أحكام التاريخ، وكذلك منطق السياسة بصفة عامة، وكذلك مقتضيات البداهة البسيطة، يتوجب أن تشير كلها إلى أن المملكة العربية السعودية اليوم لن تبقى على الحال الذي سبقت اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في اسطنبول؛ خاصة بعد الافتضاح، المتواصل في الواقع، للتفاصيل الهمجية التي اقترنت بالتخلص من جثته. كذلك سوف يتبقى القليل فقط، إنْ تبقى أصلاً، من “قوام” للمملكة كدولة منتمية ــ زمنياً، على الأقل ـ إلى القرن الواحد والعشرين، وإلى مؤسسات العصر السياسية والاقتصادية والاجتماعية، أو حتى تلك الأمنية؛ أياً كان تقييم تلك المؤسسات على أصعدة أخلاقية أو حقوقية أو قانونية.
ولعل المعنيّ الأول بهذه التحولات هو ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ملك الأمر الواقع في هذه الحقبة من تاريخ المملكة، وصاحب القرار الأول والأخير في كل ما يتصل بمختلف شؤون إدارتها؛ والوحيد، استطراداً، الذي يشير العقل إلى أنه الآمر بتصفية خاشقجي. صحيح أن والده الملك الرسمي سلمان بن عبد العزيز، قد تدخل مرّة أو اثنتين في قرارات ولي عهده (وضع شركة أرامكو في البورصة، أو إعادة تأكيد مركزية القضية الفلسطينية، على سبيل المثالين)؛ إلا أنّ ذلك التدخل كان من قبيل التلطيف الشكلي لقرارات الأمير، أو امتصاص صدمة الجمهور، أو التذكير البسيط بأنّ العاهل ما زال على قيد الحياة!
صحيح، من جانب آخر، أنّ وليّ العهد خرج إلى العراء وباشر جولة عربية (“بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين”، كما أشارت الأنباء الرسمية)، قد تقوده من أحضان دكتاتور مصر عبد الفتاح السيسي إلى أحضان ديمقراطيات غربية وشرقية شتى في قمة الـG20؛ وأنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سوف يخصه، شخصياً، بما يشبه الغسيل بالزيت المقدس. لكنّ السذّج وحدهم هم الذين كانوا ينتظرون مآلاً مختلفاً، يشهد لجوء الديمقراطيات، فما بالك بالدكتاتوريات، إلى تغليب القِيَم الأخلاقية على المصالح الاقتصادية والسياسية والأمنية. ليس ترامب، الصريح إلى حدّ الفظاظة، هو الوحيد الذي سيعيد تطويب بن سلمان، فصفّ المسارعين إلى الاقتداء به طويل مزدحم!
ومع ذلك، ثمة أحكام التاريخ ومنطق السياسة ومقتضيات البداهة البسيطة، وهذه سوف تبقى مثل كوابيس يقظة تلاحق الآمر بالقتل أينما حلّ وترحل، بما في ذلك داخل مملكته، وعند المرتزقة الذين يتعيشون على فتات أمواله، والديمقراطيات التي تتعاقد معه على استثمارات ومشتريات بمئات المليارات. وثمة، من جانب آخر، ذلك الرهان الذي خسره ولي العهد حتى قبل أن يقطف ثماره؛ أي توظيف قسط من التعاطف الشعبي، خاصة في أوساط الشباب، الذي اقترن بإعادة نهب الملايين التي نهبها أمراء آل سعود، حتى في غمرة إدراك الشارع الشعبي حقيقة أن الناهب هذا هو في الأصل أحد كبار شيوخ النهب.
فالشماتة بالأمراء، نزلاء السجن ذي النجوم العشر في فندق “ريتز كارلتون”، سوف يصعب اليوم أن تحفظ لولي العهد صورة الأمير الذي سجن أبناء عمومته، إذْ يصعب في المقابل ألا تجلب عليه صورة الآمر بقتل مواطن سعودي، صحافي معارض ولكنه كان قبل سنوات قليلة فقط في قلب المؤسسة الإعلامية الملكية، وكان أحد حَمَلة رايات “الإصلاح” كما وعد بها ملك سابق يدعى عبد الله بن عبد العزيز. ويصعب أن تُنسى طرائق القتل، و”تجزئة” الجسد، وتذويبه، وتسريبه في أقنية الصرف الصحي، وما إلى هذا وذاك من تفاصيل وحشية هيهات أن تردّ إلى جمهور الأمير ما كان يحلم به من التفاف شعبي، شبابي على نحو خاص كما سلف القول.
فالأصل الآخر، في معادلات التاريخ والمنطق والبداهة، أن بالسعودية شعباً ومجتمعاً ومطامح شرعية في نهاية المطاف، أياً كانت مقادير الإخراس والعسف والجاهلية؛ وأن إدخال بن سلمان في طور الغسيل بالزيت المقدس قد ينفع موقتاً، ولكن هيهات أن يمكث آبداً، أو يغسل الدماء ويجمّل الوحشية.
خادم الحرمين عَمِيَ قلبه عن العواصم ولم يمكن رؤساء وشعوبا من أموال النفط والحج والعمرة ومكنّها من دم خاشقجي ومن المنشار إبنه وعلى كتفه رأس خاشجي يُخوّف به وهو الخائف المرعوب من خطيئته.
حقيقة صار مجرد الحديث عن المجرم الأرعن بن سلمان مملا جدا …
وضياع وقت وهدر طاقات …..
فما بالك القراءة والكتابة والتعليق على هكذا موضوع !!!!!!!
ما الفرق يا ترى بين دلك المجرم البسيط الدي يساق الى المحاكم ويطبق عليه القانون بحدافيره وبين اباطرة الاجرام الدين ساموا الشعوب سوء العداب وقتلوا ونهبوا ودمروا وخربوا ولم يتركوا منكرا الا
فعلوه ومع دلك نجدهم في رغد العيش ينعمون هل نحن في عالم ادا سرق الشريف تركوه وادا سرق الفقير اقاموا عليه الحد وهدا ينطبق على كل الجرائم كالقتل والتعديب وغيرها؟ فعلا فالعدالة المغيبة تطبق فقط على من لا حول لهم ولا قوة اما كبار القوم وهم في الحقيقة فهم معفيون من القانون كما نتابع في قضية بن سلمان.
الزيت المقدس لا يطوب به القتلة والزناة والسكيرون والسارقون والشتامون وعبدة الاوثان ولا المشركون بالله الواحد
هذا ما قاله الرب