لندن ـ «القدس العربي»: تجهد إيران لامتصاص صدمة مصرع رئيسها الثامن للجمهورية الإسلامية إبراهيم رئيسي (64 عاما) ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، برفقة ممثل الولي الفقيه – إمام جمعة تبريز آية الله محمد علي آل هاشم ومحافظ أذربايجان الشرقية مالك رحمتي والعميد مهدي موسوي قائد وحدة حماية الرئيس وطاقم المروحية الرئاسية التي تحطمت يوم الأحد الماضي بتاريخ 19 مايو / أيار 2024 في غابات ديزمار الواقعة بين قريتي اوزي وبير داود في منطقة ورزقان في محافظة اذربيجان الشرقية شمال غرب ايران، إثر تعرضها لحادث في طريق العودة الى مدينة تبريز (لتدشين مشروع تحسين جودة مصفاة المدينة) بعدما شارك رئيسي والوفد المرافق في مراسم افتتاح سد «قيز قلعة سي» بمعية الرئيس الاذربيجاني الهام علييف على نهر آرس الحدودي المشترك.
وجرت عمليات البحث والانقاذ فور وقوع الحادث واستمرت 18 ساعة حتى صباح أمس الاثنين نظرا للظروف الجوية السيئة والضباب الكثيف ووعورة المنطقة الجبلية حيث تم العثور على حطام المروحية.
وقال رئيس مؤسسة ادارة الطوارئ في إيران محمد حسن نامي: «إنه تم التعرف على جميع جثامين ركاب الطائرة المروحية الرئاسية و ليس ثمة حاجة لأجراء فحوصات الحمض النووي دي ان اية «. وأضاف لوكالة الأنباء الإيرانية: « إن جثامين بعض الشهداء ورغم بعض الحروق، كانت قابلة للتشخيص وتم نقل جميع الجثامين الى الطب الشرعي».
ووفقا لما أعلنته وزارة الداخلية «فإن جثمان آية الله آل هاشم إمام جمعة تبريز، كان في حالة أفضل من باقي جثامين الشهداء وأنه ظل على قيد الحياة حتى بعد ساعة من الحادث الجوي، حيث اتصل هاتفيا بمدير مكتب رئيس الجمهورية».
وتحركت القيادة العليا في إيران على ثلاثة محاور، أولها منع حصول أي فراغ حكومي وذلك من خلال تكليف نائب الرئيس محمد مخبر بصلاحيات رئيس الجمهورية بالوكالة، وتكليف مساعد وزير الخارجية علي باقري كني بمهام وزير الخارجية بالوكالة.
وثانيها بدء التحضير لإجراء انتخابات رئاسية وفقا لأحكام الدستور خلال مدة لا تتجاوز خمسين يوما لانتخاب رئيس جديد للبلاد خلفا لإبراهيم رئيسي ثم تشكيل حكومة جديدة.
أما المحور الثالث فهو إجراء مراسم جنازة وطنية، واستمرار التحقيقات لجلاء كافة الملابسات المتعلقة بالحادث، فعلى الرغم من كون الرواية الرسمية الأولية تتحدث بأن سوء الأحوال الجوية هو السبب وراء تحطم المروحية الرئاسية، فإن جميع المسؤولين الإيرانيين يصفون من قضوا في الحادث بأنهم «شهداء» وليسوا قتلى.
خامنئي يعلن الحداد خمسة أيام
وأعلن المرشد الأعلى في إيران آية الله علي الخامنئي الحداد الرسمي العام لمدة خمسة أيام حيث قال في بيانه: «ببالغ الحزن والأسى تلقيت نبأ استشهاد العالم المجاهد وخادم الإمام الرضا (عليه السلام) ورئيس الجمهوریة الذي يتمتع بشعبية وكفاية،حجة الإسلام والمسلمين السيد إبراهيم رئيسي ومرافقیه الکرام. لقد حدث هذا الحادث المؤسف أثناء الخدمة(للناس) ولقد قضى هذا الشخص النبيل والمتفاني كامل فترة مسؤوليتة ـ سواء خلال فترة رئاسته القصيرة أو قبلها ـ في جهود متواصلة لخدمة الشعب والوطن والإسلام».
وأضاف: «إن رئيسي العزيز ما كان يعرف التعب، وفي هذه الحادثة المريرة فقد الشعب الإيراني خادماً مخلصاً وغالياً. انه كان يفضل مصلحة الشعب ورضاهم ورضا الله، على كل شيء، فلم يمنعه طعن بعض الحاقدين من العمل ليل نهار لتحسين الأمور».
وقال: «في هذه الحادثة المؤسفة استشهد ايضا شخصيات بارزة مثل حجة الإسلام آل هاشم- إمام جمعة تبريز الذي كان يتمتع بالشعبية، والسيد أمير عبد اللهيان- وزير الخارجية المناضل والناشط، والسيد مالك رحمتي- الوالي الثوري لمحافظة آذربایجان الشرقية وطاقم المروحية والآخرين. وإنني أعلن الحداد العام لمدة خمسة أيام وأتقدم بخالص التعازي إلى الشعب الإيراني العزيز وإلى والدة السيد رئيسي العزيزة وزوجته الكريمة وأسر رفاق السید رئيسي الكرام، وخاصة والد السيد آل هاشم، وأدعو لهم الصبر والسلوان».
شغور الرئاسة والحل الدستوري
ولجأ المرشد الأعلى إلى الدستور الإيراني الذي يوضح كيفية التعامل مع أي طارئ ناتج عن شغور منصب الرئاسة في البلاد، حيث ينص في مادته رقم 131 على أنه «في حالة وفاة رئيس الجمهورية، أو عزله أو استقالته أو غيابه أو مرضه لأكثر من شهرين، أو في حالة انتهاء فترة رئاسة الجمهورية وعدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية نتيجة وجود بعض العقبات أو لأمور أخرى من هذا القبيل، يتولّى النائب الأول للرئيس أداء وظائف رئيس الجمهورية، ويتمتّع بصلاحياته بموافقة قائد الثورة الاسلامية ( وهو حاليا المرشد خامنئي).
وبموجب هذه المادة فقد انتقلت صلاحيات الرئيس إلى نائبه محمد مخبر، الذي عيّنه رئيسي (بعد فوزه بالرئاسة عام 2021) نائبا له.
صدمة كبرى لمقتل رئيسي وعبد اللهيان واثنين من كبار المسؤولين بتحطم مروحيتهم في محافظة آذربيجان الشرقية
وإضافة إلى تسيير أمور البلاد، فإن المهمة الأبرز لمحمد مخبر (بموجب ذات المادة 131) هي العمل مع رئيس مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) ورئيس السلطة القضائية، «على اتخاذ الترتيبات اللازمة ليتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال فترة 50 يوميا على أقصى تقدير».
وتضيف المادة 131 أنه «وفي حالة وفاة النائب الأول لرئيس الجمهورية أو لوجود أمور أخرى تحول دون قيامه بواجباته، وكذلك فيما إذا لم يكن لرئيس الجمهورية نائب أول، تعيّن القيادة شخصا آخر مكانه».
وفي الفترة الفاصلة ما بين تولي نائب الرئيس صلاحيات الرئاسة حتى اجراء الانتخابات الرئاسية، فإن الحكومة تعيش حالة استقرار دون مساءلة نيابية، وذلك بموجب المادة 132 التي تقول: «إنه خلال الفترة التي يتولّى فيها النائب الأول لرئيس الجمهورية ،أو شخص آخر عُيّن بموجب المادة 131، مسؤوليات رئيس الجمهورية ويتمتّع بصلاحياته، لا يمكن استجواب الوزراء أو حجب الثقة عنهم، ولا يمكن كذلك القيام بإعادة النظر في الدستور أو إصدار الأمر بإجراء الاستفتاء العام في البلاد».
محمد مخبر يرأس الحكومة
واجتمعت الحكومة برئاسة محمد مخبر واتخذت عدة قرارات بما فيها تنظيم مراسم دفن الرئيس ومرافقيه، وأصدرت بيانا موجها للشعب الإيراني قالت فيه إنه «في ذكرى ولادة الامام علي بن موسى الرضا (ع) ارتقت الروح العظيمة لخادم الشعب الإيراني الى بارئها… وأصبح آية الله رئيسي رئيسا للشعب وحبيبا في السماء…إن رئيس الشعب الإيراني المجتهد والدؤوب، الذي لم يعرف سوى خدمة الشعب الإيراني العظيم في طريق تنمية البلاد وتقدمها ،أوفى بوعده وضحى بحياته من أجل الشعب.
وأعربت عن تعازيها وطمأنت إلى سلامة استمرارية عمل إدارات الدولة فقالت: «تؤكد الحكومة للشعب الايراني الوفي والمقدر والعزيز على أن طريق العزة والخدمة سيستمر وبفضل روح آية الله رئيسي البطل وخادم الشعب والصديق الوفي للقيادة التي لا تعرف الكلل، وبعون الله تعالى ودعم الشعب العظيم لن يكون هناك أدنى خلل او مشكلة في الإدارة الجهادية للبلاد».
وقال الرئيس الإيراني بالوكالة “محمد مخبر: «إن أطر النظام وأسسه متينة ولن تكون هناك أي مشاكل في إدارة البلاد. وأضاف: لقد عملنا إلى جانب هذا الرجل العظيم(رئيسي) منذ أكثر من ثلاث سنوات وسنواصل العمل الجاد لخدمة الشعب بقوة وثقة بالنفس ودون أدنى شك أو ضعف، ومن المؤكد أن توجيهات قائد الثورة الإسلامية (المرشد خامنئي) وإرادة آية الله رئيسي ليست سوى هذا… ولن تكون هناك أدنى مشكلة في إدارة البلاد.
وطلب « مخبر « من كافة أعضاء الحكومة مواصلة عملهم دون أي انقطاع أو تأخير وبنفس الروح والقوة المعتادة حتى لا يحدث اضطراب في شؤون البلاد ومعالجة مشاكل الشعب.
كما وصف فقدان وزير الخارجية بخسارة لا تعوض للبلاد وأوضح: أن حسين أمير عبد اللهيان تألق كوزير خارجية لإيران الإسلامية في التطورات الدولية، وخاصة أزمة غزة والآن أصبح خالداً إلى جانب شهداء محور المقاومة.
واعتبر مخبر، أن ممثل الولي الفقيه وإمام جمعة تبريز آية الله السيد «محمد علي آل هاشم» من رجال الدين النادرين في البلاد ووصف محافظ أذربایجان الشرقية مالك رحمتي، بأنه مدير شاب ونشط.
وتقرر خلال هذا الاجتماع تشكيل لجنة بإدارة مساعد رئيس الجمهوریة للشؤون التنفيذية لإقامة مراسم تشييع آية الله رئيسي والوفد المرافق له کما تقرر تعيين وزير جديد للخارجية ومحافظ لأذربایجان الشرقية بعد اتخاذ الإجراءات القانونية حتى لا يكون هناك أي انقطاع في شؤون هذه المؤسسات.
وبشأن ما تم اقراره من جدول الاعمال، قامت الحكومة باتخاذ قرارين بشأن تعديل اتفاقية التجارة الحرة بين إيران وسوريا وكذلك السماح بإصدار إعلان الفقرة 6 من المادة 44 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، والذي يوفر الأساس لتسهيل اتفاق استرداد المجرمين».
باقري كني خلفا لعبد اللهيان
وبشأن سد شغور منصب وزير الخارجية أعلن المتحدث باسم الحكومة « علي بهادري جهرمي» بأنه تم تعيين مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية «علي باقري كني» وزيرا للخارجية بالوكالة خلفا لأمير عبد اللهيان.
وأوضح عقب الاجتماع الاستثنائي للحكومة أمس، بأن اعضاء الحكومة عقدوا اجتماعا استثنائيا عند الساعة السابعة والنصف من صباح الاثنين لمناقشة تداعيات هذا الحادث.
ولفت بهادري جهرمي الى ان آية الله رئيسي كان أكد سابقا على «مواصلة مسير خدمة الناس وعدم توقفها» مضيفا أن الحكومة كان لديها موافقات على جدول اعمالها ولم تسمح بتعطيل جلساتها أو ايقافها مشيرا الى تشكيل ست لجان تنفيذية لإدارة هذه الفترة الحالية.
وأضاف المتحدث الرسمي باسم الحكومة: «أن بركات وجود آية الله رئيسي جلية أيضا حتى بعد استشهاده، فالتوافق والوحدة في مجلس الوزراء واضحان تماما للعيان».
وكان علي باقري هو الرجل الثاني في وزارة الخارجية قبل أن يتولاها بالأمس حيث كان يمسك بالتفاوض المتعلق بالملف النووي إضافة إلى إدارته للمباحثات الصعبة وغير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، وهو معروف بمواقفة الحازمة ضد سياسة البيت الأبيض تجاه طهران.
فقبل يوم من تحطم الطائرة الرئاسية، شارك علي باقري في منتدى «روسيا -العالم الإسلامي» في مدينة قازان بجمهورية تتارستان الروسية، وقال هناك: «إن أمريكا تهدد دول المنطقة، خاصة إيران وروسيا، بمواصلة فرض عقوبات غير قانونية ضدهما للضغط عليهما، ولكن بفضل براعة قادة إيران وروسيا، أصبحت العقوبات فرصة ليس فقط للبلدين، بل للآخرين أيضا.وأكد كذلك ـ أمام المنتدى الذي يهدف إلى تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية والعلمية والتقنية والاجتماعية والثقافية بين مناطق روسيا والدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي ـ «أنه من المستحيل إحلال السلام في المنطقة دون علاقات اقتصادية وثيقة وأن موسكو وطهران ستواصلان تعزيز علاقاتهما».
ظريف يتهم بايدن
وكان لافتا ما أعلنه وزير الخارجية الايراني السابق « محمد جواد ظريف» من تحميل المسؤولية للإدارة الأمريكية ورئيسها جو بايدن، فقال: «إن أمريكا هي سبب استشهاد رئيس الجمهورية ورفاقه بسبب حظر بيع الطائرات للجمهورية الإسلامية الايرانية.
وأضاف في مداخلة تلفزيونية إنه وعلى مدى 45 سنة مضت، واجه الشعب الإيراني أحداثا صعبة وتغلب عليها بالتضامن والتآزر، ووفقا لما قاله قائد الثورة الاسلامية، فإن ايران ستتغلب على هذا الحدث المأساوي أيضا»..
واعتبر ظريف: «أن أحد أسباب هذه الحادثة المفجعة هي الولايات المتحدة الامريكية، التي تسببت بحظرها بيع الطائرات لإيران في استشهاد الرئيس ورفاقه، ومن المؤكد أن جريمة أمريكا ستُسجل في أذهان الشعب الإيراني والتاريخ الإيراني.
وتابع بأنه على الرغم من كل هذه الصعوبات، إلا أن الشعب الإيراني وقف إلى جانب النظام والثورة في الظروف الخاصة التي تمر بها البلاد مؤكدا على أن الأوضاع ستتحسن وسيتفهم الشعب الظروف الأفضل.
وأوضح بأن الشعب الايراني بتضامنه ووحدته الوطنية، قد أظهر انه شعب يقظ ومتفهم وسيتحد في المواقف الصعبة من أجل غد أفضل. ولفت الى ان وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان «قد نال نعمة الشهادة».
مواقف الحرس الثوري والجيش
وشددت مواقف القيادات العسكرية على ضرورة حفظ الاستقرار الداخلي لمواجهة هذه الأزمة، واصدر القائد العام للحرس الثوري اللواء حسين سلامي بيانا قال فيه : «إن الأدوار الملهمة والبطولية والبنّاءة التي لعبها الشهيد آية الله رئيسي في أداء المسؤوليات الجادة والحساسة في نظام الجمهورية الإسلامية خاصة خلال فترة الرئاسة، ينبغي أن تستمر وتُخَلّد كمدرسة ومثال جيد عن الخدمة».
وجاء في البيان: «لقد تزامنت ذكرى ولادة الامام الرؤوف الرضا (ثامن الائمة لدى الشيعة) مع حادث استشهاد خادم الرضا (ع) والمقدام في ساحة خدمة الوطن والشعب آية الله رئيسي ومرافقيه الأعزاء بحيث أصبح كل واحد منهم رمزا مخلدا من رموز الإخلاص والوفاء والتضحية الصادقة المشرقة والمشرفة لعمل الثورة والنظام والوطن الإسلامي في تاريخ إيران».
ولفت إلى أن الذاكرة التاريخية لإيران اليوم تذكرنا بأحداث وأزمات على مدى 45 عاما والتي وبفضل الله وخلافا لإرادة أعداء الثورة والنظام، واجهها الشعب الايراني وتغلب عليها عبر تعزيز وحدته الوطنية والإرادة القوية والثاقبة لمواصلة الثورة وفتح أبواب التقدم لإيران العزيزة».
وتابع القائد العام للحرس الثوري بأن الأسلوب العملي لرئيس الجمهورية الشهيد، الذي تزين بجوهر التقوى والإخلاص وبساطة الحياة والسعي الى العدالة ومكافحة الفساد والتوكل على الله وولاية الفقيه، أعطى معنى لأسلوب الحياة والإدارة وشوق المتحمسين للخدمة الصادقة والمخلصة للشعب وقد رفع راية التضحية والايثار في هذه الأرض وجعلها مرشدا للإيرانيين في المستقبل.
ووصف الشهيد اية الله رئيسي بـ «سيد شهداء الخدمة»،مؤكدا على ان الادوار الملهمة والبطولية والبنّاءة التي لعبها الشهيد اية الله رئيسي في أداء المسؤوليات الجادة والحساسة في نظام الجمهورية الإسلامية خاصة خلال فترة الرئاسة،ينبغي ان تستمر وتخلد كمدرسة ومثال جيد عن الخدمة.
كذلك صدر موقف من رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة اللواء محمد باقري التعازي مؤكدا «الجهوزية الشاملة للقوات المسلحة لتقديم أي دعم ومواكبة للحكومة برئاسة محمد مخبر وقال إن القوات المسلحة ستظل في هذه الحقبة الزمنية وكالسابق الى جانب الحكومة وفي خدمة الشعب «.
وقال اللواء باقري في بيان بهذه المناسبة: «إن التاريخ المجيد والحافل بالمخاطر للثورة الاسلامية شهد على الدوام احداثا مرة وحلوة وتقلبات كثيرة، ساهم كل منها في ترسيخ التناغم والوحدة الوطنية لشعب هذا البلد وحمل رسائل ملهمة وباعثة للقوة لمضي الثورة والبلاد قدما نحو الاهداف والتطلعات المنشودة، ويذكرنا بالتجاوز المتسم بالعزة والظفر لحوادث مؤلمة بما فيها استشهاد الشهيدين رجائي( الرئيس الإيراني السابق) وباهنر( رئيس الحكومة السابق ) واية الله الدكتور مرتضى بهشتي( أحد أبرز مفكري الجمهورية الإسلامية «.
وأضاف: «بلا ريب فان هذا الحادث الأليم والجلل، سيجعل بفضل الله وعنايه، وفي ظل تعزيز التضامن والوحدة الوطنية، خادمي النظام والقائمين عليه أكثر عزما واصرارا على السير على الطريق ذات الشوكة والباعث للفخر والاعتزاز لسيد شهداء خدمة الشعب».
وأكد رئيس الاركان العامة: «أن القوات المسلحة للجمهورية الاسلامية الايرانية وفضلا عن حفظ وارتقاء التوازن والجهوزية الدفاعية والأمنية للبلاد على الصعيد الاقليمي، وحدود وأرجاء الوطن الحبيب، تعلن جهوزيتها الشاملة لتقديم أي دعم ومواكبة للحكومة الخدومة تحت مسؤولية الدكتور محمد مخبر، وستظل في هذه الحقبة الحساسة وكالفترات السابقة، الى جانب الحكومة لإسداء الخدمة للشعب».
وزارة الداخلية والتحضير للانتخابات
بالتوازي تستعد وزارة الداخلية للقيام بالتحضيرات اللازمة لإجراء الانتخابات الرئاسية بعد أن تصدر المراسيم القانونية وفقا للدستور، وفي ظل هذه الأجواء أصدر وزير الداخلية الإيراني «أحمد وحيدي» بيانا اعتبر فيه ان مسيرة شهداء خدمة الشعب مستمرة».
وقال عن رئيسي إنه “عاش سعیدا ومات سعیدا» وسيبقى خالدا في ذاكرة الإيرانيين.
وأضاف أن الشعب الإيراني أظهر أنه لن يتوقف عن المضي نحو هدفه الإلهي بالتلاحم والوحدة والتعاطف في ظل قيادة الثورة، ولن يتردد ابناء الشعب الايراني في الحكومة الشعبية للشهيد أية الله رئيسي لحظة واحدة في الخدمة والقيام بواجباتهم من خلال العمل بتوجيهات قائد الثورة الإسلامية. وقال أؤكد لكم أننا مع المحافظين (رؤساء المحافظات) ووزارة الداخلية سنواصل طريق هؤلاء الشهداء الأعزاء في خدمة الشعب الإيراني الكريم بقوة وعزيمة مضاعفة.
ملابسات وأسئلة مشروعة
ورغم أن السلطات الإيرانية الرسمية اكتفت بإلقاء المسؤولية على الطقس السيء في حصول حادث تحطم المروحية الرئاسية، إلا أنها لم تقفل الباب أمام سيناريوهات أخرى، لكن بانتظار جلاء صورة التحقيقات التي تجريها الجهات الأمنية المختصة التي هرعت إلى مكان حطام الطائرة في جبال وغابات محافظة آذربيجان الشرقية.
أبرز الأسئلة التي تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي تتعلق بسؤال حول إمكانية حصول اختراق الكتروني ما للطائرة الرئاسية التي سقطت على مسافة غير بعيدة من حدود دولة آذربيجان حيث من المعروف أن فيها وجودا أمنيا كبيرا لجهاز الموساد الإسرائيلي في علاقات علنية بين تل أبيب وباكو، وهو ما كانت تعترض عليه إيران بشكل علني أيضا إلى ن أنأن استطاع الرئيس رئيسي تخفيف التوتر مع الجارة آذربيجان وقام برفقة رئيسها علييف بافتتاح السد المشترك على نهر آرس قبيل صعود رئيسي ومن معه إلى الطائرة الرئاسية المنكوبة.
ومن تلك الأسئلة المتداولة أيضا هو كيفية وصول الطائرتين المرافقتين للرئيس إلى مقصدهما في مدينة تبريز رغم سوء الأحوال الجوية ذاتها؟ بينما سقطت الطائرة الرئاسية التي يفترض أنها أكثر قوة ومتانة من الطائرتين المرافقتين؟
وهل لذلك علاقة بالحرب الالكترونية – السيبرانية المتواصلة منذ سنوات بين إيران وإسرائيل التي تعرضت لأول مرة لهجوم إيراني بالصواريخ والمسيرات في عهد رئيسي ووزير خارجيته أمير عبد اللهيان فجر السبت ـ الأحد 14 نيسان/ابريل الماضي ردا على استهداف الطائرات الإسرائيلية للقنصلية الإيرانية في دمشق مطلع الشهر ذاته؟
ولا يبدو أن أحدا في أوساط القرار الإيراني سيعطي إجابة عن تلك الأسئلة للرأي العام (نفيا أو اثباتا)الا إذا جاء التحقيق النهائي بمعطيات جديدة لا تتوقف عند سوء الأحوال الجوية.