عملية القدس هي بمثابة الضربة الأكبر حتى اللحظة التي تتلقاها حكومة نتنياهو، وتأتي كرد على المنهج الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين قام على القتل كما تجلى في مجزرة مخيم جنين.
رام الله ـ «القدس العربي»: حسب ادعاء الاحتلال الإسرائيلي فإن اقتحامه الدموي لمخيم جنين قبل يومين والذي خلف وراءه أكبر عملية استعراض للقوة والقدرة على القتل من الحكومة الإسرائيلية الجديدة والتي راح ضحيتها 9 مواطنين وعشرات الإصابات، حسب هذا الادعاء فإن الاقتحام كان لاعتقال مطلوبين لديه كانوا يخططون لعملية عسكرية في الداخل الفلسطيني.
لكن المفارقة ذات الدلالة المهمة تتمثل في أن الرد الفلسطيني السريع والقوي جاء من شاب فلسطيني من مدينة القدس ليس لديه أي سجل أمني حسب تصنيفات الاحتلال (ليس مطلوبا) وبمسدس بسيط، وفي ساحة غير متوقعة بحيث حملت أكبر صفعة للحكومة الإسرائيلية الجديدة، وهو أمر يعيد طرح سؤال: هل يفهم الاحتلال الإسرائيلي الدرس المتكرر من ممارساته الوحشية؟
قد يكون الشاب المقدسي اتخذ قراره بتنفيذ هجوم القدس (مستوطنة بني يعقوب) الذي منح الفلسطينيين مزاج الفرح بعد يومين من البكاء والحزن والعويل والتهديد، بعد مجزرة جنين، وقد تكون المجزرة الحدث الذي سرع بتنفيذه العملية في حال كان مخططا لها، وقد يكون الحدث الذي منحه العزيمة والإرادة للعمل على إيقاع أكبر الخسائر في مدينة القدس، لكن المؤكد أن ما تعرض له مخيم جنين من استهداف وحشي ودموي هو أكبر محفز ومشجع لتنفيذ العملية بسرعة انتقاما للشهداء. ليكون السؤال الثاني وعلى إسرائيل مواجهته ويتمثل في: من هو المنفذ الثاني لعملية آتية متوقعة مع فشل كبير في كل الإجراءات الأمنية الاحتلالية وتحديدا في مدينة القدس التي تعتبر الأكثر استهدافا وتهويدا؟
الضربة الأكبر
وحسب عماد أبو عواد، مدير مركز «القدس» للدراسات، فإن عملية القدس هي بمثابة الضربة الأكبر حتى اللحظة التي تتلقاها حكومة نتنياهو. وهي عملية لا تأتي في سياق الرد على عملية إنما تأتي كرد على المنهج السياسي الإسرائيلي العسكري الاستراتيجي تجاه الفلسطينيين وهو منهج قام على القتل والمزيد منه وهو ما تجلى في «مجزرة مخيم جنين» التي اعتبرت أكبر ممارسة للقتل في الضفة الغربية خلال سنوات.
لكن العملية البسيطة والمعقدة معا والتي نفذها شاب مقدسي حملت أيضا صفة واحدة من أكبر عمليات المقاومة خلال سنوات طويلة، وحسب تقديرات إسرائيلية إنها الأصعب منذ 15 عاما، وبدل أن تكون المواجهة التي توقعتها إسرائيل قادمة من قطاع غزة أو من مخيم جنين فإنها جاءت من القدس التي ينظر إليها على أنها خاصرة رخوة أمنيا للاحتلال في ظل سهولة دخول وتنقل المواطنين الفلسطينيين هناك.
مبادرات مقاومة من أسفل لأعلى
الدكتور حسن أيوب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح رأى في مجزرة جنين بمثابة «تصعيد شرس» وهي عملية جاءت استمرارا لعمليات في نابلس وباقي المناطق الفلسطينية، وهي مجزرة حملت رقما ثقيلا جدا على الفلسطينيين.
ورأي أيوب أن المجزرة لا يمكن النظر اليها بمعزل عن التطورات في الساحة السياسية في إسرائيل، أي الحكومة الجديدة وتوجهاتها الصريحة للدفع بمزيد من استخدام القوة المفرطة والممارسة الإجرامية للقوة.
ويقول إنه على لسان حكومة الاحتلال كانوا يرددون «سنذهب باتجاه حرب تنهي كل الحروب السابقة مع الفلسطينيين» وهو أمر ترافق مع دعم المستوطنين الذين أصبحوا يشعرون بدرجة أكبر من الحصانة والدعم.
ويرى الأكاديمي أيوب أن القادم سيكون فعلا أكثر عدوانية وأكثر ضراوة، فالسياسة القديمة منذ 5 سنوات التي كانت تقوم على مفهوم «تخفيض الصراع» لم تعد قائمة والبديل عنها هو «تصعيد الصراع» لأكبر مدى.
وشدد على ان هذا الأمر يضعنا أمام تحول جوهري في توجهات الحكومة الجديدة، عبر مزيد من العنف الوحشي في سياق سياسي.
ويرى أيوب في تصريحات صحافية أن الاحتلال يحاول أن يقدم ويصدر صورة عبر الفعل الوحشي وهو أن من يريد أن يمارس المقاومة مثل نموذج مخيم جنين فإنه سيعيش وضعا أشبه بقطاع غزة. أي أن تكون جنين نموذجا لغزة مصغرة.
ويضيف أن الاحتلال يستهدف بتركيز الجهاد الإسلامي الذي أصبح بمثابة شوكة أكثر صلابة في شمال الضفة الغربية، وهي سياسة تأتي بعد حملة واسعة في نابلس تمكنت من اضعاف ظاهرة «عرين الأسود» وهي محاولة لحصر المواجهة في جنين وعزل المقاومة داخلها.
ويستشرف أيوب المستقبل قائلا: «العمليات الإسرائيلية بهذا الشكل تدفع بشبان جدد للانضمام للمجموعات المسلحة التي لا تنتمي لفصائل. وبالتالي فإن احتمالات المقاومة ستزداد في ظل عدم قدرة المؤسسة الرسمية الفلسطينية على تقديم إجابات على عملية القتل والشراسة منقطعة النظير التي يمارسها الاحتلال، وبالتالي فإن الأكثر ترجيحا هو أن هذا الفراغ في الفعل الرسمي ستقابله مبادرات من أسفل إلى أعلى، وهو سيزيد من التصعيد والمواجهة كما حدث في عام 2021 ومن المرجح ان تنظم إليه جماهير فلسطينية في مناطق 48 في ضوء أن سياسات الضغط من الحكومة الجديدة تستهدف كل الجمهور الفلسطيني في كل أماكن تواجده».
نتنياهو والمواجهة الدموية
المحلل السياسي الخبير في الشأن الإسرائيلي عادل شديد يرى أن مجزرة جنين جاءت ضمن مجموعة من المتغيرات الأول يتمثل في رؤية الاحتلال لظاهرة «كتيبة جنين» وعموم القوى والمجموعات المسلحة الفلسطينية التي شكلت ظاهرة مزعجة وخطيرة بالنسبة للإسرائيليين، أما المتغير الثاني فيتمثل في بقاء الحراك والمظاهرات الاحتجاجية في تل أبيب ومدن إسرائيلية ضد الحكومة تعني الهروب باتجاه الأمام، ونتنياهو أستاذ في هذا الأمر، فالمواجهة الدموية مع الفلسطينيين توفر فرصة لمزيد من الهروب، وهو أمر يحقق له المتغير الثالث حيث أن مركبات الحكومة الحالية تؤمن أن الوضع الطبيعي مع الفلسطينيين يبقى ضمن حالة من الاشتباك الدائم والمواجهة المفتوحة وتوجيه الضربات الموجعة للفلسطينيين.
وحسب شديد فإن ما تعرض له مخيم جنين كان متوقعا، والمتوقع أيضا هو انتقال واستمرار العمليات في مناطق أخرى وخاصة أن المتغيرات الإسرائيلية الداخلية وتشكيلة الحكومة ورؤيتها لجنين وللظاهرة المسلحة وطرق حسم القضية الفلسطينية تسير في هذا الطريق.
وأضاف: «لا يمكن إنجاح مشروع التهويد بدون الدخول في مواجهة دموية تعيد القضية الفلسطينية إلى سلم الأولويات بالنقاش الإسرائيلي، فما حدث في جنين يشكل بداية مرحلة تصعيدية أكثر خطورة ودموية، فخيار المواجهة مع الفلسطينيين خيار مفضل عند نتنياهو أولا وثانيا وعاشرا، فمن خلاله يستطيع تحقيق الكثير داخل نقاط الأزمة في إسرائيل حيث يوفر له تمتين علاقاته مع اليمين المتطرف».
أما الأكاديمي بلال الشوبكي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل، فيؤكد أن مجمل السياسات الاحتلالية تؤكد ان الاحتلال فشل في عملية إعادة بناء الفلسطيني الجديد، فرغم ما نفذ خلال السنوات الماضية على شكل خطوات في مجال السياسات الاقتصادية والاجتماعية لخلق إنسان فلسطيني غير متفاعل مع قضاياه الوطنية، نشهد اليوم مؤشرات أكبر على حيوية الشارع الفلسطيني وفعاليته وهذا يعكس فشل السياسات الإسرائيلية التي حاولت مراكمة تعامل الفلسطيني مع نفسه كـ «ساكن».
ورأى الشوبكي أنه رغم كم التضحيات فإن ما تشهده الضفة الغربية هو إعلان فشل الاحتلال الإسرائيلي، فالصراع ما زال مفتوحا.
وأضاف أن المطلوب فلسطينيا أمام تنامي البطش والإجرام الإسرائيلي هو التعويل على اجتراح مسار جديد يعتمد على معرفة واكتشاف مقدار القوة الفلسطينية والمتمثلة في الشعب الفلسطيني، مع ضرورة التعامل مع هذا الشعب ككل واحد في كل الأماكن، بدلا من التعامل مع الذات على أن الشعب ممزق جغرافيا وسياسيا.
ويشدد أن الاستثمار الحقيقي هو في الشعب الفلسطيني وذلك بالاستناد إلى تجربة عام 2021 حيث حدثت القفزة، فكل الأمل في أن تراجع القيادات نفسها وتتعامل مع الشعب الفلسطيني على أنه وحدة واحدة. في ظل أن خطاب الحكومة اليمينية الفاشية لا يتعلق بالفلسطيني فقط في الضفة الغربية إنما تجاه ونحو كل الفلسطينيين.
ويبدو أن عملية القدس البطولية تمثل درسا قاسيا للاحتلال الإسرائيلي بمقدار ما هي درس للفلسطيني في القدرة على الرد، وحسب المحلل شديد فإنه لا يرى أن الاحتلال سيتعلم الدرس الذي مفاده أن الفلسطيني لا يُكسر. وأن كل التجارب تقول إن مقاوما فلسطينيا واحدا وبأدوات بدائية قادر على الرد، وأن الفعل الإسرائيلي الإجرامي (نموذج مجزرة جنين) حول الكل الفلسطيني إلى مقاومين متوقعين وهو الأمر الذي لم يكن الاحتلال يراه ولا حتى في كوابيسه.
وحسب ما أعلنت عنه الإذاعة العبرية فقد رجحت أن الخطوات التي سيتخذها نتنياهو ردا على عملية القدس تتعلق بتنفيذ عمليات ميدانية واعتقالات في القدس وتعزيز قوات إضافية واتخاذ تدابير استخبارية جديدة.
وحسب أبو عواد فإنه ليس في جعبة إسرائيل الكثير لتقوم به، لكن المهم أن تعي أن المزيد من الضغط سيولد المزيد من العمليات وهذا جوهر المعضلة الإسرائيلية.
وحول ارتدادات عملية القدس وماذا في جعبة إسرائيل أن تفعل من إجراءات مستقبلية يختم عواد بإنه إذا ما عدنا لعشرين سنة للوراء فسنجد ان الاحتلال استخدم كل ما يمكن استخدامه من دون أن يترتب على ذلك إسكات الفلسطيني وكسره. أما المزيد من الضغط على الفلسطينيين فلا يعني إلا المزيد من العمليات.
مزيد من العنف سيولد عنفا أكبر …بلغوهم فهم لا يعلمون
الإحتلال غبى لا يفهم إلا القوة
احتلال فاشي عنصري صهيوني لايعرف إلا الإجرام لتغطية الإجرام، فهل من حل آخر لمقاومته إلا بالمقاومة!
هل تلاجظون كيف يخفي مرتزقة الدول الاوروبية والولايات المتحدة وجوههم عن الكاميرات ,,,, يجب استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في مطاردة مرتزقة جيش الاحتلال الذين يحملون الجنسيات الامريكية والاوروبية والمطالبة بمحاكمتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الانسانية في دولهم الاوروبية وغيرها,,,,, هؤلاء ياتون للخدمة في جيش الاحتلال والتدرب على قتل الشعب الفلسطيني لـ ’’ اثراء ’’ سيرهم الذاتية عند التقدم للعمل في المجالات الحكومية والخاصة الامنية في اوروبا والولايات المتحدة,,, ويتفاخرون باتقانهم القنص واستخدام السلاح ومحاربة ’’ الارهاب’’!!!!!!