بعد مرور أسبوع على جريمة اغتيال شيرين… إسرائيل تخسر الرهان على الوقت في دفن جريمتها

حسام عبد البصير
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: تراهن إسرائيل حكومة وجيشا على الوقت كي ينسى العالم جريمة مقتل شيرين أبوعاقلة، ويراهن أحرار الكون على أنها ستظل حية في “الأعماق”. كل الشواهد تشير إلى أن دم شيرين أبو عاقلة لم يكن رخيصا بالمرة، فها هي تل أبيب تفشل في الهروب من ملاحقة أصوات الأحرار في العالم بسبب جريمتها البشعة، التي وضعت عواصم كبرى ومؤسسات سيادية في مأزق، بل المدهش حقا تواصل ذلك الزخم للأسبوع الثاني على التوالي، وكأن جسد الفقيدة ما زال ينتظر القصاص لفلسطين شعبا وأرضا. المثير للفرح والاحترام روح المقاومة تلك التي انتابت كتاب صحف القاهرة، حتى اولئك الذين كانوا يدعمون المطبعين الجدد، وينظرون لإسرائيل باعتبارها دواء مرّا لمشاكلنا، انضموا لقوافل المنددين بالجريمة الإسرائيلية.
ومن أخبار الحكومة: أكد الدكتور مصطفي مدبولي رئيس مجلس الوزراء أهمية تكثيف وجود الوزراء وأطقم العمل المختلفة، في مقرات الوزارات في الحي الحكومي في العاصمة الإدارية الجديدة، مشيرا إلى أن ذلك يأتي في إطار خطة الدولة لانتقال الحكومة للعمل في العاصمة الإدارية الجديدة بصورة كاملة خلال الفترة المقبلة. ومن أخبار بيت العرب: عقد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، جلسة محادثات مع الملك فيليب السادس ملك إسبانيا، على هامش زيارته لمدريد للمشاركة في الدورة الأولى للمنتدى العربي الإسباني للخدمات السمعية البصرية العامة. وأعرب أبو الغيط، خلال اللقاء مع الملك، عن ارتياحه للمستوى المتميز الذي بلغته علاقات التعاون بين الجامعة العربية ودولها الأعضاء وإسبانيا، مشيدا بعمق هذه العلاقات في ظل الروابط التاريخية التي تربط الجانبين. كما كان اللقاء فرصة للتباحث حول مجمل القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. ومن أخبار الرياضة: دخل النادي الأهلي في مفاوضات مع الجهات المعنية لتوفير 30 طائرة لنقل جمهوره إلى المغرب لدعم الفريق الأول لكرة القدم أمام الوداد المغربي في نهائي دوري أبطال افريقيا. ويلعب الفريقان على ملعب محمد الخامس في الدار البيضاء بعد قرار الكاف إسناد التنظيم للمغرب. وفي سياق مواز وجه الإعلامي نجم الأهلي السابق أحمد شوبير رسالة إلى مويرا زوجة ومديرة أعمال مدرب النادي الأهلي موسيماني دعاها خلالها أن تلتزم الصمت هذه الفترة على الأقل؛ لأن اللحظات الراهنة حرجة وتفرض على الجميع المساندة والدعم، مضيفا “أنا عارف كلام كتير أكتر مما تتخيلوا، لكن أنا ساكت وهفضل ساكت الفترة دي”. وشدد في نهاية حديثه: “استأذنك يا مويرا بلاش كلام في الوقت الحالي، خلينا نعدي الفترة الصعبة دي الأول، الجميع يعلم مدى أهمية الفترة الحالية للنادي الأهلي على المستوى الافريقي”. ومن أخبار الحوادث تناول أفراد أسرة في قرية المعابدة في مركز أبنوب في أسيوط وجبة بطيخ نتج عنها إصابة 21 شخصا بينهم 10 أطفال من أسرتين بتسمم. وتم نقلهم إلى مستشفى أبنوب المركزي لتلقي العلاج.
قدرك يا شيرين

لم يتخيل المحامي والكاتب الأمريكي ألفريد ليليننتال، كما قال الدكتور وحيد عبد المجيد في “الأهرام”، أن كرامة الولايات المتحدة يمكن أن تداس تحت أقدام الصهيونية عندما أصدر كتابيه اللذين حذر فيهما مبكرا من نفوذ إسرائيل المتنامي في بلاده.. تابعت كل ما صدر من مسؤولين ومؤسسات في الولايات المتحدة منذ جريمة الحرب الجديدة التي ارتكبها جيش الاحتلال الصهيوني بقتله الصحافية الشهيدة شيرين أبو عاقلة. انتظرت يوما بعد يوم لعل أحدهم يشعر بإهانةٍ أو إذلال بسبب العجز عن قول كلمة حق، مجرد كلمة، بشأن اغتيال صحافيةٍ تحمل جنسية الدولة الأكبر في العالم، أو يحس بأي قدر من الألم، وهو يرى الدماء على جواز سفرها الأمريكي الذي يصور وكأنه مفتاح الدخول إلى الجنة. لم أنتظر إدانة الصهاينة الذين ارتكبوا الجريمة. فلا قيمة للأمريكي حين يقتله صهيوني، فما بالك حين يكون هذا الأمريكي فلسطينيا. وحتى إذا لم تكن فلسطينية لما اختلف الموقف. ولنا في قتل الصهاينة راشيل كوري في مارس/آذار 2003، خلال محاولتها منع جيش الاحتلال من هدم مبانٍ فلسطينيةٍ في رفح، مثال فاضح. راشيل أمريكية، ويهودية مثل ليلينتال، وغيرهما من اليهود الأحرار الذين يشعرون بالعار بسبب جرائم الصهاينة في فلسطين وحولها. كل ما انتظرته مطالبة بتحقيقٍ دولىٍ مستقل، وليس تحقيقا يجريه القاتل في جريمته. وحتى هذا الموقف المتواضع لم تجرؤ عليه الدولة التي تهبط من قمة النظام العالمي إلى قاعه، حين يتعلق الأمر بإسرائيل. ولكنها ليست وحدها للأسف. انتظرت أن يصدر من موسكو ما عجزت واشنطن عن إعلانه، لكن روسيا التزمت الصمت التام، ولم ينطق مسؤول فيها بكلمة. وحتى عندما وقف وزير خارجيتها في مؤتمرٍ صحافي مع نظيره العماني، تجاهل ما قاله الأخير عن الجريمة الصهيونية الجديدة، وكأنها لم تحدث أصلا، وحدها الصين بين القوى الأكبر والكبرى التي طالبت بتحقيقٍ دولي مستقل فما أندرهم من يتذكرون قيمة العدل في عالم اليوم.

مستريحون وجذابون

نتحول نحو الحدث الذي يشغل أهالي الصعيد وسواهم بصحبة جلال عارف في “الأخبار”: منذ عقود والقصة نفسها تتكرر، دون تغيير إلا في التفاصيل الصغيرة والأسماء. منذ أن ظهر وباء شركات توظيف الأموال في الثمانينيات وحتى آخر «مستريح» تم القبض عليه يستمر مصنع إنتاج «المستريحين» في العمل بنشاط كبير، وتستمر الظاهرة تكرر نفسها بين نصب واحتيال في ناحية.. وطمع أو غفلة في جانب آخر. تصورنا حين تم ضرب شركات النصب العالمية الشهيرة بشركات توظيف الأموال، أن الدرس كافٍ لإغلاق الصفحة. لم تكن المعركة سهلة ضد شركات ارتدت ثوب التدين الكاذب واستخدمت رموزه وسيطرت على سوق المال، ونشرت فسادا هائلا وجمعت المليارات وبددتها قبل أن يفتضح أمرها. كان الدرس قاسيا وكافيا ليتعلم الجميع. ولكن ها نحن بعد كل هذه العقود نجد الظاهرة ما زالت حية، والقصة تتكرر وإن كانت بصورة أصغر من بلاوي الريان وأشباهه في عالم الاحتيال. ظروف المجتمع الآن تحتاج منا أن نتعامل مع الأمر بصورة أكثر جدية، وأن نجد إجابة لأسئلة عديدة لا بد من أن تكون حاضرة، ينبغي عدم التوقف فقط عند الجانب الجنائي والإمساك بالنصابين وعقابهم. التعامل مع الأمر كظاهرة مجتمعية ضروري. سهل أن نختصر الأمر في النصب من جانب المستريح، والطمع من جانب الضحايا أو الغافلين، لكن ذلك لا يؤدي إلا إلى استمرار المناخ الذي يعيد إنتاج الظاهرة ولو بعد حين. هناك أسئلة إجبارية لا بد من إيجاد الإجابة عليها. فما الذي يدفع الناس إلى إعطاء شقا العمر لنصاب، رغم كل التحذيرات على مدى السنين؟ وهل يمارس «المستريح» نشاطه في الخفاء؟ أم في العلن وبصورة تدفع للتساؤل: أين الأجهزة المحلية من كل ذلك؟ ولماذا لا تتحرك إلا بعد وقوع الكارثة؟ والأهم من هذا هو: كيف نترك كل هذه الأموال تذهب لجيوب المحتالين بدلا من أن تكون جزءا من تنمية يحتاجها المجتمع؟ وكيف نوجه كل جنيه نستطيع توفيره للاستثمار المنتج بدلا من الجري وراء أوهام الثراء بلا مجهود، التي تنتهي ـ في الغالب ـ مع مستريح جديد وضحايا جدد؟

البحث عن متحاورين

السؤال الذي يتبادر إلى ذهن كثيرين بشأن الحوار السياسي وسعى للإجابة عليه عماد الدين حسين في “الشروق” هو: هل لدينا أحزاب وقوى سياسية حقيقية مؤثرة؟ دعوة الرئيس للحوار السياسي مهمة جدا، ولكي تنجح فإن الحوار يحتاج إلى متحاورين، فما هي الأطراف التي يفترض أن تحضر مثل هذا الحوار، وما مدى قوتها في الشارع؟ الطرف الرئيسي الأول هو الحكومة أو السلطة أو النظام، وهي الطرف الفاعل، وتتمتع الآن باستقرار ملحوظ. الطرف الثاني هو الأحزاب السياسية. على الورق لدينا 104 أحزاب سياسية، وبعد ثورة 2013 تم حل حزب «الحرية والعدالة» الإخواني الذي كان حاكما أيضا. الحزب الحاكم عمليا الآن هو «مستقبل وطن»، ومعه في البرلمان أحزاب «حماة وطن» و«الشعب الجمهوري» و«الوفد» وأحزاب صغيرة أخرى. الانتخابات البرلمانية الأخيرة شهدت شكلا جديدا وغير مسبوق ربما في الحياة السياسية، وهو اندماج غالبية الأحزاب في قائمة واحدة، لا تواجه منافسة حقيقية، وبالتالى يصعب قياس قوة هذه الأحزاب على أرض الواقع، بين المواطنين، الذين اندفع عدد منهم لعضوية هذه الأحزاب بحثا عن المنافع والمصالح أكثر من إيمانهم ببرامج هذه الأحزاب وأفكارها. غالبية الأحزاب المصرية كرتونية وضعيفة وصار السوس ينخر فيها، ولا توجد فيها ممارسة سياسية حقيقية، وقادتها حولوها إلى عزب لهم ولأسرهم ومحاسيبهم، وهذه الأحزاب تتحمل المسؤولية الأساسية عن حالة الضعف الذي وصلت إليه. لكن رغم ذلك لا يمكن تجاهل دور الحكومات المتعاقبة في الحال التي وصلت إليه هذه الأحزاب.

لا نريد انفلاتا

مضى عماد الدين حسين في الإجابة على الأسئلة الملحة: هل معنى ذلك أن الصورة سوداوية وقاتمة؟ الإجابة هي لا، لأن هناك بعض التطورات أثبتت أن هناك بصيصا من الأمل في انتخابات حزب الوفد ونقابة المهندسين قبل حوالي شهر ونصف الشهر، التر أسفرت عن تغييرات في قمة الهرم. إضافة للأحزاب التقليدية لدينا أيضا تنسيقية شباب الأحزاب، وصارت تضم عناصر متميزة يمكن أن نقول عنها إنها اكتسبت خبرة سياسية جيدة، لكن السؤال أيضا هل يمكن لعناصر هذه التنسيقية خوض انتخابات ذات طبيعة تنافسية حقيقية؟ سؤال لا أعلم إجابة صادقة عنه. يرى الكاتب أن إدخال هواء نقي داخل الأحزاب المصرية كفيل بأن يجعلها تتطور وأن تعود لطبيعتها وهي أن تكون مدارس للتربية السياسية والتنافس للوصول إلى الحكم وتطبيق برامجها السياسية المختلفة. ونحتاج أيضا إلى تغير النظرة الخاطئة لكثير من المواطنين حينما يتعاملون مع هذه الأحزاب باعتبارها الباب الملكي للحصول على وظيفة أو الترقي في الوظيفة الموجودة، أو الاندماج في شلة تقود للحصول على منافع متعددة. ويعتقد أن الحكومة بحاجة إلى ضرورة الإدراك بأن من مصلحتها على المدى البعيد وجود قوى سياسية معارضة لها، طالما أن ذلك يتم تحت سقف القانون والدستور والدولة المدنية. لا نريد أحزابا على أساس ديني أو فئوي أو مذهبي، بل أحزابا مدنية حقيقية. لا نريد انفلاتا بوجود مئة أو حتى خمسين حزبا، بل عدد قليل من الأحزاب التي تعبر عن الأفكار الرئيسية في المجتمع وهي اليمين واليسار والوسط بتنويعات مختلفة. وإذا نجحنا في ذلك نكون قد أسسنا لثقافة سياسية، يمكن لها أن تتطور وتتقدم. نعلم جميعا أن التربة الحزبية المصرية هشة لأسباب يطول شرحها، لكن استمرار ذلك قد يقود لعودة القوى الدينية المتطرفة. نريد ممارسة حزبية حتى في إطار هندسة سياسية مؤقتة، حتى نضمن قوة ومتانة الحياة والمؤسسات والأحزاب السياسية.

ادعموا الاثرياء

اختار بهاء الدين حسن في “المشهد” أن يعبر بسخرية مريرة عما شهده البرلمان مؤخرا: مجلس الشعب يصمت يصمت، ثم يقــوم قومـة تعوض كل صمتــه، فيكون مثل قطـار السكة الحديد، الذي يشبه في مشيه المشي على قشـر البيض، وعند نقطـة معينة يستجمع كل قوتــه وينطلق، فيعوض كل التأخيـر، حتى يصل بالمسافر إلى محطة الوصول إلى بر الأمان، ما لم تكن (لا قدر الله) إلى الآخرة، فمجلس الشعب الذي يصمت على الكثير من القضايا، تجـده أحيانا يقوم وينتفض لمناقشـة قضايـــا معينة يختـار الخوض فيها، الأمـــر الذي يجعلك تقف منبهــرا أو مذهولا أمام اختيـاراتـه، صحيح قد يدهشك اختيـاره للقضايــا التي يناقشها، مقابـل تركه قضايا أخرى، ولكن بما أنك ذهبت إلى الصندوق واخترت العضو الذي يمثلك، فمن حق العضـو أيضا أن يختار لك القضايا الواجب مناقشتها. أخيــرا مجلس الشعب تحـــرك وقــام قومــة يجب أن يسجلهــا لـه التاريـخ، فقد نشرت جريدة “المصري اليوم” في عددها الصادر بتاريخ 27 إبريل/نيسان، أن العضو محمود قاسم قدم استجـوابا يطالب فيه رئيس الوزراء بحل مشكلة الزيادة الجنونية في أسعـار السيـارات، والحق يقال إن أسعار السيارات في ازدياد دائم، الأمــر الذي جعل المواطن يقف حائـرا أمام هــذه الزيادة الجنونيــة، صحيح أن أسعار السيــارات مرتبطة بالعملـة الصعبة، ولكن ليس لدرجـة تصعيبها على المواطن بهذه الصــورة، فإذا قلنا إن زيادة المـواد الغذائية والخضروات أمر مقدور عليه، فالمواطن عندما يقف عاجزا أمام شــراء كيلو باميـة أو طماطــم أو لحمـة، يكـون الحــل في أن يشترى نصف كيلو، ولكن في حالة عجــزه عن شراء سيارة كيف يكون الحل، هل يكتفي بشراء الزمارة؟ لذا كان واجبــا على مجلس الشعب أن يتحـرك، قد يكون تحركه بلا جـدوى أمام أخطبوطات رجال الأعمال من المستوردين وأصحـاب توكيلات السيارات، ولكن اسمه تحـرك، واسمه ناقش واسمه تكلم نيابــة عن المواطن الذي انتخبه، عملا بالمثل القائل “العيار إللى مايصيبش يدوش”.
القمح المالح

جاء المؤتمر الذي عقده رئيس الحكومة أول هذا الأسبوع، ليكون استجابة مباشرة وسريعة لما دعا إليه رئيس الدولة بشأن سبل التعامل مع الأزمة الاقتصادية. وفي المؤتمر الذي تابعه سليمان جودة في “الوفد”، قيلت أنباء سارة منها أن انتاجنا من القمح من المتوقع أن يصل هذا العام إلى عشرة ملايين طن، ولأن الإنتاج الذي نتحدث عنه هنا ليس أي إنتاج، ولكنه إنتاج سلعة صارت أكثر من حيوية، وأصبحت أكثر من مهمة، مع بدء الحرب الروسية على أوكرانيا.. فالعالم يتحدث عن أزمة متوقعة في هذه السلعة على وجه التحديد منذ بدء الحرب، وقد زاد الحديث عن حجم الأزمة مع حديث الهند قبل أيام عن اتجاه لديها إلى حظر تصدير محصولها من القمح، ولا بد أيضا أن كثيرين بيننا سوف يتساءلون في هذه المناسبة عن السبب الذي يمنع الحكومة من التخطيط في السنة المقبلة، ليكون إنتاجنا أعلى من القمح، وليكون الإنتاج عند المستوى الذي لا يجعلنا في حاجة إلى قمح أوكرانيا ولا إلى قمح الهند؟ وهو سؤال في محله كما أنه سؤال منطقي.. ولكن في الإجابة عنه تفاصيل لا مفر من التوقف عندها، ومن هذه التفاصيل على سبيل المثال، تفصيلة خاصة بكميات المياه المطلوبة للتوسع في زراعة القمح أو غيره من المحاصيل، وما إذا كنا نملك هذه الكمية بالفعل أم لا؟ وتفصيلة أخرى عما إذا كان من الممكن تخصيص مساحات أكبر من الأراضي الزراعية لزراعة القمح، وما إذا كان ذلك لن يؤثر في المقابل على محاصيل أخرى نحتاجها كما نحتاج القمح بالضبط؟ هنا سوف يطرح سؤال لا يزال يبحث عن إجابة من سنين..: هل توصل الدكتور أحمد مستجير، عالم الزراعة الكبير، يرحمه الله، إلى نوعية من القمح تنبت في الأراضى الصحراوية وتشرب الماء المالح؟ هذا موضوع يتردد ولا يزال بغير إجابة شافية.

قلوبنا مع لبنان

رغم كل الصعوبات التي يمر بها لبنان، والضغوط الخارجية والتمويلات الكبرى للمرشحين، والمناوشات التي حدثت بين أنصار المرشحين المتنافسين في عدد كبير من مراكز الاقتراع، جرت الانتخابات النيابية بطريقة اعتبرها حسن أبو طالب في “الوطن”، مقبولة من كل الأطراف. وفى ضوء بعض النتائج الأولية التي أذيعت رسميا تبدو فرصة تغيير الخريطة الحزبية في البرلمان الجديد محدودة إلى حدٍّ كبير، رغم سقوط شخصيات محسوبة على التيار الوطني الحر وحزب الله، أو متعاونة معهما من الدروز أو من أحزاب قومية صغيرة، وأبرزهم الأمير طلال أرسلان عن الدروز، ورئيس حزب التوحيد وئام وهاب في الجبل، والنائب فيصل كرامى في طرابلس. كما ارتفعت المقاعد التي حصل عليها نواب جدد غير محسوبين على القوى السياسية التقليدية، وبعضهم ينتمي إلى ما يوصف بقوى الثورة والتغيير ورفض النخبة السائدة، والمنسوبون إلى حراك صيف وخريف 2019، وربما يصل عددهم إلى ثمانية مقاعد من بين 128 مقعدا تمثل إجمالى البرلمان. جرت الانتخابات كما هو معروف في ظل مقاطعة تيار المستقبل الذي يعبّر عن النسبة الأكبر من السنة، وهو القرار الذي أراد به زعيم التيار سعد الحريري أن يضع الجميع أمام إشكالية كبرى تتعلق بشرعية الانتخابات من جانب، والتأثير على طريقة اختيار رئيس الوزراء الجديد، الذي يجب أن يكون سنيا وفقا للدستور المعمول به من جانب ثانٍ. ومعروف أن قرار المقاطعة عبّر في جانب كبير منه عن غضب شخصي للحريري واستياء لتيار المستقبل ككل، نتيجة العراقيل الكبيرة التي واجهته عند تشكيل الحكومة قبل عامين، ولم يتمكن من تشكيلها، ما اضطره إلى الاعتذار والابتعاد عن العمل السياسى مؤقتا، لكن بعض أفراد انتموا إلى تيار المستقبل في السابق، ترشّحوا في الانتخابات كأفراد وليسوا كأعضاء في تيار المستقبل. ومنهم من فاز بالفعل بسبب تحالفه مع قوى سياسية تقليدية من المسيحيين أو ما يسمى بالتيار العلماني، ولا يبدو أن منهم شخصية بارزة يمكن أن تمثل التيار السني، وتكون مرشحة لرئاسة الوزراء حين يأتى وقت الاختيار لهذه المهمة الشاقة.

أفضل من لا شيء

النتائج المتاحة للكثير من الدوائر الانتخابية اللبنانية من وجهة نظر حسن أبو طالب تشير إلى ثلاث نتائج مهمة؛ أولاها أن حزب الله وحلفاءه، وأبرزهم حركة أمل برئاسة نبيه بري، والتيار الوطني الحر برئاسة جبران باسيل، لن يتمكنوا من الفوز بأكثر من 64 مقعدا، وهو عدد أقل من الأغلبية التي تحقّقت لهم في الانتخابات الماضية بإجمالى 71 مقعدا، أتاحت لهم التأثير الكبير والمباشر في أداء البرلمان والحكومة والمؤسسات السيادية المختلفة، ما يجعلهم مسؤولين عن كل أبعاد الأزمة الطاحنة التي يعيشها لبنان، ووصلت إلى قمتها في الأشهر الماضية. بيد أن فقدان الأغلبية (50% زائد واحد أو أكثر) لا يعني أن تأثير هذا التحالف إن اتفقت عناصره على استمراره في البرلمان الجديد، أو حتى لم تتفق على استمراره، قد يعني فقدان التأثير في مجمل الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية في لبنان. ويرجع ذلك إلى ما تملكه هذه القوى من عناصر قوة طائفية من جهة، ومن امتلاك حزب الله ترسانة أسلحة كبيرة بعيدة عن سيطرة الدولة، وتثير الكثير من الإشكاليات للبنان ككل، سواء في مواجهة القوى السياسية التي تناوئ الحزب، وتعتبره سببا رئيسيا لكل مشكلات لبنان في الداخل والخارج، أو في مواجهة القوى الدولية والإقليمية التي تمارس أشكالا مختلفة من التأثير السياسي على مجمل الشأن اللبناني. النتيجة الثانية تتعلق بالانقسام المسيحي الماروني، وتبدل المواقع بين حزب القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع والتيار الوطني الحر، لصالح القوات التي حصدت ما يقرب من 22 مقعدا، ما يجعل الحزب الممثل الأكبر للمسيحيين الموارنة. وتشكل تلك النتيجة ضربة كبرى للتيار الوطني من جانب، وللرئيس ميشال عون مؤسس التيار من جانب آخر.

ملائكة يعذبون

ليست المرة الأولى كما يرى الدكتور محمد صلاح البدري في “الوطن” التي يتم فيها الاعتداء على طبيب في أحد أقسام الطوارئ في مستشفى حكومي.. ولا يعتقد أنها ستكون الأخيرة، تابع الكاتب: هي حالة تنضم إلى هذا المسلسل المستمر في العرض عبر سنوات سابقة طالما أن أحدا لم ينتبه إلى خطورته حتى الآن.. هذه المرة تحدث الأزمة بين طبيب شاب في مستشفى القطامية وطالب جامعي حضر إلى طوارئ المستشفى مرافقا لطفلة تعاني من جرح في القدم، إثر تعرضها لحادث سير.. ولسبب لا يعرفه أحد يتخيل الطالب الجامعي أن الطبيب يتعمّد إهمال المريضة «الطفلة»، ليتطور الأمر إلى مشاجرة تنتهي بأن يصاب الطبيب بكسر في الجمجمة واشتباه بارتجاج في المخ.. ويتحول هو نفسه إلى مريض يحتاج إلى طبيب لإسعافه. لم أتمكن طوال حياتي المهنية من الوصول إلى السبب الحقيقي لحالة التربص الموجودة في شكل شبه مستمر ضد الأطباء، خاصة في أقسام الطوارئ في المستشفيات الحكومية.. ربما هو انخفاض الوعي لدى المواطن بدور تلك الأقسام ونظام العمل فيها.. أو ربما حالة فقدان الثقة الموروثة من عقود سابقة بوجود أي درجة من الجودة أو الإتقان في كل ما هو مجاني أو حكومي.. كل ما تمكنت من رصده هو أن الأمر لا يتعلق باعتياد الطبيب أن يهمل في عمله، أو حتى باعتياد المريض العدوانية بأي حال، الأزمة الحقيقية أن البعض ما زال يظن أنه لن يحصل على حقه إلا «بواسطة ما» في هذا الوطن.. ولذا تجد أن سوء النية المسبق ومن ثم الاحتقان هو سيد الموقف من اللحظة الأولى. «لن يهتم أحد بي وبحالتي بكل تأكيد طالما لا أعرف أحدا في هذا المستشفى بشكل شخصي.. إذن فلأعبّر عن غضبي لأحصل على الخدمة».. هكذا يحدّث المريض نفسه.. وهكذا تبدأ الأزمة، ربما يتوقف الأمر عندما يستوعب المريض أن نظام العمل في طوارئ المستشفيات على مستوى العالم، وليس مصر وحدها يقوم بتصنيف الحالات إلى عالية الخطورة ومتوسطة وعادية.. وأن متوسط فترة الانتظار في أقسام الطوارئ في ألمانيا يتراوح بين أربع ساعات إلى ست ساعات حتى يتمكن المريض من رؤية الطبيب.. تزداد لتصل إلى ثماني ساعات في بريطانيا التي تعاني من عجز في أطباء الطوارئ.. وفي هذه الأثناء يتم عمل الإسعافات الأولية له من قبَل هيئة التمريض.

زيت قاتل

القضية التي يحدثنا عنها محمد أمين في “المصري اليوم” تتصل بصحة كل مواطن، ولا بد من أن الدكتور حسين منصور، رئيس جهاز سلامة الغذاء، هو المسؤول الأول الذي تعنيه هذه القضية: القصة بدأت يوم 20 إبريل/نيسان، عندما نشرت صحيفة قومية كبرى تحقيقا صحافيا على صفحتها الثالثة أشار فيه الدكتور رضا كمبر مدير معهد بحوث المحاصيل الحقلية، إلى التوسع في زراعة محصول الكانولا لأنه غنى بالزيت، ولأن نسبة الزيت فيه تصل إلى 40% وقال إن المعهد سجل نوعا من هذا المحصول يقاوم الملوحة، بعدها جاءتني رسالة من الدكتور وفيق شعراوي، خبير الزيوت السابق في مركز التنمية الصناعية في جامعة الدول العربية، وفيها يقول إن زيت الكانولا هو نفسه زيت الشلجم، الذي أثار ضجة واسعة في البلد في ثمانينيات القرن الماضي، والذي وصل موضوعه وقتها إلى مجلس الشعب، وصدر قرار بعدم زراعة محصوله في مصر، وعدم استيراده، لأنه شديد الخطر بكل مسمياته على صحة الإنسان. ويذكر الدكتور شعراوي في رسالته ما يضع أكثر من علامة استفهام حول عودة الكلام عن زيت الكانولا، وعن الاتجاه إلى زراعة محصوله من جديد. ومما يذكره على سبيل المثال أن هذا الزيت قتل 800 شخص في إسبانيا، وأصاب 20 ألفا بأخطر الأمراض، عندما جرى خلطه دون قصد بزيت الزيتون.. ومن بعدها جرى حظره تماما هناك، وقررت منظمة الصحة العالمية حظر استخدامه في الطعام، وكذلك منظمة الفاو التابعة للأمم المتحدة، ومعهما منظمة الأغذية والزراعة في الولايات المتحدة الأمريكية. ولا نزال نذكر كيف أن النائب علوي حافظ، يرحمه الله، كان قد أثار القضية في مجلس الشعب من خلال استجواب شهير، وكان الموضوع قد استغرق جولات وجولات في البرلمان في ذلك الوقت، إلى أن تقرر عدم السماح بزراعة الكانولا وعدم استخدام الزيت المستخرج منه.. فلماذا يعود من جديد هذه الأيام، وكيف يعود وقد جرى إغلاق ملفه من قبل؟ إنني أضع أمام رئيس جهاز سلامة الغذاء، وأمام كل مسؤول تعنيه صحة الناس شعراوي كان مديرا للمعامل المركزية في شركة الزيوت المستخلصة.

جاري العزيز

الكثير من الأحزان داهمت فاروق جويدة في “الأهرام” بعد فقده توأم روحه: اقتربنا كثيرا في السنوات الأخيرة كنا نتحدث كل يوم في التليفون ونطوف معا في ذكريات عزيزة جمعتنا في “الأهرام”.. أخيرا رحل الصديق والزميل والجار الكاتب الكبير صلاح منتصر، بعد رحلة طالت مع المرض ما بين مستشفيات لندن والقاهرة. التقينا منذ سنوات جمعنا القسم الاقتصادي والدسك المركزي، وكان صحافيا يتمتع بكل قدرات الصحافي والكاتب ورئيس التحرير.. عندما ذهب رئيسا لتحرير مجلة “أكتوبر” ترك فراغا كبيرا في إدارة “الأهرام” وكان الفراغ الأكبر أننا افتقدنا الصديق رغم أن العلاقة بيننا لم تنقطع، وكنا نتابع كتاباته على صفحات “الأهرام” كل يوم، وهو يناقش أصعب القضايا وأكثرها حساسية في كل شؤون الحياة.. كان يتمتع بعلاقات طيبة مع رموز السلطة في كل عصورها.. وكان خبيرا في شؤون البترول في مراحل ازدهاره الأولى.. وكان كاتب تحقيق صحافي من طراز فريد، وأجاد كثيرا، وتفرد في كتابة عموده الصحافي.. وفي مشواره في رئاسة تحرير “أكتوبر” قدم تجربة صحافية فريدة وأخيرا استقر به المقام وعاد كاتبا في “الأهرام” يطل كل صباح على القارئ بكل ما هو ممتع وجديد.. سوف يفتقد قارئ “الأهرام” كل يوم كتابات صلاح منتصر وسوف أفتقد صديقا وجارا عزيزا عشنا معا سنوات عمرنا بالحب والتقدير.. في فترة مرضه كنا نتحدث كل يوم وكنت أتابع معاناته وكنا نشترك في محنة الخوف من كورونا وكيف اعتدنا على السجن الاختياري، الذي امتد بنا أياما وشهورا وسنين.. كنا نتحدث كثيرا في كل شيء وعن أي شيء ونتبادل الشكوى من هذا العبء الثقيل الذي يسمى الكتابة اليومية وإنها التزام ثقيل.. وكان يقول أتمنى أن يأتي يوم وأتفرغ لبعض القضايا والذكريات.. وكان قد بدأ كتابة بعض الخواطر منها خاصة بداياته في دار “أخبار اليوم” و”آخر ساعة”، وعلاقته بالكاتب الكبير محمد حسنين هيكل.. منذ أسبوعين كان آخر حديث بيننا وجاءني صوته خافتا ليؤكد أنه تعبان.. بعد ذلك كنت أتصل ولا يرد وعلمت أنه عانى كثيرا في أيامه الأخيرة.. سوف أفتقد صلاح منتصر جاري العزيز.

زوجة مشتركة

شهدت محكمة جنح كوم حمادة في محافظة البحيرة، تداول قضية من أغرب القضايا في محراب العدالة خلال السنوات الأخيرة والمتهم فيها مأذون شرعي في العقد الثامن من العمر، حيث قام بتزويج شاب “قاصر” بفتاة عرفيا في إحدى قرى مركز بدر وأتم جريمته بتزويج والد الشاب من الفتاة نفسها، مستغلا أميته وعدم قدرته على القراءة والكتابة في الحصول على بصمته على وثيقة الزواج من زوجة نجله. بداية الواقعة حينما تلقت الأجهزة الأمنية في مديرية أمن البحيرة بلاغا من “زينب.ن.ع”، تتهم فيه كلا من “عبد المنعم.ع.ا “، مأذون شرعي، و”محمد.ق.ن”، والد طليقها، وذلك لقيامهما بتزوير وثيقة عقد زواج رسمي لها دون علمها. وقالت زينب: “بدأت معرفتي بالمأذون الشرعي حينما تقدم لي “عصام.محمد.ق”، لخطبتي وبعد تحديد موعد الزفاف توجهنا لمأذون المنطقة “عبد المنعم.ع.ا”، لإتمام عقد القران وعلى إثره قام والد خطيبي “محمد.ق.ق”، بالتوقيع على إيصالات أمانة لضمان سير الحياة الزوجية، وذلك لعدم بلوغي أنا وخطيبي سن الزواج القانونية. وأشارت إلى أنه بعد مرور ما يقرب من عام حدثت مشاكل مع زوجي وتوجهت للمأذون في المنطقة للحصول على وثيقة عقد الزواج، حيث تبين أن الزواج لم يكن رسميا- حسب قولها، وأنه تم عقد قرانهما عرفيا في ذلك الوقت، موضحة أنها أنجبت من زوجها السابق طفلة ولم يتم إثباتها في قيد المواليد حتى الآن لعدم وجود وثيقة زواج، وعدم بلوغ زوجها السن القانونية. ولفتت “زينب”، إلى أن مأذون المنطقة اقترح أن يتم عقد القران على والد زوجها لكي يتم إثبات الطفلة حديثة الولادة باسمه، وعقب ذلك يتم الطلاق وتم عقد وثيقة في سجل الأحوال المدنية، مشيرة إلى أن المأذون هو الذي أعطاها الشهادة من أجل قيد ابنتها في سجلات المواليد. ومن جانبه أكد الدكتور أحمد عطية مسلم، المحامي أن المأذون الشرعي في منطقة العزيمة التابعة لمركز بدر، ارتكب تزويرا في محرر رسمي وهو وثيقة الزواج الرقمية أثناء تأديته وظيفته، هذا بالإضافة لخيانته للأمانة وقضت المحكمة بحبس المأذون لمدة عام.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية