بوليتكو: مدير “سي آي إيه” خبير بروسيا تستمع إليه واشنطن ويعتقد أن بوتين لن يقبل الهزيمة بسهولة

إبراهيم درويش
حجم الخط
10

لندن – “القدس العربي”:

نشر موقع “بوليتكو” تقريراً أعدّته ناحال توسي حول أهمية مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) ويليام بيرنز في فهم شخصية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو ما رفع مكانته في دائرة المساعدين للرئيس جو بايدن.

  قالت توسي إن نصف العاصمة واشنطن لا شغل لها إلا تحليل كل كلمة وحركة تصدر عن بوتين. وعندما يتحدث بيرنز عن الزعيم الروسي فكلامه يحمل وزناً. وهو كتب عنه قائلا بأنه “مزيج غريب من الصفات الروسية”، “مغرور غريب الأطوار يحمل مظلومية ويشعر بعدم الأمان”. وقال إن زعيم الكرملين هو “رسول الانتقام”.

وبدلا من التخلي عن غزوه لأوكرانيا، توقع بيرنز أن يضاعف بوتين من حربه “أعتقد أنه في حالة ذهنية لا يستطيع من خلالها التفكير بالهزيمة”.

نصف العاصمة واشنطن لا شغل لها إلا تحليل كل كلمة وحركة تصدر عن بوتين.

 ونظراً لقيادته أهم مؤسسة استخبارات في أمريكا فكل كلمة ينطق بها بيرنز تثير الانتباه. لكن الرجل، البالغ من العمر 66 عاما، كان، قبل تحوله لمدير مخابرات، دبلوماسياً، وبسجلّ طويل، منها دورتان في روسيا، حيث عمل كسفير في موسكو في الفترة ما بين 2005- 2008، ولا يوجد مسؤول في الحكومة الأمريكية له خبرة وتجربة مع الرئيس الروسي مثل خبرته.

كل هذا جعل من بيرنز شخصية متفردة في إدارة بايدن، والرجل الذي يوثق به لإدارة المحادثات الصعبة والحساسة. وكان بيرنز، هو الشخص الذي أرسله بايدن في الخريف الماضي لتحذير بوتين من ضرب أوكرانيا. وبيرنز هو الشخص الذي يسأله المسؤولون في واشنطن عندما يريدون فهم خطط بوتين القادمة.

وفي الأشهر المقبلة، ستظل الأسئلة قائمة حول دقة المعلومات الاستخباراتية عن موسكو ونواياها في أوكرانيا، وإن كان على واشنطن تقديم الأسلحة الثقيلة لأوكرانيا، ومن المتوقع أن تقع المهمة على كاهل بيرنز لتقديم أجوبة على الأسئلة الكثيرة. ويقول ويليام تيلور، السفير الأمريكي السابق في أوكرانيا، إن بيرنز “رجل ناضج ومجرب ومتحفظ جدا ودقيق فيما يقوله”. و”لهذه الأسباب، ولخبرته مع بوتين، فإننا نستمع إليه”. وربما كان بيرنز عالما جيدا في بوتين وعالمه، إلا أنه لم يتوقع كيف سيقلب الزعيم الروسي الأجندة الخارجية لإدارة بايدن. كما لم يكن يتوقع أن تكون روسيا شاغله الرئيس، مع أنه أخبر لجنة في الكونغرس أثناء جلسة تأكيد ترشيحه بأنه سيركز  كمدير لـ “سي آي إيه” أثناء عمله على أربع أولويات: “الصين، تكنولوجيا وشعباً وشراكات”. ولم تكن روسيا في قائمة الأولويات. وحتى نكون منصفين، لم تهتم في ذلك الوقت إلا قلة بروسيا. فقد كانت واشنطن منشغلة بالتعاون بين الحزبين لمواجهة الصين وطموحاتها. وتغيّر كل هذا في الأشهر الأخيرة من عام 2021، عندما حشد بوتين قواته بطريقة وأعداد أثارت مخاوف المسؤولين الأمريكيين. وأرسل بايدن بيرنز إلى موسكو، حيث التقى مع المسؤولين في الكرملين، وتحدث مع بوتين عبر الهانف، وحذّر من مغبة غزو أوكرانيا، وأن روسيا ستدفع ثمناً باهظاً.

ومع مرور الأسابيع، قررت الإدارة القيام بخطة غير اعتيادية، وهي نشر وثائق سرية تفصل خطط الكرملين الحربية لغزو أوكرانيا. وكانت خطوة ضرورية، قال بيرنز إنها تحبط جهود التضليل الروسية لتبرير أي غزو، كما فعلت عام 2014 عندما ضمّت شبه جزيرة القرم. ورفض بيرنز الحديث مع الموقع، لكنه تحدث في أكثر من منبر منذ توليه “سي آي إيه”. وشارك في مهرجان نهاية الأسبوع لفايننشال تايمز، بداية شهر أيار/مايو، حيث قال إنه وزملاءه قضوا ليالي ساهرين على أمل أن تكون توقعاتهم خاطئة بشأن خطط بوتين، إلا أنه اختار أن يخيّب آمالهم.

ربما كان بيرنز عالماً جيداً في بوتين وعالمه، إلا أنه لم يتوقع كيف سيقلب الزعيم الروسي الأجندة الخارجية لإدارة بايدن.

ورغم محاولاته والمسؤولين في الوكالة التفوّق على الكرملين، إلا أن بيرنز ظل يعتقد أن الصين هي التهديد الجيوسياسي الأكبر على المدى البعيد. فالعملاق الآسيوي الذي يقوده شي جين بينغ يظل، “وبطرق عدة، الامتحان العميق الذي واجهته سي آي إيه”، كما أخبر معهد جورجيا للتكنولوجيا في نيسان/إبريل. فالبلد الذي تحكمه الشيوعية، والمتقدم في الاستخبارات الاصطناعية، والمتشابك اقتصادياً مع الولايات المتحدة والنشاط السيبراني من بين عدة أمور هدد البيانات الفدرالية، وكان واحدا من أسباب تركيز “سي آي إيه” عليه. وباتت الصين صعبة على “سي آي إيه” التي راقبت بيجين وهي تفكك خلاياها وتعدم العملاء والمصادر التي تعتمد عليها داخل الصين.

 ولمواصلة التركيز على الصين قرر بيرنز إنشاء مركز مهمة الصين، وهو الوحدة الوحيدة في الوكالة التي تركّز على بلد واحد. وزادت الوكالة من الميزانية المخصصة لأعمال متعلقة بالصين، وتأمل بمضاعفة عدد العاملين الذي يتحدثون لغة الماندرين الصينية. وأنشأ بيرنز مركز مهام عابراً للدول والتكنولوجيا من أجل التركيز على التكنولوجيا الجديدة إلى جانب قضايا أخرى مثل التغيرات المناخية. وعيّن بيرنز أول ضابط بارز للتكنولوجيا في الوكالة هو ناند مولاشانداني الذي يتمتع بخبرة في المجالين العام والخاص. وفي بداية عمله ركز بيرنز جهوده على اكتشاف الحوادث الطبية الغامضة- مثل عرض هافانا الذي أصاب الدبلوماسيين وعملاء “سي آي إيه”، وبقية المسؤولين الحكوميين. وكانت هناك مخاوف من وقوف روسيا خلف الجهود، مع أن المسؤولين الأمريكيين لم يعثروا حتى الآن على دليل يورط موسكو. إلا أن تركيزه على الموضوع أدى إلى تقرب عالم الاستخبارات منه.

وفي الحقيقة، لن تجد أحداً في واشنطن ينتقد بيرنز، ولو من وراء ظهره. قال مسؤول في الخارجية مازحاً “أطلقنا اسمه على قاعة اجتماعات، مع أنه لم يمت بعد”. وهو الشخص الوحيد في الاجتماعات الذي يحاول تخفيف قلق المشاركين. وقال مسؤولة سابق في إدارة بايدن إنه عادة ما يقول “حسناً، هذا أمر صعب، وأصعب عندما لا تكون لديك أسئلة كاملة”. وأشار مسؤول في إدارة بايدن إلى أن أدنى نقطة في عمل بيرنز هي انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، وسيطرة طالبان على كابول في آب/أغسطس الماضي. وتساءل النقاد فيما إن كانت “سي آي إيه” بطيئة في اكتشاف أن كابول ستسقط. وفي هذه الأيام المضطربة سافر بيرنز سراً إلى كابول للقاء قادة كابول، وقال من يعرفونه إنه كان يريد التأكد من حماية شركاء “سي آي إيه” الأفغان. وقال المسؤول السابق “هناك سبب لإرسال بيرنز للتعامل مع طالبان في لحظة تتداعى فيها أفغانستان”، و”هذا رجل يمكنه الجلوس على الطاولة مع أشدّ الناس في العالم، ويجد طرقا نيابة عن الشعب الأمريكي في أوضاع يتعثّر فيها الكثير والكثير”.

بيرنز ظل يعتقد أن الصين هي التهديد الجيوسياسي الأكبر على المدى البعيد.

لكن بيرنز لديه ما يندم عليه، ففي كتابه “القناة السوداء” تمنى بيرنز لو عمل الكثير في ظل إدارة جورج دبليو بوش الذي غزا العراق وأطاح بصدام حسين، مع أنه ظل يتحدث عن عيوب القرار. ومع أنه يكتب عن تحركاته، وعن دوافعه المتعددة، إلا أنه يعترف بشعوره أن صدام كان طاغية ويجب أن يذهب.

وحظيت إدارة بايدن و”سي آي إيه” بالتقدير على دقة التوقعات بشأن خطط بوتين، لكن السؤال عن السبب الذي منعهما من التكهّن حول قدرة الجيش الروسي، والأخطاء التي ارتكبها وقدرة الجيش الأوكراني على الصمود. وفي الحقيقة كان هناك شعور لدى المسؤولين أن الأوكرانيين لن يصمدوا طويلا، مما دعا معلّقين للقول إن هذا سبب عدم إرسال الأسلحة لأوكرانيا سريعا. وهو ما أدى لدعوة في الكونغرس والطلب من “سي آي إيه” تقديم تفسيرات حول فشل التقدير في أفغانستان وأوكرانيا.

وعمل بيرنز 33 عاما في السلك الدبلوماسي، الذي تقاعد منه عام 2014، وعمل فترة كنائب لوزير الخارجية قبل أن يصبح رئيساً لوقفية كارنيغي للسلام العالمي. وفي أثناء فترة دونالد ترامب انتقد وبشدة خطط الرئيس الجمهوري تدمير الخدمة الدبلوماسية الخارجية من خلال قطع الميزانيات والانتقام السياسي، وغير ذلك من الوسائل. وجاء احترام بيرنز للخدمة العامة من والده، الجنرال بنجمتين، وعمل مديراً لوكالة التحكم بالأسلحة، وكتب إليه دائماً: “لا شيء يجعلك فخوراً بنفسك أكثر من خدمة بلدك”. وتمزح زوجته وابنتاه الآن أنه أصبح جزءاً من عالم جيمس بوند وجاك ريان وجيسون بورن، مع أنه لا يخرق قواعد المرور، ولا يعرف كيفية تشغيل السيارة عن بعد.

أثناء فترة دونالد ترامب انتقد بيرنز وبشدة خطط الرئيس الجمهوري تدمير الخدمة الدبلوماسية الخارجية من خلال قطع الميزانيات والانتقام السياسي.

 ولدى بيرنز شهادة من جامعتي لاسال وأوكسفورد، ولديه خبرة دبلوماسية أكثر من وزير الخارجية الحالي، أنتوني بلينكن وهما صديقان. ومن الأفضل أن يتولى بيرنز المهام السرية في الشؤون الخارجية، لأنه لا يأخذ صحافيين معه مثلما يفعل بلينكن. وقام بـ 10 رحلات محلية و16 رحلة خارجية، حيث ركز في الداخلية على مراكز التكنولوجيا. وفي بعض الحالات، كما مع روسيا، كان الهدف من الزيارة التأكيد لموسكو أن واشنطن لديها أدلة تدعم كلامها. وفي حالة طالبان كانت زيارة بيرنز من أجل التأكيد على أمن الشركاء والمواطنين الأمريكيين وفضل المسؤولون في الإدارة عدم تكريم قيادة طالبان بزيارة رسمية من وزير الخارجية. وخلافا لإدارة بايدن، فقد أرسل ترامب وزير خارجيته بومبيو للقاء زعيم كوريا الشمالية، كما والتقى بومبيو مع قادة طالبان. ويقول مسؤولون سابقون في “سي آي إيه” إنهم لا يسمعون الكثير عن بيرنز داخل الوكالة، وهي إشارة جيدة على أن الأمور جيدة، مقارنة مع سنوات ترامب الذي أظهر احتقارا للوكالة وناقضها عندما تحدثت عن التدخل الروسي في انتخابات 2016.

تمزح زوجة بيرنز وابنتاه الآن أنه أصبح جزءاً من عالم جيمس بوند وجاك ريان وجيسون بورن، مع أنه لا يخرق قواعد المرور، ولا يعرف كيفية تشغيل السيارة عن بعد.

وبعد زيارته موسكو في الخريف الماضي، عاد بعدد من الأوهام، لا بأخبار جيدة لبايدن وبقية  الإدارة “يبدو واضحاً جداً حول احتمالات ما سيحدث والحاجة للتحضير له”، كما قال مسؤول سابق عن رحلة بيرنز. وشرح أن بوتين لم يتخذ قرارا بالغزو، لكن هناك احتمالاً بقيام حاكم روسيا بالتحرك. وقال بيرنز في خطابه بمعهد جورجيا “تعلمت خلال السنوات عدم فهم عزم بوتين المستمر، وفيما يتعلق بأوكرانيا خاصة”. وقال بيرنز إن بوتين ظل يعتقد أن أوكرانيا ليست بلداً حقيقياً، ويجب أن تحترم روسيا على الأقل. وبعد أسابيع دخلت القوات الروسية أوكرانيا، وتصدت لها قوات البلد، إلا أن بيرنز قال لجمهور مهرجان فايننشال تايمز إن بوتين لا يقبل الهزيمة بسهولة “فقد عوّل كثيراً على خياره الذي عمله  للغزو، وأنه مقتنع الآن بأن مضاعفة الجهود ستقود إلى التقدم”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول د.منصور الزعبي:

    امريكا فعلت و ظلمت في هذا العالم بحيث انها ستصبح عدوا للكثيرين ، سوء السلوك الامريكي و محاولات تاديبها للدول تجعلها تنسى انها هي اللتي بحاجة للتادب . انتهى عصر الهيمنة الامريكية و شكرا لروسيا

  2. يقول Sana:

    I think this person is an arrogant and dump
    American think they can win by destruction
    They lost many times but gthey do not learn

  3. يقول Omar Ali:

    ان من المعروف عن بيرنز بانه ملم بتفاصيل القضية الفلسطينية ومعاناة الشعب الفلسطيني يحت الاحتلال الاسراءيلي ولكننا لم نجد خطط فعالة من الادارة الامريكية الحالية للتحرك لإنهاء الاحتلال الاسراءيلي الضفة الغربية وانهاء الحصار المفروض على غزة. كنا نأمل خير من إدارة بايدن ولكن لم يتغيير شيء. بعد اشهر ستجرى الانتخابات النصفية وبعدها ستبدأ الاستعدادات للانتخابات الرئاسية. هل الواجب الملقى على عاتق جامعة الدول العربية بالقيام بدور فعال وموءثر في واشنطن من اجل ان يتمتع الشعب الفلسطيني بحريته واستقلاله.

  4. يقول ميساء:

    ومن قال أن بوتن سينتصر في النهاية وقد لاحت تباشير الانتصار باقتدار فقد جانب الصواب
    والله ينصر فلسطين و يهزم إسرائيل المجرمة قاتلة الأطفال والنساء في فلسطين المحتلة شر هزيمة يارب العالمين

  5. يقول zerradabdellatif:

    لكل طالب نهاية ، أمريكا والغرب يعتقدون أنهما لا يهزمان ، وهذا غرور ما بعده غرور ، الطغاة عادة يحفرون قبورهم بأيديهم لأنهم يطلبون دائما المزيد ولو على حساب أصحاب الحق

    1. يقول ميساء:

      ولكل طاغية نهاية أليمة، والله ينصر فلسطين و يهزم الطاغية الباغية إسرائيل شر هزيمة يارب العالمين

  6. يقول علي الجزائري:

    اللهم اضرب الظالمين بالظالمين و أخرجنا من بينهم سالمين غانمين ..يا رب.(أليس الكفر ملة واحدة؟).

  7. يقول كريم:

    أوكرانيا، روسيا أم الغرب»؟ هل سينجح بوتين في كسر الهيمنة الغربية على النظام الدولي ويدفع في اتجاه نظام دولي جديد متعدد الأقطاب، أم إنه سيتسبب في النهاية بتمزيق روسيا نفسها؟ وبما أنه من الصعب حتى الآن التنبؤ بمصير هذا الصراع الخطير فيتوجب علينا الصبر والانتظار والله يفرجه ونخلص من المحللين والمعلقين والنقاد.

  8. يقول عربي:

    روسيا تقضم اوكرانيا مثلما يقضم الطفل قطعة البسكويت و مازال الاعلام الغربي يتحدث عن هزيمة بوتين..
    روسيا تتقدم على الارض و زيلنسكي ينتصر في وكالة CNN و غيرها

  9. يقول محمد:

    أمريكا تفهم بالقوة وبوتين فهم ذلك. ستنصر روسيا لأنها تدافع عن نفسها وسينهزم الغرب كل الغرب لأنه تمادى في فيه فسلط الله عليه دولة نووية تملك القوة العسكرية وتناور وتراوغ وسوف تضع جدا للغطرسة الامريكية وكلابها دول أوروبا الغربية

إشترك في قائمتنا البريدية