلسة الإجرائية لمجلس النواب، والثاني افتتاح كأس العالم لكرة اليد، ورغم اختلاف توجهات ونشاط الحدثين، إلا أنّهما يجمعان بين القدرة الفائقة على تنظيم الأحداث بأعداد كبيرة من الحضور، في ظل فيروس يقف حائلا بين العالم والأنشطة المجتمعية والسياسية والرياضية للبشر، حيث نظمت مصر جلسة إجرائية بعدد نواب بلغ نحو 596 في عرس ديمقراطي لم يخل من تشديدات على الإجراءات الاحترازية، وبدوره قال الدكتور مصطفى الفقي مدير مكتبة الإسكندرية، إن ارتفاع نسبة الشباب في البرلمان الجديد يدل على الحيوية، وينبئ بإيقاع أفضل في عمله، كما أن رئيس البرلمان الجديد المستشار حنفي الجبالي، يمتلك خبرة قانونية كبيرة، متمنيًا أن يمارس هذا المجلس دورًا رقابيًا، ويشهد حضور الوزراء مناقشات البرلمان، إذ يفترض أن العمل البرلماني يؤجل العمل الحكومي للوزراء وليس العكس. الحدث الأبرز الذي أصاب الناصريين واليساريين وكذلك كل من يشعر بالولاء للقطاع العام ومؤسساته العملاقة تمثل في قرار الجمعية العامة غير العادية لشركة الحديد والصلب، إحدى شركات وزارة قطاع الأعمال العام، اليوم، تصفية شركة الحديد والصلب بعد 67 سنة، حيث تأسست الشركة عام 1954 وحسب تصريح مصدر مسؤول لـ”الشروق”، فإن الجمعية العامة قررت تقسيم الشركة إلى شركتين شركة الحديد والصلب التي تمت تصفيتها، وشركة المناجم والمحاجر، مشيرًا إلى أن سبب تصفية الشركة ارتفاع خسائرها ، وعدم قدرتها على العودة إلى الإنتاج والعمل مجددًا. وأضاف المصدر، أنه من المقرر الإعلان رسميا عن قرار الجمعية العامة خلال الأيام القليلة المقبلة. وبحسب ما أعلنته شركة الحديد والصلب المصرية، الفترة الماضية فإنه من يوليو/تموز 2019 حتى 30 يونيو/حزيران 2020، حققت الشركة خسائر بلغت 982.8 مليون جنيه مقابل خسارة قدرها 1.5 مليار جنيه عن الفترة المقابلة من العام الماضي، فيما تبلغ مجمل الخسائر نحو 9 مليارات جنيه. من جانبه قال رئيس الشركة القابضة للمنتجات المعدنية، إن نصيب كل مواطن من خسائر شركة الحديد والصلب 15 جنيها.
ومن أبرز أخبار المحاكم، شهدت جلسة النطق بالحكم على مودة الأدهم وحنين حسام و3 آخرين، في اتهامهم بالتعدي على المبادئ والقيم الاسريَّةِ في المجتمع المصري، وإنشائهم وأدارتهم حسابات خاصة عبر الشبكة المعلوماتية، الغرض منها التربح، وقد صرخت الفتاتان من فرط سعادتهما داخل القفص، فور الحكم ببراءتهما.
هل انتهت المحنة؟
من المتفائلين بشدة أمس محمد صلاح البدري في “الوطن”: “أخيراً وصلت البشرية إلى نهاية المعركة مع الوباء كما يظن العلماء.. أخيراً أصبح هناك لقاح يمكنه أن يحمى البشر من هذا الكابوس الذي اجتاح العالم خلال العام المنصرم، اللقاحات بمختلف أنواعها تؤدي الغرض نفسه.. كلها تحمي من الإصابة بنسب قريبة من بعضها بعضا.. والأهم أن كلها تحمى من الإصابة بمضاعفات «كوفيد» التي عرفناها كلها، والتي كانت السبب الأساسي ليتحول إلى جائحة عالمية. الدول كلها تحاول توفير احتياجات مواطنيها بالكامل.. الشركات تعلن أن إنتاجها تم التعاقد عليه لمدة تتجاوز العام، بل إن بعض اللقاحات التي لم تخرج للنور بعد تم التعاقد على توريدها بالفعل، في مصر، أعلنت الحكومة عن التعاقد مع أكثر من شركة لتوريد اللقاح بما يكفى احتياجات المواطنين، صندوق تحيا مصر، يعلن في خطوة ينبغي تثمينها، أنه سيسهم في توفير ما يكفي من تلك اللقاحات. رجال الأعمال يعلنون مساهماتهم من خلال الصندوق في حالة وطنية جميلة.. ليبقى السؤال الأهم.. متى سيبدأ التلقيح في مصر؟ ومتى ستتمكن الدولة من تغطية كل المواطنين؟ الإجابة عن تلك الأسئلة ليست يسيرة بالقدر الذي يظنه البعض.. فدول مثل ألمانيا أعلنت أنها لن تنتهي من تلقيح مواطنيها قبل ثلاثة عشر شهراً من الآن. المشكلة أن وزارة الصحة ما زالت ترفض حتى الآن استيراد اللقاحات عن طريق القطاع الخاص، ليساعد في توفيره للمواطنين بالتزامن مع عمل الوزارة، ولسبب لا يعلمه أحد. تكلفة اللقاح بجرعتيه تقل قليلاً عن تكلفة إجراء مسحة في أحد المعامل الخاصة.. وبنظرة سريعة إلى عدد المسحات التي تم إجراؤها في تلك المعامل خلال العام الماضي يمكن تحديد نسبة المواطنين القادرين على الحصول على اللقاح على نفقتهم الخاصة”.
المصل لمن؟
والكلام ما زال لمحمد صلاح البدري: ” البعض يتحدث عن العدالة في التوزيع التي سيتم اختراقها في حالة توفير اللقاح بمقابل للبعض، بينما ينتظر البعض الآخر دوره.. ربما كان هذا صحيحاً.. ولكن من قال إن تلك العدالة لم يتم تجاوزها حتى الآن؟ لقد تمكنت الدول المتقدمة من التعاقد على جرعات تكفي مواطنيها بالكامل، بينما تقف دول أخرى كثيرة تنتظر دورها حتى الآن، بل إن نظرة سريعة لخريطة توزيع اللقاحات حول العالم ستكشف أن نصف العالم الشمالي وحده هو من حصل على فرصة اللقاح حتى الآن، دون النصف الجنوبي.. هل يحمل هذا أي درجة من العدالة؟ لقد أذى هذا الفيروس العالم كما لم يفعل شيء من قبل، ولا حتى الحروب العالمية.. جميعنا بدأ في الشعور بذلك الانهيار الذي طال معظم الأسواق.. الاقتصاد العالمي كله على شفا الانهيار.. وكل يوم يمرّ بدون لقاح يقرّبنا أكثر إلى تلك الهاوية التي يسير إليها العالم بقوة! اشتراك القطاع الخاص في توفير اللقاح في الأسواق المصرية سيوفر الكثير من الوقت والمجهود على الدولة التي تقدم كل ما لديها دون أدنى مجاملة.. وسيسرع من عملية توزيع اللقاح على المواطنين في مصر، لتواكب هذا السباق الذي يشارك فيه العالم كله، أعتقد أن السماح للقطاع الخاص باستيراد كميات من اللقاحات بات ضرورياً.. ومشاركته في تغطية نسبة من المواطنين في الوقت نفسه الذي تقوم فيه وزارة الصحة بتلقيح الفئات الأكثر عرضة، كالقطاع الطبى وأصحاب الأمراض المزمنة، سيجعل الأمر أكثر يسراً وسرعة.. وسيُسهم في عودة الحياة إلى طبيعتها.. خاصة لو تم إلزام أصحاب الأعمال والمصانع بتلقيح العاملين والموظفين لديهم كشرط لاستمرار العمل”.
ليته ما تكلم
تابع علاء عريبي في “الوفد”، المؤتمر الصحافي الخاص بوزراء خارجية مصر وألمانيا وفرنسا والأردن الذي عقد في القاهرة، ولفتت انتباهه إجابة وزير الخارجية سامح شكري عن سؤالين حول انتهاك مصر لحقوق الإنسان، اللذين طرحهما صحافيان أحدهما فرنسي والآخر ألماني، الوزير ظل يتحدث عن السؤال الفرنسي لمدة خمس أو سبع دقائق، وحديثه جاء في عبارات إنشائية فارغة من المعنى، مثل: الإمبريالية الفوقية التحتية المتعددة القومية السيريالية الشعبوية النخبوية.. لم أفهم كلمة واحدة مما قال، ويفهم من تصريحه ضمنًا اعترافه بانتهاك مصر لحقوق الإنسان، وفي إجابته عن سؤال الصحافي الألماني، أرجع، حسبما فهمت، الانتهاكات إلى الظروف السياسية والاقتصادية للبلاد، فقد قارن بين وضع حقوق الإنسان في ألمانيا قبل سبعين سنة، ووضعه اليوم بعد تقدمها اقتصاديًا وسياسيًا وثقافيًا، مشيرًا بشكل ضمني إلى أن حقوق الإنسان في ألمانيا قبل سبعين سنة كانت سيئة بسبب ظروفها الاقتصادية والسياسية، واليوم بعد استقرارها وتقدمها تحسنت حقوق الإنسان، وأكد خلال إجابته أن حقوق الإنسان قضية محلية تخص كل بلد على حدة، وكل دولة أدرى بظروفها، ومن غير المنطقي تدخل البلدان الأخرى بالنقد في هذا الملف في بلد بعينه، وفي نهاية تصريحه كذب جميع جمعيات حقوق الإنسان التي تتبنى هذا الملف، وأكد رضا الشعب المصري، وأنه لم يشتك من انتهاك حقوقه، وطالب الصحافيين بالنزول إلى الشارع وسؤال المواطنين في هذا الشأن.
فليدرس أولاً
مضى علاء عريبي في نقده لسامح شكري: “للأسف لم تعجب كثيرًا ولا قليلًا إجابات وزير الخارجية، وأظن أنها كانت أقرب للاعتراف بانتهاك مصر لحقوق الإنسان، والمدهش في شكري أنه كمن فوجئ بطرح هذه الأسئلة عليه، في قلب وزارة الخارجية في القاهرة من قبل بعض الصحافيين الأجانب، مع أن ملف انتهاك حقوق الإنسان يطرح في جميع اللقاءات السياسية والدبلوماسية، وطرح على الرئيس السيسي أكثر من مرة، وسيظل مطروحًا على الساحة الدولية، وكان يجب على الأجهزة المعنية أن تجلس مع الوزير شكري وتضع له الخطوط التي يجب أن يتضمنها رده في المؤتمرات والمحافل السياسية. والمفترض كما رأى علاء عريبي في “الوفد” أن تعيد الحكومة المصرية النظر في هذا الملف الشائك، الذي سيتسبب في الكثير من المضايقات لمصر، خاصة في الاستثمار، من سيفكر من الأجانب في استثمار أمواله، وإقامة مشروعاته في بلد يتهم بتقييد حرية التعبير، حبس المتهمين احتياطيًا لمدة سنة وثلاث سنوات وأربع سنوات، وحظر جميع المنابر الصحافية والحقوقية العربية والأجنبية، التي تنتقد النظام. الحكومة المصرية مطالبة بتغيير بعض القوانين الخاصة بالحبس الاحتياطي، ونشر الأخبار الكاذبة، وغيرها من المواد التي تقيد وتضع البلد في شبهة الانتهاك لحقوق الإنسان”.
قليل من الطبل
قال محمد عصمت السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية إنه بصدد التواصل مع بعض المستقلين والأحزاب الأخرى لتشكيل معارضة وطنية داخل مجلس النواب، وأبدى الرجل اندهاشه من خسارة مجلس النواب لأشخاص بارزين أمثال أحمد طنطاوي وهيثم الحريري، وأكد السادات لمحمد زكريا محرر شؤون الأحزاب في “فيتو”، أن تشكيل معارضة داخل المجلس ستكون ضرورة ملحة وداعمة للدولة. بدوره قال عصام كامل في “فيتو” إن فكرة دعم الدولة لا تعني التطبيل أو التهليل لكل قرار صادر أو قانون تتقدم به الحكومة، فالتباين هو أحد سمات الحياة وضرورة مهمة لتصويب الأمور. المعارضون في المجلس السابق ولم يلتحقوا بقطار المجلس الحالي لظروف متعددة أدوا أدوارا وطنية مهمة، وكان لهم صوت واضح ضد العديد من القرارات والقوانين، كانوا ببساطة ملح المجلس ونكهته، التي نفت عنه صفة لازمته طوال دورات انعقاده، وهى سمة التطبيل الدائم وبلا وعي. الأمل في ما قاله السادات وما تحمله الأيام المقبلة من تشكيلات سترسم ملامح المجلس المقبل، حيث ينتظر الناس صولات وجولات لمعارضة وطنية تعارض من أجل مصر، وهي دولة كبيرة لا يمكن تصور أن تسير بالنمط نفسه الذي سارت عليه في فترات الريبة السياسية والأمنية.. نحن الآن أكثر استقرارا وأكثر أمنا، وأكثر وعيا بما يجب أن تكون عليه صورة المعارضة. كثير من المثقفين والسياسيين استوعبوا الدرس وتعلموا في الفترة الماضية كيف تدار الأمور من داخل النظام، أي أننا أصبحنا أكثر إيمانا بالتغيير من الداخل، ولن ننتظر آخرين يفرضون علينا أجنداتهم، ولن نكون مطية لنظام عالمي يتغير وفق ما جرى على الساحة الأمريكية.. لا بد من أصوات تمارس دورها المعارض عندما تجد أن المعارضة تصب في صالح الوطن. وأكد الكاتب على أن مصر لديها رصيد يعود لأكثر من مئة عام في تجربة التعدد، وما نطالب به الآن ليس اختراعا «للعجلة».
بين براءة وجلد
قصة مثيرة بدأت أحداثها، كما اشار محمد فرج أبو العلا في “اليوم السابع” بنشر حنين حسام ومودة الأدهم، فيديوهات عبر تطبيق “تيك توك”، ولأن مضمون تلك الفيديوهات مخل بالآداب العامة، تطورت الأحداث بعد إثارة الرأى العام، ما استدعى تدخل النيابة العامة. الحبكة الدرامية للقصة بدأت بإلقاء أجهزة الأمن القبض على حنين حسام في إبريل/نيسان 2020، وحبسها على ذمة التحقيقات، وبعد أيام قليلة، وتحديدا في شهر مايو/أيار توالت الأحداث بسقوط مودة الأدهم في قبضة مباحث الآداب في مدينة 6 أكتوبر، ثم إحالتهما إلى المحاكمة الجنائية. كانت لائحة الاتهامات أكثر الأحداث تعقيدا، حيث تضمنت اتهامات بالاعتداء على مبادئ وقيم أسرية في المحتمع، وإنشاء وإدارة واستخدام مواقع وحسابات خاصة عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي، لارتكاب وتسهيل تلك الجريمة، فضلا عن اتهامات بالاتجار في البشر، واستغلال فتيات في ممارسة أعمال منافية للآداب العامة، لقاء مقابل مادي. الفصل قبل الأخير من القصة سطرته محكمة أول درجة، حيث قضت في يوليو/تموز الماضى بالحبس عامين مع الشغل لحنين حسام ومودة الأدهم، وغرامة 300 ألف جنيه، حتى أسدلت محكمة جنح مستأنف القاهرة الاقتصادية، الستار على هذه القصة بحكم البراءة، لكن للعدالة وجوه أخرى. لا أحد ينكر أن ما نشرته حنين حسام ومودة الأدهم من فيديوهات، وتداولها الجميع، تؤجج المشاعر وتثير الغرائز، وتحرض على الفسق والفجور وتحض على الرذيلة.. لا أحد ينكر أن النيابة العامة لم تدخر جهدا بمعاونة أجهزة الأمن من أجل تقديمهما للمحاكمة.. لكن إذا كانت “الأوراق” تسببت في تبرئتهما أمام القضاء.. كيف سيكون حكم المجتمع؟ هل يتعامل معهما بمبدأ “المسامح كريم.. وبأن القانون أخذ مجراه” أم يكون “الجلد” هو العقاب؟
أسابيع الآلام
احتفى سيد محمود في “الشروق” بكتاب من تأليف الدكتور يسري هاشم، الذي وضع خلاصة تجربته في العمل مع أطباء الإغاثة لصالح فرق المقاومة الفلسطينية عام 1970.. الكتاب بعنوان «11 يوما مات بعدها عبدالناصر» ويتضمن شهادة حية وصادقة عن تلك السنوات، التي كانت فيها مصر تقدم أعز ما تملك من رجال لصالح فلسطين، كانوا جميعا «أيقونات» نضالية، كما عبّر الصديق أشرف العشماوي في ما كتبه حول الكتاب. ويحقق يسرى هاشم الأهداف التي يشدد المؤرخون اليوم على التأكيد على أهمية رواية «التاريخ من أسفل»؛ حيث يمكن للجميع أن يكتبوا ما عاشوه لتغذية المؤرخين بأرشيف جديد، ومادة تحرر التاريخ من طابعه الرسمي. ولا تزال أحداث مثل أيلول الأسود 1970 تمثل لغزا كبيرا في التاريخ العربي المعاصر، فلا أحد اليوم يمكن له أن يجد تفسيرا واحدا يبرر الاقتتال الذي دار بين القوات التابعة للنظام الأردني، وفصائل المقاومة الفلسطينية خلال الأيام الأخيرة من حياة عبدالناصر، التى كانت بمثابة «أسابيع الآلام، التي قدم فيها نفسه كمخلص للأمة العربية». ولا يعرف شباننا اليوم فداحة ما جرى، فقد تلقى ناصر رسالة من ياسر عرفات يطالب فيها بالتدخل الفوري، وبكل الوسائل لإيقاف محاولات تصفية المقاومة الفلسطينية، وأمام سعي الولايات المتحدة للتدخل في الصراع بين قوات الجيش الأردني والفلسطينيين، كتب ناصر لملك الأردن رسالته الشهيرة: «إني أتوجه إليكم مباشرة بنداء عربي صادق مخلص، بأن يتوقف إطلاق النار بأسرع وقت، ولو لمدة 24 ساعة، لكي نتيح لأمتنا فرصة نحتاجها وطنيا وقوميا، وحتى إنسانيا”. وقال في رسالته إلى عرفات «إن الجمهورية العربية المتحدة تعتقد أن الشعب الفلسطيني هو العصب الحساس في النضال العربي المعاصر» وتطورت الفكرة باتجاه إرسال وفد عربي برئاسة الرئيس السوداني السابق جعفر نميري لتقصى الأوضاع في الأردن، والوقوف على تفاصيل ما يجرى هناك؛ حيث استمر القتال أكثر من 10 أيام.
تفاصيل تهريب عرفات
تابع سيد محمود: “في صباح 28 سبتمبر/أيلول تم نشر الاتفاق الذي توصلت إليه اللجنة، وشمل وقفا شاملا لإطلاق النار، وخروج القوات العسكرية من المدن، وعودة المقاومة الفلسطينية إلى ما كانت عليه قبل الأزمة، وتشكيل هيئة برئاسة الباها الأدغم رئيس وزراء تونس، لمتابعة تنفيذ الاتفاق. ونشرت “الأهرام” تحقيقا صحافيا أجراه الكاتب الراحل إحسان بكر حول ياسر عرفات، كشف فيه عن خطة تهريبه من الأردن إلى القاهرة، لحضور مؤتمر القمة الطارئ، فقد ظل عرفات 45 دقيقة يتجول في شوارع عمان، بينما الرصاص لا ينقطع في شوارع العاصمة الأردنية ولم يستطع عسكري واحد التعرف على عرفات، الذي واصل سيره وعلى مقربة منه الرئيس السوداني جعفر نميري؛ حيث التقيا معا في مقر السفارة المصرية، وخرج عرفات متخفيا في زي كويتي تقليدي، وركب سيارة الوفد الكويتي وصعد معهم إلى الطائرة الكويتية، التي اتجهت به إلى القاهرة وبعد ساعات توفي عبدالناصر، بينما كان أطباء مصريون منهم محجوب عمر ويسري هاشم يقومون بواجبهم في إنقاذ الجرحى وإعداد الجثامين في مستشفى الإشرفية، التي تم قصفها بعنف. وإذا البعض يعرف تفاصيل ما جرى في سبتمبر/أيلول 1970 فإن ما يظهره كتاب يسري هاشم هو التاريخ الحي المطمور تحت تلال من السرديات الرسمية، تاريخ يستيقظ بكل تفاصيله ويرسم جدارية تتصدرها ملامح الصورة الناصعة للدكتور محجوب عمر الحكيم، الذي لا يزال عطاؤه يحتاج لمئات المجلدات والشهادات، فهو كما يظهر في الكتاب، رجل بحضور أسطورى وربما ساحر حقيقي، ما أن يضع يده على كتف شخص حتى يغير حياته تماما، ويأخذه إلى التجربة التي تخلص كتاب يسرى هاشم من الدم فيها، وأبقى على الأمل”.
تفرق كثير
من قال إن هناك شعوبًا من الملائكة وأخرى من الشياطين؟ ومن قال إن هناك شعوبًا تولد لأسباب جينية متقدمة ومتحضرة ونزيهة، وتنعم بدولة القانون والديمقراطية، وأخرى تولد نامية وبائسة وتعادي القانون والديمقراطية. تابع عمرو الشوبكي في “المصري اليوم”، صحيح أن هناك شكلا «عالم ثالثي» تمثل في وجود رئيس لا يريد مغادرة السلطة بالعافية والبلطجة، وأنصاره من الغوغاء الذين اقتحموا مبنى الكابيتول الأمريكي يقول إنه حتى في أمريكا أقوى بلد في العالم، التي تعرف نظامًا ديمقراطيًا، فيها الصالح والطالح، والأغلبية التي تعبر عن رأيها بسلمية، والأقلية التي قد تمارس العنف والتخريب. المدهش أن البعض لم يشغل عقله قليلا ليصل لنتيجة تقول، إن وجود هذه العناصر دليل على أن كل المجتمعات فيها نماذج منحرفة ومخربة، وإن هذا ليس حكرًا على مصر أو البلاد العربية، وإن الفارق هو في تطبيق القانون على القلة المنحرفة، لا اتهام الشعب بأنه منحرف أو جاهل أو غير مؤهل للديمقراطية. رد فعل المؤسسات الأمريكية على ما جرى في الكونغرس كان هو تصوير المخربين الذين اقتحموا مبنى الكونغرس، وليس تلفيق اتهامات لكل المتظاهرين، فجرى القبض على من اقتحم وخرّب، وترك من تظاهر وروح، واستقال وزير الأمن الداخلي لأنه شعر بالتقصير في حماية مبنى الكونغرس، وأحيل للتحقيق كل جندي أو ضابط ثبت أنه تواطأ مع المخربين.
فحوى الرسالة
واصل عمرو الشوبكي: “باستثناء تيارات التطرف العنيف الدينية واليمينية والثورية، التي تبرر العنف، فإن الأسوياء من كل الاتجاهات يرفضونه ويجرمونه في كل المجتمعات، وبالتالي فإن الاعتداء على حقوق الإنسان سيكون في حال قرر الرئيس بايدن اعتقال أعضاء الحزب الجمهوري الذين تظاهروا سلميًا، أو قرر تزوير الانتخابات ضد النواب، الذين أيدوا ترامب وتعاطفوا معه، أو يقرر تغيير طاقم قناة “فوكس نيوز” المؤيدة لترامب ويحضر بدلًا منهم قيادات إعلامية مؤيدة للحزب الديمقراطي، وما أكثرهم. أن يتصور البعض أنهم أقل من باقي شعوب الأرض لعيوب في تركيبتهم الخلقية أمر كارثي، وترك جوهر الرسالة التي أوضحها ما جرى في أمريكا من أن دولة القانون العادلة هي الضامنة للتقدم والاستقرار، وهي التي تقر بالأخطاء من أجل تصحيحها وتخرج من البشر أفضل ما فيهم ليساهموا بإخلاص في بناء بلادهم وازدهارها. فلو كانت المنظومة السياسية والقانونية شجعت المخربين واعتبرتهم «مواطنين شرفاء» لأنهم ربوا خصوم الرئيس، أو أن المؤسسات سمعت تخاريف ترامب وتواطأت معه ونفذت توجيهاته، فزورت الانتخابات وأضافت له في جوروجيا 11 ألف صوت لينجح بالتزوير، لأصبح المشهد الأمريكي شكلًا ومضمونًا استبداديًا بامتياز. الرسالة الحقيقية لأحداث الكونغرس ليست في أن أمريكا متخلفة ومصر عظيمة ولا العكس، ولا أن هناك شرطة وحرسًا وطنيًا يجب أن يواجهوا المخربين، وهذا دليل على عدم احترام حقوق الإنسان، إنما تعني أن المؤسسات المهنية المحايدة، ودولة القانون هي شروط التقدم وتصحيح الأخطاء”.
انتهاء أزمة عوض
الأزمة التي سيطرت على الوسط الثقافي مؤخراً بسبب حظر نشر كتب أحد أبرز الكتاب الراحلين انتهت بسلام، حيث استقبل، عبد الصادق الشوربجي، رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، في مكتبه بحضور الدكتورة فاطمة سيد أحمد عضو الهيئة الوطنية للصحافة، والسيد طه عوض، شقيق الكاتب الراحل محمود عوض، والكاتب خيرى حسن. وفي بداية اللقاء قدّم رئيس الهيئة الوطنية عظيم تقديره واعتزازه لاسم الراحل محمود عوض وكل رموز الصحافة المصرية، وقال رئيس الهيئة: إن محمود عوض اسم كبير، كان إضافة وما زال، للصحافة والثقافة المصرية والعربية. ووجه الشوربجي دار المعارف بإعادة طبع كل أعمال محمود عوض، التي نفد توزيعها، خاصة كتابه المتميز “عبد الوهاب الذي لا يعرفه أحد”، والأعمال الأخرى له. واتصل على الفور بالكاتب الصحافي أحمد جلال رئيس مجلس إدارة “أخبار اليوم”، ليتم على وجه السرعة نشر كتابه الجديد – الذي رفض في دار المعارف – وكذلك وجه بضرورة إعادة كل أعمال محمود عوض وغيره من أساتذة الصحافة المصرية، الذين أضافوا للصحافة والثقافة المصرية عبر تاريخها. وأكدت الدكتورة فاطمة سيد أحمد، على أن الهيئة تقوم في الفترة الحالية بدعم كل ما من شأنه دعم الصحافة والثقافة المصرية لإيماننا بدورها الأصيل في زيادة الوعي، لأنها رافد من روافد قوتها الناعمة. وبعد انتهاء اللقاء توجه طه عوض وخيري حسن إلى مكتب رئيس مجلس إدارة “أخبار اليوم”، الكاتب أحمد جلال ورحب بنشر الكتاب على وجه السرعة، ولذلك وجه بضرورة إعادة طبع كتاب “أم كلثوم التي لا يعرفها أحد” وكل عناوين محمود عوض، التي صدرت عن دار أخبار اليوم. وأكد أحمد جلال عزم دار أخبار اليوم على إعادة طباعة الأعمال الكاملة للكاتب الراحل ابن المؤسسة، التي أعطاها فكره وعمره، وأضاف لها مع كبار كتابها الراحلين والحاليين.
موسم الكذب
ارتفاع معدل الشائعات المتعلقة بكورونا يدل ببساطة، كما يرى الدكتور محمود خليل في “الوطن” على أن المواطن كان نشيطاً في البحث عن أي معلومات تساعده على فهم ما يحدث. وتقصير الحكومة في توفير المعلومة الصحيحة والدقيقة والواقعية للمواطن، هو الذي دفعه إلى التجوال في سوق الشائعات. وقد حدّد التقرير المجالات التي راجت فيها الشائعات في سياق الجائحة، وتمثّلت في الصحة والتعليم والاقتصاد والتموين. وعندما تطرّق إلى نماذج الشائعات التي راجت في سياق «مجال الصحة»، أشار إلى أن من بينها توزيع كمامات مصنّعة من مواد غير طبية في مستشفيات العزل، والتخلص من النفايات الطبية الخاصة بمستشفيات العزل بطريقة غير آمنة، ووجود عجز في أجهزة وحدات الرعاية المركزة أو مستلزماتها. ولو أنك تأملت هذه الشائعات فستجد أنها تعكس «اهتزاز ثقة المواطن في أداء الحكومة». وهي مسألة ليست وليدة اليوم، بل تمتد بجذورها إلى ماضٍ أعمق، تراكمت فيه بعض الخبرات السيئة لدى المواطن حول الأداء الحكومي أدّت إلى اهتزاز ثقته فيه. الجهد الذي تقوم به الحكومة في رصد الشائعات والرد عليها، كما يتجلى في هذا التقرير جهد مطلوب، لكن هناك ما هو أهم منه. لا يكفي أن تنتظر الحكومة انطلاق شائعة ما ثم ترد عليها، بل عليها أن تمتلك «رادارا» يكون قادراً على استشعار الاحتياجات المعلوماتية للمواطن، ثم تسارع إلى تلبيتها، قبل أن تستغل أي جهة أخرى حالة الفراغ المعلوماتي، التي يشعر بها المواطن – في ظل غياب دور الحكومة – لتملأه بما شاءت وشاء لها الهوى من شائعات. ومن عجب أن يهتم المركز الإعلامي لمجلس الوزراء بتتبع الشائعات بهذا الدأب والنشاط، في وقت لم يشرح لنا فيه جهوده في استباق الشائعة بالمعلومة، التي تستشعر احتياجات واهتمامات الجمهور، وتحصّنه بالمعرفة حتى لا يعطي أذنه للشائعة. نفي الشائعة بعد تردّدها يعني أن الحكومة تؤدي بنظرية «وضع العربة أمام الحصان».
مريض شهرة
ومن حوادث “الدستور”: كشف مصدر مطلع على التحقيقات التي تجريها الأجهزة الأمنية في محافظة كفر الشيخ، مع الشاب محمد قمصان مدعي الإصابة بمرض السرطان، تفاصيل مهمة حول سير التحقيقات. وقال المصدر لعمرو الشامي في “الدستور”، إن محمد قمصان انهار واعترف بادعائه المرض، على خلاف الواقع، ووجهت السلطات لقمصان تهمتين، الأولى استخدام السوشيال ميديا لنشر أخبار كاذبة، والثانية تهديد أخصائية اجتماعية من مدينة دسوق، بعد مواجهته بالحقيقة. وألقت الأجهزة الأمنية في محافظة كفر الشيخ القبض على محمد قمصان ووالدته من منزلهما، في قرية سنهور المدينة، للتحقيق معهما بعد اتهامهما بالكذب وعدم إصابته بالسرطان، واستخدام السوشيال ميديا للتربح منها. وحرر عدد من محاربي السرطان 7 محاضر في نيابة مركز دسوق في محافظة كفر الشيخ ضد الشاب، الذي ادعى إصابته بالمرض لكسب التعاطف عبر منصات تواصل اجتماعي، معللين بأنه أذاهم نفسيا كمرضى سرطان، ووقوع ضرر عليهم من ادعائه المرض وأسفرت التحريات عن قيام المتهم محمد محمد قمصان مواليد 1 يونيو/حزيران 2001، حاصل على دبلوم تجارة، بادعائه كذبًا على غير الحقيقة مرضه بالسرطان، وأنه اتخذ عدة طرق ليتشابه مع أصحاب هذا المرض بأن قام بحلق شعره، وارتدى ملابس مكتوبا عليها أنه مصاب، فضلًا عن نشره مقاطع مرئية لاستعطاف المواطنين، وكسب الشهرة والحصول على هدايا مادية وعينية. كما أنه تسبب خلال الفترة الأخيرة في نشر مقاطع على مواقع التواصل الاجتماعي، تفيد بفشل علاجه، ما أثر في الحالة الصحية والنفسية لأصحاب هذا المرض اللعين، وأثر بالسلب في حالة السلم العام، وأثبتت التحريات تحصله على مبالغ مادية وهدايا عينية جراء ماقام به. وقررت النيابة العامة حبس المتهم 4 أيام على ذمة التحقيقات.
نيو لوك الجندي
يتعرض الداعية خالد الجندي لهجوم حاد بسبب ارتداء الزي الإفرنجي ومن بين المدافعين عنه حمدي رزق في “المصري اليوم”: “الشيخ خالد لم يرتكب إثمًا، ولا اقترف كبيرة، وفي الأرشيف المحفوظ صور راقية لكثير من مشايخنا الكبار باللباس الإِفْرَنْجِيّ، مَنْسُوبٌ إلى الإِفْرَنْج، ولم يعبهم أحد، ولم ينقر رؤوسهم غراب أسود مطلوق في الفضاء الإلكتروني، ولا تغذت على سمعتهم خلية نائمة (نايمة في الخط كالخُط) تشبه البكتيريا السامة. متابع للشيخ خالد منذ أن سلك طريق الدعوة، ودود، وابتسامته تسبقه، والحط عليه تنمر مستهجن تمامًا، الشيخ خالد ركب الطريق الصعب، انتهج المواجهة في مواجهة «طيور الظلام» الذين «ظلموا الدنيا في وجوه الطيبين». يحظى بمتابعة لصيقة من الخلايا الإلكترونية، يتصيدون الهنات واللفتات والتفتيش في النوايا، والتأويل، منذ فترة، بات الشيخ خالد هدفًا ظاهرًا لجماعات التكفير والتفسيق. «لعلهم يفقهون»، اسم برنامج يقدمه الشيخ خالد على التلفزيون المصري، ليست أمنية، ولكنها مواجهة مع من يحرّفون الكلم عن مواضعه، قلوبهم غُلْفٌ، البرنامج يكشف عورة هؤلاء، ويدحض حجتهم، لذا يتقصدونه، ويشينونه، ويحطون على قبعته وحمّالاته، لا يذهبون إلى مواجهات فقهية أو علمية، بل نسف الفكرة بتفخيخ صاحبها من تحت قبعته. اللوك الجديد بعد عقود من ارتداء اللباس الأزهرى جد مغرى بالكوميكس، ولعل الشيخ خالد يفرق بين الساخرين، والسوداويين، أحفادنا يسخرون حتى من أنفسهم، مفطورون على السخرية، شعب ساخر، وبين الكتائب الإلكترونية المتربصة في الدغل الفيسبوكي، هؤلاء فيروسات فتاكة، وباء أسود، جراد صحراوي يتغذى على سُمعة البشر، يا شيخنا لا تلق بالاً لهم، سيبك إنت اللوك الجديد عامل شغل!