لندن- “القدس العربي”:
هل انفجرت حملة دونالد ترامب “أقصى ضغط” ضد إيران في العراق؟ يجيب ناحال توسي في موقع “بوليتكو” أن حملة “أقصى ضغط” تقع تحت ضغوط قصوى بعدما حاول المحتجون اقتحام السفارة الأمريكية ببغداد يوم الثلاثاء في وقت جرت فيه ملاسنة بين المسؤولين الأمريكيين والعراقيين حول ضرورة الهجمات الأخيرة، فيما حمل النقاد الرئيس دونالد ترامب مسؤولية الفوضى لتركيزه على تدمير النظام الإسلامي في إيران.
وقال مسؤولون أمريكيون سابقون ومراقبون للشأن الإيراني إن سياسة العقوبات القاسية على إيران ترتد سلبا. وقالوا إنها كانت قاسية من ناحية العقوبات الاقتصادية والردع العسكري بدون رديف دبلوماسي ولم تركز على الدول الأخرى التي وجدت نفسها وسط النزاع الأمريكي- الإيراني.
وأضافوا أن ترامب ومساعديه أرسلوا رسائل متناقضة حول ما يريدون تحقيقه من السياسة، والتي تراوحت من تغيير النظام إلى محادثات نووية ضيقة في منظورها.
وقال المسؤول السابق في البنتاغون ووزارة الخارجية أثناء إدارة باراك أوباما إن السياسة “لا تعمل لأن الإدارة ليست لديها فكرة حول كيفية تطبيقها وماذا تريد منها” و”هي ليست حتى إستراتيجية ضغط أقصى بل سياسة أقصى ضغط”.
ويرى بعض داعمي السياسة أن المشكلة هي في طريقة التطبيق. وقال النقاد إن الإدارة لم تفعل أكثر من مجرد إصدار التصريحات لدعم المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع في العراق ولبنان ضد التأثير الإيراني في بلديهما مما أدى لتضييع فرصة ذهبية.
وقال إيلان برينان، نائب رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي: “كانت هناك فتحة كبيرة ولم نستغلها”.
ومع خروج التقارير عن اقتحام السفارة في بغداد، كانت الإدارة تخطط لفرض عقوبات جديدة على إيران ولكنها لم توضح ماهيتها. وقال مسؤول أمريكي: “تجمعت القيادة للبحث في الخطوة المقبلة”.
وأعلنت الإدارة عن إرسال تعزيزات لتأمين السفارة التي تم تخفيض عدد العاملين فيها على مدى السنوات السابقة، فيما أغلقت القنصلية الأمريكية بالبصرة عام 2018. ولم يعلن بعد عن خطط لإجلاء كل الدبلوماسيين المتبقين في العراق.
ويرى الكاتب أن أمن الدبلوماسيين موضوع حساس لوزير الخارجية مايك بومبيو الذي صنع اسمه كنائب جمهوري من خلال نقده الوزيرة السابق هيلاري كلينتون وفشلها بتأمين القنصلية الأمريكية في بنغازي عام 2012 حيث قتل عدد من الأمريكيين بمن فيهم السفير.
وقال مسؤول بارز عمل سابقا مع إدارة ترامب: “لطالما خاف بومبيو من وقوع حادث يشبه بنغازي تحت ناظريه”.
وقام بومبيو بالاتصال مع قادة السعودية والإمارات وإسرائيل المعروفين بعدائهم لإيران لكي يظهر الدعم الأمريكي الكبير للسياسات الأمريكية المعادية لإيران. ولا يعرف إن كان بومبيو سيزور العراق مع أن هناك رحلة مخططة له لزيارة أوكرانيا والدول الجارة لها. ولكنه تحدث مع رئيس الوزراء عادل عبد المهدي والرئيس برهم صالح وأكدا له أهمية حماية الدبلوماسيين الأمريكيين. ولكن التقارير تكشف عن غض طرف المسؤولين العراقيين عن المحتجين الذين توجهوا نحو السفارة الأمريكية.
ويرى الكاتب أن الأحداث الأخيرة تعتبر مثيرة خاصة أن الولايات المتحدة لا تزال تنشر 5.000 جندي بعد 17 عاما من غزوها للبلد والإطاحة بنظام صدام حسين.
ويأتي الهجوم بعد شعور الإدارة أن سياستها نحو إيران بدأت تثمر، ليس لأنها أفرغت خزينة الدولة الإيرانية بل وللتظاهرات في العراق ولبنان وكذا في إيران والتي كشفت عن تعب شعبي من التدخل الإيراني في شؤون المنطقة.
وقال مسؤول في الخارجية للصحافيين يوم الإثنين: “ما نراه على المستوى الإقليمي- التظاهرات في إيران والتظاهرات في العراق ولبنان هي رفض منظم للنموذج الإيراني القائم على إضعاف السيادة والفساد المستشري وعسكرة المظالم الطائفية وزعزعة استقرار المنطقة”. إلا أن الميليشيات الموالية لإيران كانت على ما يبدو راغبة بالاستفادة من اللحظة. ومع أن معظمها مرتبط بالقوات العراقية إلا أنها كانت تقف وراء سلسلة من الهجمات التي استهدفت القوات الأمريكية في العراق.
وقال المسؤولون الأمريكيون إنهم ناشدوا المسؤولين العراقيين لمنع هذه الهجمات وحماية القوات الأمريكية ولم يتم عمل ما يكفي. ومن هنا ردت الولايات المتحدة على مقتل متعهد أمريكي بضرب مواقع كتائب حزب الله في العراق وسوريا.
وأقلق الهجوم العراقيين الذين وصفوه هجوما على قواتهم وبهذه الحالة “الكتيبتين 45 و46”. وشجب مستشار الأمن القومي الهجوم وقال بأنه خرق للسيادة الوطنية وإن بلاده ستراجع علاقتها مع أمريكا. وبحلول الثلاثاء هاجم المتظاهرون مجمع السفارة وليس المبنى الرئيسي وأضرموا الحريق في بعض الأجزاء.
وكان تذكيرا بالهجومين على السفارة في بنغازي وطهران التي أدت إلى اندلاع أزمة الرهائن. ومع تمترس الدبلوماسيين داخل السفارة سارع النواب الجمهوريون والديمقراطيون لتحميل إدارة ترامب مسؤولية السياسة القاسية ضد إيران. ففي العام الماضي وضع بومبيو قائمة من 12 مطلبا لتغيير سلوك إيران رأى فيها النقاد دعوة لتغيير النظام.
ورأى نقاد ترامب أن النظام يسيطر على أراضيه وقمع المتظاهرين حيث علق السناتور روبرت ميننديز، الديمقراطي عن نيوجرسي، بالقول إن نتائج سياسة أقصى ضغط هي التهديد على الملاحة البحرية وجرأة وعنف من الجماعات الوكيلة لطهران في الشرق الأوسط وقتل مواطن أمريكي في العراق. وترد إدارة ترامب أن السبب ليس السياسة وأنها لو لم ترد على نشاطات كتائب حزب الله فستقوم إيران بمواصلة نشاطاتها.
وقال مسؤول في الخارجية: “أمر الرئيس ترامب قواتنا بالرد بطريقة تفهم فيها إيران، وهي اللغة التي يتحدثون بها، ونحن واثقون بهذا”. ورغم الاستفزازات التي ربطتها المخابرات الأمريكية بإيران إلا أن ترامب قال إنه يريد تجنب النزاع وأرسل مزيدا من التعزيزات العسكرية إلى الشرق الأوسط. وقال إنه يريد اتفاقا مع طهران واقترب من تحقيق لقاء في شهر أيلول (سبتمبر) 2019 ولم تحدث تحركات دبلوماسية. ويرى البعض أن السبب يعود للمتشددين في إدارته.