«بيعة» ماكرون الإسلامية والاعتذار عن الاستعمار!

حجم الخط
21

أعلن مسؤولو «المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية» السبت الماضي، التوصل إلى اتفاق على «شرعة مبادئ» حول الإسلام في فرنسا، ضمن سياق ترتيب شؤون المسلمين في فرنسا، لإحداث «توافق» الشريعة الإسلامية مع «القيم الجمهورية» وكان من بنود الشرعة «رفض توظيف الإسلام لغايات سياسية» و«عدم تدخل» دول أجنبية في شؤون المسلمين، وكان واضحا أن ذلك تم بضغوط مباشرة من الرئيس إيمانويل ماكرون الذي هدد ممثلي المسلمين في فرنسا بـ«عواقب» إذا لم يوقعوا الشرعة، وتصادى ذلك مع تصريح أحد قادة المجلس، إبراهيم ألسي، الذي قال إن الشرعة «يجب أن تفرض على جميع ممثلي الجالية الإسلامية».
من نافل القول إن الضغوط والقسرية التي تعامل بها ماكرون بإشهاره سيف وزير داخليته جيرالد دارمانان، مع ممثلي المسلمين في فرنسا، تشبه إلى حد كبير أسلوب «البيعة» التي يستخدمها بعض طغاة الحكام العرب مع مواطنيهم، فإما أن يقبلوا بأسلوب حكمه، وبطريقة تأويله لدينهم، وإلا فسوف يواجهون بالعقوبات.
يمكن ربط هذه «البيعة» والعقلية التي تقف وراءها، بحدث آخر مناظر، وهو إعلان الرئاسة الفرنسية، الأربعاء الماضي، أنها لن تعبر عن «أي ندم أو اعتذارات» بخصوص جرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر، وستكتفي بـ«خطوات رمزية» لمعالجة ملف استعمار وحرب الجزائر، وهي خطوة يمكن ربطها بسهولة، بموضوع «شرعة المبادئ» المذكورة سالفا، باعتبارها استمرارا تاريخيا للعقلية الاستعمارية، والحرب التي لم تنته بعد مع الجزائريين، خصوصا، ومع المسلمين ومواطني الدول التي استعمرتها فرنسا سابقا، عموما.
تظهر هذه المسألة بوضوح جليّ في الأحوال الحالية للفرنسيين من أصول جزائرية، وهم قرابة مليوني مواطن، وفي حين احتاجت المصالحة الفرنسية ـ الألمانية إلى قرابة عشر سنوات، كما يقول مهند بن شريف، وهو رجل أعمال فإن المصالحة الفرنسية ـ الجزائرية «لا تزال بعيدة» مشيرا إلى أن الجزائريين يطالبون فرنسا بمجرد اعتراف، وأن عليها «أن تقدم اعتذارا لأنها لم تكن بمستوى القيم الفرنسية»!
والد بن شريف، هو واحد من 60 ألف «حركيّ» قاتلوا مع الفرنسيين، ولكن فرنسا تخلت عنهم رافضة استقبالهم، أما الذين نقلوا إلى فرنسا فعاشوا في ظروف صعبة، وقد عرض فيلم شهير التمييز العنصريّ الذي تعرضوا له، ومن ضمنه حرمانهم من رواتب التقاعد كما حصل مع زملائهم الفرنسيين «الأصيلين» فإذا كان هذا هو حال من قاتلوا مع فرنسا ضد مواطنيهم الجزائريين، وهو ما يفيد في تفسير كيف تنظر فرنسا الرسميّة، مع التوطد المستمر لاتجاهات العنصرية واليمين المتطرف داخل مؤسساتها، إلى الجزائريين والمسلمين عموما.
إحدى المفارقات المثيرة للسخرية لهذه القضية تظهر في إعلان وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان انزعاجه «بشكل شخصي» من وجود منتجات غذائية «حلال» كالكسكسي والهريسة (وهي طبعا من مأكولات المغاربة عموما) وهذا الوزير هو نفسه الذي أصدر مؤخرا قرارا بطرد جزائري رفض تزويد مطاعم يديرها يهود بمنتجات «كوشير» وغرد دارمانان قائلا: «قررت طرد رجل توصيل الوجبات من الأراضي الفرنسي بعدما أعلن أنه لا يريد توصيل الطلبات للزبائن اليهود كما حكم بالسجن 4 أشهر».
ما يحصل في فرنسا يكشف عمليا أن حرب فرنسا ضد الجزائر وسكان مستعمراتها السابقة لم تنته بعد، وكل ما في الأمر أنها اتخذت أشكالا جديدة للتعبير عنها.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول أحمد سالم:

    ما دمنا كدول إسلامية نستورد كل شيء من الغرب من المنتوجات الأساسية كالأدوية وأجهزة المستشفيات للعمليات المعقدة والسيارات والطائرات والسلاح والقمح والشعير والقائمة طويلة من الضروريات اليومية للعيش، بالإضافة الى التسول من أجل الحصول على قروض ميسورة من الدول الأوروبية او صندوق النقد الدولي، فليس هناك مجال لنا كجالية إسلامية ان نحدد شروط العيش في بلدان غربية يعتبر الدين او الكنيسة شيء من الماضي ولا حاجة للانسان الغربي في حياته اليومية.
    الحل هو في التفوق العلمي والعمل الجاد والمثابرة في كل المجالات الحيوية من أجل حضارة عربية إسلامية في خدمة الإنسانية.

    1. يقول Observer:

      I was tryin to comment but you said it all. Braka Allah Fika. Please publish

    2. يقول في خدمة الإنسانية:

      من الذي سيتطور وينتج ويتفوق؟ الطبقات الحاكمة الآمرة الناهية المسيطرة والمتواطئة مع الأسياد لأجل الكراسي؟ النفطيون يدفعون ريع النفط والحديد والذهب والماس والكاكاو والمطاط لأجل الكرسي ويشترون تقربا من “السيد” ويدفعون ل “السيد” الباقي ليعطي منه فتاتا ومساعدات للفاسدين في الدول الغير نفطية لستتب الأمن ويستهلك “الرعاع” “الرعية” سجائر و sub woofer ومركبة تفحيط وآيفون؟
      من يترك بلده وأصل منبته وذكريات طفولته وأهله وأحبته ليعيش في بلاد باردة الطقس والمشاعر، ليستدفئ في أفران وسموم مصانع الصلب والتعدين والدهانات والكيميائيات وبيجو ورينو وبيرليه من اجل ثمن بخس واذا تعطل عامله مكتب العمل والشعبويون كمتسول! أذاً كان اللجوء هربا من سطوتهم في بلادنا لسطوتهم في بلادهم! ها هم يعملون جميعا في خدمة الإنسانية إذا كانت الإنسانية نظام إقطاعي استهلاكي سندرومي! يعيش ليستهلك! لا يوجد مشكلة اذا!

  2. يقول الكروي داود النرويج:

    بسم الله الرحمن الرحيم:
    يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) الصف
    يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) التوبة

    1. يقول AR:

      سبحان الله…كأن كلام الله عزوجل نزل الان

  3. يقول الجزائر:

    على المنظمات الحقوقية الحكزميوزالغير حكزمية مطالبة مجلس بإدانة فرنسا الاستعمارية على ابادتها لأكثر من 10ملايين جزائري طيلة 130 سنة قهر و نهب وسلب بالإظافى الى1.5 مليون جزائري بعد ثورة نوفمبر1954 ، فرنسا أجرت تجاربها النووية في الصحراء الجزائرية واستعملت لذالك جزائريين مكبلين لدراسة آثار الدمار الذي خلفته تجاربها اللعينة، فرنسا الاستعمارية الحقت الضرر بالجزائر و افريقيا القارة وكذلك بفييتنام وشعبها ولم نرى منها خيرا الى غاية اليوم، على الشرفاء من المنظمات الحكومية وغيرها في الداخل والخارج ان يجرجروا فرنسا وجنرالاتها قتلة الابرياء امان المحاكم الدولية وعلى رأسها محكمو العدل الدولية كي تدان امام العالم ،وفاءا للشهداء ضحايا التعذيب والقتل وحتى يعرف العالم الوجه الحقيقي لفرنسا الاستعمارية

  4. يقول ماغون:

    وفق تصرفانه يعتبر عاطلا عن العمل لا شغل له سوى طرهات يلفت بها انتباه المتأمل لفرنسا التي أفلست سياسيا واقتصاديا وجتماعيا وأخلاقيا ووبائيا … فهو أي ماكرون لم يجد ما يتلهى به سوى أن يسترجع ذكريات دموية لبلد عجوز مثل فرنسا.

  5. يقول م. محمد جبرؤوتي:

    هذا التجاوز سببه إسرائيل لو أننا نحترم مقدساتنا ونحرر الأقصى ما كان لأحد من السفهاء أن يجرؤ بالتطاول على الإسلام والمسلمين .. خلي يصير دعوة على النت لثورة ضد إسرائيل مرفقة بدعوة للنفير العام وانظروا بعدها كم هي المسايرة والمجاملة للمسلمين.

    1. يقول من جعبة المفاهيم متأصلة:

      هناك نصارى ضد اسرائيل ويدافعون عن نصارى فلسطين ومقدساتهم ويجمعون تبرعات لهم، اوروبا لا تريد اليهود في اوروبا تريدهم في الشرق الأوسط! وهل كانت فلسطين بخير ايام الحروب الصليبية؟
      هل اذا اخرجنا اليهود من فلسطين وتم توطينهم على القمر انتهى الصراع بين الشرق والغرب وعاد ماكرون وترامب وبوش وبوتين ملائكة؟

  6. يقول AR:

    بعد عقود من الاعلام النافخ بفكرة “الاستثنائيه الفرنسيه” وتعزيزها بمناهج مدرسيه موغله بالشوفانيه والتحيز بعرض التاريخ وتضخيم المنجز الفكري الفرنسي وتنميط الاخر، افضت للاسف بجعل الامه الفرنسيه من اكثر الشعوب تشوها اخلاقيا وايمان مطلق بالتميز وتفوقهم “عن البرابره الوحشيين” وان الغير يجب ان يؤمن كذلك بتفوق الشعب الفرنسي وان يشعر بالامتنان ان الشعب الفرنسي ينظر بعين العطف وقبل تحضيرهم في حقبة الاستعمار وهذه صفات الانسان المتوسط الفرنسي وليس بالضروره محصوره بالعنصريين الموجودين في كل مكان. فلهذا يستغرب مثلا الامريكي والبريطاني والالماني المتوسط هذه الهجمه الفرنسيه على القيم الاساسيه الانسانيه بحجة حماية العلمانيه وهي دول جميعها علمانيه.

  7. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم رأي القدس اليوم عنوانه («بيعة» ماكرون الإسلامية والاعتذار عن الاستعمار!)
    ماكرون يمثل الروح الصليبية الحاقدة بكل تجليات الحقد الاعمى والتعصب المقيت ضد الإسلام والمسلمين وهو امتداد لروح الحملات الصليبية الاستعمارية التي كانت تنطلق من فرنسا لاحتلال بلاد المسلمين والتنكيل الوحشي بشعوبهم وتهجيرهم وتقتيلهم.
    المسلمون الفرنسيون الحاليون في غالبيتهم هم نسل الجزائريين الذين اصطفوامع الإحتلال الفرنسي للجزائر ضد ثورة شعبهم ورحلوا معه من وطنهم الاصلي إلى فرنسا خوفا من انتقام الثورة منهم ؛ ومع كل ما قدموه من خدمة لجيش الاحتلال لبلادهم ،فهم منبوذون من الفرنسيين المتعصبين وعلى رأسهم الرئيس الفرنسي ماكرون.
    وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان
    ،وبتعصب وحقد اعمى، يمقت اكل مسلميها للحلال ويعاقب من يرفض توريد هذا الحلال نفسه (كوشير) من المسلمين لليهود الفرنسيين علما بأن الجالية اليهودية في فرنسا أقل من نصف الجالية المسلمة هناك .
    بدعة ماكرون ل«توافق» الشريعة الإسلامية مع «القيم الجمهورية»
     (تشبه إلى حد كبير أسلوب «البيعة» التي يستخدمها بعض طغاة الحكام العرب مع مواطنيهم، فإما أن يقبلوا بأسلوب حكمه، وبطريقة تأويله لدينهم، وإلا فسوف يواجهون بالعقوبات.)

  8. يقول Abo Khalil:

    شخصيا” لم احب تاريخ فرنسا سواء الحديث او القديم و لم تعجبني ابدا” ثقافتها بل و مقاطع منتجاتها احتجاجا” علي تعاملها مع المسلمين علي ارضها. و زرتها مره وحيده عام 2001 و لم تعجبني و لا احب زيارتها. فمعظم الأشياء التي تراها في المتاحف مسروقه فضلا” عن قلة النظافه في الشوارع و انتشار المتسولين و متعاطي المخدرات. لكن عجبني الاكل و المطبخ الفرنسي.
    علي فرنسا التوقف عن الكيل بمكيالين و النفاق الاعمي. من ناحيه تعترف بابادة الارمن و تجرم التشكيك في الهولوكوست و اللاساميه. لكن عندما يتعلق الامر باعمالها البشعه الغير انسانيه فلا تريد الاعتراف و التعويض و التكفير عن ذنبها.

  9. يقول بلحرمة محمدالمغرب:

    لن الوم فرنسا عن افعالها واقوالها فهي معروفة سلفا بانها من القوى الغربية الاستعمارية المعادية للاسلام والمسلمين فلا شك في دلك مهما حاول البعض من اشباه المسلمين تلطيف سياسات فرنسا فمحاربة الاسلام ليس وليد اليوم بل هو امتداد لقرون طويلة اي مند رساله النبي محمد صلى اللع وعليه وسلم ولكن من الومهم اكثر واحملهم النسب العالية من هدا التغول الفرنسي هي الانظمة الاسلامية ومؤسساتها الباهتة والمؤسسات الدينية التي يبدو انها منشغلة في ترتيب الفتاوى التي تخدم السلطان والتي ما اتى الله بها من سلطان ففرنسا والغرب جميعه بقيادة الولايات المتحدة والعصابات الصهيونية سيستمرون في استهدافهم لديار المسلمين ما دام الهوان والخنوع والاستسلام هي عناويننا.

  10. يقول احمد:

    أول من يخذل الإسلام ويعلي من شأن السامية هم حكام المسلمين والحركة وعليه فالعيب فينا أولا قبل ان ننسبه لغيرنا من غير المسلمين

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية