الرباط- “القدس العربي”:
أثار رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، غضب وحنق المغاربة بسبب ظهوره في برنامج حواري فرنسي، حاملا خريطة العالم العربي تُظهر الصحراء الغربية مفصولة عن المغرب. وانتشر جدل واسع بين نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي المغاربة، منتقدين بشدة ما صدر عن نتنياهو، وأعادوا إلى الواجهة خطوة التطبيع مع إسرائيل، مطالبين بضرورة التراجع عن هذا القرار.
رشيد لبكر، رئيس شعبة القانون العام بكلية الحقوق بالجديدة، كتب على صفحته في فيسبوك: “واهم وأحمق من توهم أن فعلة نتنياهو خطأ غير مقصود لاسيما وأنها تتكرر للمرة الثانية.. رسالة واضحة والجواب ينبغي أن يكون أوضح: الصحراء في مغربها والمغرب في صحرائه، شاء من شاء وأبى من أبى، ولن نخضع للابتزاز وعاشت فلسطين حرة أبية”.
من جانبها، أدانت “مؤسسة درعة تافيلالت للعيش المشترك”، “الفعلة الشنيعة التي اقترفها رئيس الوزراء الإسرائيلي والتي تمس بجوهر العلاقات بين المملكة المغربية وإسرائيل” وفق بلاغ اطلعت عليه “القدس العربي”، واعتبرت أن “هذا التصرف الأرعن الذي يصدر عن الوزير الأول الإسرائيلي مسّ خطير في ثابت من الثوابت المقدسة للشعب المغربي وهو سيادته على أراضيه”.
وجدد المكتب التنفيذي للمؤسسة، “إدانته للجرائم التي تقترفها القوات الإسرائيلية بأوامر من حكومة نتنياهو في حق الشعب الفلسطيني كافة وسكان غزة خاصة”.
ووصف عبد الواحد درويش، رئيس “مؤسسة درعة تافيلالت للعيش المشترك”، ما وقع بأنه “استفزاز جديد من نتنياهو ضد المغرب”، وتابع على صفحته في فيسبوك: “للمرة الثالثة يقترف نتنياهو هذه الفعلة الشنيعة التي لن يكفي اعتذار وزارة خارجية إسرائيل لمسح هذه الإهانة، ونحن على قناعة راسخة أن فعلته هذه المرة لن تمر بسلام”.
وكتبت الأستاذة الجامعية لطيفة البوحسيني، تدوينة على صفحتها تقول: “وظفتم الوتر الحساس للوطنية لتمرير التطبيع، ها هو المجرم القتال يضرب عرض الحائط ما اتفق عليه ويسعى للمزيد من الابتزاز.” وتابعت: “بعد وقبل وأثناء كل هذه الجرائم المرتكبة من طرف عصابات الصهاينة، لا يمكن الاستمرار في أية علاقة معهم. وبه وجب التذكير”.
وعاد نتنياهو ليقدم اعتذارا للعاهل والشعب المغربيين، وقال: “للأسف وقع خطأ في الخريطة التي عُرضت في المقابلة”.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يعمل فيها نتنياهو على إثارة غضب المغاربة، إذ سبق أن لوحظ الأمر ذاته في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، حيث ظهرت خريطة تتضمن حدودا فاصلة بين المغرب والصحراء على جدار مكتب المسؤول الإسرائيلي.
وقدم نتنياهو اعتذارا مقتضبا عن الخريطة المغربية المبتورة، نُشر على صفحته الرسمية بمنصة (إكس)، جاء فيه: “الحكومة الإسرائيلية برئاسة رئيس الوزراء، اعترفت بسيادة المملكة المغربية على كامل أراضيها وتم تصحيح جميع الخرائط الرسمية الموجودة في مكتب سيادته، بما فيها الخريطة التي عرضت عن طريق الخطأ في المقابلة، وفقا لذلك”.
مكتب رئيس الوزراء:
للأسف وقع خطأ في الخريطة التي عرضت في مقابلة رئيس الوزراء مع قناة TF1.
— رئيس وزراء دولة إسرائيل (@Israelipm_ar) May 31, 2024
الحكومة الإسرائيلية برئاسة رئيس الوزراء نتنياهو اعترفت بسيادة المملكة المغربية على كامل أراضيها وتم تصحيح جميع الخرائط الرسمية الموجودة في مكتب سيادته, بما فيها الخريطة التي عرضت عن طريق الخطأ في المقابلة، وفقا لذلك.
— رئيس وزراء دولة إسرائيل (@Israelipm_ar) May 31, 2024
في السياق نفسه، قدم المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، حسن كعبية، توضيحا للعاهل محمد السادس والشعب المغربي، وقال في تدوينة نشرها على حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “بسبب خطأ غير مقصود تم إثارة ضجة إعلامية كبيرة بخصوص خارطة استعملها بنيامين نتنياهو تظهر فيها خارطة المغرب مبتورة عن صحرائها”.
وتابع: “المغرب في صحرائه إلى أن يرث الله الأرض وما عليها” وفق قوله. واعتذر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية عما اعتبره “الخطأ التقني”، وقال: “لن نتراجع عن اعترافنا التاريخي بمغربية الصحراء”.
“هذان الاعتذاران، يجُبَّان ما قبلهما”، بحسب الحسين كنون، رئيس “المرصد المغاربي للدراسات السياسية الدولية” متحدثا لـ”القدس العربي”، لافتا إلى أن “الخطوة لم تكن مقصودة، وأنها لو كانت كذلك لما اعتذر عنها نتنياهو وكعبية في حينها”.
وفي تقدير المحلل السياسي المختص في الشأن الدولي، فإن “أي دبلوماسية في العالم حين تعتذر عن أي خطأ ارتُكب، لا يُحتسب الموقف/الخطأ الأول، مع العلم أن المغرب أكبر من إسرائيل، ولا تتوقف قضية مغربية الصحراء على اعتراف إسرائيل، لأن الصحراء مغربية بقوة القانون والواقع والتاريخ” بحسب قوله.
وأبرز المتحدث أن المغرب حين استأنف علاقته مع إسرائيل كانت غايته فُضلى ولا زالت، بحكم أن للمغرب جالية يهودية في إسرائيل تربطهم علاقة الدم والبيعة بأمير المؤمنين محمد السادس، وأن المغرب، في شخص الملك، يرأس “لجنة القدس”، وبهذه الصفة يلعب المغرب دورا هاما في السلام وحل القضية الفلسطينية ولا يمكن ذلك إلا عن طريق الحوار المباشر مع إسرائيل وفلسطين والولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج والجامعة العربية”.
وختم كنون كلامه مؤكدا أن “المغرب دولة عريقة لا تهمُّها هذه المناورات من إسرائيل أو من غيرها، ذلك أن المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها”.
وكانت تل أبيب اعترفت بمغربية الصحراء في تموز/ يوليو الماضي، في رسالة وجهها نتنياهو إلى العاهل محمد السادس، رفع من خلالها قرار دولة إسرائيل “الاعتراف بسيادة المغرب على أراضي الصحراء”.
وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي أن موقف بلاده هذا سيتجسد في كافة أعمال ووثائق الحكومة الإسرائيلية ذات الصلة، مشددا على أنه سيتم “إخبار الأمم المتحدة، والمنظمات الإقليمية والدولية التي تعتبر إسرائيل عضوا فيها، وكذا جميع البلدان التي تربطها بإسرائيل علاقات دبلوماسية بهذا القرار”.