لندن ـ “القدس العربي”:

اعتبرت وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية أن السعودية تقوم بـ”تدابير يائسة” وسط تداعيات تلقي بظلالها على المملكة بعد جريمة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي.

وأكدت أن الميزانية التوسعية الجديدة للملكة، توحي بأن الحكومة “تفتقر إلى العزيمة والانضباط لكي تفطم البلاد عن اعتمادها على النفط وتقلص المساعدات الحكومية وتطور قطاعا خاصا قابلا للنمو”.

وتتوقع ميزانية العام المقبل ، التي أُعلن عنها يوم الثلاثاء، إنفاقا يقارب 300 مليار دولار، وهو الأكبر في تاريخ المملكة، على الرغم من انهيار أسعار النفط، التي لعبت الرياض للمفارقة دورا كبيرا فيها و ذلك إرضاءً للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي شكرها على ذلك، حيث هوى سعر البرميل من 48 دولارا إلى 54 دولارا.

وأشارت الوكالة في افتتاحية لها بعنوان “رؤية السعودية المشوشة للإصلاح الاقتصادي” إلى أن الميزانية تسجل عجزا قدره 4.2% من الناتج المحلي الإجمالي، وأن هذه الفجوة قد تتسع نظرا لأن توقعات الإيرادات تعتمد على ارتفاع الأسعار بشكل غير محتمل.

وقد أعلنت الحكومة أنها ستمدد لسنة أخرى منحها السنوية للمواطنين، وهذا النوع من الإنفاق هو بالضبط ما قصدت الخطة الاقتصادية المعروفة في السعودية بـرؤية 2030 القضاء عليه.

وترى بلومبيرغ أن هناك خطوات يمكن للحكومة اتخاذها لطمأنة المستثمرين بشأن تنويع الاقتصاد وحسن إداراته.

و قالت أنه يجب على الحكومة تسريع خصخصة 14 شركة مملوكة للدولة -وهو ما أعلن عنه في أبريل/نيسان- حيث إن هذا سيساعد على إنهاء أكيد للمنح بعد عام 2019.

واعتبرت الوكالة أن البداية الجيدة ستكون بالتخلي عن الخطط الفخمة لإنفاق خمسمئة مليار دولار في بناء مدينة جديدة على الساحل الشمالي الغربي للمملكة.

اعترف ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، أن مشروع مدينة “نيوم” العملاق، الذي يعتبر حجر الأساس في خطته “رؤية 2030” قد يفشل، بسبب تداعيات جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي في اسطنبول، أوائل شهر أكتوبر الماضي.

وكشفت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، أن بن سلمان عبّر عن خوفه من فشل “نيوم” خلال اجتماع عقده مع  وفد تجاري، وكشف أيضاً عن خشيته من عدم إقدام المستثمرين الأجانب خلال الأعوام القادمة على الاستثمار في المشروع الضخم، الذي تبلغ قيمته 500 مليار دولار، بسبب تداعيات جريمة خاشقجي.

وقال أحد صحافيي “فايننشال تايمز” الذي حضر الاجتماع، إن الحضور تفاجؤوا من كلام ولي العهد، عن احتمالية عزوف المستثمرين عن المشاركة في مشروع “نيوم”، وهي مدينة تجارية ذكية، أعلن بن سلمان عن الشروع في بنائها على ساحل البحر الأحمر، شمال غربي المملكة، وتشكل حجر الأساس في “رؤية 2030”.

وطبقاً للصحيفة البريطانية، فإن الأمير الشاب قال: “لا أحد سيستثمر في المشروع لسنوات بسبب مقتل خاشقجي”، الأمر الذي يعتبر اعترافاً صريحا من بن سلمان، بعمق الأزمة التي اندلعت بعد مقتل خاشقجي، والتي قد تقوض خطته الضخمة، لتنويع اقتصاد المملكة، بعيداً عن النفط، من خلال جلب الاستثمارات الأجنبية.

وأوضحت الصحيفة أن العديد من رؤساء الشركات عقدوا جلسات خاصة مع ولي العهد السعودي، وعرضوا أمامه التحديات التي يواجهونها في ظل النمو الاقتصادي البطيء والشعور بالاكتئاب.

ونقلت فايننشال تايمز، عن مصر بنكي مطلع على تلك النقاشات، قوله إن “الأسر السعودية تتألم وهم يخبرون ولي العهد كيف يتألمون”.