تونس- “القدس العربي”: يحيي التونسيون، اليوم الجمعة، الذكرى الحادية عشرة للثورة التي أسقطت نظام بن علي، في وقت تبدو فيه البلاد وقد دخلت منعرجا جديدا قد يعيدها إلى مربع الاستبداد في ظل التدابير الاستثنائية للرئيس قيس سعيد التي عطّلت البرلمان والدستور وباتت تهدد حرية الإعلام والقضاء في البلاد.
ورغم أن الرئيس والخبير الدستوري قيس سعيّد تعهّد في مناسبات عدة بحماية الدستور والحقوق والحريات في البلاد، إلا أنه لم يتردد حين سنحت له الفرصة في تعطيل أغلب نصوص الدستور، فضلا عن تجميد عمل البرلمان وإخضاع السلطتين التنفيذية والقضائية لسلطته، والتضييق على حرية الإعلام، وهو ما أكدته نقابة الصحافيين والهيئات القضائية في البلاد.
وبينما حاول نظام سعيّد التضييق على المعارضة وإغلاق منافذ العاصمة أمامها مقابل السماح للعشرات من أنصاره بتنظيم مسيرة مؤيدة له وسط العاصمة، إلا أن ذلك لم يمنع آلاف المحتجين من التوجه إلى الشوارع المتاخمة لشارع الحبيب بورقيبة (بعد منعهم من الوصول لشارع الثورة) للاحتفال بذكرى الثورة، وترديد شعارات تطالب بـ”إسقاط الانقلاب”.
كما واصلت المعارضة احتجاجاتها، مساء الجمعة، فيما اتهم حراك “مواطنون ضد الانقلاب” السلطات بمحاولة تشتيت المحتجين ومنعهم من نصب خيام في شارع بورقيبة.
وأصدرت “المبادرة الديمقراطية” التابعة للحراك بيانا، أشادت فيه بـ”ذكرى الشرارة الأولى التي أطلقت الثورة التونسية وبعدها ثورات الربيع العربي، التي هزت المنطقة واذهلت العالم، بشعار “ديقاج” (ارحل) و”الشعب يريد اسقاط النظام”، الشعب الذي توج ثورته يوم 14 جانفي بفرار المخلوع ودخول تونس مرحلة بناء الحريات والديمقراطية والتداول السلمي على السلطة لأول مرة في تاريخها، عبر الانتخابات وصناديق الاقتراع”.
وأضاف البيان “اليوم وبعد 10 سنوات فقط من ذلك التاريخ، نفس هذا الشعب يخرج مجددا، ليعلن تمسكه بثورته، وليضرب مجددا موعدا مع التاريخ، وليؤكد على انه لن يرضى بالعودة الى ظلمات الدكتاتورية والاستبداد والحكم الفردي المطلق”.
وتابع البيان “نحن أبناء الشعب التونسي، نعلن خروجنا للشارع يوم 17 ديسمبر، بعقول وقلوب تتوق لاستعادة مسار البناء الديمقراطي ومسار العدالة والحرية. سنخرج سلميّا للتصدي للديكتاتورية الزاحفة على كل مفاصل الدولة، التي نريدها دولة القانون والمؤسسات والحقوق والحريات والعدالة لا دولة العبث والولاءات (…) نريد خيارا سياسيا مبنيا على التشارك والديمقراطية بالعودة الى الانتخابات والخروج من هذه الحالة الاستثنائية التي باتت تهدد كيان الدولة ذاته (…) تونس ملكنا جميعا ومستقبل اطفالنا بين ايدينا لهذا نطلب من كل شرفاء الوطن من كل الولايات الالتحاق بشارع الثورة، رمز الحرية والانعتاق من الاستبداد، رمز إرادة الشعب واستجابة القدر”.
وأصدرت حركة النهضة بيانا دعت فيه “أحرار تونس وأنصار الثورة والدستور والرافضين للعودة إلى عهود الاستبداد والظلم إلى الدفاع عن مكتسبات الثورة والعودة إلى الشرعية واستئناف الحياة الديمقراطية ودعم الإصلاح الشامل بما يحقق تحسن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية للمواطنين”.
كما دعت القوى السياسية المعارضة إلى “توحيد جهودها وخياراتها في التصدي للانقلاب وتصعيد أشكال النضال السلمي والمدني في مواجهة الانحراف بالسلطة وضرب الشرعية والدستور وتكثيف العمل المشترك من أجل إنهاء الحالة الاستثنائية واستعادة الديمقراطية وتشكيل حكومة شرعية وناجعة والحفاظ على الحقوق والحريات المكتسبة”.
وكتب عبد الكريم الهاروني، رئيس مجلس شورى “النهضة”: “هذه المسيرة المباركة متواصلة حتى نقطع نهائيا مع حقبة نظام الاستبداد والفساد والحكم الفردي وموروثها حتى تسود الأخوة والعدل بين التونسيين والتونسيات وتتبوّأ تونس المكانة التي تليق بها في الحضارة الإنسانية كأول ديمقراطية دستورية مؤسساتية حقيقية في العالم العربي تحترم فيها إرادة الناخبين الحرة وتحترم فيها السلطة التشريعية والسلطة القضائية وحرية التعبير والإعلام والصحافة”.
وتحت عنوان “الانفجار قادم”، أصدر اتحاد الشغل في مدينة سيدي بوزيد بيانا استنكر فيه الوضع الاجتماعي القائم في الجهة، معتبرا أن تدابير الرئيس سعيد لم تقدم شيئا لأبناء المنطقة و”لا فرق بين ما قبل 25 جويلية (تموز) وما بعدها”.
كما حذّر من أن “صمت الجهة لن يطول وسكوت ممثلي الشغالين لن يكون أبديا، وأبناء الجهة يعدون العدة ويستعدون لانفجار قادم”.
فيما انتقد المحلل السياسي عبد اللطيف دربالة عدم قيام الرئيس قيس سعيد بإحياء الذكرى الحادية عشرة للثورة التونسية، والاكتفاء فقط بإصدار بيان نشرته صفحة الرئاسة على فيسبوك.
وكتب تحت عنوان “هل هو هروب من الشعب؟”: “يبدو أنّ تصاعد الاحتجاجات الشعبية في أغلب مدن الجمهورية قد يكون حال دون مغامرة قيس سعيّد بعقد أيّ تجمع شعبي مفتوح، فإذا فتحت الرئاسة الباب لحضور جميع المواطنين الراغبين، فقد يجد الرئيس نفسه في موقف محرج وسط هتافات معارضة له وشعارات المندّدين بانقلابه على الدستور، وإن عقد الرئيس اجتماعا شعبيّا محدودا ومغلقا اقتصر فيه على جمع عدد من أنصاره عبر الفرز الدقيق، فسيكون ذلك دليلا على انحسار شعبيّته ومحلّ تندّر، وسيفضحه الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي”.
وأضاف “حتّى مدينة سيدي بوزيد التي كانت مهد وشرارة الثورة بعد احتراق محمّد البوعزيزي بها يوم 17 ديسمبر 2010، وكانت هناك توقّعات بأن يزورها الرئيس قيس سعيّد اليوم لرمزيّتها وتناغما مع مبادرته المثيرة للجدل بتغيير تاريخ الاحتفال بالثورة التي أسقطت نظام بن علي والديكتاتورية عموما من 14 جانفي إلى 17 ديسمبر، شهدت المدينة في الواقع احتجاجات مضادّة له منها تحرّكات للعاطلين عن العمل من المشمولين بالقانون عدد 38 الذي ألغاه الرئيس بعد أن شرّعه البرلمان وصادق عليه وختمه قيس سعيّد نفسه!”.
وتابع بقوله “وبرغم محاولات أنصاره عقد وقفات مساندة له بمدينة الثورة، فقد سيطر معارضو قيس سعيّد في النهاية على الشارع في سيدي بوزيد عدديّا وسياسيّا (…) وأمام مشكل استحالة اللقاءات الشعبيّة الغفيرة المباشرة في مواجهة تصاعد المعارضة الشعبية لقيس سعيّد، فإنّه بات ينتهج إمّا اللقاءات المحدودة المنظّمة كما سبق شرحه، أو اللقاءات المفاجئة في الشارع وغير المبرمجة مسبقا”.
وكان الرئاسة التونسية اكتفت بإصدار بلاغ، تعهّد فيه الرئيس التونسي قيس سعيد بمواصلة مسار الثورة في عيدها الحادي عشر، فيما دعا رئيس البرلمان راشد الغنوشي إلى إنهاء “الانقلاب” معبّرا عن تأييده للتظاهرات التي نظمتها المعارضة ضد الرئيس سعيد.
ههههه الرئيس قيس سعيد …ديكتاتور …………! الله الله يا سلام يا سلام على المنطق ……! و الله شيء مضحك ………!
سقط بن علي ولم يسقط النظام………