بعد تخلي الغرب عن باريس.. ماكرون يلجأ إلى تراث شيراك لإخماد مشاعر الغضب ضد فرنسا بالعالم الإسلامي

حسين مجدوبي
حجم الخط
28

لندن- “القدس العربي”:

سعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى إجراء حوار مع الجزيرة في مبادرة منه لتخفيف التوتر في العالم العربي والإسلامي ومشاعر الغضب من سياسة باريس في الشأن الديني. وتقف عوامل متعددة وراء القرار الفرنسي منها غياب الدعم الغربي الذي يرغب في تفادي مواجهة دينية وإيديولوجية مع المسلمين علاوة على استحضار إرث الرئيس الراحل جاك شيراك في معالجته الذكية لمثل هذا الملفات.

وكان ماكرون قد تبنى موقفا متشددا في دفاعه عن الرسوم المسيئة لنبي الإسلام محمد في أعقاب العملية الإرهابية التي استهدفت المدرس صامويل باتي. وبعد التطورات التي تلتها ومنها عملية إرهابية جديدة خلفت مقتل ثلاثة أشخاص ثم مشاعر الغضب في العالم الإسلامي التي تهدد مصالح فرنسا، قام ماكرون بمحاولة تخفيف التوتر. واختار في هذا الصدد قناة الجزيرة لمخاطبة الرأي العام العربي والإسلامي، ولم يختر القنوات العربية التي يفترض أنها وقفت إلى جانب فرنسا ودافعت عن مصالحها.

وتبقى الرسالة الجوهرية التي وجهها ماكرون يوم السبت إلى العالم الإسلامي هي أن “الحكومة الفرنسية لا تقف وراء الرسوم بل هي صادرة عن صحافة مستقلة، وما حدث هو تحريف لتصريحاتي حول الموضوع”.

الرسالة الجوهرية التي وجهها ماكرون إلى العالم الإسلامي هي أن الحكومة الفرنسية لا تقف وراء الرسوم بل هي صادرة عن صحافة مستقلة

وتقف ثلاثة عوامل رئيسية وراء تغيير ماكرون خطابه من تبني الرسوم إلى الرهان على الحوار وهي:

أولا، رفض معظم الدول الغربية الوقوف إلى جانب فرنسا في هذه الأزمة التي تعتبرها مفتعلة ومتعمدة بسبب غياب النضج السياسي لا سيما في ظل انشغال الكل بجائحة كورونا فيروس. وقد ساندت الدول الغربية ماكرون في نزاعه مع تركيا وخاصة رئيسها طيب رجب أردوغان ونددت بالإرهاب. ولكنها في المقابل، أحجمت عن دعم موقفه المساند للرسوم المسيئة التي تسببت في الأزمة. وانتقدت جريدة لوموند موقف كندا الذي وصفته بالمبهم. وبدورها، كتبت مجلة إكسبرس بنوع من الانتقاد كيف تعمل ألمانيا على تفادي التورط في مثل هذه الأزمات، وقررت مثلا في الماضي تفادي الدخول مع أردوغان في سياسة تبادل الاتهامات.

ثانيا، بقدر ما نددت الدول العربية المعتدلة بالجرائم الإرهابية التي تعرضت لها فرنسا بقدر ما نددت بموقف الرئيس ماكرون لدعمه العلني للرسوم المسيئة للنبي، حيث التقت الشعوب والأنظمة في موقف موحد تجاه باريس. وكان موقف الدول المعتدلة مثل الأردن والمغرب صدمة لباريس.

ثالثا، تفاجأت باريس من حجم مشاعر الغضب في العالم العربي والإسلامي ضد فرنسا ومصالحها التجارية والسياسية في ظل تفاقم الاحتجاج بعد صلاة الجمعة من الأسبوع الجاري.

 

وكانت التظاهرات بعد صلاة الجمعة ناقوس خطر حقيقي أمام باريس، وكان الإسراع بإخماد هذه النار عبر حوار الرئيس ماكرون في قناة الجزيرة لمخاطبة الشعوب الإسلامية. ويبدو أن ماكرون لجأ إلى تراث الرئيس الراحل جاك شيراك الذي كان يرفض مثل هذه الأزمات، واتخذ إبان اندلاع قضية الرسوم المسيئة موقفا معتدلا عندما أصدر بيانا يوم 8 فبراير 2006 يقول فيه ما يلي: “حول قضية الكاريكاتير وردود الفعل التي تسببها في العالم الإسلامي، أذكّر أنه إذا كانت حرية التعبير ركيزة من ركائز الجمهورية، فهذه تستند كذلك إلى قيم التسامح واحترام كل المعتقدات”.

ويضيف: “كل ما يمكن أن يجرح معتقدات الآخر وخاصة القناعات الدينية، يجب تفاديه. يجب ممارسة حرية التعبير بروح المسؤولية، أندد بكل الاستفزازات التي يمكن أن تثير المشاعر بشكل خطير”. وتدخل تصريحات ماكرون للجزيرة في إطار موقف شيراك حول رسوم أزمة 2006.

وتميز جاك شيراك بعمق مواقفه ورؤيته للأزمات مع العالم العربي، حيث عمد إلى تفادي الكثير منها، لكن هذا الإرث اندثر مع وصول رؤساء تقنيين مثل نيكولا ساركوزي والحالي ماكرون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Mohammad habibi:

    المقاطعة مستمرة إن شاءالله وستصبح فرنسا وأوروبا بأكملها مسلمة قادمون قادمون الإسلام قادم وبقوة رغماً عن الكارهين

  2. يقول الشريعة الإسلامية:

    وقبل أن نتهم مكرون فلنراجع موقفنا من القوانين الفرنسية التي أستبدلناها بشريعتنا الإسلامية كل قوانين الدول العربية والإسلامية تتبع القوانين الفرنسية في دساتيرها وتضفي عليها إسم الشريعة الإسلامية كذباً

  3. يقول اسامه الاحمدي:

    لن يتخلي المغرب عن فرنسا و فرنسا لن تفرط في المغرب

  4. يقول أحمد:

    هذا المنافق لما أحس بالخطر – في أول أيام المقاطعة- لجأ عدو الله إلى قناة يعرف جيدا مصداقيتها عند المسلمين كي يخفف التوتر في العالم الإسلامي. لماذا لم يختر على قنوات المنافقين مثله التي اعتاد الظهور عليها؟

  5. يقول كمال - نيويورك:

    استمروا بالمقاطعة و ماكرون سيقولها بنفسه: إلا رسول الله

  6. يقول boumediennehamidou:

    فرنسا ممثلة في رئيسها اسائة اسائة بالغة للاسلام والمسلمين ,ومن حق المسلمين اينما كانوا ان يعاقبوا فرنسا ويقاطعوها اقتصاديا وثقافيا

  7. يقول أبو تاج الحكمة الأول سادن النور الشريف وفم البركة وشذا العطر النبوي المبارك:

    كنت سعيدا بعدم تبني الرئيس ماكرون للرسوم المسيئة وأن رسالتي له بخصوص تفاديها كان لها صدى اضافة ل مساهمات مماثلة من ابناء الامة المسلمة والأحرار من كل دين

    أنا الإسلام في الوجه الجديدِ
    فدين الله في النسق الرشيدِ

    سموتُ للاعتدال بكل باب
    وآلفتُ القريب مع البعيدِ

    تجلّى نور ربي فيّ حتى
    جنى البركات بالحرف المفيدِ*
    فكيف اذا تجلّى الله حقا
    وذبتُ من القداسة بالسجود! *ظهور اسم النبي محمد صلى اللّه عليه وآله و سلم عدة مرات على كؤوس شربتها بعد الصلاة والسلام عليه

  8. يقول مسلم:

    يجب وضع اليات وشروط لفرنسا لوقف المقاطعه وهو:
    1-الاعتذار عن هذه البذائه بحق نبينا محمد عليه الصلاه والسلام
    2-الكف عن الاضطهاد المتعمد لمسلمي فرنسا والغاء قوانين العنصريه ضد المسلمات والمسلمين
    3-وضع قانون بعدم ازدراء الدين الاسلامي وتطبيقه كاملا

  9. يقول عزات:

    هو مش الي رسمها لكن أيدها وحكمه كمن رسمها وانا تتسائل اين حرية الفكر والرأي التي ينادي بها وما أن قال الرئيس التركي أنه مختل عقليا بادر بسحب السفير الفرنسي من انقره الا يحق للرئيس التركي أن يقول رأيه ب ماكرون ولا هنا لا يحق لأحد أن يعبر عن رأيه مكيالين بالتعبير الفرنسي يحق له والمسلم لا وطرد الصحافي الذي نشر كركاتور لشخص ماكرون هل يظن الفرنسيون أن ماكرون اهم من رسولنا

  10. يقول محمد:

    رحم الله شيراك كان رجلاعظيما بحق الرجال قليل هذه الايام أمثال ساركوزي وماكرون كلاهما مراهقان لا يفقهان شيئا في السياسة ولا الدبلوماسية والشعب الفرنسي بأكمله يتحمل مسؤولية اختيارهما وانتتخابهما فهما عار على فرنسا بكل جدية أما ماكرون فقد ذهب بعيدا في تطاوله على الاسلام ومحاولته تحدي ومضايقة من المسلمين انتقاما لمقتل المدرس الغبي وضحاياحادثة نيس فكل تصرفاته وردود افعاله سيئة كان الأجدى به استحضار حكمة شيراك ومواقفه المتزنة جدا حيال حوادث مشابهة في عهده حين قال أذكّر أنه إذا كانت حرية التعبير ركيزة من ركائز الجمهورية، فهذه تستند كذلك إلى قيم التسامح واحترام كل المعتقدات”.

    ويضيف: “كل ما يمكن أن يجرح معتقدات الآخر وخاصة القناعات الدينية، يجب تفاديه. يجب ممارسة حرية التعبير بروح المسؤولية، أندد بكل الاستفزازات التي يمكن أن تثير المشاعر بشكل خطير” ومن هنا مهما فعل ماكرون بعد كل هذه الضجة التي اختلقها وفشله في استقطاب باقي دول الغرب عليه ان يقدم استقالته ويذهب الى مبلة التاريخ لانه للم يعد يصلح لقيادة هذه الدولة التي تملك ارثا تاريخيا وحضاريا مشرقا لا يستحق ماكرون ان يمثلها ابدا

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية