بريطانيا: نهاية اللاجئ العراقي الذي أصبح رئيسا للمحافظين؟

حجم الخط
16

أقال رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، أمس الأحد، الوزير في حكومته، ناظم زهاوي، وهو قرار يمكن أن يشكل نهاية للمسار الكبير الذي خطّه لاجئ عراقي، من عائلة بغدادية كردية، جاء طفلا إلى المملكة المتحدة، لينتهي رئيسا لحزب المحافظين الحاكم.
تولى الزهاوي منصبه الوزاري الأول عام 2018، خلال حكومة تيريزا ماي، وزيرا للتعليم، ثم وزيرا للأعمال والطاقة والاستراتيجية الصناعية عام 2019، في حكومة خلفها بوريس جونسون، كما تولى، إضافة إلى ذلك، منصب وزير الصحة والرعاية الاجتماعية، ثم وزيرا للمالية، في تموز/يوليو العام الماضي.
امتثل سوناك، في قرار إقالة حليفه، إلى ما خلص إليه تحقيق مستقل بخصوص ارتكاب الزهاوي «خرقا خطيرا» في مدونة السلوك الوزاري، وهو قرار أعاد التأكيد على الأزمة الكبيرة التي تحيط بالحكومات البريطانية المتعاقبة منذ خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي، كما أنه، من جهة أخرى، سلّط الأضواء على شبهات فساد تشتبك فيها قضايا السياسة بالمال، على الزهاوي نفسه، كما على عدد من زملائه، بينهم دومينيك راب، نائب رئيس الوزراء الحالي، وجونسون، رئيس الوزراء الأسبق.
تبدو سيرة الزهاوي مثيرة بحد ذاتها، وخصوصا بالنسبة لسكان منطقة الشرق الأوسط، لأنها تقدّم، في العديد من عناصرها، دراما كبيرة، تتجاوز فيها أحلام الراغبين في مجرد الهجرة، هربا من أحوال الاستبداد والتصّدع السياسي والاجتماعي التي تعاني منها تلك المنطقة، إلى الوصول إلى أعلى مناصب السياسة والنفوذ والتأثير في البلاد، التي ما تزال تحمل، في عقول وقلوب أبناء المنطقة، تاريخ «الإمبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس» وحكوماتها التي كانت تتحكّم بمصائر كثير من بلدان الشرق الأوسط، بما فيها العراق نفسه.
تحمل حكاية الزهاوي إذن، ظلال المشاكل التي تعاني منها بريطانيا حاليا، واتهامات الفساد التي تحيق بالنخبة الحاكمة من حزب المحافظين، ولكنها، فوق ذلك، تلقي ظلالا على قضايا تثير الأسئلة حول علاقات رئيس المحافظين السابق بحكام العراق وكردستان الحاليين، وبمسائل النفط والمال فيهما، التي كان لها دور أيضا في صعود الزهاوي الماليّ.
ابتدأت الدراما بولادة زهاوي عام 1967 في العراق لعائلة معروفة (كان جدّه محافظ البنك المركزي العراقي) وكان مقدّرا له، باعتباره من مواليد هذا التاريخ، أن يجند في الجيش العراقي للحرب مع إيران، وربما أن يقتل في تلك الحرب، وهو ما دفع أباه، رجل الأعمال، للهجرة إلى بريطانيا، حيث درس الزهاوي الشاب الهندسة الكيميائية، ثم أسس شركة استثمر فيها جيفري آرتشر، أحد كبار سياسيي حزب المحافظين، ثم أطلق شركة أخرى شاركه فيها شخص يحمل اسم عائلة شكسبير، ثم فاز عام 2010 بمقعد للبرلمان عن دائرة منطقة ستراتفورد، مسقط رأس الكاتب الإنكليزي الأشهر، وليام شكسبير!
مرّ الصعود الهائل للزهاوي بفضيحة عام 2018، تمثّلت بمطالبته، كنائب، بمصاريف تزويد اسطبلاته الخاصة بالطاقة الكهربائية، واضطر بعدها لإعادة المبالغ التي دفعت له وصرّح حينها أنه «يشعر بالخزي لوقوع ذلك الخطأ» ثم بفضيحة أخرى بعد تقرير قالت فيه صحيفة «فايننشال تايمز» إنه حفل لناد للرجال، تعرضت المضيفات فيه للتحرش ولسماع عبارات بذيئة وخادشة للحياء، وتعرض إثر ذلك للتوبيخ من رئيسة الوزراء.
على المقلب العراقي، فقد طوّر الزهاوي، كما تقول صحيفة «التايمز» علاقات صداقة مع سماسرة السلطة في عائلة بارزاني، الحاكمة في كردستان العراق، وأصبح مشهورا بكونه مستشار الشركات التي تريد الوصول إلى عشيرة بارزاني، وكان عنصرا بارزا في مجال الحركة السياسية والمالية بين بريطانيا وكردستان.
جرت الفضيحة القاصمة لمسيرة الزهاوي بعد كشف تقارير صحافية عن تسديد الزهاوي ضريبة مستحقة عليه، مع غرامة نسبتها 30٪، بإجمالي 4,8 مليون جنيه إسترليني، وذلك في الوقت الذي كان فيه وزيرا للمالية، وهو ما أدى للتحقيق المستقل المذكور، ولإخراجه من الحكومة ورئاسة الحزب، وهو خروج يحمل دلالات كثيرة، وقد يحمل نهاية المسيرة العجيبة للطفل اللاجئ الكردي العراقي الذي وصل إلى المناصب العليا في الحكومة والحزب.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ملازمة الفساد:

    وصدق البريطانيون مزاعمه بأن اسرته تعرضت للاضطهاد عندما كانت تعيش في بغداد، على الرغم من أنه سافر عندما كان صغيرا مع والديه في نهاية سبعينات القرن الماضي بشكل طبيعي الى بريطانيا، وفضلت الاسرة البقاء فيها، ولم يكن هناك أي سبب سياسي في هجرتها كما يزعم الزهراوي.

  2. يقول مليح:

    لماذا يجري تحميل قضية ناظم الزهاوي أكثر مما تحتمل.
    كثيرون من عائلة الزهاوي ما زالوا في العراق، وأعرف أكثر من شخص منهم ،حتى بينهم من كان بعثياً حزبياً.
    ومن بيت الزهاوي ناظم الزهاوي وزير الاقتصاد خلال السنوات الأخيرة من نظام رئيس الوزراء عابد الكريم قاسم، ومنهم وسام الزهاوي سفير العراق لدى الفاتيكان حتى إحتلال العراق عام 2003، ومنهم شقيقه مازن الزهاوي المترجم الخاص لرئيس الجمهورية صدام حسين للغة الانكليزية ، ومنهم الشاعرة آمال الزهاوي .
    ناظم الزهاوي البريطاني ولد عام 1967 ، اي كان عمره بضعة شهور عندما تولى البعثيون السلطة في العراق ، وغادرت عائلته العراق لأغراض إقتصادية بحتة لا علاقة للتطورات السياسية بها.
    وكلهم ولدوا وترعرعوا في بغداد كما كان الحال منع الشاعر الكبير جميل صدقي الزهاوي.

  3. يقول الكروي داود النرويج:

    لا أجد في الموضوع عنصرية ضد الزهاوي !
    لكني أجد أطماع واستغلال للمصلحة الشخصية !!
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  4. يقول مجدي فايز:

    السياسة والمال والفساد كوكتيل المفضل لدى بعض النخب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ويؤدي داءما الى الهاوية وتفكك الدول والمجتمعات.
    والعراق هو المثال الحي على تفكك الدولة بسبب الفساد المستشري وسط الزمرة الحاكمة. لكن يبدو ان السيد الزهاوي لم يتعلم من تاريخ البلد الذي ولد فيه وما الت اليه الأمور وراح يلهث خلف المال والشهرة بكل الوسائل المتاحة ونسي انه أولًا عربي كردي وثانيا يحكم في بلد اخر وهي بريطانيا دولة المؤسسات الديموقراطية والشفافية حيث يطرد الوزير او رئيس الوزراء لإنه أستعمل سيارة ألدولة مرة واحدة في أغراض شخصية.
    ولا داعي للتطرق الى دول اخرى كلبنان وتونس والجزائر ومصر ووووو القاءمة طويلة….

  5. يقول علي:

    لم يشفع له نفاق اللوبي الصهيونى و انحيازه الصارخ ل الاسرائليين. طردوه شر طرده.

  6. يقول S.S.Abdullah:

    مثال رائع عن عقلية لوتي سوق مريدي، رغم أنه سليل عائلة تمثل النظام، في كل كيان من كيانات سايكس وبيكو،

    هو أول ردة فعل لي على رأي جريدة القدس العربي بعنوان (بريطانيا: نهاية اللاجئ العراقي الذي أصبح رئيسا للمحافظين؟) https://www.alquds.co.uk/?p=3129679

    أعيد أحسنت يا أبا مصطفى، هذا مثال رائع لعقلية الفرعون والمتفرعنين (غير الإقتصاديين)،

    الذي كل همّه مص الدماء، بلا أي مقابل، من خلال الوظيفة في الدولة، الذي مثله بدور اسماعيل ياسين (الرجل الخام)،

    الآن كيف استطاع موظفي (دولة/مملكة الأردن) الصعود على أكتاف موظفي دولة مصر في جانب، والعراق في جانب؟!

    والمهزلة/المسخرة/التهريج أن موظفي دولة الكيان الصهيوني (نتنياهو) يصعد على أكتاف موظفي (دولة/مملكة الأردن) كما حصل في أول زيارة له في بداية عام 2023؟!

    الكثير لم ينتبه إلى أن إيران خلقت مصطلح IranPhobia على وزن مصطلح Islamophobia هل تعلم ذلك، أم لا؟!

    بينما بدوان/أعراب، أو لماذا ليس هناك ArabPhobia؟!

    والسبب أو لماذا نسبة الطلاق من زواج الحب، أضعاف مضاعفة من نسبة الطلاق من زواج العائلة هذا من جانب،

  7. يقول S.S.Abdullah:

    ومن جانب آخر لماذا ليس هناك عدالة في أي دولة أو نظام، رأسمالي أو شيوعي، أو ديمقراطي/ديكتاتوري/بيروقراطي على أرض الواقع يا (د زياد ماجد)،

    تعليقاً على ما قرأته لك تحت عنوان ورابط (طارق بيطار أو البحث عن القضاء الضائع) https://www.alquds.co.uk/?p=3129122

    والذي نشرته لك جريدة القدس العربي، البريطانية، بالذات، والأهم هو لماذا، وما دليلي على ذلك؟!

    لأن هناك فرق بين أي (نظرية/أكاديمية) وبين التطبيق العملي حتى لأي (قانون) على أرض الواقع،

    فلذلك لا ينفع تطبيق أي شيء بدون مشاعر وأحاسيس إنسان(ة)، ذو ضمير حي،

    بينما في مشاكل الأسرة تحتاج إلى حكم من أهلها وحكم من أهله، وليس قاضي واحد، في لغة القرآن وإسلام الشهادتين، وإلّا سيكون (الطلاق) هو القرار/الحكم/الفتوى،

    كما حصل في قضية الأميرة (هيا بنت الحسين)، التي هربت بالأموال والأولاد وفوق ذلك حكم لها القاضي البريطاني، بتعويضات قاربت المليار دولار، ولا حول ولا قوة إلا بالله، أليس في ذلك (ظلم)، للزوج، أم لا؟!??
    ??????

  8. يقول S.S.Abdullah:

    ولذلك من المهم متابعة نشاط د صفد الشمري، رئيس مركز مسار، لتسويق الرقمنة/الرقمية/الأتمتة في أي دولة، تبحث عن تطوير إدارة وحوكمة الدولة، في الرابط التالي

    https://youtube.com/@user-dg3we9rv1v

    بينما في الجانب الآخر، تجد عندما يكون الدين تجارة، من خلال رجال الكنيسة/المعبد/المسجد، فالنتيجة ما ورد في الرابط

    https://fb.watch/ijzaA4i4yk/

    {قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوا إِلَيْكَ ۖ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ ۖ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ ۚ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ۚ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ} [هود : 81]{فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ} [هود : 82]

    لغة القرآن وإسلام الشهادتين، كان وسيبقى قوياً بربه جل وعلا وكتابه العظيم وسنّة نبيه صلى الله عليه وسلم.

    يا أستاذ أستاذي د نزار،

    طهران تعترف بهجوم المسيرات.. وأنباء في إسرائيل تتحدث عن ضربة نوعية في العمق الإيراني https://ara.tv/mhyra

    هل بدأ التحضير للحرب في الخليج أم في الأردن وفلسطين، ماذا يريد (نتنياهو)، أم ماذا تريد (أمريكا)، والتضحية هنا، بمن هذه المرة؟!??
    ??????

  9. يقول طارق بن زياد:

    انها الديموقراطية العريقة لبريطانيا و للثقافة الانكلوساكسونية بصفة عامة، التي اوصلته لهذا المنصب.
    بعكس الأنظمة العربية العسكرية الدكتاتورية الفاسدة التي تربي عليها، فظل وفيا لفسادها.

  10. يقول ليث الاسدي:

    عنوان المقال مذهل فهو ظل الاجيء حتى لو أصبح الوزير.وناظم صديق للوزير الصهيوني بن غفير

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية