برلين ـ «القدس العربي»: ألقت حادثة الحريق الجزئي الذي تعرض له مبنى صحيفة «هامبورجر مورجن بوست» الالمانية ظلالها على الترتيبات الامنية المتوترة، اذ أن الصحف الالمانية وخاصة التي أعادت نشر رسومات مسيئة للاسلام تابعة لأسبوعية «شارلي ايبدو» الفرنسية، كانت قد طلبت حماية خاصة من الشرطة الالمانية لخوفها من استهدافها. وبالرغم من الاجراءات الامنية المشددة أستطاع مجهولون بأن يلقوا بمواد حارقة على أرشيف الصحيفة من الفناء الخلفي الخاص بها في مدينة هامبورغ، مما أسفر عن احتراق بعض الملفات، وحالت سرعة رجال الاطفاء في اخماد النيران من امتدادها لأجزاء أخرى من الصحيفة، فيما القت الشرطة الألمانية القبض على شابين كانا يتصرفان بشكل مثير للشبهات في محيط المكان، وفتحت تحقيقا خاصا للاستدلال على الفاعلين، فيما ذكرت الصحيفة الالمانية أن مبناها كان خاليا من وجود أي موظفين ساعة الحريق. ونشرت الصحيفة على موقعها الالكتروني صورا للضرر الذي أصابها، ونشرت مقتطقات من كتابات التضامن التي وصلتها، واعدة قراءها بمتابعة المسير وعدم الاستسلام.
الى ذلك ما زال الشارع الالماني يعيش وطأة الاعتداء الارهابي الذي وقع في باريس الاسبوع الماضي حيث حذر وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزير حركة «أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب» المعروفة بأسم «بيغيدا» من استخدام ما حصل في باريس لزيادة التحريض على الاجانب والمسلمين، وقال دي ميزير لصحيفة «بيلد أم زونتاج» الألمانية الأسبوعية الصادرة أمس الأحد بأن «استخدام مثل هذا الهجوم المروع للأهداف الخاصة يعد أمرا دنيئا. وإن ما تحاول (بيغيدا) فعله يعد لعبة غير شريفة». وقال: «قيل في البداية إن لديهم قلقا من أسلمة الغرب. والآن يقولون: ألا ترون، لقد حذرنا من الإسلام السياسي».
ودعت الحركة المتطرفة على موقعها الالكتروني أنصارها ومؤيديها من أجل التجمع للانطلاق في مظاهرة ضخمة في مدينة دريسدن الالمانية،اليوم الاثنين، بهدف التضامن مع ضحايا باريس الارهابي. واتهمت الحركة المسلمين على صفحاتها الالكترونية بأنهم ضد الغرب ويدعون إلى أسلمته وافناء حضارته. وهاجم انصار الحركة العرب والمسلمين على مواقع صفحات التواصل الاجتماعي ونعتوهم بأقذع الصفات، كذلك حذرت الحركة من الاكراد «وشتمتهم ، وهاجمت قوات البيشمرغة الذين يحاربون تنظيم»الدولة الاسلامية»، اذ أكدت بأنه حتى هؤلاء الاكراد هم خطرون على الغرب والمانيا ولا يمكن الوثوق بهم، وبانهم وحوش وارهابيون، لا يجب دعمهم».
ووفقا لمجلة دير شبيجل الالمانية فأن الحركة أخذت باتباع اسلوب جديد لمهاجمة أعدائها من الاجانب والمسلمين، مأخوذ من عبارات واساليب دعائية اتبعها الدكتاتور الالماني السابق «أدولف هتلر» لمهاجمة أعدائه. وقالت المجلة «وفقا لما استطعنا الوصول اليه من معلومات داخل مجموعات مغلقة تابعة لاعضاء وأنصار لبغيدا، فأنه كان من الملاحظ أن العبارات المستخدمة لذم الاجانب مقتبسة من أقوال سابقة لهتلر، وقريبة من دعايته في شيطنتهم».
الى ذلك أعرب الفيلسوف الألماني راينر فورست عن رأيه في أن ألمانيا لا تعد مجتمعا متسامحا وقال تعليقا على الإقبال المتزايد على مظاهرات حركة (بيغيدا) في حوار مع المجلة «فيلوسوفي ماجازين» المختصة في مجال الفلسفة في عددها المقرر صدوره في شهر شباط/فبراير المقبل، إن المجتمع الألماني يواجه الآن كثيرا من النزاعات والإحباطات وكذلك النكسات وهو غير متسامح مع الاجانب برأيه. وأشار فورست إلى أنه «أمر طبيعي أن يفضل كل شخص متدين ديانته على الديانات الأخرى، ولكن إذا رأى هذا الشخص أن بإمكانه تحقيق امتياز لديانته في الحياة الاجتماعية والسياسية انطلاقا من انتقاد الديانات الأخرى، فنكون حينئذ بصدد مواجهة تعصب».
علاء جمعة