بلومبيرغ: ترامب يغادر واشنطن منبوذا مخلفا وراءه الوباء والبطالة

حجم الخط
0

لندن– “القدس العربي”:

تحت عنوان “ترامب يغادر المدينة منبوذا يلاحقه الوباء والبطالة”، نشر موقع “بلومبيرغ” تقريرا أعده جوردان فابيان قال فيه إن دونالد ترامب يغادر واشنطن يوم الأربعاء مخلفا وراءه أمريكا أكثر انقساما ومن المحتمل أن تكون بدون وظائف أكثر مما كانت عليه عندما وصل العاصمة.

 وينتظر محاكمة ثانية في نهاية مخزية لأكثر الرئاسات اضطرابا في التاريخ الأمريكي. ويخطط الرئيس لمغادرة البيت الأبيض صباح الأربعاء إلى منتجعه في مار- إي- لاغو ببالم بيتش في فلوريدا. وسيصل إليه قبل حفلة تنصيب جوزيف بايدن رئيسا. وسيبدأ الرئيس السابق من هناك مرحلة ما بعد الرئاسة من حياته التي سيشترك فيها مؤقتا عدد قليل من موظفي البيت الأبيض.

وكانت آخر مرة قرر فيها رئيس أمريكي عدم حضوره حفلة تنصيب خلفه في 1869 عندما تخلف أندرو جونسون عن الحفلة، وكان نفسه رئيسا تعرض للمحاكمة. وفي الوقت الذي يخرق فيه ترامب تقاليد قرن ويزيد من السوابق التي تعزز نقل السلطة بشكل سلمي، إلا أن بايدن يرى أن عدم حضور سلفه حفلة أدائه القسم “أمر جيد”.

بايدن يرى أن عدم حضور سلفه حفلة أدائه القسم “أمر جيد”.

وسيصل بايدن إلى واشنطن يوم الثلاثاء حيث لم يعبر ترامب عن رغبة بلقائه. وبحسب الخطة فلن يدخل بايدن البيت الأبيض إلا بعد خروج ترامب والانتهاء من مراسيم تنصيبه. وسيقضي بايدن وزوجته ليلتهما في بلير هاوس في الشارع المقابل للبيت الأبيض. وسينضم كل الرؤساء السابقين باستثناء جيمي كارتر البالغ من العمر 94 عاما إلى بايدن لزيارة مقبرة أرلنغتون الوطنية ووضع إكليل من الزهور على قبر الجندي المجهول. ويعلق الكاتب أن الرئيس المنتهية ولايته تحول إلى منبوذ سياسي بين الجميع باستثناء أنصاره في واشنطن، وذلك بعد اقتحام مبنى الكابيتول في السادس من كانون الثاني/يناير والذي أشعله رفض ترامب القبول بنتائج الانتخابات في تشرين الثاني/نوفمبر 2020.

 وجاء في التقرير أن ترامب يغادر الرئاسة وقد زادت معدلات البطالة وأكثر مما كانت عليه عندما تولى الرئاسة. وعندما يغادر مكتبه، يتوقع أن يصل عدد الوفيات من كوفيد-19 لأكثر من 400.000 أمريكي. إلا أن ترامب ترك الباب مفتوحا حول فرصة ثانية في عام 2024 مدفوعا بـ 74 مليون ناخب أمريكي دعموا حملة إعادة انتخابه رغم فشله في احتواء فيروس كورونا.

وتراجعت شعبيته منذ الانتخابات واقتحام مبنى الكونغرس. وسجلت عدة استطلاعات موافقة أقل من 40% من الأمريكيين على أدائه. وفي آخر استطلاع أعده غالوب يوم الإثنين وجد أن نسبة شعبية الرئيس وصلت إلى 34% قريبا من وضع كارتر وجورج دبليو بوش الذي ترك البلاد وسط أزمة مالية لم تشهدها منذ الكساد العظيم وخيبة من غزو العراق. ولم ينجح ترامب في الترويج لإنجازاته مثل الجدار على الحدود الجنوبية مع المكسيك وتخفيض عدد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط، حيث طغى عليها هجوم أنصاره على مقر الديمقراطية الأمريكية. وخلف الهجوم خمسة قتلى وكشف عن مخاطر حملة ترامب التي بدأت بعد الانتخابات حيث ظل يعبئ ويحشد أتباعه بفكرة سرقة الانتخابات مما قاد إلى الهجوم على الكونغرس. وبحسب مركز بيو ريسيرتش فإن ثلاثة أرباع الأمريكيين ونصف الجمهوريين يعتقدون بتحمل ترامب جزءا من مسؤولية الهجوم.

وواشنطن التي يتركها ترامب وراءه تشبه قاعدة عسكرية وليس قلب ومقر الديمقراطية. ويحرس آلاف من عناصر الحرس الوطني الشوارع وتم تسييج مبنى الكابيتول والبيت الأبيض ومناطق أخرى لمنع حدوث هجوم آخر ينفذه أنصار ترامب. ولن يهرب ترامب من المكان باستثناء التخفف من أعباء الرئاسة، فعليه بعد تنصيب بايدن الدفاع عن نفسه في المحاكمة التاريخية له أمام مجلس الشيوخ.

واشنطن التي يتركها ترامب وراءه تشبه قاعدة عسكرية وليس قلب ومقر الديمقراطية

وبالمقابل قضى باراك أوباما جزءا من أسابيعه بعد الرئاسة يتزلج على مياه الكاريبي مع رجل الأعمال البريطاني ريتشارد برنسون.

ونهاية ترامب تعتبر خاتمة مناسبة لرئاسة حاولت خرق الحدود العادية وفاقمت من مشاكل البلاد العرقية والسياسية. وتلخص قدرة ترامب على إثارة هجوم أنصاره على مبنى الكابيتول بناء على مزاعم لا أساس لها الكيفية التي قام بها قصدا أو بدون قصد بإطلاق العنان للقوى المظلمة التي ظلت تعيش حتى وقت قريب على هامش الحياة الأمريكية.

وانتشرت معدلات الإصابة بكوفيد-19 الذي تجاهله ترامب في الأسابيع الأخيرة مركزا على محاولات قلب نتائج الانتخابات. ووصلت الوفيات اليومية بسبب الفيروس إلى 4.000 شخص وأكثر من مرة منذ بداية العام الجديد، مما يعني أن كل يوم هو 9/11 حيث تجاوزت الوفيات عدد من ماتوا في تلك الهجمات. ولم تعد المستشفيات في البلاد قادرة على استيعاب المرضى بسبب الفيروس.

وزعم ترامب أن تطوير لقاح مضاد للفيروس هو واحد من أعظم إنجازات رئاسته لكن توزيعه وتوفيره كان محلا للفشل البيروقراطي. وفي الوقت الذي وعد فيه كبار مسؤولي الإدارة توفير 100 مليون جرعة من اللقاح مع بداية العام الحالي، لم يتم إعطاء سوى 14 مليون جرعة حتى يوم الإثنين. وحاول ترامب حرف المسؤولية عن نفسه كما فعل منذ بداية الأزمة وحمل حكام الولايات مسؤولية لعدم تطعيم أكبر عدد من الناس وبسرعة. وستكون مهمة تسريع تطعيم السكان باللقاح لإدارة جوزيف بايدن التي تواجه أيضا مشكلة إعادة إحياء الاقتصاد الذي يعاني من آثار الفيروس والإغلاقات المستمرة. ووعد بايدن بتوفير 100 مليون جرعة من اللقاح في أول 100 يوم من رئاسته. وهو ما تصفه إدارة ترامب بالهدف المتدني لأن الإدارة تقوم بتوفير حوالي 900.000 جرعة في اليوم.

وفي ذروة إدارة ترامب كان يمكنها الحديث عن اقتصاد مزدهر لم تشهد البلاد مثله منذ 50 عاما، واستفادت النساء وأبناء الأقليات وأصحاب الاحتياجات الخاصة من المكاسب الاقتصادية. ولكن ترامب سيغادر مكتبه مخلفا معدلات مضاعفة من البطالة وأعلى مما كانت عليه قبل عام. وهناك أكثر من 10 ملايين أمريكي بدون عمل، ومع توسع انتشار الوباء يخسر الناس وظائفهم. وفي الأسبوع الذي انتهى في 9 كانون الثاني/يناير قدم مليون أمريكي طلبات للحصول على تأمين من البطالة بالإضافة إلى ربع مليون طلب إلى البرنامج الفدرالي الذي يغطي من لا يحصلون في العادة على منافع البطالة مثل المتعهدين الخاصين والعاملين على منصات التواصل.

 وترك كوفيد مساحات واسعة من البلد يحاول سكانها دفع الفواتير وتوفير الطعام على الطاولة. وقال حوالي 30 مليون أمريكي إنهم لا يجدون أحيانا الطعام الكافي، وذلك حسب مكتب المسح الإحصائي. وهناك 17 مليونا قالوا إنهم ليسوا متأكدين من دفع الأجر في الشهر المقبل. ولو أخذنا البيانات معا فإنها تسحق آمال ترامب في عودته للرئاسة مرة ثانية وتمثل تحديا لبايدن كرئيس.

وبدأ ترامب حياته في مرحلة ما بعد البيت الأبيض بتخلي رموز مهمة عنه، خاصة بعد الهجوم على الكونغرس، بالإضافة لإسكات صوته على منصات التواصل الاجتماعي، مثل تويتر، مما سيقلل من قدرته على جذب الأضواء إليه بعد خروجه من الرئاسة.

 وقبل رحيله أصدر ترامب أوامر رئاسية مثل بناء حديقة تماثيل للأشخاص الذين اعتبرهم ترامب أبطال أمريكا، من رؤساء إلى مقدمي برامج تلفزيونية مثل أليكس تريبك. كما أصدر أمرا للحد من قدرة وكالات الحكومة توجيه اتهامات تتعلق بانتهاك التنظيمات. ومن المتوقع إلغاء الأمرين في ظل بايدن. وأصدرت إدارة ترامب تاريخا جديدا حول نشوء أمريكا وكتبته لجنة عينها ترامب العام الماضي.

ودافع التقرير الذي نشر في يوم مارتن لوثر كينغ جونيور عن طريقة تعامل الآباء المؤسسين مع العبودية. وناقش أن الهويات السياسية الحديثة “تخلق هيكليات جديدة ظالمة مثل الهيكليات القديمة فيما قبل الحرب بالجنوب”. وأنهى ترامب ولايته بسلسلة من قرارات العفو في وقت يكافح فيه للعثور على فريق قانوني للدفاع عنه، وفي وقت يتردد فيه عدد من المحامين الذين دافعوا عنه في المحاكمة الأولى للدفاع عنه هذه المرة. وليس لديه الوقت الكافي لتجميع فريق جديد لأن المحاكمة في مجلس الشيوخ قد تبدأ بعد أداء القسم للرئيس الجديد، ولو أدين فقد يمنعه الكونغرس من الترشح مرة ثانية للرئاسة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية