بلومبيرغ: إيران تقامر برئيس متشدد وتضيّق فرص إحياء الاتفاقية النووية

إبراهيم درويش
حجم الخط
1

لندن- “القدس العربي”: تحت عنوان “مقامرة إيران على رئيس متشدد يضيّق نافذة الصفقة النووية” نشر موقع “بلومبيرغ” تقريرا أعدته غولنار متولي، قالت فيه إن المرشح الأوفر حظا في انتخابات الجمعة، هو رجل دين متقشف، ورئيس هيئة القضاء المعادي للغرب، في العملية الانتخابية من المتوقع أن يقاطعها الملايين بعدما مُنع المرشحون الإصلاحيون المفضلون لهم من المشاركة في السباق الرئاسي.

وتقول متولي إن العملية الانتخابية المرتبة لترفيع إبراهيم رئيسي (60 عاما) تحمل الكثير من المخاطر للمرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي، إذا أخذنا بعين الاعتبار رغبته برفع العقوبات القاسية عن إيران. ولكن المرشد البالغ من العمر 82 عاما، يتطلع لتعزيز موقع المحافظين المتشددين، ويعتبر رئيسي المرشح الأفضل لخلافته.

ويقول فؤاد أزادي، الأستاذ بجامعة طهران، إن انتصار رئيسي سيؤكد “مستوى من التوازن” داخل المؤسسة الحاكمة بعد ثمانية أعوام من حكم الرئيس المعتدل حسن روحاني التي تخللتها مماحكات. ولا يعرف من في الخارج تداعيات فوز رئيسي، فروحاني سيظل في السلطة حتى شهر آب/ أغسطس، ولدى المفاوضين الإيرانيين والأمريكيين عدد من الأسابيع لإعادة إحياء الصفقة النووية التي وقّعتها إدارة باراك أوباما عام 2015، وألغتها إدارة دونالد ترامب في 2018.

ويراقب تجار النفط الدوليون الدبلوماسية الأمريكية- الإيرانية، وينتظرون بترقب تدفق النفط الإيراني الخام إلى السوق العالمي، وكذا جيران إيران بعد مواجهات مع ترامب كادت أن تصل إلى حد الحرب مع طهران التي زادت من معدلات تخصيب اليورانيوم. ويرى علي فائز، مسؤول برنامج إيران بمجموعة الأزمات الدولية أنها “مقايضة كبرى”. ويعتقد أن النظام الإيراني يفضل إعادة الاتفاقية  في ظل روحاني حتى يتم تحميله المسؤولية في حال لم تتحقق وعود الاتفاقية، وفي الوقت نفسه سيكون رئيسي هو الشخص الذي سيحصد ثمارها الاقتصادية. ولن يقوم رئيسي بتقديم تنازلات لم تكن إدارة روحاني قادرة عليها. وإذا “لم يتم إحياء الاتفاقية بحلول آب/ أغسطس فلن يتم إحياؤها”.

وأشارت الكاتبة إلى أن المرشح والمنافس الأقوى الباقي لرئيسي هو حاكم البنك المركزي عبد الناصر همتي، والذي يحظى بدعم من بعض الإصلاحيين. فيما قرر سعيد جليلي، المرشح المتشدد الانسحاب من السباق يوم الأربعاء. ولو كانت المشاركة خارج التوقعات، فرئيسي قد يواجه حملة إعادة، إلا أن استطلاعات الرأي يوم الإثنين أظهرت أن المشاركة لن تزيد عن 42%، وعبّر 5000 من المشاركين في الاستطلاع عن خطط للمشاركة ودعم رجل الدين. ويحاول رئيسي تصحيح صورته لدى الرأي العام الإيراني باعتباره رجل دين منفصما عن الواقع ولا يفهم الحكومة.

وفي حملته الانتخابية، دعم رئيسي الدبلوماسية النووية، ولكنه قلل من أهميتها باعتبارها “موضوعا هامشيا”. وحاول الترويج لإنجازاته بكونه أدار الوقفية الأغنى في إيران وهي “أستان قدس رضائي” والتي تملك أراضي وأسهما في شركات، وقدّم ذلك على خبرته وذكائه في إدارة الاقتصاد.

وتعهد رئيسي بتقديم الأولوية للتجارة مع الجيران وإصلاح وضع العملة، في ترداد لتصريحات خامنئي عن “اقتصاد المقاومة” الذي يقوم على الصناعة المحلية ودعم الشركاء مثل الصين وروسيا. ووعد ببناء مليون وحدة سكنية رخيصة، وزيادة الضريبة على الأثرياء وتحسين المعونات للفقراء الذين خُفضت الأموال الممنوحة لهم في ظل روحاني بسبب تراجع موارد النفط تحت وطأة العقوبات الأمريكية.

وعادة ما يتبنى المحافظون سياسات شعبوية للحفاظ على دعم الطبقة العاملة. وترى سارة ظهيري، الصحافية في طهران، والداعمة لرئيسي، أن رجل الدين يستطيع جمع المتدينين والعلمانيين معا. وقالت إن الإصلاحيين يحاولون استخدام الخلافات “للتفريق بيني وبين المرأة التي ترتدي الحجاب أو البرقع”. وتقول” “نريد إزالة هذا الجدار الذي يقسمنا”.

ونقل الموقع عن مسؤول رفض الكشف عن هويته، أنه قد يتم تعيين مسؤولين على علاقة أمنية قوية مع الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد لإدارة وزارة النفط. ومن بين المرشحين مسعود كاظمي، وزير النفط ما بين 2009- 2011، وعبد الحسين بيات، المسؤول السابق لشركة البتروكيماويات الوطنية، ومهدي دوستي الذي تولى منصبا بارزا في مؤسسة الإنشاءات التابعة للحرس الثوري.

ولو وصل المتشددون إلى السلطة في إيران، فلن يوافقوا على صفقات مع الشركات الأوروبية مثل “توتال أس إي” التي تخلت عن مشروع بخمسة مليارات دولار بعد إعادة ترامب فرض العقوبات على إيران وتبنيه سياسة “أقصى ضغط”. وسيعتمدون بدلا من ذلك على شركات التطوير الصينية والروسية وتلك التابعة للحرس الثوري. ويتولى المرشد قضايا الدفاع والخارجية، ويترأس الرئيس مجلس الأمن القومي، لكن قراراته تأتي من المرشد والجيش.

ولد رئيسي في عائلة دينية، حيث دخل حوزة علمية معروفة في سن 15 عاما، وبعد خمسة أعوام، وباندلاع الثورة الإسلامية، عُيّن قاضيا قرب طهران ليبدأ صعوده في سلك القضاء. وعندما ترشح للرئاسة في 2017، لخّص الرئيس روحاني مسيرته السياسية بـ”37 عاما من الإعدامات والسجن”. ولم يعلق رئيسي أبدا على اتهامات منظمات حقوق الإنسان أنه كان وراء حملة إعدام المعارضين السياسيين في 1988. وفرضت الولايات المتحدة عقوبات عليه في 2019، مشيرة لدوره في قمع المتظاهرين الذي خرجوا احتجاجا على تزوير الانتخابات عام 2009.

ورغم سجله المتشدد، إلا أن علي فائز من مجموعة الأزمات الدولية، لا يتوقع مواجهة قادمة بين إيران والغرب في ظل حكم رئيسي. وأضاف: “لو كانوا يريدون تعزيز قوتهم في الداخل، فهم بحاجة لخفض التوتر مع الخارج. فالمحافظون يستطيعون الوفاء بوعودهم أكثر من البراغماتيين عندما يتحررون من الخلافات المحلية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول بهاء ابو نبيل:

    ايران تحتاج الى رجل وقائد قوي

إشترك في قائمتنا البريدية