ليس هناك كثيرون يتذكرون، ولكن حتى اللحظة التي تم فيها تشكيل حكومة الوحدة الحالية، لوح غانتس أمام نتنياهو بمسدس محشو بالرصاص: إذا تراجعت عن التفاهمات بيننا فسأؤيد القانون الذي سيمنعك من الوقوف على رأس الحكومة. احتفاظ غانتس بهذه الفكرة اللحظية مقابل وعد بالتناوب، تدل على أن ليست هناك نظرية قيمية مرتبة قد حركته، بل الحاجة إلى ورقة مساومة سياسية.
عند انتهاء عهد ضبط النفس والاحتواء، انتقل غانتس في هذا الأسبوع إلى الخطة د. “أبحث إمكانية تشكيل لجنة فحص في موضوع الغواصات”، قال لموقع “واي نت”، فما الذي يميز غانتس أكثر من “بحث في إمكانية إجراء فحص”. وهل هناك أمور يفحصها؟ إنك لا تعرف شيئاً عن الموضوع؟ أنت وزير الدفاع، كنت رئيساً للأركان، وقد وعدت عشية الانتخابات بتشكيل لجنة تحقيق رسمية في الموضوع، فهل وعدت عبثاً؟ وكما علمنا أجدادنا، إذا أردت إطلاق النار فأطلق ولا تتحدث.
ولكن غانتس لا يريد إطلاق النار. قضية الغواصات هي بالنسبة له مجرد فأس يحفر بها ويغضب نتنياهو غير المتهم بالقضية، لكن محيطه القريب متهم فيها حتى عنقه. ليس عبثاً يسارع نتنياهو في الرد على كل ذكر للموضوع. الجمهور يشخصه مع القضية، وكل انشغال فيها لا يخدمه سياسياً.
غانتس الجديد سعيد بذر الملح على جروح نتنياهو، لكن في توقيت متهكم بدرجة مخيفة – لقد كان يمكنه بحث إمكانية الفحص منذ أن دخل إلى وزارة الدفاع. إن شهادات المدراء العامين في الوزارة والمستشارين القانونيين فيها، التي تم كشفها الأسبوع الماضي، يعرفها منذ زمن، ولكنه اختار فعل ذلك عندما أكد الليكود الرواية. حتى ذلك الحين، تعلق بقرار المستشار القانوني للحكومة بعدم التحقيق في الموضوع، وأظهر ثقته بالنظام. والآن لا يبحث غانتس المعنى الأمني للقضية، بل المعنى السياسي. كيف ستخدم عملية الفحص هذه حزبه “أزرق أبيض”، وكيف سيرد نتنياهو وعائلته على ذلك. بالتحديد الشخص الذي لا يتوقف عن التحدث عن القيم والاستقامة، يحول أمن إسرائيل إلى جلبة سياسية.
علينا أن نضع نجمة كبيرة وواضحة: غانتس ليس الشخص السيئ في القصة. فهو شخص مليء بالنوايا الحسنة، شخص وطني مع مؤهلات تستحق التقدير. وكل اللكمات التي نزلت عليه من قبل الليكود مصدرها كونه شخصاً ساذجاً سياسياً وضعيفاً، وما زال عالقاً حتى الآن في دائرة خطاب قيمي في قاعدة التدريب رقم 1. غانتس مثل بينوكيو الذي يقابل شمشون ويوفاف. وفي الوقت الذي يسرقونه فيه وينشرون شائعات ظالمة عنه، يحاول ضمهم إلى الكابنت خاصته. الآن نشاهد غانتس الرصين وهو يحاول تعلم نظرية سياسية. وهناك من سيقولون إنه من المسموح له أن يكون فظاً بشكل قليل بعد كل ما فعله به نتنياهو.
ولكن يتوقع من غانتس ألا يتحول إلى ميكي زوهر، بل يبقى حيلي تروفر. وإذا كانت هذه حقاً “قضية الفساد الأكثر خطورة في تاريخ الدولة” فعليه أن يتعلم من صديقه موشيه يعلون، الذي طور استحواذاً للموضوع ولم يتراجع ملليمتر واحد. وإذا كان يجب إجراء تحقيق في قضية الغواصات فلا يجب أن يحدث هذا لأنه سيضر أو لا يضر بنتنياهو، بل لأنه يضر بإسرائيل.
بقلم: عكيفا نوفك
هآرتس 18/10/2020