بعد إضراب عن الطعام لأكثر من 90 يوماً… لماذا خرست “العليا” الإسرائيلية أمام “الأخرس”؟

حجم الخط
0

كل التماس للمحكمة العليا يواجه توجيهات السلطات في قضايا الفلسطينيين، يثير توقعاً علمانياً لحدوث معجزة تحرر القضاة من تقاليد الشاباك والجيش. كل التماس ينسي خيبة الأمل التي أحدثها سابقه.

هذا ما حدث أول أمس، عندما ناقش القضاة التماساً بشأن ماهر الأخرس (49 سنة)، المضرب عن الطعام منذ ثلاثة أشهر احتجاجاً على اعتقاله بدون تقديم لائحة اتهام ضده وبدون محاكمة وبدون أدلة وبدون حق الدفاع عن نفسه. مرة أخرى.. لم تحدث معجزة. للمرة الثانية خلال شهر يتهرب القضاة من كل تطرق مبدئي لاعتقال من نوع حقير كهذا، واقترحوا حلاً يتمثل بنصف قهوة ونصف شاي: تعليق الاعتقال الإداري.

في 27 تموز اعتقل الأخرس وتم التحقيق معه تحقيقاً عاماً وسطحياً، وصدر ضده أمر اعتقال إداري حتى 26 تشرين الثاني. بدأ الأخرس بالإضراب عن الطعام ويستمر حتى الآن. من 6 أيلول يتم علاجه في مستشفى كابلان، ووضعه الجسدي يتدهور. تزداد الآلام، وستكون الأضرار الصحية دائمة، ولكنه يحافظ على صفاء ذهنه ويصمم على مواصلة الإضراب حتى الموت أو إطلاق سراحه.

في 23 أيلول، رداً على التماس الأخرس الأول لإطلاق سراحه، وجد القضاة صيغة إلغاء مؤقت للاعتقال الإداري، لأن وضعه الصحي يلغي “خطورته”. ولكونه سجيناً فمسموح له استقبال الزيارات. إذا تحسن وضعه فإن الشبان والجيش الإسرائيلي يمكنهما تمديد الاعتقال الإداري، هكذا قرروا. ففي الجمعة الماضي، قرر الشاباك والجيش بأن وضعه جيد، ويمكن تجديد اعتقاله الإداري ونقله إلى عيادة مصلحة السجون في الرملة. في أعقاب التماس مستعجل، أوقفت المحكمة العليا النقل وعادت وعلقت الاعتقال.

قال الشاباك إن الأخرس شخص خطير، وإذا كان الأمر كذلك فلماذا لم يتم تقديم لائحة اتهام مفصلة ضده؟ فقد سبق واعتقل وحكم مرتين في السابق بسبب مخالفات مرتبطة بعضوية في الجهاد الإسلامي وقضى عقوبات بالسجن مدة 11 شهراً و26 شهراً. إذاً لماذا يكون هناك اعتقال إداري الآن؟ أحياناً لا يريد الشاباك كشف العملاء الذين قدموا معلومات (صحيحة أو مشوهة)، وأحياناً يكون محرجاً من ضعف البينات أو ضآلة التهم. لذلك، يفضل جعلها ضبابية قدر الإمكان.

عدد المعتقلين الإداريين ثابت في السنوات الأخيرة- 350 معتقلاً. هذا ترتيب مريح: يوفر على الجهاز وجع رأس عقد محكمة عسكرية واستدعاء شهود وإثباتات وعمليات نقل للسجين في الذهاب والعودة، ولكن لا يمكن قول ذلك بشكل علني. حتى في إسرائيل اليوم، المتغطرسة أكثر من أي وقت مضى إزاء مغزى السيطرة على شعب آخر، لا يستطيع الشاباك الإعلان بأن أجهزة الأمن تتصرف بهذه الصورة في كل حكم عسكري وديكتاتوري ومستبد، يحكم رعايا لم ينتخبوه. لذلك، يتشبه الشاباك بالله الذي يعرف كل شيء. ومع الله لا يوجد نقاش.

كجهة تعرف كل شيء، قال الشاباك إنه في 26 تشرين الثاني لن يشكل الأخرس أي خطر على أمن المنطقة. في 12 تشرين الأول اقترح الشاباك على الأخرس إيقاف إضرابه عن الطعام مقابل وعد بإطلاق سراحه بعد شهرين، إلا إذا وصلت “معلومات جديدة” عنه. رفض الأخرس ذلك ولم تحدث معجزة. لا يبدو أن القضاة تساءلوا عن نوع هذا الخطر المعروف تاريخ انتهائه مسبقاً.

يتمترس الشاباك في موقفه، ولا تسمح له سيادته المفهومة برفع يديه إزاء أداة النضال الوحيدة المتوفرة للمعتقل بدون محاكمة، وهي التجويع الذاتي. والقضاة يمكنهم إنقاذنا جميعاً من هذا الكابوس الذي يتمثل بالاحتضار أمام العدسات، وإصدار أمر لإطلاق سراحه ونقله إلى مستشفى في الضفة الغربية. ولكن كان من السذاجة منذ البداية أن تظهر المحكمة العليا الشجاعة في هذه المرة على وجه الخصوص.

بقلمعميرة هاس

هآرتس 27/10/2020

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية