لندن- “القدس العربي”: استمر مسلسل سقوط المنتخبات العربية في الجولة الثانية لنهائيات كأس العالم قطر 2022، وكانت البداية بخسارة المنتخب القطري أمام السنغال بنتيجة 1-3، ثم بتهاوي تونس والسعودية أمام أستراليا وبولندا، وسط تساؤلات حول أسباب تباين نتائج الصقور الخضر ونسور قرطاج، بعد البداية المشرقة، بمعجزة الأول أمام ليونيل ميسي ورفاقه في المنتخب الأرجنتيني، وتعادل الثاني مع الدنمارك.
في واحدة من المرات النادرة في هكذا مواعيد، دخل الأخضر المباراة، بصفته المرشح الأوفر حظا للفوز، بعد الأداء الملحمي أمام راقصي التانغو، وهو ما كان واضحا على أرض الملعب، بما يمكن وصفه مجازا “اكتساحا” للمنتخب السعودي، بغارات لا تتوقف من كل مكان في الملعب.
لكن كما يقول عمنا نجيب محظوظ “آفة حارتنا النسيان”، تلك الآفة التي شاهدناها في حالة الاسترخاء وقلة تركيز عبد الإله العمري والبليهي، بالطريقة التي مكنت البولنديين من خطف الأسبقية، بنفس الجملة المحفوظة، إرسال الكرات العرضية للقائد روبرت ليفاندوسكي، والسرعة الأوروبية في التحول من الدفاع إلى الهجوم، والأمر المحبط، أن الهدف جاء من أول فرصة منظمة وحقيقية على مرمى الحارس محمد العويس.
صحيح منتخبنا السعودي، كان الطرف الأفضل والأكثر هيمنة وإلخ، لكن كانت هناك دائما حلقة فارغة، وكانت تكمن في ضعف الانسجام بين الخطوط الثلاثة، مقارنة بالنسخة العالمية التي كنا عليها أمام الأرجنتين، وهذا يرجع في المقام الأول، لتأثر الفريق بغياب القائد والمبدع سلمان الفرج، ومعه الفدائي ياسر الشهراني، أضف إلى ذلك حالة الاضطراب التي طرأت على الدفاع، نزولا لقرار المدرب الفرنسي هيرفي رونار، بالاعتماد على العمري، بدلا من شريك البليهي في ملحمة الأرجنتين، حسان تمبكتي، وذلك لمجاراة الأطوال الفراعة لجلاد برشلونة ورفاقه، بيد أنه على أرض الملعب، أتى بنتائج عكسية.
كل ما سبق يبقى في كفة، والرعونة أمام المرمى في كفة، بإهدار كم صادم من الفرص المحققة أمام حارس المرمى البولندي تشيزني، منهم فرصة العودة إلى الحياة ومهد المونديال، والحديث عن ركلة الجزاء التي أضاعها سالم الدوسري قبل الذهاب إلى غرفة خلع الملابس بين الشوطين، من أصل 11 محاولة للأخضر على حارس مرمى يوفنتوس، مقابل 4 محاولات لممثل القارة العجوز، لكنها تكشف الفارق بين الواقعية والتسرع، لنا أن نتخيل أن ليفا ورفاقه، سجلوا مرتين وضربوا العارضة في مثلهم، تقريبا نفس الطريقة التي قهر بها المنتخب السعودي نظيره اللاتيني، وهذا يعكس الفارق الكبير في تركيز اللاعبين بين المباراتين، وربما يكون سببه، الضغوط الإعلامية والجماهيرية، التي أخذت منحنى آخر بعد البداية التاريخية.
بالنسبة للمنتخب التونسي، فكان واضحا أن مدربه جلال القادري، لم يذهب إلى ملعب “الجنوب” بنية أو رغبة العودة إلى الفندق بالثلاث نقاط والتقدم خطوة عملاقة نحو كسر عقدة الدور الثاني لكأس العالم، ووضح ذلك من خلال مبالغته في التحفظ، باللعب بثلاثة مدافعين، أمام منافس لا يقوم بضغط عالي ويلعب بطريقة دفاعية بحتة، بل يمكن القول، إن مدربه جراهام أرنولد، كان يعرف ما يريده من المباراة، بالحفاظ على الهدوء والعقلانية، إلى أن تأتي الفرصة المناسبة، لاستغلال أسلحته الفتاكة، في تعامل مهاجميه مع الكرات العرضية.
كما لم يفكر المدرب التونسي في أخذ المبادرة، باستغلال الاحترام المبالغ فيه من قبل الخصم، حتى بعد التأخر في النتيجة، لم يتدخل إلا في الشوط الثاني، ما بين تغييرات جاءت بعد فوات الأوان، وأخرى أتت بنتائج عكسية، مثل التأثير السلبي لخروج عصام الجبالي وإشراك طه الخنيسي في آخر ربع ساعة.
هذا بخلاف علامات الاستفهام حول الإبقاء على أهم مفاتيح اللعب على مقاعد البدلاء، وعدم الاستفادة منهم في بداية المباراة وقت تراجع المنافس، كفرجاني ساسي ووهبي الخزري، فضلا عن تجاهل القائد علي معلول طوال الـ90 دقيقة، رغم قدرته على صنع الفارق، بقدمه اليسرى السحرية في الأدوار الهجومية، وهذه الإدارة غير الموفقة من قبل القادري، خلقت حالة الاضطراب والاستعجال في نقل الكرة وإنهاء الهجمات، فكانت الضريبة خسارة ثلاث نقاط كانت في المتناول، نأمل ألا تكون نهاية للصحوة العربية والقادم يكون أفضل.