بوتين والأسد: هل تهرب موسكو من سيناريو أفغاني في سوريا؟

حجم الخط
20

في أيلول /سبتمبر 2015 استقر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تدخل عسكري مباشر لصالح النظام السوري ولإنقاذه من الانهيار في غمرة معطيات كثيرة كانت تشير إلى احتمال تفكك جيش النظام. ولن يطول الوقت حتى يؤكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على هذه الحقيقة، وأن «العاصمة دمشق كانت ستسقط أثناء اسبوعين أو ثلاثة» لولا تدخل موسكو العسكري.
وبعد أقل من شهر على انطلاق العمليات العسكرية الروسية وتكثيف طلعات الطيران الحربي الروسي توجه بشار الأسد إلى موسكو في زيارة مفاجئة للاجتماع مع بوتين، حيث جرى الاتفاق على تفاصيل أدوار الجيش الروسي في سوريا، وكذلك الخطوط العريضة والأهداف الجيو ــ سياسية التي يسعى الكرملين إلى بلوغها من وراء التدخل.
ولقد أنجزت موسكو الكثير من تلك الأهداف، إذ عادت إلى مشهد صراعات النفوذ في الشرق الأوسط بعد أن سجلت خسارات سابقة في أعقاب انتفاضات الربيع العربي، ونجحت في صياغة تحالف جنيني من إيران وسوريا والعراق يعرقل هيمنة واشنطن في المنطقة، وباتت على الصعيد الداخلي السوري رقماً سياسياً وعسكرياً راجحاً حتى في قلب جيش الأسد وعبر وحدات نظامية مثل «جيش النمر» أو ميليشيات من طراز «نسور الصحراء».
لكن الدعم العسكري المباشر لم يكن عند موسكو ينفصل عن سلسلة مكاسب اقتصادية مباشرة بدورها، لا تقتصر على قاعدة حميميم الجوية جنوب شرق اللاذقية أو القاعدة البحرية في طرطوس أو عقود مشتريات السلاح واستثمار الغاز والنفط. الأهمّ من هذا كله كان حصول الكرملين على تعهدات بمئات مليارات الدولارات تحت بند إعادة إعمار سوريا، وهذه يصعب أن يمنحها المجتمع الدولي من دون عملية سياسية تتيح تجميل وجه النظام الدموي والإيحاء بإصلاحات ذات معنى على صعيد البنية الدستورية والحقوق العامة.
وإذْ تقترب موسكو من العام الخامس على هذا التدخل، بحصيلة عسكرية غير مستقرة رغم مزاعم «الانتصارات» وحصيلة هزيلة تماماً على صعيد إعادة تدوير النظام، فإن المؤشرات تتزايد لجهة التأكيد على أن الكرملين أخذ يضيق ذرعاً بحال الاستعصاء في هذا الملف. صحيح أن الحملات الأولى بدأت من وسائل إعلام محسوبة على يفغيني بريغوجين رئيس مرتزقة فاغنر التي تقاتل في صفوف الأسد وصلت إلى درجة عنونة إحدى المقالات بـ»الفساد أخطر من الإرهاب»، إلا أن الحملات اللاحقة انتقلت إلى مراكز أبحاث روسية رسمية وتتولى نقل أخبارها وكالة أنباء تاس الحكومية الأكبر في روسيا.
وليس أمراً مألوفاً أن تنقل تاس التالي، مثلاً: «لا ترتاب روسيا في أن الأسد صار عاجزاً عن قيادة البلد فقط، بل في أن رأس النظام السوري يسعى إلى جرّ موسكو نحو سيناريو أفغاني». ومن الواضح أن النبرة العامة في هذه الصياغة تتجاوز اللوم أو التوبيخ إلى ما يشبه الاتهام بتوريط الحليف، خاصة مع استخدام تعبير «رأس النظام»، وبالتوازي كذلك مع دراسة أعدها «المجلس الروسي للشؤون الدولية»، التابع لوزارة الخارجية، ألمحت إلى أن موسكو تتفاوض مع أطراف أخرى في «النزاع السوري» للتوصل إلى حل سياسي لا يُبقي الأسد في الرئاسة.
فهل تهرب موسكو حقاً من سيناريو أفغاني في سوريا، أم تواصل الخوض في المستنقع ذاته الذي سعت إليه بقدميها؟

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم رأي القدس اليوم عنوانه (بوتين والأسد: هل تهرب موسكو من سيناريو أفغاني في سوريا؟
    هروب روسيا من سوريا تجر أذيال الفشل في سيناريو شبيه بمثيله في أفغانستان وان تسحب معها الوحش بشار ابن الاوحش حافظ، أصبح حتميا.
    إذ يكفي خمس سنوات من الايغال في دماء الشعب السوري المظلوم المقتول المشرد ،والمصمم على الحياة الحرة الكريمة ف(اذا الشعب يوما اراد الحياة…فلا بد أن يستجيب القدر.ولا بد لليل أن ينجلي…ولا بد للقيد أن ينكسر)
    والحملة العسكرية الروسيةفي سوريا (رغم مزاعم «الانتصارات» وحصيلة هزيلة تماماً على صعيد إعادة تدوير النظام، فإن المؤشرات تتزايد لجهة التأكيد على أن الكرملين أخذ يضيق ذرعاً بحال الاستعصاء في هذا الملف) عبرت عن ذلك وكالة تاس الروسية («لا ترتاب روسيا في أن الأسد صار عاجزاً عن قيادة البلد فقط، بل في أن رأس النظام السوري يسعى إلى جرّ موسكو نحو سيناريو أفغاني». ومن الواضح أن النبرة العامة في هذه الصياغة تتجاوز اللوم أو التوبيخ إلى ما يشبه الاتهام بتوريط الحليف… وبالتوازي كذلك مع دراسة أعدها «المجلس الروسي للشؤون الدولية»(وليس أمام روسيا إلا أن تهرب (من سيناريو أفغاني في سوريا) افضل من مواصلة(الخوض في المستنقع ذاته)

  2. يقول إبسا الشيخ - النرويج:

    تحياتي لقدسنا العزيزة علينا
    ببساطة مناورة سياسية من قبل بوتين،أو للضغط على النظام بشار الأسد لكي يسدد فاتورة التدخل بعد هبوط حاد لأسعار النفط

  3. يقول المنصف بن حميدة:

    لا يفلح المستعمر أينما كان سورية مستعمرة من الروس واذنابهم سوف تحرر سورية بإذن الله أن شاء الله عن قريب

  4. يقول .Dinars.#TUN.:

    مازال يزهق الأرواح وينفق الأموال وينازع طائفته ويخرب سوريا من أجل كرسي حكم لن يدوم.

  5. يقول معين:

    المشكلة هي هنا ان الاعلام الروسي وكذلك تصريحات المسؤولين الروس ليست لديها مصداقية ولا تدوم؟ ؟ ؟

  6. يقول شحاده:

    الروس لا يتعلمون الدروس ولا بطيخ كانوا يعتمدون على القرصان بن زايد بالمال والان حنفية زعبوط نشفت وقلنا ونردد نزول النفط نعمه على شعوب الشرق الاوسط وستتوقف جميع الحروب وها هي بدأت باليمن لانه لايوجد دعم وكل المشكل مدفوعة الاجر
    امريكا بدأت تنبش على السعوديه من خلال الدبلوماسي الداعم ليجردوهم من امولهم بامريكا والحبل على الجرار لباقي الدول التي تحتفظ باموال وعقارات بامريكا لن يستثنى احد وتذكروا كلامي لان العرب ضعفاء اضعف من الحشره الارنب على قولت الشيعه

  7. يقول م. محمد جبرؤوتي:

    إعادة الإعمار لا يمكن أن يحدث دون إزاحة النظام.

  8. يقول محمد نور الدين الزنكي:

    انتهت صلاحيتهم مجرد وقت !!

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية