تجربة وتساؤل

حجم الخط
0

منطق الانسان العادي يقول انه لا بأس في رؤية تجربة تفشل. حتى لو كان الحديث يدور عن منظومة الدفاع ضد الصواريخ. فلماذا تجرى التجارب؟ من أجل فحص مصداقية الادوات. غير أن هذا على ما يبدو ليس هو المنطق الذي يوجه جهاز الامن.
أمس قبل الظهر نفذت في شاطيء بلماحيم تجربة على صاروخ حيتس (سهم) 2. فقد أطلقت طائرة من قلب البحر المتوسط صاروخا هدفا يسمى «انكور اسود»، ويفترض به أن يمثل صاروخا يطلق نحو اسرائيل. وبسبب قيود المساحة في اسرائيل، يطلق صاروخ الهدف من الغرب الى الشرق، وان كان في سيناريوهات الرعب على اسرائيل، ستطلق الصواريخ بعيدة المدى نحوها من الشرق أو من الشمال، من ايران، سوريا او من لبنان (حزب الله).
أطلقت منظومة الدفاع نحو صاروخ الهدف صاروخا من طراز حيتس 2 يفترض به أن يعترضه. ولو كان تم الاعتراض، لوصفت التجربة بالناجحة. واذا لم يعترض الصاروخ في اثناء طيرانه في الهواء، وليس مهما لاي سبب كان، تكون التجربة قد فشلت. هكذا كان الحال في الماضي. عندما نجح الاعتراض سارع جهاز الامن الى التباهي بالانجاز ونشر الصور على الفور.
ولكن هذه المرة في جهاز الامن أصروا على عدم وصف التجربة بالفاشلة. وفي الاستعراض للصحافيين قال موظف كبير في وزارة الدفاع انه «حسب الفحوصات الفورية، فقد نجحت التجربة، ولكن لا نزال لا نعرف اذا كان ثمة اعتراض. ويستمر التحقيق ونتائجه ستعرف بعد ايام».
هذا تفسير متلعثم وملتوٍ يذكر بالنكتة الطبية، «العملية نجحت ولكن المريض مات». فهل ايضا في زمن الحرب سيشرحوا أن فقط بعد بضعة ايام سنعرف اذا كان الصاروخ الذي اطلق نحو اسرائيل قد اعترض؟
في تجربة اعتراض الصواريخ تكون النتيجة واضحة على الفور. اذا كان الصاروخ الذي يشبه صواريخ العدو قد اعترض – تكون التجربة قد نجحت. اما اذا لم يتفجر الصاروخ في الهواء وسقط على الارض – في حالتنا على البحر – تكون التجربة قد فشلت.
من لم يتردد في القول ان الصاروخ لم يعترض وسقط الى البحر كانت محطات المتابعة والرادارات الروسية التي افادت أنها شخصت سقوطا لصاروخ على مسافة نحو 300 كيلو متر شمالي تل أبيب. ويبدو أن بسبب الخللل فان هذه تجربة لم تنجح لزيادة مدى صاروخ حيتس 2.
صاروخ حيتس 2 هو صاروخ قديم يعود الى نحو 15 سنة. في الاصل كان مخصصات لاعتراض صواريخ سكاد ذات الرأس المتفجر التقليدي ذي المدى الذي يصل حتى 300 – 400 كيلو متر، من النوع الذي كان في حينه لدى سوريا وايران. والصاروخ هو مشروع مشترك لوزارة الدفاع والبنتاغون الامريكي الذي يمول منذئذ وحتى اليوم نحو 75 في المئة منه.
الصاروخ هو من انتاج الصناعة الجوية مع رادار لشركة «التا» (شركة فرعية للصناعات الجوية) وبمشاركة «البيت» و «رفائيل».
في هذه الاثناء يوجد لحزب الله صواريخ سكاد بل وصواريخ اكثر تقدما، بينما تطور مدى الصواريخ الايرانية بشكل دراماتيكي. فلدى النظام في طهران يوجد اليوم صاروخ باليستي من سلسلة شهاب ذات مدى 1.200 كيلو متر فأكثر وبالتالي يمكنه أن يضرب كل هدف في اسرائي. وعلى مدى السنين انكشف أن ايران تنكب على تطوير رأس متفجر نووي يطلق من صواريخ شهاب. وتوج الدولة على مسافة سنة، ربما سنة ونصف، من تحقيق هذه القدرة.
في اسرائيل وفي الولايات المتحدة قرروا أنه من أجل تقديم رد على شهاب الايراني ثمة حاجة لتطوير صاروخ حيتس اكثر تقدما بكثير. وهكذا بدأت قبل سنوات الاعمال على تطوير حيتس 3، الذي يفترض أن يعترض الصواريخ من خارج الغلاف الجوي على ارتفاع 250كيلو متر. وحتى ذلك الحين، يجدر أن يكون مع ذلك رد ما على الصواريخ ذات مدى فوق 300 كيلو متر (العصا السحرية، التي سيكتمل تطويرها بعد نحو سنة تقريبا – مدى اعتراضها هو حتى 200 كيلو متر)، فقد تقرر رفع مستوى حيتس 2. ودون صلة بنتائج التجربة أمس، فان أعمال رفع المستوى ستستمر.

معاريف الاسبوع 10/9/2014

يوسي ميلمان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية