لم تعد كرة القدم مجرد مستطيل يركل فيه اللاعبون الكرة بأقدامهم لتحتضن الشباك، كرياضة ترفيهية تتسلى الجماهير بها، بل أصبحت لغة عالمية، دخلت في ثقافة الشعوب، وأضحى تعلقها واضحا بالجوانب السياسية والاقتصادية والعلاقات الدولية.
وانطلاقا من هذا، فما يجري الآن من الاستعدادات الضخمة لاستقبال فعاليات المونديال على أرض قطر، يعد حدثا بارزاً، إذ تستضيف هذه الدولة العربية العرس الرياضي الكبير الذي يقام كل أربعة أعوام.
من المفترض أن استضافة قطر للمونديال يكون مصدر فرحة كبيرة لكل العرب، فقطر هي الدولة العربية الوحيدة التي تستضيف هذه البطولة العالمية منذ انطلاقها قبل 92 عاما، وعلى الرغم من ذلك، وكعادتنا في اختلاق ما يفسد فرحتنا ويشتت شملنا، انبرى بعض ضيقي الأفق للتنمر على قطر، بسبب اعتمادها في تأمين المونديال على شركاء إقليميين ودوليين، كالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وتركيا. فالولايات المتحدة الأمريكية أعلنت في وقت سابق أن وزارة الأمن الداخلي الأمريكية حاضرة لتقديم الأمن اللازم لمونديال قطر 2022، وقال روب سيلفر نائب وزير الأمن الداخلي الأمريكي لشؤون الاستراتيجية والخطط الشرطية «نحن ملتزمون بالعمل عن كثب مع قطر للتأكد من أن العالم يمكنه الاستمتاع بكأس العالم بأمان وأمن. سنقدم الدعم الأمني لشريكنا وسنفعل ذلك بعدة طرق». أما فرنسا فسترسل قوة شرطية مؤلفة من 220 عنصرا، في إطار الشراكة الأمنية التي وقعتها الدوحة وباريس العام الماضي. بريطانيا بدورها أعلنت في مايو/ أيار الماضي أنها ستزود قطر بعناصر من القوات الجوية والبحرية الملكية البريطانية لمساعدة قطر في تأمين كأس العالم، وأكدت أنها ستدعم قطر بقدرات عسكرية لمكافحة الإرهاب والتهديدات الأخرى للبطولة من خلال استخدام الأمن البحري والتخطيط العملياتي ودعم القيادة والسيطرة. كما أعرب حلف شمال الأطلسي «الناتو»، في يونيو/حزيران الماضي، عن استعداده لتقديم الدعم لدولة قطر في الجوانب الأمنية المتعلقة بتنظيم بطولة كأس العالم، وأكد أن هذا الدعم سيتضمن التدريب على التهديدات، التي تشكلها المواد الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية، وحماية الأشخاص المهمين، ومواجهة التهديدات التي تشكلها الأجهزة المتفجرة المرتجلة. أما تركيا فهي صاحب الحضور الأبرز في التأمين، ولديها قاعدة عسكرية في قطر، حيث تخصص تركيا 3250 عنصرا بصورة مؤقتة لتأمين المونديال. وتقسم هذه القوات إلى 3 آلاف عنصر من ضباط شرطة مكافحة الشغب، و100 من القوات الخاصة التركية، و50 من كلاب الكشف عن القنابل، و50 من خبراء القنابل، وغيرهم من الأفراد سيكونون جميعا في الخدمة لمدة 45 يوما تقريبا طوال البطولة.
نجاح المونديال يعزز من مكانة قطر الدولية، التي انطلقت من خلال قوتها الاقتصادية وسياسة الباب المفتوح التي انتهجتها مع دول العالم
الذين انتقدوا قطر بشأن هذه القضية، بنوا استنكارهم على عزوف قطر عن الاستعانة بالأشقاء العرب واللجوء إلى الدول الغربية، وبعضهم تهكم واصفا ذلك بأنه عجز في القدرات الذاتية لقطر عن تأمين المونديال، وأنها دخلت في أمر أكبر منها، والبعض الآخر يقارن في عملية استفزازية بين تأمين المونديال القطري وقدرة المملكة العربية السعودية على تأمين مواسم الحج السنوية الكبيرة بنفسها، من دون الاستعانة بجهات أجنبية. ولا ندري هل يتجاهل أهل التشغيب هؤلاء أن بلاد العرب قاطبة، غارقة في الاستعانة بالغرب في المجالات الأمنية والعسكرية والاقتصادية؟ فما الذي يختلف إن كان هذا التوجه يشمل حدثا رياضيا كهذا؟ قطر دولة صغيرة يبلغ عدد سكانها حوالي 2.8 مليون نسمة – منهم نحو 380 ألف مواطن قطري – ويتوقع وجود تدفق غير مسبوق من حوالي 1.2 مليون زائر لحضور فعاليات المونديال، فهل من المنطقي أن تعتمد على قدراتها الذاتية لتأمين الحدث الضخم؟
إن نجاح هذا المونديال يعني الكثير لدى قطر، ويعزز من مكانتها الدولية، التي انطلقت من خلال قوتها الاقتصادية وسياسة الباب المفتوح التي انتهجتها مع دول العالم، وقيامها بدور الوسيط في الصراعات الإقليمية، فمن الطبيعي أن تحرص على إنجاح هذا العرس الرياضي العالمي، في ظل التهديدات الأمنية المتلاحقة في المنطقة. ومن الطبيعي أيضا أن يكون اعتمادها على الدول ذات الخبرة في مكافحة الشغب وتأمين البطولات والمباريات الأوروبية، التي يتسم جمهورها بالهوس الكروي والتعصب، بما يؤول أحيانا لممارسة أعمال العنف والشغب، وتاريخ أوروبا الكروي يشهد بسقوط المئات من القتلى والجرحى خلال مباريات كرة القدم، فهذه الدول قادرة لا شك على تأمين المونديال بخبرتها وتقنياتها الأمنية العالية.
علما بأن قطر تبذل جهودا داخلية ضخمة، وهناك حالة استنفار قصوى واستدعاء للجنود الاحتياط للمساهمة في عملية التأمين، وعملت على تدريب كوادر بشرية ورفع قدراتها من خلال تنفيذ حزمة من الخطط والبرامج والدورات التأهيلية والتمارين المشتركة، كبرامج أمن وسلامة الملاعب، الحس الأمني، إدارة الحشود، حقوق الإنسان، الإسعافات الأولية، التعاون مع الجمهور، بالإضافة إلى برنامج سياسات وإجراءات البطولة حسب كل موقع، الذي غطى التدريب على إخلاء المنشأة والتدريب على سيناريوهات محتملة. وبلغ إجمالي المشاركين في هذه البرامج من الأمن الحكومي 32 ألف مشارك، بالإضافة إلى 17 ألفا من الأمن الخاص.
المقارنة بين تأمين المونديال في قطر وتأمين موسم الحج في المملكة العربية السعودية، لا مأرب له سوى الاستفزاز وفتح باب التراشق بين الشعبين الشقيقين، فالحج موسم سنوي متكرر اعتادت المملكة التعامل معه منذ نشأتها، بينما مونديال قطر حدث عارض غير مسبوق، فلا بد أن تكون هناك استعدادات أمنية بالغة الدقة والفعالية، ولا شك بأن هذه الدول أقدر على التأمين من غيرها. ومن ناحية أخرى، كيف نقارن بين موسم الحج الذي يأتي فيه الحجيج لممارسة مناسك وشعائر الحج التعبدية، بما يصحبها من روحانيات وإيمانيات عالية وخضوع لرب العالمين، وتربطهم رابطة مقدسة وتجمعهم وحدة مشتركة، ومونديال عالمي، يأتي إليه الناس من مختلف الجنسيات والمشارب، ولا تجمعهم سلوكيات ضابطة موحدة، يأتون للترفيه والتسلية، محملين بروح التعصب الكروي التي تجتاح العالم؟
ويقال لهؤلاء، هل يستطيع أحد إلقاء اللوم على السعودية في الاستعانة بفرنسا في إنهاء أزمة أحداث الحرم المكي عام 1979م؟ فالوثائق الفرنسية أثبتت مشاركة وحدة «جي آي جي إن» الخاصة في عملية تحرير الحرم، وأخرى كشفت تلقي وزارة الدفاع الفرنسية رسالة شكر من الحكومة السعودية للمشاركة في عملية التحرير، فهل تلام السعودية على ذلك؟ لقد استعانت بقوات لها خبرتها في ذلك المجال، وهذا حقها.
دعوا الجماهير تفرح، وأفسحوا المجال للم الشمل وجمع الشتات، بدلا من إطلاق النعرات التي تعمق الهوة بين الشعوب، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
*كاتبة أردنية
إعتماد قطر على الدول الأجنبية في حماية المونديال معناه شيئ واحد فقط :
عدم تخوف المشجعين الأجانب من الحضور !
ألا تتذكرون مشاكل الأمن بالبرازيل أثناء المونديال هناك ؟ ولا حول ولا قوة الا بالله
هناك أيضا المغرب أيضاً في تأمين المونديال فتحت عنوان ” إعلان مشترك بين قطر والمغرب بشأن تأمين كأس العالم FIFA قطر 2022″ ذكر موقف Beinsport أنه ” تم التوقيع على إعلان مشترك بين قطر والمغرب بشأن تبادل المعلومات المتعلّقة بكأس العالم FIFA قطر 2022. ويهدف الإعلان إلى تعزيز التّعاون الأمني بين المغرب وقطر، وتنفيذ كافة الخطط الرامية لضمان الأمن خلال فترة كأس العالم التي تستمر 28 يوماً فضلاً عن الرفع من مستويات الأجهزة الأمنيّة المعنيّة بتأمين المونديال وضمان سلامة المشجعين.
وكان وفد أمنيّ مغربي قد زار قطر نهاية شهر مايو الماضي ووقَف على المنشآت والملاعب التي ستستضيف البطولة، كما قام وفد قطري بزيارة المغرب حيث حضر وعاين ترتيبات وتفاصيل التنظيم الأمني لبعضِ المباريات وعلى رأسها نهائيُّ دوريّ أبطال إفريقيا بن الوداد المغربي والأهلي المصري. “.
ادعو الله تعالى أن تمر هذه الدورة بسلام وأمن .
وان لا يحدث ما يعكر أمن وسلامة قطر
على كل هذه الحماية المعروضة من هذا الحشد الكبير هو بحد ذاته تجارة
انا حزني على الاموال الضخمة التي تنفق عللى الرياضة ولا تنفق على دول فقيرة في امس الحاجة لها وكذلك على القضايا المركزية للامة العربية والاسلامية
شكرا على هذه المعلومات القيمة، لم اكن اعلم بمشاركة حلف شمال الاطلسي ، وقوات مكافحة القنابل الذرية! .
وربما يجب عدم مقارنة هذا الحدث بموسم الحج في السعودية، ولكن يمكن مقارنته ، بموسم الزيارة الى النجف وكربلاء والذي يشارك فيه الملايين ،من جنسيات واقطار مختلفة ( الهند، الباكستان، افغانستان، بغلادش، ايران، جزر ،القمروالكاريبي ، واحيانا تاتي المواكب سيرا على الاقدام ، ولا يطلب العراق من حلف الناتو المشاركة بحفظ الامن؟
الذين يقدمون على الحج مسلمون !
الغرب لا يهتم لهم !! ولا حول ولا قوة الا بالله