لندن- “القدس العربي”: نشرت مجلة “بوليتيكو” تقريرا عن الموقف الأمريكي من تظاهرات الصينيين ضد إجراءات الإغلاق بسبب كوفيد-19، قائلة إن المسؤولين الأمريكيين يعتقدون أن الاحتجاجات لن تنتشر في معظم البلاد، على الأقل في الوقت الحالي.
وقال فيليم كاين وإيرين بانكو في تقريرهما، إن الاحتجاجات التي اندلعت نهاية الأسبوع في عدد من المدن الصينية لن تتوسع إلى بقية المدن، بطريقة تشكل تحديا لبكين. ووصفت مذكرة تواصل وزّعها المسؤولون منذ يوم الثلاثاء، الاحتجاجات التي خرج فيها الآلاف إلى الشوارع لتحدي سياسة الحكومة “صفر كوفيد” بأنها متفرقة وغير منظمة وبدون قيادة. مما يعني أنها لن تتحول إلى حركة واسعة ومنظمة، حسب البيانات المتبادلة بين المسؤولين الأمريكيين.
كما أن نشر الحزب الشيوعي الصيني عناصر ضخمة من الشرطة والمعدات العسكرية بما فيها العربات المصفحة، هو جزء من الرد على ما يبدو.
ويظهر أن السلطات الصينية تحاول تخويف المحتجين لمنع خروج المزيد من الغاضبين على استمرار الإغلاق في المدن الصينية لمواجهة حالات انتشار الإصابات بكوفيد-19. وهناك خطر من لجوء الشرطة الصينية للقوة المفرطة لو خرجت التظاهرات عن السيطرة، واستمر خروج المحتجين إلى الشوارع، بحسب مذكرة تواصل وزعها المسؤولون الأمريكيون. ولم يصدر إلى حد الآن سوى رد محدود من إدارة بايدن على الاحتجاجات أو التعبير عن التشكك من سياسة الحكومة الصينية في مواجهة كوفيد، أو دعم حق التظاهر السلمي. ففي إحاطة من مجلس الأمن القومي أشار إليها المتحدث باسم المجلس جون كيربي يوم الإثنين، جاء فيها أن “الولايات المتحدة ليس لديها فهم واضح ودقيق لما يجري على الأرض”.
ومع ذلك، تظهر مذكرة التواصل أن الولايات المتحدة تقوم بجمع المعلومات على الأرض، وتعمل بنشاط على تقييم الوضع في بقية المدن الصينية. وتعطي التقارير المجموعة من الأرض، صورة واضحة عن تفكير الإدارة عن الاحتجاجات والمدى الذي تعتقد فيه الإدارة أنها ستشكل نواة حركة. ولم يرد مجلس الأمن القومي على طلب التعليق من المجلة.
وبدأت الاحتجاجات يوم الجمعة بعد تأخر في رد الإطفاء على حريق اندلع في بناية سكنية بمنطقة تشنجيانغ بشمال- غرب الصين، وهو ما قاد لاحتجاجات واتهامات على سياسة صفر كوفيد، بشكل منع عمال الإطفاء من الوصول إلى البناية.
وزاد الغضب العام من السياسة التي شملت على فحوص مستمرة وإغلاقات متواصلة لدرجة تحولت فيه إلى المطالبة باستقالة الرئيس شي جينبينغ. إلا أن الشرطة الصينية فرقت المتظاهرين يوم الثلاثاء. ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أن لجوء السلطات الصينية إلى تغييرات في إجراءات مكافحة كوفيد-19 هو إرضاء للمحتجين.
وقال المسؤولون الصينيون إنهم لن يمنعوا من الدخول إلى البنايات التي تم اكتشاف فيها حالات إصابة بكوفيد. إلا أن عمليات الانتقام من المحتجين جارية، ففي هانغجو وشنغهاي، غيرت الشرطة أسلوبها من مراقبة المحتجين إلى اعتقالهم. وقامت الشرطة بوضع حواجز عالية في شوارع معينة من شنغهاي لمنع عودة المتظاهرين.
وفي فيديو أرسله السفير الأمريكي في الصين، نيكولاس بيرنز قال فيه: “في الساعات الـ48 الأخيرة، كان هناك حضور مكثف لقوات الأمن في بكين وبقية المدن الكبرى” و”سجلت ردود أفعال متباينة من الشرطة في نهاية الأسبوع، ففي بعض المدن استخدمت القوة المفرطة، وفي أخرى لم يكن هذا هو الحال”.
ووصلت إلى الولايات المتحدة تقارير عن قيام الشرطة الصينية باعتقال أشخاص والتحقيق معهم بشأن مشاركتهم في التظاهرات، وذلك بحسب مذكرة تواصل حكومية. وفي الوقت الذي لم يتوسع فيه الغضب، فإن الولايات المتحدة تعتقد بقيام الصين بنشر رقابة مشددة في المدن بما فيها بكين، لكي يتسنى لها تحديد هوية المتظاهرين والتحقيق معهم. وتضم هذه الإجراءات تحديد موقع المتظاهرين عبر هواتفهم النقالة، ومتابعتهم واستخدام تكنولوجيا التعرف على الوجه من خلال شبكات كاميرات الرقابة المنتشرة في كل أنحاء الصين.
وقد يؤدي هذا إلى حملة طويلة لاعتقال ومعاقبة المشاركين. وتجنبت الحكومة الصينية التعليق علنا على التظاهرات ودور قوات الأمن في كبحها. ونفى المتحدث باسم الخارجية الصينية جاو ليجان يوم الإثنين، معرفته بمطالبة المحتجين برحيل الرئيس شي. وتردد في الإجابة على سؤال، حيث صمت على منصة المؤتمر الصحافي لمدة دقيقة، قبل أن يخبر مراسل رويترز أن السؤال “لا يعكس ما يجري في الحقيقة”.
إلا أن مستشار الأمن القومي للرئيس الصيني، تشين وينكينغ، أصدر تهديدات واضحة تشير إلى قمع المتظاهرين. وقال إن الشرطة الصينية ستقوم “بقوة وعزيمة بمواجهة أي اختراق وعمليات تخريب تقوم بها قوى معادية وكذا أفعال إجرامية غير قانونية تخل بالنظام العام”. ويهدف الحزب الشيوعي الحاكم إلى خنق التظاهرات قبل أن تصل إلى حركة شعبية واسعة تهدد مصيره، بحسب مذكرة التواصل الأمريكية.
وتعكس الإستراتيجية الدروس المستقاة من أحداث ميدان تيانانمين التي تظاهر فيها دعاة الديمقراطية عام 1989 وسحقتها الحكومة الصينية، وقُتل فيها أعداد لا تحصى من المتظاهرين، وتلك الأحداث التي اجتاحت هونغ كونغ في الفترة ما بين 2019 -2020.
محاولة أمريكا لزرع الفوضى الخلاقة في الصين