بوليتكو: بايدن استخدم كل الوسائل الدبلوماسية مع إثيوبيا وعندما فشل حث الأمريكيين على المغادرة

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”: حاولت الإدارة الأمريكية لجو بايدن عمل ما بوسعها لمنع تدهور الوضع في إثيوبيا وإقناع المتحاربين بعدم السماح للأمور الخروج عن السيطرة. لكن وبعد فشلها طلبت من الرعايا الأمريكيين مغادرة البلاد مع اقتراب المتمردين من العاصمة أديس أبابا.

وفي تقرير أعدته ناحال توسي نشره موقع “بوليتكو” قالت إن واشنطن استخدمت منع التأشيرت والعقوبات التجارية والتهديد بالعقوبات الاقتصادية وأرسلت الوفود الدبلوماسية وراء الأخرى وسناتورا أمريكيا يحمل رسالة خاصة من بايدن بدون أي جدوى. ولم تؤد لإقناع الحكومة ولا المتمردين على وقف الحرب الأهلية التي أدت لمقتل الآلاف وتجويع مئات الآلاف ونزوح الملايين. وشكل المتمردون في الأيام الأخيرة تحالفا للإطاحة بحكومة أبي أحمد، ويتقدمون نحو العاصمة التي يعيش فيها 5 ملايين نسمة ومقر الاتحاد الأفريقي.

ويقوم المسؤولون في الخارجية الذي أنهوا قبل شهرين مهمة فوضوية لإخراج الرعايا الأمريكيين من أفغانستان بحث الأمريكيين على مغادرة البلاد وقللوا من حجم الوجود الدبلوماسي في العاصمة، أديس أبابا.

وترى المجلة أن القتال في البلد الذي كان مستقرا مرة ويعيش فيه 115 مليون نسمة، بشكل يجعل إثيوبيا واحدة من الدول الأفريقية الأكثر سكانا يعد امتحانا لنهج بايدن “الدبلوماسية أولا” في السياسة الخارجية.

وتشير النتيجة حتى الآن إلى الدور الأمريكي المحدود في استخدام الوسائل غير العسكرية في نزاعات، وبخاصة عندما لا يكون الخيار العسكري الأمريكي واقعيا ولن يساعد في النهاية.

ويرى مسؤول بارز في الخارجية الأمريكية أن سياسة إدارة بايدن تصطدم مع واقع أبدى في أطراف الحرب بمن فيهم أبي أحمد “تشددا” و”عدم تحرك”. ومن الإنصاف القول إن المسؤولية النهائية لوقف الحرب الأهلية والكارثة الإنسانية التي تسببت بها تقع على كاهل الإثيوبيين الذين يقاتلون فيها لا الحكومة الأمريكية. ومع ذلك لا يزال مساعدو بايدن يطالبون بوقف إطلاق النار والحوار، رغم الأدلة الكثيرة عن رفض المتحاربين لدعوة ضبط النفس الأمريكية وألا “حل عسكريا للأزمة”.

ودعا وزير الخارجية أنتوني بلينكن يوم الخميس الأطراف لوضع أسلحتهم وفتح الحوار والحفاظ على وحدة وسيادة إثيوبيا لأن أمن وسلامة الملايين على المحك بالإضافة إلى 900.000 إثيوبي هم عرضة لظروف المجاعة الناجمة عن الصراع. وزاد المشرعون من جهودهم، وقدمت مجموعة منهم تشريعا يدعو إلى فرض عقوبات على أفراد تورطوا في النزاع.

ومن بين الذين شاركوا في التشريع، السناتور كريس كونز، الديمقراطي عن ولاية ديلاوار والمقرب من بايدن وله تاريخ بالاهتمام بأفريقيا. وزار كونز أديس أبابا بداية العام وحمل رسالة إلى أحمد من بايدن، لكن مهمته عطلت.

وقال كونز في بيان يوم الخميس “عام مضى على هذا النزاع الوحشي، تواجه إثيوبيا كارثة إنسانية شاملة وانتشارا للحرب الأهلية”. وقال إن التشريع الجديد “سيعاقب اللاعبين الذين يواصلون تأجيج العنف وينتهكون حقوق الإنسان ويقوضون إثيوبيا الديمقراطية الموحدة والسلمية”.

ويشتكي قادة أفريقيا من إهمال واشنطن لهم وعدم اهتمامها بدولهم الخمسين. وعندما تحظى باهتمام من المسؤولين والإعلام فإن هذا يجري من خلال عدسة صراع القوى في الشرق الأوسط ومع الصين. لكن النزاع في إثيوبيا مختلف، فهو محل اهتمام واشنطن وعلى أعلى المستويات منذ أشهر.

وفي أيار/ مايو اتخذ بايدن موقفا أحاديا ببيان عبر فيه عن “قلقه العميق” حول ما يواجه إثيوبيا. وقال فيه “تحث الولايات المتحدة القادة الأثيوبيين والمؤسسات على تبني المصالحة وحقوق الإنسان وتبني التعددية” و”عمل هذا سيحفظ الوحدة وسلامة أراضي الدولة والشعب الإثيوبي ويضمن وصول المساعدات العاجلة”.

وتتجذر الأزمة الحالية في النزاع السياسي بين أحمد وجبهة تحرير شعب تيغراي، وهي قوة سياسية مهمة في منطقة تيغراي، شمال إثيوبيا قرب الحدود مع إرتيريا. وهي قوة مهمة في السياسة الإثيوبية حتى تم تهميشها في الأحداث التي جلبت أبي وأنصاره إلى السلطة. ووصل أحمد إلى السلطة في 2018 وحصل على جائزة نوبل بعد ذلك لإنهائه الحرب الطويلة مع إرتيريا، لكن إصلاحاته المتعددة لم تقد لانسجام مع جبهة تحرير شعب تيغراي. واندلع القتال في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020 بعد قرار إقليم تيغراي عقد انتخابات وانضمت القوات الإرتيرية إلى جانب القوات الفدرالية.

وقال مسؤولون في الأمم المتحدة إن الطرفين تورطا في انتهاكات يصل بعضها لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ويقوم مسؤولون في الخارجية بفحص فيما إن ارتكبت جرائم حرب. واستخدم بلينكن في أثناء الفترة الانتقالية من ترامب إلى بايدن عبارة “التطهير العرقي” وهو ما نفته الحكومة الإثيوبية.

وأصدرت الخارجية كما هو معتاد بيانا طالبت فيه بوقف الحرب، وعينت جيفري فيلتمان مبعوثا للقرن الأفريقي حيث زار المنطقة في الأسبوع الماضي، وحاول منع انقلاب السودان. والتقى مع أحمد. وزادت إدارة بايدن من الضغوط على الأطراف في الحرب. ففي أيار/ مايو أصدرت حظرا يمنع عبره منح تأشيرات سفر لعدد من الأفراد المتورطين في الأزمة ووضعت من العقوبات التي وصفها بلينكن بالواسعة وشملت الدعم الاقتصادي والأمني. وفي حزيران/ يونيو دفع بايدن وبنجاح لضم إثيوبيا في البيان الختامي لمجموعة الدول السبع. وفرضت الإدارة بعد أسابيع عقوبات على قادة عسكريين إرتيريين لدورهم في التيغراي. وفي أيلول/ سبتمبر أصدر بايدن أمرا تنفيذيا اشتمل على سلسلة من العقوبات الاقتصادية يمكن تطبيقها على لاعبين في النزاع.

ولم تفرض الولايات المتحدة عقوبات بناء على هذا الإطار على أمل أن يقنع التهديد البعض بالتفكير مرتين قبل التحرك. ولو استمر أحمد والمتمردون وغيرهم في النزاع على هذا المسار فمن المتوقع أن تفرض الإدارة عقوبات على إثيوبيا في الأسابيع المقبلة. وستترك هذه تداعيات مثل عدم تعاون قادة إثيوبيا مع أمريكا وتعقد من جهود المجتمع الدولي لإيصال المساعدات الإنسانية إلى محاور النزاع. واتخذ بايدن بداية الشهر خطوات لمنع إثيوبيا الانتفاع من برنامج تجاري يعرف باسم قانون الفرص والنمو الأفريقية، وذلك بسبب انتهاك حقوق الإنسان.

وناقش بايدن الوضع في إثيوبيا مع عدد من القادة الأفارقة الذين دعوا إلى وقف القتال. وكان لقاء أبي أحمد مع فيلتمان يوم الجمعة خطوة جيدة، بعد تجاهله مديرة الوكالة الأمريكية للمساعدة الدولية سامنثا باور عندما زارت أديس أبابا في آب/ أغسطس، ولا توجد مع ذلك إشارات عن وقفه القتال ضد المتمردين. ودعا أحمد مواطني العاصمة بحمل السلاح ودفن الغزاة مما يؤشر بمعركة دموية.

ويرى المسؤول البارز في الخارجية أن عدم المرونة من الطرفين هو سبب تواصل الحرب. وقالت المجلة إن الخارجية معنية في الوقت الحالي بسلامة موظفيها والمواطنين الأمريكيين. وأصدرت عددا من البيانات داعية المواطنين الأمريكيين للمغادرة مع توفر الطائرات في الوقت الحالي.

وطلبت من الإثيوبيين في الخارج المساعدة وحث المواطنين على المغادرة. وبدأت السفارة في أديس أبابا بتخفيض عدد العاملين فيها، مع أنه لا توجد حاليا خطط لإغلاقها. وقال المسؤول “نراقب الوضع الأمني بحذر شديد” معترفا أن إغلاق السفارة ليس مستبعدا حالة تدهور الوضع. وأضاف أن الدبلوماسية تكون ناجعة لو كان هناك دبلوماسيون على الأرض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية