إن قرار رئيس الوزراء نفتالي بينيت مقاطعة المبعوث الأمريكي الخاص للشؤون الإيرانية، روب مالي، الذي يزور المنطقة على خلفية مساعيه لاستئناف محادثات النووي مع إيران، هو قرار استفزازي وضار لإسرائيل. والأخطر أنه يعرضه في ضوء سخيف، كمن يرفع علم “التغيير”، ولكنه عملياً يتصرف في السياق الإيراني في محاكاة باهتة لسلفه، نتنياهو.
بخلاف الرئيس دونالد ترامب، يؤمن الرئيس بايدن بالدبلوماسية، في ظل التنسيق مع حلفاء أمريكا. فقد صرح بايدن بأن الولايات المتحدة ملتزمة بضمان ألا تنال إيران أبداً سلاحاً نووياً، ولكنه أوضح بأنه يؤمن بأن “العودة المتبادلة إلى الاتفاق النووي ستحقق إنجازات في منع نشر السلاح النووي”.
وفي أسرة الاستخبارات الإسرائيلية، لم يعودوا يخشون انتقاد السياسة التي انتهجها نتنياهو بالنسبة للاتفاق النووي. ومن أجاد أكثر من الجميع في صياغة هذا هو رئيس الموساد الأسبق افرايم هليفي، الذي قال إن “خطوة اقتياد الولايات المتحدة للخروج من الاتفاق كانت مصيبة دبلوماسية من أسوأ مصائب القرن الحالي”. وأضاف هليفي أنه “يوجد إجماع من الحائط إلى الحائط في أسرة الاستخبارات إسرائيلية، لأن الأمر الذي يحظر علينا عمله اليوم هو دق الأسافين بين أقدام الأمريكيين، حين يتوجهون إلى خوض المفاوضات، بل ينبغي الحديث معهم كي يدرجوا أموراً في مواقفهم تبدو لنا مهمة”.
أما بينيت فيتصرف بعكس ذلك. فهو يدق إسفينه بين أقدام الأمريكيين، في ظل المس سواء بالمصلحة التي لإسرائيل في اتفاق يتبلور مع إيران، أم بالعلاقات مع إدارة بايدن. بفعله هذا يتصرف كمن يمارس نهج “نتوقف عن الاعتذار” للأمريكيين. وأكثر مما يعد هذا فعلاً قيادياً، فإنها مقاطعة تذكر بسلوك التلاميذ في المدرسة الإعدادية.
أوضح مصدر في محيط بينيت بأن هذه ليست مقاطعة، بل قرار بعدم عقد لقاء يخرج عن قواعد البروتوكول بسبب المواقف التي يعمل عليها مالي حول الاتفاق النووي مع إيران. وقال المصدر “إنه يعتقد أن العودة إلى المحادثات ليست الأمر الصحيح. يقود مالي هذا النهج في الإدارة الأمريكية”. ولكن في السطر الأخير: مقاطعة حرد ووقاحة على المبعوث الأمريكي.
كفى ذراً للرماد في عيون الجمهور وتركه غارقاً في أوهام تقول بوجود خطة واقعية لمهاجمة إيران أو إحداث تغيير للنظام فيها بجهاز التحكم من بعد. الاتفاق النووي هو الخيار الوحيد لوقف البرنامج النووي الإيراني. بدلاً من محاولة إحباطه بوسائل سخيفة، فمن الأفضل تعزيز العلاقات مع الإدارة الأمريكية، ومع الأسرة الدولية لضمان أن يكون الاتفاق التالي مريحاً لإسرائيل.
بقلم: أسرة التحرير
هآرتس 16/11/2021