بيبي لا يهمه الا بقاءه الشخصي والسياسي

حجم الخط
0

جلسنا هذا الاسبوع مع رئيس الوزراء، روى عضو لجنة الخارجية والامن عن تجارب عودته من زيارة في باريس الى الجلسة بكامل هيئتها، وسمعنا مباشرة من أفواه الجياد كم وضعنا اسود من السواد. وحتى أكثر النواب تفاؤلا ما كان يمكنه أن يجد بصيص نور ما بين التهديدات التي تحدق بنا.
كل متحدث فاق نظيره في وصف كم هي اسرائيل خائفة من التهديدات عليها. لدى جيراننا في الشمال وان كانت توجد حرب حياة على السيطرة، ولكن باستثناء التهديد اللفظي الفارغ من المضمون هنا وهناك، فانه حتى في ساعات بشار الاسد الاصعب تجده يحرص على تقاليد ابيه، ويبقى خط الهدنة في الطرف السوري محفوظا بعناية. ليس محبة لاسرائيل، بل تمسكا بتقاليد الاب ‘لا تصادقهم، ولكن بالاساس لا تستفزهم’.
عندما تلقت سورية صواريخ سكاد الاولى من روسيا قبل بضع عشرات السنين، خرجت عائلة الاسد عن طورها كي تهدئ روعنا، في أن الصواريخ ليست ضدنا. موشيه دايان، وزير الدفاع في تلك الفترة لم يكن سعيدا بالفزع الذي ألم بالجمهور. واستدعى رجال ‘هآرتس’ وهدأ روعهم بقوله ان السكاد هو بالاجمال قنبلة من نصف طن وغير دقيق جدا. ‘سيوجه الصاروخ نحو هيئة الاركان، ولكنه سيفوت الهدف ويضرب بيت ماركوس في شارع فايبل، وفي هذا لن تحسم اي حرب’.
اما الان فيركض بيبي الى بوتين والى كل محيطه ‘ليحذر’، فيما يتبنى تراث أبيه بان العالم لا يطيق وجودنا. وليبرمان كوزير خارجية ظلال في وزارة تذوي، يحذر على افضل النبرات الروسية من أن من سيبدأ معنا سيفقد عالمه. في هذه الاثناء نجد أن الامر الوحيد الذي فقده بوتين هو زوجته. ومنذ متى نحن نصدق صحيفة لبنانية تعلن ان الاسد يفكر بفتح جبهة في هضبة الجولان؟ في اللحظات الاصعب في الحرب العالمية الثانية لم يبث في بريطانيا والولايات المتحدة هذا القدر الكبير من اشارات الفزع مثلما يحصل عندنا هذه الايام.
وبينما يجتهد بيبي لان يظهر بانه في جانب الاخيار، يتخذ في نظر العالم المتنور الصورة المعاكسة تماما. فمع كل التقدير الذي لاسرائيل في الادارة الامريكية كقوة اقليمية صديقة، ليس واضحا ان اسرائيل قادرة على أن تهاجم وحدها ايران من دون أن توقع مصيبة على حلفائها. اسرائيل لا يمكنها وحدها أن تعطل ايران، إذ لهذا الغرض مطلوب عمل عسكري كثيف وقدرة امتصاص في عمق الجبهة الداخلية.
ان سياسة عدم التدخل هي سياسة فهيمة، يجب المواصلة فيها. فرغم الشائعات عن ابتعاد ما لاوباما عن اسرائيل أو بروده نحوها، يعتقد المطلعون ان الرئيس يؤيد اسرائيل ‘بجنون’ في مجال المساعدات الامنية على ان يمنحها احساس الامن الذي ستحتاجه عندما ستبدأ باخلاء المناطق. طوبى للمؤمنين. جون كيري هو جوزة قاسية وطموحة، والانطباع القائم حتى هذه اللحظة هو ان وزير الخارجية الامريكي لن يجر الى ألعاب بيبي ـ ليبرمان.
بيبي يلعب لعبة مزدوجة. فقد خلق الانطباع بانه أبطأ وتيرة البناء في المناطق، الامر الذي هو بعيد عن الحقيقة. وهو يعنى اساسا ببقائه الشخصي والسياسي، تحت غطاء من يتطلع الى السلام الذي يعرقله ابو مازن الشرير. ومؤكد أنه يوجد الى جانبه ما يكفي من الاغبياء، مثل داني دنون، ممن يعلنون على الملأ انه لم يجرِ ولن يجري ابدا اي نقاش في الحكومة في مسألة الدولتين للشعبين. واذا ما طرحت، فان معظم وزراء الليكود والبيت اليهودي سيسقطونها.
هذا الاعلان، الذي نفي، وأُكد مرة اخرى، حين تبين بان البيان المشترك مع رئيس الوزراء البولندي، الذي يعترف بحق الشعب الفلسطيني في دولة، الصيغة التي ليست بالتشاور مع رئيس الوزراء.
واذا ما طرحت، فانها ستسقط في الليكود وفي الحكومة أيضا.
من اعتقد ان الفوضى في رمات غان يقصد بها رئيس البلدية المدان، فقد أخطأ. الجريمة هي أن الدولة باسرها تدار بمستوى روضة الاطفال.

هآرتس 14/6/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية