يقال إن القهوة قد أخذت رحلتها من مكة إلى إسطنبول عن طريق رجلين من أصل شامي، وفي ذلك روايات متضاربة، ولكن ما يعنيني هنا مذاق قهوتي التركية، التي اعتدتّ الحصول عليها من محمصة شامية، على مقربة من مسجد السلطان محمد الفاتح رحمه الله، فأنا بنت حوران شمال الأردن، التي قضت طفولتها في مضارب نجد السعودية، وانتهى بها المطاف في أرض خلافة بني عثمان.
هذه الخواطر دارت بخلدي ذات يوم، عندما سِرتُ وفق عادتي القديمة في التفاؤل المدفوع بطوفان الأمنيات، ما جعل مني كاتبة وردية، كما وصفني أحدهم، في تلك الآونة تفاءلت وربما أفرطتُّ بالتفاؤل، في عودة العلاقات العربية التركية إلى سابق عهدها من التلاحم والتقارب، وعلى وجه الخصوص العلاقة بين السعودية، حاضنة الحرمين وقبلة المسلمين، وتركيا التي تمثل امتدادا للحضارة العثمانية التي استوعبت أطيافًا عدة تتلاحم خلف راية واحدة.
استعدتّ من صفحات التاريخ أنباء الفتح العثماني في القسطنطينية، ومعها رسائل التهنئة من شريف مكة إلى السلطان العثماني، ثم حولت النظر إلى مشهد التقارب الواضح بين القيادتين التركية والسعودية، قبل أن يحل بينهما الخريف، فوافق ذلك تطلعات رامت إليها نفسي. قدَرُ الكاتب دائما أن يظل حبيس المشهد الذي التقطه له القارئ، والذي يحمد للكاتب تحوّلاته إذا كانت في الاتجاه الذي يهواه، ويذم جذوره وسلالته إذا كانت تحولاته في اتجاه مغاير لما يهواه. ولطالما خلعتُ القبعة للقيادة السعودية في بداية عهد الملك سلمان، حتى أخذتُ صكًا بأنني أسيرة الأرز السعودي وأجيرة آل سعود، ولم أعبأ بذلك مع اعتدادي بنفسي بأني لم أقبل يوما مجرد هديّة من أي جهة خليجية لا حكومية ولا خاصة.
ولما ظهر لي ولغيري أننا أفرطنا في هذا التفاؤل، صرت أنتقد النظام السعودي، وهذا حق لي ولغيري، طالما لم يتلبّس بتزييف أو تلفيق، ولم أطلق لساني بألفاظ نابية تنال من ولي العهد، كما يروق للبعض أن يستخدمها في ذلك الموطن، ذلك لأن النقد غير مقصود لذاته، وكثيرا ما وعّيت القراء إلى أنه ينبغي عدم وضع كل حُكّام آل سعود في سلة واحدة، وأن شتمهم ليس دينا أعتنقُه ككاتبة. وأبرز ما أكدت عليه، هو ضرورة الفصل بين الشعب السعودي وقيادته، فإني أدين لله بأن معظم السعوديين أهل دين، ومن أكثر من حافظوا على التقاليد الإسلامية والقيمية الأصيلة، بخلاف الزمرة التغريبية التي استولت على الإعلام بأجندات غربية، واستوطنت القصر الحاكم، وسيطرت على قرارات ولاة أمرها، بل معظم السعوديين، يشعرون بأن هذه المنابر التغربية موجهة ضدهم، لا ضد أعدائهم، تشيع الخراب في المجتمع، وتُعمّم رذائل القول والفعل، وتدس السم في العسل ثم تترنّم بوطنية مزعومة ليس لها معالم. ولكن يبدو أن الإخوة في السعودية لم يستوعبوا هذه المعادلة، كما ينبغي، واعتبروا نقدي للنظام طعنا في المملكة كلها، ولا تثريب عليهم، فلا ألومهم وسط هذا الطنين الفاحش الذي يُحدثه الذباب الإلكتروني، وبعض من احترفوا التصنيف والتبخيس والدخول في النوايا، وتقويل الناس ما لم يقولوا، ومن أصحاب الحسابات السعودية الموثقة، المُوالية لنهج أبوظبي الأشد شراسة ووضوحا في عدائه لكل ما هو أخلاقي، وتلبيسه القضايا على أهل هذا البلد. ورغم أنني منذ صار لي موطئ قدم في عالم الكتابة، أذود عن تركيا الجديدة، ومنذ أن كنت في بلدي الأردن، وحينها لم يُشغِّب عليّ السعوديون، إلا أن ذلك الذوْد صار محرما عليّ الآن، بعد أن صرت أنتقد السياسات السعودية.
متى ندرك أن الأمر ليس اختيارا بين هذا وذاك، إنما هي تحولات وتغير معطيات، ولو دار الزمان دورته، وتولى زمام الأمور في تركيا من يفسد فيها لما توانيت عن نقده، حتى إن اقتضى الأمر أن أغادر هذه الأرض، أو تُسحب جنسيتي التُركية التي مُنحت لي تكريما واحتراما من أهل فضلٍ، لم أطرق يوما أبوابهم، كما لم أطرق أبواب سواهم.
الخطر الصحي والاقتصادي جسيم، يهددنا جميعا، ولا نجاة لنا إلا بالتكاتف، فكل منا سيحتاج الآخر يوما ما
بالمناسبة، عندما تقرؤون هذه الكلمات، سوف تستحق صحيفة «القدس العربي» بذل الشكر مني إليها، لأنها سمحت لي بالخوض في الشأن الخاص على هذا النحو في ذلك الجزء الفائت. المتأمل في اتجاهات العلاقات بين السعودية وتركيا وأصدائها على المنابر الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي، يلحظ فجوة بين حجم ملفات الخلاف بين الدولتين، وتعاطي تلك المنصات معها، فقضايا الخلاف بين النظام السعودي ونظيره التركي محدودة، أبرزها الموقف التركي من الحصار المضروب على قطر، وقضية مقتل جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول، لكن الذباب الإلكتروني وأصحاب الأقلام المشبوهة من الكتاب السعوديين، يؤججون الخلاف ويقحمون تركيا في كل صغيرة وكبيرة، ويخوضون حرب قصاصات التاريخ، ويحيون النعرات القومية، لخلق رأي عام سعودي معادٍ للأتراك، وإلا فإن الشعب السعودي لم يكن يوما يناصب تركيا العداء، بل ينظر إليها باعتبارها جزءًا من جسد الأمة الإسلامية، وقبل هذه «الفتنة» كنا كثيرا ما نسمع ونقرأ لدعاة ومفكرين سعوديين عن إنجازات الدولة العثمانية وما قدمته للأمة.
أعلم أن هناك من يقول بأن أصحاب هذه الأقلام مُوجّهون، وهذا صحيح في جانب منه، لكن تجدر الإشارة إلى أن المنابر الإعلامية التغريبية في المملكة، تحظى بالرعاية والتوجيه من الخارج، وهذا لم يعد يشك فيه متابع، وكثيرا ما كانت تغرد خارج السرب، فكل عملها ينصب على تنفيذ أجندات غربية بغطاء وطني.
وها هم ومنذ أيام يطالبون بإلحاح بحجب وكالة الأناضول، وسائر المواقع التركية لتعقيم البيئة السعودية، كما يدّعون، مع أن التعقيم الصحيح هو بناء المواطن ومنحه الاستقلال الفكري، وتوفير بيئة الحريات الفكرية والثقافية التي تصقل عقله، ومن ثم يستطيع التمييز بين الصحيح والسقيم، وليس بحجب المواقع والصحف. المطالبة بحجب وكالة الأناضول والمواقع التركية يأتي في سياق تأجيج نار الخلاف بين الشعبين، وإلا فإن هذه المؤسسات الإعلامية التركية، تنتقد بدون تجريح أو سباب، ولا تجعل نقدها في قالب كاريكاتيري ساخر، على غرار ما تفعله بعض الدول العربية مع الحكومة التركية، ونعتها بأقبح الألفاظ.
ومن جهة أخرى يحق لنا أن نتساءل: لماذا لا يطالب هذا الذباب الإلكتروني بحجب الصحف الغربية، التي تنال من النظام السعودي بالسخرية والسباب، وعدم الاحترام؟ فعلى سبيل المثال: تقرأ على صفحات «الغارديان» البريطانية مثل هذا العنوان: Saudi Arabia’s crown prince urgently needs an adult in the room. وترجمته: «ولي عهد ملك المملكة العربية السعودية بحاجة ماسة إلى شخص بالغ في غرفة النوم»، وهي عناوين ساخرة تكاد تكون اعتيادية في الصحف الغربية، فلماذا لم تثر ثائرة القوم، ولماذا لم يطالبوا بحجب هذه الصحف؟ وهل استخدمت الأناضول وغيرها من المنابر الإعلامية التركية مثل هذه العناوين؟ ألا يلاحظ المتابعون أن الإعلام التركي يقف موقف المدافع في هذه الآونة ضد الحملة الممنهجة المسعورة، التي تكيل لتركيا الاتهامات والفِرى ليلا ونهارا؟ غير أنني أكاد أجزم بأن الشعب السعودي، رغم هذه الحملات لا يزال مرتبطا بالأتراك، ولن تنال من تعاطفه مع تركيا، خاصة في حقبة العدالة والتنمية التي أعادت تركيا إلى أحضان الأمة الإسلامية والعربية، وكثير من مثقفي المملكة الذين أتواصل معهم دائما يؤكدون لي ذلك، وأن مخرجات التواصل الاجتماعي التي يسيطر عليها الذباب، لا تعبر عن حقيقة موقف الشعب السعودي من تركيا.
إننا في الوقت الذي يواجه العالم فيه عدوا مشتركا خطِرًا (فيروس كورونا)، فإن العالم العربي بحاجة إلى التقارب وتجاوز الخلافات مع الأتراك، فالخطر الصحي والاقتصادي جسيم، يهددنا جميعا، ولا نجاة لنا إلا بالتكاتف، فكل منا سيحتاج الآخر يوما وبلا أدنى شك.
تنبيه: في اللحظة التي أتممت فيها مقالتي هذه، جاءني خبر حجب وكالة الأناضول في السعودية، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
كاتبة أردنية
عنوان مهم (بين السعودية وتركيا… من يضرم النار؟) وتزداد الأهمية عندما تصدر من كاتبة تتبع آل البيت (الأردن) قانونياً،
كما نشرته جريدة القدس العربي (إحسان الفقيه) في سياق زمن كورونا وهو الأهم، لماذا؟!
استغلال قضية حصار قطر بعد 5/6/2017، لارسال قوات عسكرية إلى قطر،
وبعد ذلك قضية الصحفي (جمال خاشقجي)، عندما اختفى في مبنى يتبع المملكة العربية السعودية في مدينة اسطنبول،
بواسطة أي كاتب أخذ أي جانب، هو من يضرم النار، خصوصاً اتباع آل البيت، الذين هم ضد الدولة العثمانية، وضد بدو العرب من دول مجلس التعاون في الخليج العربي وليس فقط المملكة العربية السعودية،
على أرض الواقع، لغة القرآن، هي الوحيدة التي ليس لها ترجمة، بأي لغة إنسانية، وهذا ما لاحظت الكثير يجهله،
حيث ليس هناك كتاب للغة القرآن، بغير لسان العرب، يمكن اعتماده كحكماً قانونياً، في أي مسألة من المسائل، حتى في تركيا العلمانية منذ استلام أتاتورك وحتى حكم رجب طيب أردوغان،
وهنا مشكلة الدول الأوربية، ومن يتبعها في نموذج الإدارة والحوكمة، مع الإسلام،
حيث هم يريدون ترجمة لا تتعارض مع سلطة الدولة، لاستعباد الإنسان والأسرة والشركة المُنتجة للمُنتجات الإنسانية، حتى يدفع ضرائب ورسوم وجمارك بلا مشاكل أو اعتراض،
بالأمس شاهدت على قناة الجزيرة حوار حول كتاب في برنامج خارج النص، في الرابط التالي:
https://youtu.be/iZEuoOh4z0M
من وجهة نظري أخطأ (جمال خاشقجي)، تماماً في رؤيته وطريقة صياغة مفاهيمه، كإنسان، وكمسلم، وككاتب في موضوع اقتصادي،
أن يكون أساس كتابه، فكره توطين الوظيفة،
حتى يكون الإنسان عالة على آلة الدولة البيروقراطية،
بدل أن يكون رافد الرؤية كمساهم في الضرائب والرسوم والجمارك لدفع تكاليف ميزانية تشغيل خدمات الدولة، بعيداً عن إيرادات الموارد الطبيعية،
لأن إشكالية السعودة/التوطين الوظيفي، التي ظهرت كرد فعل بعد 2/8/1990، واحتلال الكويت،
أو إلتزام بالتحول نحو متطلبات الترتيب الجديد للعالم الذي فرضه (جورج بوش) الأب بعد تحرير الكويت، في مؤتمر مدريد للسلام، تحت قيادة صندوق النقد والبنك الدولي وأخيراً معهد الحوكمة الدولي، وشروطهم الخمس:
– الشفافية،
– اللا مركزية،
– حاضنة التقنية،
– الحوكمة الرشيدة،
– حق تعليم لغات الأقليات نفس حق تعليم اللغة الأم،
والتوطين الوظيفي، يختلف عن توطين التعليمات/القوانين، لأن له تأثير كبير، على مفهوم المنافسة، مع أي إقتصاد في أجواء العولمة، للجميع،
بداية من تايوان ودول مجلس التعاون في الخليج العربي، كممثلي دول أولاد السوق أولاً،
والتي تختلف تماماً في أولويات الإدارة والحوكمة عن أولويات دولة أولاد الشارع أولاً، كما ظهرت في تعاملها مع أزمة كورونا.??
??????
بارك الله فيكم وجزاكم خيرا
إننا في الوقت الذي يواجه العالم فيه عدوا مشتركا خطِرًا (فيروس كورونا)، فإن العالم العربي بحاجة إلى التقارب وتجاوز الخلافات مع الأتراك،
كل منهن تسيّس الفيروس “المسكين” على أهوائها الخاصة وحسب ما يروق لها ولمن وجهوها وهي تحتسي “قهوتها التركية” بتحميصها الشامي وتأصلها اليماني ,,, !!؟
هناك مثل يقول “الغيرة ترد (تجعل ) العجوز صغيرة ,,فالسعودية الرسمية اخافها النجاح الاقتصادي و السياسي لتركيا اردوغان و الحب الذي يتمتع به الزعيم اردوغان في جميع البلاد الاسلامية بدات اولا بمحاولة المنافسة مع تركيا برؤية 2030 و لما تيقنت ان لا مجال لذلك انتقلت الى نشر الاكاذيب و السب والشتم و التحريض و هذا سبيل الضعفاء و لهذا نقول لهم ان اردوغان لو ترشح في اي بلاد عربية سيكون الفائز و بفارق كبير و دون حملة انتخابية هذا عربيا اما تركيا فالحمد لله ان الاتراك لا يقرؤون و لا يفهمون سخافة اعراب محور الشر
*قبل جريمة جمال خاشقجي (الله يرحمه)
كانت علاقة (السعودية) ب (تركيا)
قوية وزيارات متبادلة بين المسؤولين
وانتكست العلاقة بعد الجربمة.
*تركيا لأنها صادقة لا تستطيع (التطنيش)
ونسيان الجريمة..
*عموما اذا لم يتعظ(ابومنشار)
قل على السعودية .. السلام..
حسبنا الله ونعم الوكيل.
تحية للسيدة احسان وللجميع
لن اعلق على الخلافات السعودية التركية وسياسة البلدين بالشؤون الداخلية والخارجية لكل منهما ولكن استوقفني النص فإن الشعب السعودي لم يكن يوما يناصب تركيا العداء، بل ينظر إليها باعتبارها جزءًا من جسد الأمة الإسلامية، وقبل هذه «الفتنة» كنا كثيرا ما نسمع ونقرأ لدعاة ومفكرين سعوديين عن إنجازات الدولة العثمانية وما قدمته للأمة. هل كان الشعب السعودي يوما له راي في القضايا الداخلية او الخارجية وهل هناك صحافة حرة او احزاب وهل شاهدنا يوما ما مسيرات تاييد او شجب للشعب السعودي في كل ما حصل حوله منذ نشات الدولة السعودية
على تركيا ان تبادر بسحب فتيل الخلاف حتى لا ينفجر !!..
وان تتحمل في سبيل ذلك لأن خسارة العمق العربي سنكون كارثية …
نتمنى ان لاتعود السعوديه.. عرفت صديقها من عدوها هذه الازمه اماطت اللثام عن المستخبي صديقي هو انا لاغير لاعبي ولا غيره وخاصه عرب الشمال أكثر من يكره ويحسد السعوديه الله يعطيهم مثل مايتمنون للسعوديه..!!
عرب الشمال هم أهل بلاد الشام….وهم من قاليهم رسول الله عليه الصلاة والسلام..لا يزال طائفة من أمتي على ألحق ظاهرين لا يضرهم من عاداهم..قلنا اين هم يا رسول الله .قال هم ببيت المقدس واكناف بيت المقدس..وليس اهل السعودية يا عتيبي…يا عتيبي انظر الى سياسات السعودية الهدامة الأمة الإسلامية إقتصاديا سياسياً…انتم من حلبكم ترامب..انتم من دمرتم سوريا واليمن وليبيا…انتم تناصرون نتنياهو.حاليا