حذر خبراء أمن من احتمال تعرض بريطانيا لموجة من الهجمات الإرهابية يشنها من يعرفون باسم «متطرفو غرف النوم» الذين تعرضوا للتطرف في فترة الإغلاق نتيجة تفشي جائحة كورونا.
مرت السنة الأولى على المملكة المتحدة وهي خارج الاتحاد الأوروبي، إذ طبق الخروج من الاتحاد رسميا في أول أيام عام 2021 حيث دخلت التغييرات في قواعد السفر والتجارة والهجرة والأمن حيز التنفيذ، وابتدأت المملكة حقبة جديدة من العلاقات مع القارة الأوروبية.
مع إطلالة العام طبقت مجموعة من القواعد والقوانين الجديدة بضمنها؛ انتهاء حرية تنقّل الأشخاص بين بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي، والتي استبدلتها بريطانيا بنظام هجرة جديد، يقوم على تجميع النقاط، دخل حيز التنفيذ في ظل انتقادات حادة لمضمونه. ولا يفرق قانون الهجرة الجديد بين مواطني الاتحاد الأوروبي وغيرهم ويفرض معايير محددة وشروطا على الأشخاص الراغبين في العيش على أراضي المملكة المتحدة، والغرض من ذلك وضع حد لحرية الحركة واستعادة السيطرة على الحدود، واستعادة ثقة الشعب كما صرحت وزيرة الداخلية السابقة برتي باتل. بالمقابل أصبح لزاما على أي بريطاني يريد البقاء في معظم دول الاتحاد الأوروبي لأكثر من 90 يوما الحصول على تأشيرة الدولة التي سيذهب إليها.
لذلك، أصبح على الشركات التجارية البريطانية القيام بالمزيد من الإجراءات الورقية عند التعامل مع دول الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي بات يحف بالكثير من تفاصيل الصفقات التجارية التي شهدت تنامي الأزمات نتيجة تطبيق منظومة القوانين الجديدة بعد بريكست وتأثيرات جائحة كورونا التي استمرت طوال العام المنصرم.
ونتيجة التغيرات البنيوية التي شهدها السوق، فقد شعر البريطانيون بأزمات لم يألفوها سابقا، إذ عانى السوق من شحة سيارات الحمل والنقل، وانعكس ذلك على شكل أزمات في البضائع والأغذية، وصرحت جمعية النقل البري في المملكة المتحدة واصفة الأمر بالقول «أن بريطانيا تعاني من نقص بلغ 100 ألف سائق شاحنة ثقيلة، وتفاقم الأمر بشكل أسوأ بسبب تفشي وباء كورونا وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي».
وربما تمثل الانعكاس الأبرز لهذا النقص في أزمة وقود السيارات نهاية أيلول/سبتمبر عندما شهدت العاصمة لندن ظاهرة طوابير طويلة للسيارات تنتظر لساعات للتزود بالوقود، وقالت قناة «بي بي سي» إن «الأزمة دفعت بالحكومة البريطانية إلى دراسة استحداث تسهيلات دخول وامتيازات أخرى للسائقين الأوروبيين للعودة إلى بريطانيا رغم انتقادات المعارضة التي قالت إن مثل هذا الحل مؤقت وقصير الأمد».
ونتيجة تطبيق بريكست، فإن التخوف الأكبر تمثل في نقص المعلومات الذي ستعاني منه الأجهزة الأمنية البريطانية، مما يعني احتمالية ارتفاع الأعمال الإرهابية في البلاد تزامنا مع فقدان الشرطة البريطانية إمكانية الوصول الفوري إلى قواعد بيانات الأشخاص في الاتحاد الأوروبي مثل السجلات الجنائية وبصمات الأصابع والأشخاص المطلوبين جنائيا. وقد حذر خبراء أمن من احتمال تعرض بريطانيا لموجة من الهجمات الإرهابية يشنها من يعرفون باسم «متطرفو غرف النوم» وهو المصطلح الذي بات يستخدم لوصف الأشخاص الذين تعرضوا للتطرف عبر الإنترنت أثناء انعزالهم في منازلهم في فترة الإغلاق نتيجة تفشي جائحة كورونا.
وبالرغم من حالة التأهب التي طبقتها قوات الأمن والاستخبارات البريطانية، إلا إن إرهابيين نفذا عمليتين هزت المجتمع البريطاني عام 2021 الأولى يوم 14 تشرين الأول/اكتوبر، حيث قتل النائب البريطاني ديفيد أميس، عضو حزب المحافظين الحاكم، بعد تعرضه للطعن عدة مرات في اجتماع دائرة شرق لندن، عندما هاجمه شاب من أصول صومالية دخل في اجتماع مع ناخبين من دائرته الانتخابية عُقد في كنيسة ميثودية في ليه أون سي شرق لندن. وتم إلقاء القبض على منفذ الهجوم مباشرة بعد العملية، واتضح من تحقيقات الشرطة إن اسمه علي حربي علي، وهو نجل مسؤول في الحكومة الصومالية السابقة.
أما الهجوم الإرهابي الثاني فقد نفذ في 14 تشرين الثاني/نوفمبر، في وقت كانت فيه بريطانيا تحيي ذكرى ضحايا الحروب بمناسبة «أحد الذكرى» وعلى بعد مسافة قصيرة من كاتدرائية ليفربول، حيث تجمع مئات الجنود وقدامى المحاربين وحشود الناس لإحياء الذكرى. وصرح روس جاكسون، رئيس شرطة مكافحة الإرهاب شمال غربي إنكلترا، ان الانفجار الذي وقع عند مستشفى ليفربول للنساء نتج عن «عبوة ناسفة محلية الصنع” وضعها راكب في السيارة. وكشفت الشرطة عن معلومات بشأن منفذ الهجوم عماد جميل السويلمين البالغ من العمر 32 عامًا، وهو طالب لجوء من الشرق الأوسط تم رفض طلبه.
ولابد من أن يكون للعائلة المالكة في بريطانيا حصة في حصاد العام، فقد كان أبرز حدث في هذا الصعيد هو وفاة الأمير فيليب دوق أدنبرة، زوج الملكة اليزابيث الثانية في 9 نيسان/أبريل الماضي عن عمر ناهز 99 عاما، بعد أطول زواج ملكي في التاريخ البريطاني.
والخبر الملكي الثاني الذي شغل وسائل الإعلام البريطانية والعالمية فكان تداعيات أزمة خروج دوق ساسكس الأمير هاري حفيد الملكة اليزابيث، وزوجته الأمريكية ميغان ماركل من العائلة المالكة بعد تنازلهما عن امتيازاتهما كونهما عضوين عاملين في العائلة المالكة. وقد اشتعلت الأزمة إثر لقاء تلفزيوني مثير للجدل، مع المذيعة الأمريكية أوبرا وينفري، وقد فتحت ميغان ماركل النار على العائلة المالكة البريطانية، واتهمتها بممارسة سلوكيات عنصرية تجاهها بناء على لون بشرتها السمراء. تصريحات رسمية من قصر باكنغهام صدرت على خلفية هذه الاتهامات نفت ضلوع أفرادها بأي سلوك عنصري تجاه الأمير هاري وزوجته وابنه.
فيما أغلقت الشرطة البريطانية التحقيق في قضية الفضيحة الجنسية لدوق يورك الأمير أندرو نتيجة اتهامات وجهتها له الأمريكية فرجينيا جوفري التي جاء في ادعائها أن الأمير أندرو مارس معها أفعالا جنسية بدون موافقتها عندما كان عمرها 17 عامًا. وقد اسدل الستار على هذه الفضيحة التي أنهت الدور السياسي للأمير أندرو في العائلة المالكة في بريطانيا.