قمة هلسنكي ستجمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين
لندن – “القدس العربي” – إبراهيم درويش
لا تزال أجندة قمة الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بويتن في قمة هلسنكي غامضة إلا أن الجميع متفق على مناقشة الموضوع السوري. وفي الأسبوع الماضي، قال مستشار الأمن القومي جون بولتون، في تصريحات لشبكة “سي بي أس”، إن هناك إمكانيات “لتفاوض من أجل المساعدة لإخراج القوات الإيرانية من سوريا وعودتها لإيران وستكون تلك خطوة مهمة للأمام”. وفي الوقت نفسه أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن خروجاً شاملاً للقوات الإيرانية لن يكون عملياً.
ويرى إيلي ليك، المعلق في موقع “بلومبيرغ” أن هذا الكلام لو بدا عادياً فيجب أن يكون كذلك خاصة أن إدارة باراك أوباما قضت أيامها الأخيرة في التفاوض على مقايضة في سوريا. فقد لاحق وزير الخارجية السابق جون كيري نظيره الروسي لافروف حول العالم من أجل التوافق على إطار يمكن من خلاله حل الحرب الأهلية السورية، ولكنه فشل. وعندما وصل ترامب إلى البيت الأبيض في عام 2017 حاول التوصل إلى صفقة أمريكية – روسية لمواجهة تنظيم “الدولة” وذلك حسب مسؤولين سابقين ذكرا هذا للكاتب. وحاول مايكل فلين في فترته القصيرة في مجلس الأمن القومي متابعة هذه الصفقة. وتم القبول بمناطق خفض التوتر في سوريا على حساب صفقة استراتيجية بعد زيارة وزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون إلى موسكو في أبريل/نيسان 2017، وكانت زيارة متوترة أدت بتيلرسون والوفد المرافق لاستبعاد أي فرص اتفاق شامل.
والآن وقد خرج تيلرسون من الخارجية إلى جانب فلين وأتش أر ماكمستر من الأمن القومي يشعر ترامب بالتحرر ويريد التعرف على بوتين أكثر ورؤية فيما إن كان يستطيع المساعدة في عزل إيران. ويرى ليك أن هذه لعبة عبثية وخطيرة ولعدة أسباب منها أن ترامب وبإعلانه سحب القوات من سوريا “سريعاً” خسر الكثير من أوراق الضغط داخل البلد. ومن الناحية المثالية يريد ترامب التوصل لخطة مرحلية مع بوتين تقوم من خلالها الولايات المتحدة بعدد من الإنسحابات بعد الخروج الإيراني إلا أن ترامب أكد أن أمريكا لم تعد مهتمة ببقاء أو رحيل بشار الأسد وفي الوقت نفسه لم تعبر عن التزام بالمساعدة في إعادة إعمار البلاد بعد نهاية الحرب. وبعد تخليه عن أوراق التأثير سيجد ترامب نفسه معتمداً أكثر وأكثر على ما يقوله بوتين وهذا لا يحمل ثقلاً. فحتى هذا الوقت ينفي بوتين تدخل حكومته في حملة انتخابات الرئاسة عام 2016. وفي الشهر الماضي، كذب بوتين في مقابلة مع التلفزيون النمساوي عندما أنكر أي دور في إسقاط الطائرة الماليزية فوق أوكرانيا، ولهذا فما الداعي للثقة ببوتين وقدرته على إخراج إيران وجماعاتها الوكيلة من سوريا؟
ويرى ليك أن أخطر ما في قمة هلسنكي المقبلة هو تبادل التنازلات، وهو أمر لم يجرؤ كيري على فعله، أي تنازل أمريكا في سوريا مقابل تنازلات روسية في شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا عام 2014. وحتى لو ناقش البعض أن أوكرانيا لا تعتبر على قائمة الأولويات الأمريكية، فستكون سابقة خطيرة لو سمح لدولة بتغيير حدود دولة بالقوة خاصة أن هذه الدولة وقعت اتفاقاً مع الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا للحفاظ حدودها الوطنية مقابل التخلي عن السلاح النووي الذي ورثته من عهد الحرب الباردة. ولم يقل بولتون وغيره من المسؤولين الأمريكيين إن كان ترامب سيواصل فرض العقوبات على روسيا بسبب ضم القرم والتدخل في أوكرانيا. ويقترح تحفظهم استعداداً من ترامب لمناقشة التعاون في سوريا مقابل التخلي عن أوكرانيا. والتقى بوريس بوتابينكو، الناشط الأوكراني- الأمريكي والذي لعب دور الوسيط بين كييف وواشنطن المسؤولين الأمريكيين وعدل توقعاته وقال: “أفضل ما نأمل هو اكتفاء القائدين بإقامة علاقة شخصية”، وقال إن المسؤولين أكدوا له أن لا تغير في السياسة الأمريكية من أوكرانيا ولكنهم قالوا إن القرار الأخير بيد الرئيس وهو ما يثير قلقه وقلق الجميع حسب ليك.