تجارب الانتخابات الاسلامية وقلق الغرب
تجارب الانتخابات الاسلامية وقلق الغرب لئن شكلت نتائج الانتخابات في مصر فزاعة في وجه النظام المصري الذي يستعد علي قدم وساق لتولية جمال مبارك مقاليد الحكم، وذلكم بحكم ماستشكله نتائجها من عمق ثقيل يحول دون تحقيق بعض أو كثير من طموحات مبارك الابن، ولئن كانت نتائج هذه الانتخابات صفعة جديدة لمايسمي بأنظمة الحل الأمني في منطقة شمال افريقيا علي وجه الخصوص وذلك بحكم فشلها الذريع في معالجة قضايا الحوار الداخلي وقضايا الهوية والاصلاح وارساء دولة الحق والقانون، فان نتائجها شكلت بلا ريب عامل ارتياح لدي الادارة الأمريكية بعد أن استطاع الاخوان عبر تحكمهم في مجري العملية الانتخابية والخطاب السياسي المصاحب لها ترويض مخاوف البيت الأبيض وادارة المحافظين الجدد. لقد شكلت نسبة التحصيل الاخواني سقفا داخليا مقبولا لدي أكثر من جهة وعلي رأسها الدوائر الغربية، التي لم تعد تري في نسب المشاركة السياسية النسبية عامل قلق أو فزع ولا سيما ان الاسلاميين قد اقتنعوا بعيد مآلات تجربة الجزائر في بداية التسعينات بأن الغرب لن يرحب بهم كأغلبية متحكمة في شؤون الدولة والفضاء العام.مآلات تجربة الانقاذ الجزائرية أقنعت الحركات الاسلامية بمدارسها الاخوانية أن نمط الخطاب التصعيدي الذي يريد الاستئثار بكل تكاليف الحكم واستحقاقاته من شأنه أن يباعد بينهم وبين مآلات التحقيق الهادئ والمتدرج، ولذلك اضطرت الكثير من هذه الحركات الي تعقيل الخطاب وترشيده علي ضوء ما وقعت فيه هذه الأخيرة من اخفاقات.ولئن شكلت تجربة العدالة والتنمية التركية استثناء لهذه القاعدة قبيل سنوات عبر حصولها علي أغلب مقاعد البرلمان، فان البعض يعلل سكوت الغرب علي مشروع رجب طيب أردوغان وعبد الله غول بابتعاد هذين الأخيرين عن جوهر المشروع الذي طرحه أربكان في اطار حزب الرفاه التركي السابق وهو المشروع الذي اقترب فيه بتركيا من الشرق الاسلامي عبر مشروع أراد من خلاله التعويض عن مسألة الارتباط بعضوية الاتحاد الأوروبي ضمن تصور طموح عن السوق الاسلامية المشتركة والعملة الاسلامية الموحدة وما يتبع ذلك من مخاوف ارعبت الطموح الغربي بأن تبقي تركيا حارسة علي بوابة الشرق.جاءت بعد ذلك حادثة خطيرة في نظر بعض المحللين الغربيين وهي حادثة الزلزال الانتخابي الفلسطيني الذي لم يكن بحسبان حماس ولا فتح ولا الدولة العبرية ولا أجهزة الرصد الأمريكي والأوروبي، حيث شكل عامل قلق أوروبي وأمريكي.لقد وضعت هذه النتائج الادارة الأمريكية علي وجه الخصوص والغرب علي وجه العموم أمام احراجات واكراهات الديمقراطية في البلاد العربية والاسلامية، اذ تعززت المخاوف النظرية بأخري تطبيقية من خلال النسب المعلنة في انتخابات الأراضي الفلسطينية الفاقدة لأبرز معاني الســــيادة القــــانونية والدستورية.حرصت دوائر كثيرة في مراكز صناعة القرار الأوروبي والأمريكي وعلي مدار عقود طويلة ومتتالية علي جعل العلمانية العربية والاسلامية مقدمة علي قضايا الاصلاح والانفتاح والديمقراطية وذلك مخافة أن يتسلل الاسلاميون، وها هم فعلوا.مرسل الكسيبي ـ تونس[email protected]