كثيراً ما تتساءل جماهير الـ«فيسبوك»، لماذا لا نكتب عن الفرح؟! فلنوزّع التفاؤل: صباح الفلّ والورد والياسمين، صباح الخيرات للغاليين، هيا بنا إلى الطاقة الإيجابية.
في الحقيقة إن هناك طاقات إيجابية كثيرة، ولكننا نتجاهلها، ولا نعيرها ما تستحق من اهتمام، فمعظمنا لا ينتبه بأنه لا يعاني من الشقيقة، وهو صداع جنوني يصيب بعض الناس، كذلك لا ينتبه أكثرنا إلى عدم وجود إمساك في معدته وهذا أمر رائع، وهناك أمر لا يقل روعة، وهو عدم وجود حساسية لمنتجات الحليب وفول الصويا، كذلك لا ينتبه معظمنا إلى السعادة الكامنة في أنه لم يسقط في حفرة مياه عادمة.
هناك أمور لا تحصى، علينا أن نتذكر بأنها لم تحدث معنا، وهذا وحده كفيل بمدّنا بطاقة إيجابية لا تنضب.
مثلاً، عندما نقول شرطة، كثيرون من ذوي الطاقات السلبية يتذكرون كلمة نابية تبدأ بحرف الشين، ولكن في الواقع هناك رجال شرطة محترمون يمارسون المهنة بحب ويخدمون الناس بتفانٍ، ولا يسعون لملء خزينة الدولة على حساب المواطنين، بل إنهم يلتمسون للمخالفين سبعين عذراً.
ليس من زمن بعيد، التقطتني كاميرا رصد السرعة، وخرج شرطيٌّ كان لاطياً وراء شجيرات إبرية، يذكّر برجال الفيتكونغ أو المقاومة أو عصابات تهريب السموم والسلاح الذين يفاجئون العدو، أشار إليّ بالوقوف جانباً، عندما رأيته قلت وأنا أنظر إلى ساعة قياس السرعة، مقولة اللبنانيين الرائجة في هذه الأيام: «….أمك»، «أكلتها بألف شيكل وأربع نقاط».
خفّضت صوت المسجّل الذي كان مرتفعاً على الآخر، وأعطيت شارة إلى اليمين، وأبطأت حتى توقفتُ جانباً، تقدم مني متهادياً ففتحت النافذة.
قال بهدوء وقد التقت عيناي بعينيه: رخصة القيادة من فضلك!
لمست فوراً في نظرته الهادئة طيبة خفيّة وقلت: يا للإحراج، لقد نسيتها في القميص الثاني، ببساطة غيّرت ملابسي، كانت أوراقي في جيب القميص الأزرق، وكما ترى ها أنا أرتدي قميصاً أبيض.
-حسناً، هات بطاقتك الشخصية.
-هي أيضاً في القميص الأزرق ذي الكم الطويل، ولكن ارتديت الأبيض لأنه بارد وبنصف كم، اليوم حار كما تشعر حضرتك، وأرجو أن لا تسأل أكثر، ليس في حوزتي أية وثائق..
بدا مندهشاً وقال: أنت صاحب السيارة؟
-نعم، هي سيارتي…
-منذ متى تملكها؟
-أربع أو خمس سنوات، لا أذكر بالضبط..
– حسناً، ما رقمها؟ سأل كأنما يمتحنني
-ههه، أنا لا أحفظ أرقاماً، ولكنها تبدأ برقمي اثنين وستة، وأعتقد أن الأخير صفر.
-لا، هي تبدأ بستة واثنين وبالفعل تنتهي بصفر، على كل حال، دعنا من الوثائق والأرقام، لماذا تسير بهذه السرعة الجنونية؟ هل تعلم بأنك قُدتَ بسرعة فوق المسموح بها بأربعين كيلومتراً، وهذا خطر عليك أولاً ثم على الجمهور.
-أعلمُ طبعاً..
-إذن، ما سبب قيادتك بهذه السرعة؟ هل تستبق نهاية العالم؟
عاهدت نفسي بأن لا أكذب مهما كان، لن أدّعي مثلاً بأنني مستعجل للتبرع بكليتي لأنقذ مريضاً من الموت، ولن أزعم بأنني إذا لم أصل في الوقت المناسب، فقد أخسر صفقة القرن الشخصية، قلت ببساطة: إلى حيفا.
-وما الداعي لهذه السرعة؟
رفعت صوت المسجل وقلت له: إنه الحب، اسمع يا محترم، لقد وصفوا صاحب هذا الصوت الرومانسي بأنه مخرب ومطلوب للعدالة!
-من هذا؟
-فضل شاكر، اسمع العذوبة، كأنه علاج للأعصاب والتوتر، عندما أسمع بعض رومانسياته فكأنما هي حقنة من المخدر في الوريد، لهذا لم أنتبه للسرعة، والقانون لا يمنع سماع فضل شاكر، رغم أن لصوص لبنان يدعون إلى محاكمته.
-غريب، لو قلت لي أم كلثوم أو فريد الأطرش مثلاً لتفهمتك، ولكن أول مرة أسمع بشاكر هذا. على كل حال، لماذا السرعة؟
-الحقيقة أنه سبب شخصي جداً، ولكن بما أنك رجل طيّب وقريب من سني وقد تفهمني، أعترف بأنني مسافر إلى لقاء غرامي، تصوّر حضرتك بعد جفاف عاطفي طويل، أشعر بأنني أستعيد شبابي ومشاعري التي ظننت أنها ماتت، أرجو أن تتفهم رجلاً شعره كالقطن ولحمه هشٌّ كالجبن، عادت إليه مشاعره بعدما ظنّها قد أمحلت إلى غير رجعة.
نظر إليّ ملياً وقال مبتسماً: كم أنت رائع، لقد بعثت بي طاقة إيجابية لم أحسب حسابها.
-أعاشق أنت يا حضرة الشرطي؟
ابتسم، ومسح عرقاً نبت على جبينه تحت قبعته، وقال: الطبخة على النار، ولكنها تقترب من النضوج..
حينئذ، رفعت صوت فضل شاكر على الآخر «ضحكت الدنيا وأخيراً لاقيناه حبيبي وحياتي وعمري فداه»، فقال: يا سلام يا سلام.. فعلاً جميل، أقسم بأغلى ما عندي، لو كنت أملك وقتاً لرافقتك لاكتساب الطاقات الإيجابية بمعيّتك. على كل حال، أتمنى لك لقاء عاطفياً موفّقاً، لن أؤخّرك عن موعدك، برعاية الله أيها المحترم..
-هل أفهم أنك لن تسجل لي غرامة مالية أو نقاطاً؟
-يا رجل، استح على دمك، هل يمكن أن أسجل مخالفة لذي مزاج رومانسي مثلك، لقد أقسمت أنني لن أفسد لعاشق نهاره مهما كانت تجاوزاته.
-ولكن قد يضرّ بك هذا التسامح، لأن الكاميرا التقطت رقم سيارتي وسرعتي، أليس عليك رقابة! صدقني لن أزعل إذا سجلت غرامة، على الأقل مئتين وخمسين شيكلاً ونقطتين، يمشي الحال..
– يا رجل، عيب عليك.. خلص اذهب بسلام.
-يا سلام، هل تعلم أنني كنت أظن أن الشرطي هو صنف من الحيوانات غير القابلة للتدجين، وأنه لا يمكن أن يعشق سوى تسجيل الغرامة والعصا والقيد وقنبلة الغاز والمياه العادمة وحتى الرصاص الحي!
-اتق الله في الشرطة يا رجل، نحن بشر مثلكم. انتبهوا، فهناك من يبث فيكم طاقات سلبية.
-يا إلهي، ليت كل الناس يوزعون طاقات إيجابية على السائقين مثلك. على كل حال، خذ هذه الأسطوانة ما دمت تحبّها، إنها لأم كلثوم..
– «إنت عمري».. هل معك «إنت عمري»؟
-إنها هي بحالها، توقعت أنك تقصدها، مبروكة عليك، خذ هذه أيضاً «ألف ليلة وليلة»، ألحان بليغ البليغ، سوف تحبّها.
-يا سلام، شكراً شكراً، لقد غمرتني بالطاقات الإيجابية.
قد يقول بعضكم إن الكاتب بهّرها، والبهارات كما تعلمون هو اسم الهند، ولهذا نسمي البهارات بهارات لأن العرب استوردوها من بهارات. وبالمناسبة، لا بأس من التضامن مع سكان نيودلهي عاصمة بهارات، الذين يعانون في هذه الأيام من تلوّث غير مسبوق في الهواء الذين يضطرون إلى استنشاقه.
لا توجد عندنا مثل هكذا إنسانية من شرطي المرور! فالقانون هو القانون!! ولا حول ولا قوة الا بالله
سقت في شارع عكس السير لأني غريب عن المنطقة! ولما إنتبهت لخطئي أوقفني الشرطي وكتب مخالفة رغم أن لوحة الشارع مختفية بحائط!! ولا حول ولا قوة الا بالله
أسعدُ الناس من أسعدَ الناس. الطاقة الإيجابية هي مجموعة الصفات المرغوبة التي يجب أن توجد في الشخص مثل التفاؤل، والعطاء، والتعاطف، والتهذيب، وغيرها، و الشخص ذو الطاقة الإيجابية هو شخص مقبول ومستقر عاطفياً، كما أنّه شخص منفتح، ومحب للتجارب الجديدة، وهو شخص مقبل على الحياة أيضا. “وفي التأني السلامة و في العجلة الندامة”.
صباحكم فل وياسمين ..
قيل ..في الامثال ..الكلمة الحلوة تطلع الحية من موكرتها ..اي من وكرها ..
والكلمة الطيبة صدقة ..ولسانك واسلوبك هو سفير للقلوب ..
القانون قانون نعم ..الا انّ التحذير واجب على الشرطي اذا لم يكن سوابق عند السائق ..
هذا ايضا حدث معي ومع اختي في مفترق طرق في طريق عودتنا من قرية اكسيفة ..حين رأى الشرطي اختي مضغوطة وانا ابحث عن رخصة القيادة معها ..وبنتها كانت رابطة حزام الامان الا انها رفعته لتقترب من امها وتضع اغنية لان الطريق طويلة ..
فما كان من اختي الا وقالت كل مرة بتعملها معي نفس الغلطة ست سجى ..نفسها تصير مطربة ..وهي في قمة البحث ..فقال لها الشرطي اهدئي سيدتي ..انزلي من السيارة انا شفت انك عملت قبل فترة مخالفة ..واعدت امتحان لتجديد واعادة الرخصة ..فما كان منها الا وقالت بدونها لا استطيع العمل ..فاعطاها تحذير وقال لها انت معلمة مدرسة وعليك ان تكوني قدوة ..
هالمرة سماح سافروا بالسلامة ..
تتمة
بالنسبة للبهارات ..حينما تكون بكميات معقولة فستصبح الطبخة طيبة ..ويقولوا فلان بطعم من نفس ..
وهذا حين شاهدنا مظاهرات الجزائر كانت مظاهرات بنفس ..وطيبة ..وكلمة حلوة ..
وحينما وقف محمد سلمان مع المرأة السعودية ..رغم كل الفساد الا ان ميزان عاطفته طغى على المجتمع ..
ففيلم وجدة كان اكثر فيلم جسد معاناة المرأة هناك ..
البهارات مطلوبة ..
دمت بخير استاذ سهيل وجميع اصدقائي في هذه الصحيفة فهي منبر للحق فعلا
أحب اسلوبك الساخر في كتابة المقالات لاذغ جداً وبليغ .
جميل أن تعتنق الإنسانية أولا بعد ذالك تعتنق ما تشاء !!! هذا الشرطي برتبة انسان.
هناك فرق وفرق كبير بين ان تقف حاجزاً في وجه الأشياء والحياة معتقداً بالعربدة وبجهل القدرة انك قادر على ردع أشخاص او حتى مواطنين أو إيقاف تطور ما في قضية البلوغ للحياة والبحث عن السعادة والحرية وتمنع نموها ، وبين ان تحاول التأثير في التطور والتغير والتجديد وتوجيهه بشكل واع لطبيعة الحياة ومسارات العالم – كل العالم -وان تكون مستعداً للاستماع والحوار والتفاهم والفهم…!
في النهاية لا يستوي الرادع والذي لا يملك نفس القناعة ابداً وليس لرادع ظالم أية سلطة عليك في ان يجعلك خاضعاً لرغبته دون تعارك او افتعال العراك ..
مزيداً من المقالات الجميلة كاتبنا والكثير من البهارات للطاقات الايجابية.
مساء خريفي عليل كاعتلال النفوس حين قراءتها لهذا المقالة القصصية الرائعة التي تبث التحدي في القارئين للتفكير والتعبير عن أنفسهم، فاسلوبك المشوق كاتبنا الذي جعل السرد مبنيا على الضمير أنا منحنا كقراء شعورا باننا جزء من القصة، فالكلمات الملونه والتفاصيل الحسية جذبت انفعالاتنا كالمغناطيس.
قصتك تلك تمنحنا عبرة مهمة وهي انه لكي تكون إنسانا ناجحا في الحياة يجب أن تتمتع بالطاقة الإيجابية والقدرة على التواصل مع الآخرين والاصغاء لهم واستخدام لغة الحوار بدلا من لغة العنف وهي مهارات اجتماعية تمكن الإنسان من التفاعل مع الآخر وتطوير علاقات اجتماعية سليمة تجعلك قادرا على ايصال رسالتك للآخرين بوضوح وبصورة خالية من أى غموض ،فكونك مرسلا تتمتع بطاقة ايجابية وابتسامة مشرقة سيسهل عليك امر تمرير رسالتك للمتلقي بطريقة جميلة سلسة تبث له طاقة إيجابية فتصل الرسالة بدون اي التباس او اي جهد او فرصة ضائعين.( يتبع)
( تكمله ثانيه) بالطاقة الإيجابية نركز على مكامن القوة والجوانب التي تحسن من نفسية الإنسان وتفكيره، وذلك برفع مستوى السعادة والطمأنينة والتفاؤل، وتعميق الشعور بالثقة والتقدير الاجتماعي والقناعة والرضا عن النفس، فعن طريقها نحد من التفكير السلبي الهدّام للإنسان والذي يثير لديه مشاعر محبطة كالاكتئاب واليأس والقلق والتردد والحزن ومختلف المشاعر التي تقلل من إنتاجيته وتسبب له متاعب كثيرة في حياته فتؤثر على علاقاته .
وقد حث ديننا الاسلامي على الإيجابية فدعا في رسالته الخالدة إلى ضرورة التفاؤل وتعزيز النظرة الإيجابية لجميع أمور الحياة، وكان في سنة النبي خير أدلةٍ على تدعيم الإيجابية في السلوك الفعلي، فقد أمر النبي أتباعه بفعل الخير والتواصل الحسن مع الآخرين، وعدم الاستخفاف بأعمال الخير الصغيرة مهما كانت حتى جعل الابتسامة صدقة لأنها تبث الفرح والسعادة في الآخرين وتشيع المحبة بين الناس قال رسول الله -عليه السلام-: “لا تحقرَّن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق”.( يتبع)
( تكمله ثالثه) وليس غريبا على مبدع كسهيل كيوان بأن يكون رومانسيا فالرومانسية هي عبارة عن تصرفات واحاسيس مرتبطة بالحب والعلاقات المتقاربة بين البشر وهي أمور تتقنها باحتراف لمستها كثيرا من خلال كتاباتك.
كاتبنا شكرا لك على مقالتك الرومانسية التي تشع وميضا غنيا بالمشاعر، مقالتك أحيت قلوبا حانية تدفقت خصوبة لرقة عباراتك بعد أن كانت قد شاخت وشاخ بريقها لقد حبلت صورك الرومانسية الكثيفة بفاعلية الرؤيا والحس والإبداع فتمخضت عن جنين أمل للقلوب المتعبة، دمت شعلة من الضياء.