الدوحة – “القدس العربي”
دعا رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري إلى “ضرورة العودة إلى تطبيع العلاقات بين قطر وشقيقاتها الخليجيات، ومع مصر”، مؤكدا في ذات الوقت على بناء حلول سياسية في سوريا واليمن وليبيا ودعم سلام العراق واستقراره. كما كشف أن لبنان حاليا “في ذروة التأهب لمواجهة أي مناورات أو نشر المنظومات القتالية الإسرائيلية الحديثة على امتداد جبهة العدو الشمالية.
وذكّر بري بإسهامات قطر في دعم ومساعدة لبنان قائلا:”نحن لا ولن ننسى اتفاق الدوحة الذي رشّح ورسّخ اتفاق الطائف من جهة وفتح الباب على حل الضغوط على لبنان آنذاك بين الفرقاء، وعلى عمليات الإعمار بعد أن استهدفتنا إسرائيل خلال حروبها على لبنان وكان آخرها عام 2006″.
وقال دولة الرئيس نبيه بري على هامش أعمال مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي الذي تستضيفه الدوحة هذه الأيام، وخلال حفل استقبال للجالية اللبنانية في قطر، أن هذه الأخيرة “ساهمت بشكل لا يقدر في إعادة إعمار ما دمرته إسرائيل، خصوصا بلدات عيناتا وعيث الشعب والخيام وبنت جبيل..البلدة التي تتحول إلى عاصمة زراعية للماء والقمح وأقصد بنت جبيل، حيث أعيد بناء العمارة وأسواقها، وجرى استكمال بناء مستشفاها، وتم افتتاحه بالحضور الشخصي لسمو الأمير الوالد آنذاك وأركان لبنان بسلطتيه التشريعية والتنفيذية”.
وثمن بري عقد قطر لاجتماعات الاتحاد البرلماني الدولي على أرض عربية، وبحضور كمي ونوعي للهيئات البرلمانية العالمية قائلا إن “هذا إنجاز لم يحصل من قبل”. وأضاف بري إنه “يلمس الدور الذي تقوم به قطر في جميع القضايا العربية والدولية “، مشيرا أن قطر “ساهمت دائما في ترسيم سلام لبنان” كما “فتحت ذراعيها للجالية اللبنانية وكانت نعم الشقيق فعلا وقت الضيق”، واصفا إياها بأنها “حديقة البحر المكتوبة بالماء والملح والخبز واللغة، وملعب الشمس ودوحة الحب، ولؤلؤة المكان المعقودة على تاج الإمارة”.
وبشأن المجزرتين الدمويتين الإرهابيتين اللتين شهدتهما نيوزيلندا مؤخرا، دعا رئيس مجلس النواب اللبناني المشرق والمغرب العربيين ومن جميع أنحاء العالم إلى تشكيل ما أسماه “جبهة إرهاب دولية لمحاربة هذا الإرهاب المتجذر في أكثر من مكان”.
ولفت بري أن “الفرصة باتت مناسبة للشروع في حل قضية النازحين بالجملة خصوصا المناطق المحررة من الإرهاب “، وقال إنه “لا يجوز إدارة ظهورنا ودفن رؤوسنا في الرمل، بل يجب إجراء التفاهمات اللازمة مع الدولة في سوريا على عودة النازحين وفتح معبر ناصيف مع الأردن والخليج إلى لبنان عبر سوريا”.
وأكد أيضا أن “الوقت قد حان لتموضع لبنان مع دول الشرق مصر وسوريا وغيرهما واستخراج النفط والغاز ووقف التلاعب في ترسيم حدود لبنان البحرية والاعتراف بحق لبنان في النقاط البرية المتحفظ عليها”.
واعترف بري أنه بالرغم من استكمال لبنان كل الاستحقاقات الدستورية، يعاني لبنان من “وجود الأزمات المتعلقة بالعجز في مالية الدولة إلى جانب المطالبات بالبيئة والمتعلقة بالكهرباء وبتوليد فرص العمل”. كما تحدث عن السياسة التعليمية في بلاده واعترف بأنه “لا يوجد أي مجلس أعلى حتى يرسم خارطة طريق للتعلم”، بالرغم من تكاثر الجامعات في لبنان، مشيرا أن بيروت وحدها تحوز على 45 جامعة ومعهد عالي.
على صعيد آخر، قال رئيس مجلس النواب اللبناني إن “استقرار لبنان المادي والأمني مستمر”، مؤكدا على موقف بلاده “الثابت مع تحقيق الشعب الفلسطيني لأمانيه الوطنية في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وحق سوريا الثابت في الجولان”، مشيرا إلى ضرورة “تحقيق التفاهمات السياسية بين الفصائل وتوجب الخطاب السياسي ازاء الاحتلال وتوحيده وصفقة العصر، ورفض اختزال الحلم الفلسطيني أو الوطن البديل أو التوطين”.
وكشف بري أن لبنان حاليا “في ذروة الأهبة الوطنية لمواجهة أي استحقاق ناجم عن الاستعدادات الوطنية والمناورات ونشر المنظومات القتالية الإسرائيلية الحديثة على امتداد جبهة العدو الشمالية”. وأن استعادة لبنان لسلامه الاقتصادي، مرهون على اسمرار دعم اشقاءه وأصدقاءه وأبناءه والمغامرة بالاستثمار على مستقبله وليس على عقاره. وقال إن “المعادلة المتمثلة بالشعب والجيش والمقاومة التي تمكنت من تحرير أغلب الأرض سوى مزارع شبعا وتلال كفر شوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر والتي يشير إليها القرار الدولي 1701، هذه المعادلة التي حققت الانتصار تحقق أيضا معادلة الردع”.
ما أخذ بالقوة أو بالهبة لا يسترد إلا بالوحدة والمقاومة
وكان بري قد وصل إلى العاصمة القطرية الدوحة يوم الجمعة للمشاركة في أعمال مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي، رفقة النواب ميشال موسى، اغوب بقرادونيان ورولى الطبش.
كما التقى دولة الرئيس نبيه بري السبت أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وألقى بري كلمة له في مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي حذّر فيها من أن الآتي أعظم بعد قراري الرئيس الأمريكي باعتبار القدس عاصمة “لإسرائيل” وتشريع الاحتلال للجولان السوري، وقال إن “أن ما أخذ بالقوة أو بالهبة التي لا يملكها لا يسترد إلا بالوحدة والمقاومة”.
وقال بري إن “هناك مسؤولية للاتحاد البرلماني الدولي في إدانة استخدام القنّاصة الإسرائيليين الرصاص الحي لقتل الأطفال والنسوة والطاعنين في السن والرجال المتظاهرين في غزة المطالبين بحق العودة، إضافة إلى سياسة هدم المنازل وتشريد العائلات وتجريدهم من بطاقات الهوية على الحواجز الإسرائيلية، وإزالة القرى والسطو على مساحات من الأراضي بدعوة الأمن وإنشاء أحزمة استيطانية حول القدس، وإقامة عشرات المستوطنات في الأراضي الفلسطينية وتحويلها إلى بؤر استيطانية وتحويل بقية المناطق الفلسطينية إلى معتقل كبير إضافة إلى عشرات المعتقلات التي شهدت ولا تزال إضرابات المعدة الخاوية وعشرات الانتفاضات آخرها في معتقل عوفر في الثلث الأخير من شهر آذار/مارس الماضي”.
ورأى رئيس البرلمان اللبناني أن “هذه الجرائم الإسرائيلية الموصوفة تتماثل مع يد الجريمة التي قصفت مسجد العباسية في جنوب لبنان عام 1978، ومجزرتي قانا الأولى التي ارتكبتها بطاريات المدفعية الإسرائيلية عام 1996والثانية التي ارتكبتها الطائرات الحربية ضد المدنيين عام 2006”.
وانطلقت الجمعة أعمال اجتماعات الجمعية العامة الـ 140 للاتحاد البرلماني الدولي والاجتماعات المصاحبة في قطر بحضور وفود برلمانية من 149دولة يمثلها نحو 2271 برلمانياً، كما يشارك في الاجتماعات 80 رئيس برلمان و40 نائباً لرؤساء برلمانات عالمية. وتستمر أعمال المؤتمر خلال الفترة من 6 إلى 10 نيسان/ أبريل 2019.