القاهرة ـ « القدس العربي»: واصل البرلمان المصري أمس الثلاثاء، لليوم الثالث على التوالي مناقشة قانون الإجراءات الجنائية الذي واجه اعتراضات من المعارضة والنقابات.
وقالت النائبة مها عبد الناصر، عضو الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، إن مشروع قانون بهذا الحجم والأهمية كان يحتاج وقت أكبر لمناقشته.
وأضافت: رغم وجود إصلاحات تمت على مشروع القانون الجديد، منها تقليص مدد الحبس الاحتياطي، أؤكد رفضي للقانون.
وبررت رفضها، بعدم النص على التدابير الاحترازية الإلكترونية بديلا للحبس الاحتياطي، وبتوسع المشروع في صلاحيات مأموري الضبط القضائي وإجراء تحقيقات من اختصاص النيابة، ومنح الصلاحيات لرتب قليلة من أول شيخ الغفر، وإعطاء النيابة سلطة إحالة قضايا للمحاكمة دون تحقيق.
فيما أعلنت النائبة ضحى عاصي، امتناع الهيئة البرلمانية لحزب التجمع عن التصويت والمطالبة بإجراء حوار مجتمعي. وقالت: مشروع القانون يحتاج المزيد من الحوار المجتمعي.
وأضافت: كثير من المواد تشكل خطورة على فلسفة القانون، مواد بسيطة لكن في صميم أفكار الحريات والحقوق، ورغبة منا أن يخرج القانون في أفضل صورة، نطالب بإجراء حوار مجتمعي داخل أروقة المجلس.
ملاحظات الصحافيين
وأرسلت نقابة الصحافيين لمجلس النواب ردها على رد المجلس على ملاحظات النقابة على مشروع قانون الإجراءات الجنائية.
وتضمن الرد ورقة قانونية في 47 صفحة بعنوان «ملاحظات نقابة الصحافيين على رد مجلس النواب بشأن مشروع قانون الإجراءات الجنائية» أعدتها اللجنة القانونية المشكلة من النقابة.
وشدد نقيب الصحافيين خالد البلشي على مطالب النقابة، بأهمية استمرار الحوار المجتمعي حول القانون قبل إقراره.
وأكد في خطابه لرئيس البرلمان أن أحكام الدستور، والركائز التي أرستها المحكمة الدستورية في الحفاظ على حقوق المجتمع، وحرياته المصونة كانت نقطة الانطلاق الرئيسية للجنة القانونية التي أعدت التعقيب، مشددا على أمله أن يساهم التعقيب، في تطوير الحوار المجتمعي حول المشروع، بما يضمن خروجه بشكل يحفظ الحقوق والحريات، ويرسخ لثقة المواطنين في نظام العدالة.
وانتقد المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، تجاهل تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية ومكتب لجنة حقوق الإنسان بشأن مشروع القانون، لاعتراضات وملاحظات المعارضين له من الحقوقيين والنقابات المهنية التي اعترضت على ما تضمنه من إهدار للحقوق والحريات وإهدار لضمانات المحاكمة العادلة.
تقييد الحق في الدفاع
وتضمنت تلك الاعتراضات، حسب بيان للمركز، تقييد الحق في الدفاع، والتوسع في منح سلطة الضبطية القضائية لفئات واسعة من رجال الشرطة، واستمرار التمسك بمدد طويلة للحبس الاحتياطي دون تضمينه أي آليات لوقف ظاهرة التدوير للمتهمين.
الحزب الديمقراطي يرفضه… والتجمع يمتنع عن التصويت… ونقابة ترسل ملاحظاتها
وأكد المركز أن الإصرار على إصدار المشروع يستند إلى «الفلسفة الأمنية» التي تقدم الأمن على الحقوق والحريات، مشددا على أنه مليء بالتبريرات غير المنطقية والمخالفة لفلسفة القانون وغايته، مجددا رفضه القاطع للمشروع «لما يتضمنه من نصوص تخالف المعايير الدولية لحقوق الإنسان».
كذلك، قال المحامي الحقوقي خالد علي، إن مصر في حاجة إلى قانون جديد للإجراءات الجنائية يتوافق مع التعديلات الدستورية، والتطورات الحديثة التي يشهدها العالم.
وبين أن المشروع المطروح لا يلبي طموحات الشعب المصري، وخاصة أن أكثر من 70 في المئة من بنية هذا المشروع، هي ترديد لقواعد واردة في القانون الحالي، ولم تقدم جديدا حتى لو تم تعديل بعض الصياغات أو تغيير ترتيب المواد، فذلك كله لم يمس جوهر القواعد.
ولفت إلى ضرورة التعاطي مع كافة الوسائل الحديثة لتطوير منظومة العدالة الجنائية، وأن المشروع اهتم بتلك الوسائل في شأن طريقة الإعلان، وإمكانية عقد التحقيقات والجلسات (عن بُعد) عن طريق وسائط الكترونية دون أن يولى ذات الاهتمام بهذه الوسائل في تطوير منظومة حقوق المتهم ودفاعه وضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة.
وأضاف: خلا التشريع من أي نصوص تتيح تصوير عمليات القبض والتفتيش، وكذلك تصوير جلسات التحقيق والمحاكمة العلنية بالصوت والصورة لتكون تلك الفيديوهات جزءا مكملا ومتمما مصححا للإجراءات الجنائية الورقية، وتمكين المتهم ودفاعه من الحصول على نسخة كاملة منها سواء كان التحقيق والمحاكمة عن بُعد أم لا ليتمكن من إعداد دفاعه في جميع مراحل الدعوى الجنائية.
وزاد: خلا المشروع من النص على أي وسائل إلكترونية تتيح بقاء المتهم في منزله أو مدينته كبديل عن الحبس الاحتياطي باستخدام أسورة القدم الإلكترونية.
وتابع: المشروع يتيح للنيابة العامة أن ترفع الدعوى الجنائية في كافة مواد المخالفات والجنح (إحالتها للمحاكمة) دون تحقيق، معتمدة في ذلك فقط على الاستدلالات من رجال الضبط والسلطة العامة بالرغم أن العقوبات في مواد الجنح قد تصل إلى ثلاث وخمس سنوات حبس، وكان من الملائم قصر هذه السلطة على المخالفات والجنح التي تكون عقوباتها الحبس البسيط بستة أشهر، أما باقي الجنح التي تزيد عقوباتها عن ذلك يجب إلزام النيابة بالتحقيق فيها.
وواصل: المشروع يشتمل على نصوص تنال من حقوق الدفاع حيث تفتح الباب لمنع حصول المتهم ودفاعه على صور من الأوراق أيا كان نوعها تحت زعم أن مصلحة التحقيق تقضي ذلك، وتتيح عدم تمكين المتهم ودفاعه من الاطلاع على التحقيق قبل الاستجواب، وتفتح الباب للقبض عليهم تحت زعم التلبس بالإخلال بنظام الجلسات.
وتناول علي، كيف توسع القانون في منح سلطات للنيابة العامة على حساب القاضي الطبيعي (القاضي الجزئي، وقاضي محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة، وقاضي الجنايات).
وقال: المشروع يتيح للنيابة العامة من درجة رئيس نيابة على الأقل في تحقيق الجنايات في جرائم الجنايات والجنح المضرة بأمن الحكومة من جهة الخارج والداخل، وجرائم المفرقعات، وجرائم الرشوة، وجرائم اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر، أن يأذن بأمر مسبب لمدة لا تزيد على ثلاثين يوما بضبط الخطابات والرسائل والبرقيات والجرائد والمطبوعات والطرود والاتصالات السلكية واللاسلكية وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي ومحتوياتها المختلفة غير المتاحة للكافة، والبريد الإلكتروني والرسائل النصية أو المسموعة أو المصورة على الهواتف والأجهزة أو أي وسيلة تقنية أخرى، وضبط الوسائل الحاوية لها، أو إجراء تسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص.
وتابع: المشروع يمنح النيابة العامة سلطة تتيح لها أن تمنع اتصال المحبوس احتياطيا بغيره من المحبوسين، وأن تمنع الزيارة عنه طوال مدة حبسه، والتي قد تصل إلى 18 شهرا، وفى بعض الأحيان قد ترتفع إلى 24 شهرا، ولم يتم إلزام النيابة بحد زمني أقصى لهذا المنع، ولم يتيح المشروع للمتهم ودفاع أي وسيلة للطعن على هذا قرار المنع أو مدته.
وزاد: المشروع يتيح منع المتهم من السفر ووضعه على قوائم ترقب الوصول دون حد زمني أقصى وقبل صدور أي حكم بإدانته، ما ينال من الفرضية الدستورية بأن المتهم برئ حتى تثبت إدانته، ومن حريته الدستورية في التنقل والسفر.