بعد غلاسكو… بينيت بين خطة 2050 واختبار 2022

حجم الخط
0

كان خطاب رئيس الحكومة نفتالي بينيت في مؤتمر المناخ للأمم المتحدة في غلاسكو مخيباً للآمال. ورغم إعلانه بأن التاريخ سيحاكم جيلنا “ليس حسب الطموحات، بل حسب الخطوات العملية” ووعده بأن “إسرائيل في بداية ثورة في موضوع تغير المناخ” وتعهده الضبابي بجعل انبعاثات الغاز في 2050 صفراً، ليس سوى كلام فارغ ولم يتم دعمه بالأرقام أو بالتزام بمراحل وسيطة.

بعد ذلك، سقط بينيت في شركين بلاغيين محرجين. الأول، ادعاؤه أن إسرائيل دولة صغيرة وغير مهمة، “أقل من ثلث مساحة اسكتلندا”، حسب أقواله. وهو ادعاء غير أخلاقي وغير منطقي، باستثناء حقيقة صغر مساحة إسرائيل، لكنها تطلق غازات احتباس حراري مثل دولة متوسطة، فكل مدينة وإقليم في العالم يمكنها الادعاء بأنها ليست سوى فاصلة في التلويث العالمي، لذا فالمسؤولية لا تقع عليها. هذا ادعاء لا مكان له في خطاب المناخ المتقدم. الثاني، استخدام كلمات “طاقة رجالنا وأدمغتهم” مدعياً بأن إسرائيل ستكون رائدة تكنولوجية، يعكس خطاباً متغطرساً قد يعتبر تهرباً من تحمل عبء تقليص الانبعاثات باسم يوتوبيا تكنولوجية مستقبلية.

في سياق إسرائيل، سيتم تذكر مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في غلاسكو بفضل أنها حقيقة المرة الأولى التي تنضم فيها إسرائيل للدول المتقدمة وتلتزم بجعل انبعاثات الكربون لديها صفراً حتى 2050. ولكن الشيطان يكمن بين الإعلان والأفعال. يومياً يتم تشغيل ملايين المحركات التي تعمل بالوقود الأحفوري في إسرائيل، أي النفط بجميع مشتقاته، والفحم والغاز الطبيعي، بدءاً من ماكينة قص العشب، مروراً بملايين السيارات الخاصة والحافلات والشاحنات والطائرات والسفن ومصانع إنتاج الإسمنت والفولاذ، وانتهاء بالمحركات الضخمة في محطات الطاقة لشركة الكهرباء. هذه المحركات هي حياتنا بدرجة كبيرة. فهي توفر لنا المياه وتضيء الغرف وتُبرد وتسخن وتطبخ وتنقل في البر وفي البحر كل بضائعنا وتنتج منتجاتنا وتشق كل البنى التحتية. كل هذه المحركات يجب إطفاؤها خلال 28 سنة.

المرحلة الأولى في الطريق إلى هناك هي كهربة كل شيء يتحرك أو لا يتحرك. أي أنه يجب على كل سيارة في إسرائيل أن تكون كهربائية. وفي موازاة ذلك، يجب تحويل الإسرائيليين من السيارة الخاصة إلى المواصلات العامة. وكل العمليات الصناعية والتسخين والتبريد والإنتاج يجب أن ترتكز على الكهرباء. يجب أن تأتي هذه الكهرباء من مصادر متجددة، القصد في إسرائيل هو الطاقة الشمسية. ولفعل ذلك، هناك حاجة إلى تركيب الألواح الشمسية في كل مكان. ففي كل مبنى في الدولة يجب إيجاد مكان للوح شمسي. ويجب وضع ألواح شمسية فوق مواقف السيارات ومحطات الوقود وفي المناطق الزراعية والمباني العامة وخزانات المياه والمناطق الميتة داخل التقاطعات، إضافة إلى مزارع شمسية كبيرة في النقب ومناطق منتهكة (المناطق المفتوحة التي تم انتهاكها مثل مكبات النفايات والكسارات).

يجب أيضاً ربط شبكة الكهرباء الإسرائيلية بجاراتها في الشرق وبكابل تحت المياه مع أوروبا. يجب أن تعمل إسرائيل من أجل تعاون إقليمي على إنشاء مزارع شمسية في مصر والأردن يجب أن تكون. الصفقة الإرهابية هي الكهرباء مقابل المياه. يجب أن يبقى الغاز الفائض تحت البحر. ويجب وقف السحب من محطات الغاز وإغلاق مصافي التكرير والصناعة البتروكيماوية في خليج حيفا. هذا هو معنى تصريح رئيس الحكومة.

إذا كان رئيس الحكومة جدياً في نيته، فإن ثورة الطاقة الضخمة هذه ليست سوى البداية. فأي بناء جديد لغرض السكن والتشغيل والتجارة والبنى التحتية يجب أن يكون أخضر. يجب الاستثمار في تطوير حلول تكنولوجية هي الآن في المهد، مثل إسمنت أخضر للبناء، وهيدروجين أخضر للطائرات والسفن، وبروتين نباتي في الصحن. وهناك أيضاً حاجة إلى ثورة في التشغيل وتغييرات شاملة في قائمتنا الغذائية وفي نظام إدارة النفايات. عاداتنا السياحية والترفيهية أيضاً ستتغير بشكل لا يمكن التعرف عليها.

كل ذلك قد يحدث خلال 28 سنة، طرفة عين بالنسبة لحجم المهمة. سيصبح هذا التحدي معقداً أكثر وصعباً على التنفيذ أكثر عندما سنعرف أن كل هذه الأمور يمكن أن تحدث في الوقت الذي ستكون فيه زيادة كبيرة في عدد السكان وفي وضع أمني وعصر مناخي غير مستقر. درجات الحرارة وأحداث مناخية متطرفة في البلاد وفي العالم ربما تضر بالمحاصيل الزراعية والنقل وشبكات التزويد وتتسبب بزيادة الأسعار والتوترات السياسية. من الصعب والمخيف تخيل هذا المستقبل، الذي هو حسب موقف جميع العلماء، أمر محتم.

في نهاية الأمر، الخطط حتى عام 2050 غير مهمة. الجبل الذي يجب تسلقه مرتفع جداً، فلا توجد جدوى من محاولة رؤية القمة التي تختفي وراء الغيوم. من الأفضل التركيز على الخطوة القادمة، الحديث هو عن العام 2022 وحتى عن تشرين الثاني 2021. هل ينوي رئيس الحكومة بعد عودته من غلاسكو وإجازة الميزانية، تمرير قانون للمناخ وإنشاء إدارة للمناخ وإخضاع ميزانية الدولة ووزارات الحكومة لهذه المهمة؟ سنرى جواباً على هذا السؤال خلال بضعة أسابيع.

بقلمنير حسون

هآرتس 2/11/2021

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية