بوش يعيش اسوأ ازماته
بوش يعيش اسوأ ازماته حرص الرئيس الامريكي جورج بوش ان يكون رد فعله علي الازمة النووية الايرانية هادئا ومعتدلا، اثناء لقائه السيدة انغيلا ميركل المستشارة الالمانية الزائرة للبيت الابيض، عندما قال في مؤتمر صحافي مشترك عقداه امس انه يريد تسوية بالوسائل الدبلوماسية.اسباب الحرص الامريكي المفاجيء متعددة، ابرزها عدم استعداد ادارة بوش لخوض حرب جديدة او تحمل تبعات اي عقوبات اقتصادية يمكن ان يفرضها مجلس الامن الدولي.فالحديث عن اللجوء للقوة العسكرية ضد ايران ربما يؤدي الي معارضة كبيرة داخل الكونغرس واوساط الشعب الامريكي حيث ما زال الفشل في العراق ماثلا في الاذهان. مضافا الي ذلك ان ادارة الرئيس بوش تحتاج الي نصف مليون جندي علي الاقل اذا ارادت فتح جبهة حرب جديدة مع ايران، ومثل هذا العدد من القوات غير متوفر.واذا كانت الحكومة العراقية بقيادة الرئيس صدام حسين قد قبلت بالعقوبات الاقتصادية التي فرضت عليها بعد اجتياح قواتها للكويت لتجنب الحرب استجابة لضغوط ونصائح عربية، فان رد فعل الحكومة الايرانية قد يكون مختلفا.. فايران لم تنتهك اي قانون دولي باقدامها علي تخصيب اليورانيوم، ومن هنا فانها قد تلجأ الي اساليب عسكرية تنهك القوات الامريكية في العراق، وتغرقها في حرب استنزاف دموية، من خلال تأليب الميليشيات التابعة لها، وهي الميليشيات التي باتت تشكل الاغلبية الساحقة داخل قوات الامن والحرس الوطني العراقية.الادارة الامريكية الحالية تعاني من سخط شعبي بسبب سياساتها الخارجية الفاشلة في منطقة الشرق الاوسط، ولذلك ستتردد طويلا قبل الاقدام علي مغامرة عسكرية جديدة ضد ايران، فقد خسرت حتي الان اكثر من ثلاثمئة مليار دولار في حربيها بافغانستان والعراق، وربما يتضاعف هذا الرقم ثلاث مرات، لان ايران اضخم مساحة من العراق، وسكانها يعادلون ثلاثة اضعاف عدد سكان العراق.الارجح ان الرئيس بوش يريد التمهل في معالجته للملف النووي الايراني، وكسب اطول فترة ممكنة من الوقت قبل الاقدام علي خياري الحصار او العمل العسكري، او الاثنين معا، ريثما يجد لنفسه مخرجا من العراق، وتفرز الانتخابات الاسرائيلية في آذار (مارس) المقبل قيادة جديدة تخلف قيادة شارون التي كانت تشكل الشريك الاستراتيجي الاوحد في المنطقة العربية.وحتي يحقق هذه الاهداف، سيلجأ الرئيس بوش الي مجلس الامن لاستصدار قرار يدين ايران لعدم تعاونها مع وكالة الطاقة الذرية، ويهددها بعقوبات اقتصادية اذا استمرت في هذا النهج، تماما مثلما فعل مع العراق، بحيث يستخدم هذا القرار في الوقت المناسب في المستقبل.الادارة الامريكية مصممة علي عدم السماح لايران بامتلاك اسلحة نووية، وتجد مساندة كبري من قبل الدول الاوروبية وروسيا في هذا الصدد، لان مثل هذه الاسلحة ستهدد هيمنتها علي منطقة الخليج، حيث منابع النفط واحتياطاته، وستنهي التفرد الاسرائيلي بامتلاك اسلحة الدمار الشامل في المنطقة.العام الحالي سيكون عام ايران، مثلما كانت الاعوام الخمسة الماضية اعوام افغانستان والعراق، وسيكون عاما حافلا بالمفاجآت، واولها ارتفاع اسعار النفط الي معدلات قياسية جديدة، وثانيها تصعيد عمليات المقاومة ضد القوات الامريكية في العراق، وثالثها سقوط المزيد من الصواريخ علي التجمعات الاسرائيلية في فلسطين، سواء من الضفة والقطاع او جنوب لبنان، ورابعها تصاعد موجات التطرف، وزيادة حالة الحرج التي تعيشها الانظمة العربية، حليفة امريكا.9