ماذا بعد زلزال “الحوز” و”تارودانت” و”ورزازات”؟ مخاوف أخرى تضاف لهلع من كانوا آمنين في قراهم الطينية الفقيرة الرحيمة، استغلال ضحايا الزلازل والاتجار بالبشر، القضية التي أثارتها صفحات عديدة على مواقع التواصل الاجتماعي، بين مندد بالظاهرة وضرورة التصدي لها، وبين مكذب يثق في حسن نوايا المغاربة المتضامنين في ما بينهم تضامنا مفتخرا.
على صفحة “تامسمونت تازرا” نقرأ “بيان تنديدي، الموضوع: استغلال ضحايا الزلزال الأخير في المغرب، وانتشار خطابات تحط من كرامة أهالي القرى والجبال. إثر الفاجعة الأخيرة المتمثلة في الزلزال المدمر، الذي ضرب مجموعة من المناطق في الأطلس الكبير الغربي (الحوز، تارودانت ورزازات) والذي خلف مجموعة من الخسائر المادية والبشرية، تابع مكتب جمعية “تارزا” عبر وسائل التواصل الاجتماعي انتشار خطابات تحط من كرامة أهالي القرى والجبال، وتشجع ظاهرة استغلال ضحايا الزلزال، خاصة الفتيات من طرف تجار الأزمات، وإذ نندد بهذه الأفعال غير الأخلاقية وندعو جميع الضمائر الحية خاصة جمعيات حماية الطفولة في المغرب الالتفاف حول ضحايا هذه الكارثة، كما نحث السلطات على اتخاذ التدابير اللازمة صونا لكرامة هذه الفئة وضمان سلامتها”.
أما أحمد بوزيان، فكتب على صفحته على فيسبوك منشورا غير مصدق لهذا الأمر قائلا: “في الوقت الذي هب فيه المغاربة هبة رجل واحد بحماس وتفان لنجدة منكوبي الزلزال، الذي ضرب جنوب بلادنا، معبرين عن روح تضامنية تغمر القلب عزة، تتداول وسائط التواصل الاجتماعي رسائل يقشعر البدن من التقزز لدى قراءتها يتحدث أصحابها عن “الزواج” من الفتيات اللواتي يتمتهن هذه الكارثة الطبيعية، وتتحدث صاحباتها عن تشغيلهن خادمات في البيوت”.
ويواصل المنشور في تكذيب الخبر ووصف الرسائل التي تروج لذلك بأنها “تعبر عن حقارة من يكتبونها وعن خروجهم عن رباط الوطنية المقدس، الذي يقتضي توفير كامل الحماية لبنات وأبناء وطننا، الذين أوصلتهم الظروف العصيبة الى وضعية هشة لا استغلال هشاشتهم”.
كما ذكر بعقوبة الذين يقومون بهذه الأفعال، في القانون المغربي “إتيان الأفعال المشينة، التي تتحدث عنها الرسائل وإشاعة هذا النوع من الخطاب عبر وسائط التواصل الاجتماعي، تقع تحت طائلة القانون 27-14 الذي يعاقب على جرائم الاتجار بالبشر، والتذكير الثاني أن بنات وأبناء الأطلس كانوا طوال تاريخ المغرب شامخين شموخ هذا الجبل الضارب في عنان السماء ويستحقون منا أن نحمي سمو هذا التضامن الهائل، الذي عبر عنه أبناء الوطن، قاطبة، حكومة وشعبا، معهم بحماية أولادهم وبناتهم من أي تربص أو استغلال”. ومهما قيل في هذا الشأن تبقى حقيقة أن الكوارث الطبيعية تعري السياسات التنموية والتفاوت الجهوي، وتزيد من هشاشة من يعيشون أوضاعا اقتصادية مزرية، ومن يقبعون في زوايا الأطلس، الذي سقطت حجارته على رؤوس ساكنيه. فمن زار قرى الأطلس في وقت الرخاء والأمان والهدوء، يلاحظ البيوت الطينية ذات الهندسة المحلية الملتحمة بالمشهد الطبيعي، والتي تستقطب السياح من مختلف بقاع العالم، يسكنها البسطاء الشاكرين لله في كل الأوقات، لذلك لا بد من رعاية فعلية لهؤلاء البسطاء واهتمام بهم من حيث هيكلة البنى التحتية المنعدمة وتقديم الخدمات الضرورية لشعب ينحت الصخر دون كلل وملل ليعيش بعض من طيب الحياة.
عندما «تعري» صاحبة المال الإعلام
انتقل “ترند” البذاءة من مجرد مشاهد في السينما، وفي حبكة الروايات إلى المجال السياسي والاقتصادي، بعد تداول منصات التواصل الاجتماعي للتسجيل المسرب للسيدة سعيدة نغزة، رئيسة الكونفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية التي قامت بتهديد مدير وكالة الأنباء الجزائرية بـ”جلالة قدره” بعبارة نابية مهددة إياه بأنها “تهبطلو السروال”(تشلح له السروال كما يقال في الشام) وأين في ساحة الشهداء؟ وهذا بعد المقال الذي كتبه عنها، بعد مراسلتها الرئيس عبد المجيد تبون. وكما عادة رواد مواقع التواصل الاجتماعي يحولون الأمور الجادة لنكت، كتب حمزة خروبي على صفحته على فيسبوك “بعد نزع السراويل: وكالة الأنباء الجزائرية توزع قمصان بالمجان على موظفيها، المبادرة جاءت من طرف المدير العام “إلي هبطوله السروال”.
وأصبحت كل الفضاءات مفتوحة أمام السيدة الحنطية، والتي وصفت مدير وكالة الأنباء الجزائرية بـ”الأزعر”، حيث كتبت على صفحتها على فيسبوك: ” لقد وضعوا على رأس الوكالة أزعر، الذي دمر تراثا عمره أكثر من ستة عقود، لقد نسوا أن وكالة الأنباء الجزائرية تم إنشاؤها من طرف وزارة التسليح والاتصالات العامة عام 61، لنقل صوت البلاد، بينما كانت الثورة في أوجها”.
رسالة نغزة لتبون
رسالة نغزة لتبون طويلة وكان موضوعها عن “الحالة الاجتماعية والاقتصادية للبلد” ، فيها كالعادة شعبوية زائدة مثل الشعبوية، التي اتهمت بها صاحب مقال وكالة الأنباء، والمهم في كل الموضوع أن لا أحد قلبه على الشعب من المؤسسات الفنتوشية، التي أكلت الأخضر واليابس وفي كل المراحل التي عرفتها البلاد وستعرفها، والمواطن لا يعرف “نغزة” ولا يقرأ ما تكتبه وكالة الأنباء الجزائرية، فحسب المتتبعين والمحللين لما كتبه مدير وكالة الأنباء الجزائرية فإنه ليس في المستوى لمناقشة السيدة “نغزة” وما قالته، هي بدورها، في التسريبات يطيح بمستوى الذوق العام والخاص للجزائريين، ويبرز لغة التهديد في الكواليس، حيث هددت بلهجة عنيفة سمير قياد بسحب مقاله وإلا ستدمره وستجننه، وهكذا تتحول هذه الصراعات والحسابات حول “مصالح ضيقة” لمشاهد “فولكلورية” لمن أراد أن يتفرج، والفكرة، في معناها المبتذل اجتاحت الاقتصاد والسياسة والإعلام والمجال الأكاديمي مترافقة مع البذاءة. وفي الأخير يحكم السيد الرئيس لصالح “نغزة”، كما جاء على صفحة الإعلامية منار منصري، نقلا عما كشفه رئيس مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري كمال مولى أن الرئيس عبد المجيد تبون قرر تجميد لجنة التقويم الضريبي، التي شرعت في تغريم عدد من رجال المال والأعمال بغرامات ضريبية كبيرة، وإعادة النظر في كل الملفات، وذلك بطلب من أعضاء مكتب المجلس الموسع.
وتضيف منصري “وظهر الإشكال المتعلق باللجنة المذكورة مؤخرا في رسالة وجهتها رئيسة الكونفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية، سعيدة نغزة لتبون تشكو فيها تعرض العديد من رجال الأعمال لما وصفته بـ “الاضطهاد”، الأمر الذي عرضها لهجوم حاد من طرف وكالة الأنباء الرسمية”.
طبعا، بعد تعريجها على مسألة غلاء المعيشة وبعض ما يمكن أن يهم الشعب، لكن هذا الأخير في واد وأصحاب الرسائل والمقالات في واد آخر، هل انتصرت “نغزة” على “مول دعوتها” كما يقال، فهل تهديدها للإعلامي سيبقيه صاحيا لا ينام، كما يقول المثل الشعبي الجزائري، الذي ذكرتنا به بعض الصفحات على فيسبوك، والقائل: “إذا حلف فيك راجل بات راقد وإذا حلفت فيك مرا بات قاعد”، أي أنه إذا توعدك رجل فنم ملء جفونك، وإن توعدتك امرأة فلن يغمض لك جفن.
٭ كاتبة من الجزائر