لندن- “القدس العربي”: لم يخل يوم خلال السنوات الأربع من خبر أو جدل أثاره الرئيس السابق دونالد ترامب. وبعد خسارته الانتخابات في تشرين الأول/ نوفمبر 2020 وتولي إدارة جديدة الحكم يتلاشى ترامب الذي وعد بأنه سيعيد بناء حركته السياسية (ماغا) أو لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى.
وفي تقرير أعده غابي أور وميرديث ماكغرو بمجلة “بوليتكو” قالا نقلا عن حلفاء الرئيس السابق إنه يفتقد التنظيم والوجهة وهو يحاول التفكير فيما يريد عمله لاحقا. فقد تراجع عن فكرة إنشاء حزب جديد بديل عن الحزب الجمهوري ولم يعد يتحدث عن إنشاء إمبراطورية تلفزيون أو منصة تواصل اجتماعي جديدة نظرا للكلفة الباهظة. ولم يحقق وعده باختيار مرشحين جدد بدلا من المصادقة على أعضاء مجلس الشيوخ الذين تحدوا طلبه بتغيير نتائج الانتخابات لصالحه.
وفي الوقت الذي وعد فيه ببناء حركة كبيرة من “ماغا” لا يعرف ما يقوم به مؤتمر العمل السياسي للمحافظين غير توريط نفسه في نزاعات مع قيادات الجمهوريين وأذرع الحزب لجمع التبرعات. ويجد الرئيس السابق ترامب نفسه يتراجع وهو في المنفى السياسي.
ويقول الجمهوريون وحتى من حلفائه إنه غير منظم وموزع بين لعب دور زعيم الحزب والبطل الحقيقي. وقال شخص مقرب “لا يوجد هناك جهاز أو بنية والسبب هو غياب الفهم السياسي من جانب ترامب”، مضيفا أن ترامب فشل في فهم حبال السياسة في مرحلة ما بعد الرئاسة. وقال المنظر الإستراتيجي الجمهوري مات غورمان “لا يعدو الأمر أن يكون وهما سياسيا، فهو لا يفهم البنية السياسية التي تعامل معها قبل 3 أشهر عندما كان رئيسا”.
والرؤية السياسية التي ظهرت من ترامب منذ مغادرته البيت الأبيض قبل شهر ونصف أبعد من الثقل السياسي المتوقع منه. فمن المفترض أن يطلق العنان للنيران ضد جهاز الحزب الذي تخلى عنه عندما اقتحم أنصاره مبنى الكابيتول هيل في 6 كانون الثاني/ يناير. وبدلا من ذلك حافظ ترامب على علاقات مع المسؤولين الذي تعهدوا بدعمه حتى النهاية وظل بعيدا عن الأضواء وقدم تصريحات مخففة وانتقادات متفرقة لسلفه بايدن.
وكانت النتيجة التراكمية هي الضرر السياسي، حيث ينقل الرئيس السابق اهتمامه من دعم الحزب الجمهوري بمصادره المالية وتقوية الدعم الشعبي، ليغير موقفه من أجل التركيز على ماركته، وفي اليوم التالي الحديث عن تعطش للانتقام.
وفي الأسبوع الماضي هدد ترامب أجهزة الحزب من عدم استخدام اسمه وصورته في عمليات جمع التبرعات إلى عرض منتجعه في مار- إي- لاغو لكي يكون مركز لقاء اللجنة القومية للحزب الجمهوري في الربيع. وهاجم بشدة الإستراتيجي المخضرم كارل روف لانتقاد خطابه الذي ألقاه في مؤتمر لجنة العمل السياسي المحافظ، واستبدل جيري موران، عن كنساس، الذي ظل ينتقد سياسات ترامب التجارية.
وفي مدى 24 ساعة هذا الأسبوع مضى ترامب من تشجيع هيرشل وولكر المرشح لرابطة الأسلحة الوطنية ضد حاكم جورجيا بريان كيمب إلى استضافة المتحدي السناتور ريك سكوت على عشاء في منتجعه مار إي لاغو. وكرئيس للجنة الجمهورية وعد سكوت بأن يدعم الأعضاء الأساسيين في الحزب الجمهوري، بمن فيهم السناتورة عن ألاسكا ليزا ميركوسكي التي صوتت لإدانة ترامب الشهر الماضي لتحريضه على العصيان في الكونغرس.
وقال مسؤول سابق في البيت الأبيض إن ترامب يريد التعامل مع الأمور بطريقته وليس كما يحاول الساسة التقليديون التعامل مع الأمور بطريقتين. وأضاف “ما يهمه هو الحفاظ على قوته وسيطرته على الحزب الجمهوري ولا تهمه التحركات التي يقوم بها وإن نفعت المؤسسات والأفراد طالما كان هو المنتفع الأول منها”.
وفي الماضي كان ترامب يتصرف بناء على نزواته ويطلب الولاء من المحيطين به، لكن هذه السمات كانت تنجح لما كان في موقع السلطة- سواء كان مسؤولا لإمبراطورية عقارات أو نجم تلفزيوني أو كرئيس. ولم يعد في موقع السلطة ولهذا يتعامل مع الحياة خارج الويست وينغ في البيت الأبيض وقام بأول زيارة له إلى نيويورك هذا الأسبوع. ولا يزال يعقد جلسات في بلاط ماري- إي- لاغو حيث يتم التصفيق له كلما دخل مع السيدة الأولى السابقة. ويقضي وقته يتابع الأخبار ويجري الاتصالات وممارسة الغولف في الملعب القريب من منتجعه. وأحاط نفسه بمستشارين بعضهم يتلقى أجرا وآخرين بدون أجر، حيث يقومون بالنظر في المرشحين القادمين وعمليات جمع التبرعات، لكن الجماعات التي تشكلت حوله تشير لاضطرابات في قادم الأيام.
ويقوم ثلاثة من حملته الرئاسية لعام 2020 براد بارسكيل وبيل ستيفن وجاستن كلارك بالنظر في المرشحين، أما ديف بوسي وكوري ليواندسكي فيقومان بالحديث مع الرئيس والإعلان عن كيان لجمع التبرعات نيابة عنه. وفي الوقت نفسه يواصل التحادث مع زملائه في مجال العقارات والسياسيين يطلب منهم الرأي حول أي من الأعضاء في الكونغرس الواجب الإطاحة بهم. ووصف أحد المسؤولين السابقين كان على اتصال مع ترامب عادة الأخير في تبني أي فكرة جديدة أو يغير موقفه سريعا، وهو أسلوب طالما أتعب الذين عملوا معه في البيت الأبيض. فهو يواصل عاداته التي كانت معه في الرئاسة و”يقوم بالمصادقة على أشخاص بدون مراجعة الإجراءات التي تم الاتفاق عليها قبل ثلاثة أيام” كما يقول مسؤول سابق في البيت الأبيض، مضيفا “هذا غير منظم” ويخشى المسؤولون في الحزب أن يظل حاضرا على الحزب حتى مع تلويحه بأنه سيرشح نفسه لرئاسة 2024.
عقلية وأساليب ترامب تتجاوز بكثير السياسيين التقليديين والصحفيين المتعودين على قوالب سياسية وبيروقراطية، كمثال بسيط وذو مغزى، لنرى أسلوب تواصل ترامب، شكلا تغريدات تويتر كانت فعالة جدا لإيصال مواقفه وقراراته في أقل عدد من الكلمات و مباشرة للمواطن المهمش دون وسائط و بيانات لايستطيع الناخب الأمريكي أن يفهمها، في المضمون أسلوب ترامب مباشر، لا يتصنع وراء أية شماعة ليخفي دوافعه أو مواقفه بل يتحمل مباشرة ردود الفعل بجرأة، مثلا مساندة بن سلمان ولوفي قتل خاجقشي ، على علاته الأخلاقية موقف ترامب كان جريئا ، و أكثر شفافية من ما حصل مع السياسيين التقليديين، ينشرون تقريرا معدلا و لاشئ ملموس ضد بن سلمان، ولا شئ يحصل. مثال آخر في الموقف الإيراني، ترامب كان حازما العقوبات منذ البداية و عمليات ضغط ملموسة،كعملية سليماني … أما ما يحصل مع السياسيين التقليديين مواقف مبهمة لاتفاق واضح ولا خطة أومفاوضات واضحة…
أسلوب ترامب سينفعه للعودة في المستقبل للرئاسة ببساطة ترامب كان ليربح لولا كورونا********
سامي المهندس نيويورك