القاهرة ـ «القدس العربي» : بين خذلان الجامعة العربية كعادتها لأصحاب أهم القضايا في تاريخ العرب والمسلمين، إذ اكتفى القادة كعادتهم بالمناشدات مع استمرار العجز في إنقاذ الضحايا واستمرار المقاومة الأبية في تسجيل مزيد من الانتصارات على جيش الاحتلال. ومخاوف أن يتم الاستمرار في التعتيم على المجاعة التي تنهش أجساد الغزيين، وسط تجاهل يصل لحد التآمر الدولي بتخطيط أمريكي. وشغلت حالة الكرب التي تداهم المصريين اقتصاديا، اهتمام الكثيرين وقال المستشار محمد الحمصاني المتحدث باسم رئاسة مجلس الوزراء، خلال تصريحات تلفزيونية، إن توفير السيولة الدولارية من خلال هذه الصفقة يتيح للدولة تلبية بعض احتياجاتها، مشددا أنه لا يمثل حلا نهائيا للتحديات التي تواجهها. واعترف بأن مصر تواجه تحديات جراء الأزمة الاقتصادية العالمية، التي تتطلب الاستمرار في برنامج الإصلاح الاقتصادي، قائلا: «الحصول على السيولة الدولارية يمكّن من توفير بعض احتياجات الدولة؛ لكنه ليس نهاية المطاف، ما زلنا في حاجة للاستمرار في برنامج الإصلاح الاقتصادي». وأضاف أن الحكومة تواصل العمل على تنفيذ الإجراءات التنفيذية لتسليم أرض مشروع رأس الحكمة، بالإضافة إلى الإجراءات الأخرى المرتبطة بتأسيس الشركة المصرية المساهمة باسم المشروع. وأوضح أن الموارد الدولارية تستخدم في دعم قدرة الدولة على القيام بالإصلاح الاقتصادي، الذي يشمل ضبط سعر الصرف وسوق النقد الأجنبي، علاوة على الإفراج عن السلع الغذائية والأدوية ومستلزمات الإنتاج. وأعلنت الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولي فوز مصر بحق تنظيم الاجتماعات السنوية للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لعام 2027، بعد موافقة مجلس المحافظين، مؤكدة أن اختيار مصر لتنظيم هذه الفاعلية المهمة يرجع إلى الدور الاستراتيجي الذي تمثله في البنك، لاسيما وأن مصر كانت واحدة من أوائل الدول المؤسسة للبنك، وتعد واحدة من أكبر دول العمليات على مستوى العالم. وأشار محمد أنيس الخبير الاقتصادي، أن الدولار إذا تراجع إلى مستويات الـ45 جنيها، سيشكل تهديدا كبيرا على الاقتصاد المصري، موضحا أن انخفاض الدولار لهذه المستويات سيؤدي إلى خروج الأموال الساخنة على الفور، بسبب المكاسب الكبيرة التي سيحققها المستثمرون الأجانب، إذا كانوا قد دخلوا السوق المصرية عند 50 جنيها للدولار، بالإضافة إلى تخوفهم من تكرار سياسة دعم وتثبيت سعر الصرف مرة أخرى مثلما حدث في مرات عديدة سابقا. ورغم العزوف الشعبي عن متابعة القمة العربية وعدم الرهان على نتائجها قال النائب الدكتور عصام خليل رئيس حزب المصريين الأحرار، عضو مجلس الشيوخ المصري، أن نتائج القمة العربية الـ33، جاءت مطابقة للرؤية المصرية، وخطواتها الجادة التي ترنو إليها القيادة السياسية. وأكد النائب عصام خليل، في تصريح لـ”اليوم السابع”، أن بيان ختام القمة شمل الحديث عن الأمن المائي العربي، باعتباره جزءا لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، مُشددا على رفض أي عمل أو إجراء يمس حقوق مصر والسودان في مياه النيل. واعتبر أن القرار يُجسد تأكيد التضامن العربي مع الحقوق الأصيلة والحياتية لمصر والسودان، في مواجهة التحديات المائية، ويُمثل انتصارا للخطوات الجادة التي اتخذتها الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي لحماية حقوقها المائية وأمنها القومي والمائي.
وأوضح أن القمة العربية لم يقتصر دعمها على مسألة المياه، بل امتد ليشمل التضامن مع فلسطين في وجه العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، وقد أدانت القمة بصورة واضحة سيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وشددت على ضرورة ضمان النفاذ الإنساني الآمن إلى القطاع.
شريك أساسي
فشل الكيان الصهيوني حتى الآن في تحقيق أهدافه من حربه على قطاع غزة سواء عودة الأسرى لدى حماس أو القضاء عليها، ولم يحقق سوى قتل الآلاف من الأبرياء من الأطفال والنساء والمدنيين من الفلسطينيين في القطاع، ولا يرى العالم كله الآن حسب محمد علي محمد في “الوفد” إلا إبادة جماعية للفلسطينيين في قطاع غزة، وخير دليل على ذلك المظاهرات الحاشدة لطلبة الجامعات في العالم كله، وفي أمريكا خاصة، تنديدا بالمجازر والإبادة الجماعية التي ينفذها جيش الكيان الصهيوني في قطاع غزة، بمساندة ودعم من الإدارة الأمريكية، سواء كانت مساعدات مالية أو عسكرية. والإدارة الأمريكية تعتبر شريكا رئيسيا للكيان الصهيوني حتى الآن، وأن ما يحدث هو عبارة عن عملية توزيع أدوار بين نتنياهو وبايدن، مع توضيح أن هناك خلافات قائمة منذ بداية نتنياهو للحرب على غزة والإبادة الجماعية التي ينفذها ضد الفلسطينيين. ولم ينجح نتنياهو في تحقيق أهدافه من حربه على قطاع غزة، سوى استخدام سياسة التجويع مع الفلسطينيين بمنع دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع وتهجير ومحاصرة سكانها في رفح الفلسطينية. وما يحدث الآن أضاع على الكيان فرصة التصالح والتهدئة وإمكانية تفعيل هدنة يتم من خلالها تحقيق أحد أهدافه المعلنة وهو، عودة الأسرى لدى حماس، وبالتالي سيخرج الكيان بمساعدة نتنياهو من هذه المعركة غير المتكافئة مهزوما، خاصة في داخل الكيان مع زيادة المظاهرات من أهالي الأسرى وشعب الكيان، التي تطالب بإقالة ومحاكمة نتنياهو وأعوانه. وبالتالى نجد أن الجانب الأمريكي ما زال يدعم الكيان في ما يجري في قطاع غزة ورفح وإن كانت هناك شحنة أسلحة قد منعت من الإرسال إلى الكيان، فإن هناك شحنات عدة في طريقها إلى الإرسال، ما هو إلا توزيع للأدوار بين الجانب الأمريكي والكيان.
حماس لن تزول
وكان على الكيان أن يستثمر مرحلة استمرار الهدنة مع حماس لإتمام أحد أهدافه وهو عودة الأسرى، ولكنه اختار، وفق رأي محمد علي محمد، استمرار الحرب على غزة وعلى رفح، وعلى أرض الواقع نجد أن الكيان يواجه طريقا مسدودا لإتمام أهدافه. ويظهر لنا حتى الآن أن الكيان الصهيوني ليست لديه أي استراتيجية واضحة للخروج من المأزق الذي هو فيه الآن، مع تنسيق مصر مع حركة حماس، وكذلك مع الكيان الصهيوني الذي تتم عرقلته من جانب الكيان بالمماطلة والسيطرة على قطاع غزة ومعبر رفح، والسعي لعدم إتمام هدنة مع حماس، ما يؤدي لوقف حربه على غزة، وبالتالى عمل لجان تحقيق ومحاسبة حكومة الكيان، وإنهاء الأمر بالفشل السياسي والعسكري، ومحاكمة نتنياهو وأعوانه كمجرمي حرب والإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني. وما يدور في العالم الآن من مظاهرات للطلبة في الجامعات وللشعوب في عواصم الدول، لا بد من أخذه بعين الاعتبار، لأنه تعبير صادق وحقيقي عما يشعر به العالم بعيدا عن الحكومات من الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني، والإبادة الجماعية الممنهجة التي يقوم بها الكيان الصهيوني. وبما أنه لا يزال جيش الكيان يقاتل في قطاع غزة ورفح الآن، فإن الكيان ليست لديه النية لإنهاء الحرب، وهذا يعني أن الكيان يريدها حربا طويلة مع حماس، لمحاولة تحقيق أهدافه على المدى البعيد، ومن جانب حركة حماس فهي تعتبر حرب استنزاف على الكيان، كحرب الاستنزاف التي تمت سابقا في سيناء وكذلك في لبنان والتي استمرت أكثر من ثمانية عشر عاما، والتي انهزم فيها جيش الكيان. وحكومة الكيان حتى الآن ليست قادرة على تحقيق أهدافها من حربها على غزة، وهي الآن في طريقها إلى حرب استنزاف لا تقدر على الانتصار فيها، وستستمر فترة طويلة في علاج جنودها نفسيا مما حدث في طوفان الأقصى، وفي ما سيحدث لهم من استهداف من جانب حركة حماس.
الثوابت مقدسة
الخلاف في الرأي حق مشروع في قضايا الفكر وتعدد الرؤى، وفي حياة الشعوب تبقى تعددية المواقف وفقا لما يرى فاروق جويدة في “الأهرام” أحد الجوانب المهمة التي تعكس حيوية الشعوب وقدرتها على التنوع والإبداع.. وإذا كان اختلاف الآراء والأفكار حقا فإن لغة الحوار هي التي تضع ضوابط الاختلاف، وإذا كان الاختلاف حقا فإن للثوابت قدسية خاصة لأنها تمثل إحدى الدعائم الأساسية في استقرار الشعوب، لأن ضرب الثوابت يمكن أن يفتح أبواب الفتن وانقسامات المجتمعات وانفلات الرؤى والأفكار.. أقول ذلك وأنا أتابع حالة الفوضى الفكرية التي اجتاحت بعض رموز النخبة المصرية، وفتحت أبوابا للخلافات والانقسامات التي تهدد المجتمع وثوابته. منذ سنوات والنخبة المصرية تعاني حالة من الفوضى التي تفتح أبواب الفتن وتنشرها وتقسم المجتمع، وقد اختارت قضايا الدين مجالا للصراعات، تحت دعوى إصلاح الخطاب الديني، وإذا كان الاجتهاد من أهم الجوانب المشروعة في ديننا الحنيف، فإن للاجتهاد أصولا تحكمه.. أولها، أن الاجتهاد حق لمن يعرف بحيث يخضع لمجموعة من القواعد حتى لا تتسلل لهذه الثوابت رغبات أو أهواء أو مصالح.. لا أتصور أن يفتي إنسان في الدين وهو لا يجيد لغته العربية، أو أن يفسر آية في القرآن الكريم وهو لا يجيد تلاوتها الصحيحة، أو أن يقول رأيا في الدين وهو لا يعرف أصوله، أو أن يتطاول على رمز من رموز العقيدة وهو لا يعرف تاريخه، أو أن يسيء قولا وفعلا إلى أشخاص حملوا للبشرية زادا من العلم والإيمان والتقوى.. كيف يتجرأ إنسان على دين لا يعرف حدوده، كيف يشارك في الحوار حول الدين، من يطعن في أحاديث رسولنا الكريم، ويشكك في صحابته.. مثل هذه الأفكار المريضة والمضللة لا يمكن أن تكون اجتهادا أو إصلاحا للخطاب الديني، لأنها دعوات للفتن والاعتداء على مقدسات الناس، وهي من أسوأ الطرق لإفساد المجتمعات وتضليلها.. بعض الوجوه التي تتصدر المشهد وتدعو إلى تخليص الدين من الشوائب والمسلمات وتشكك في رموزه جميعها تفتي بغير علم.
غموض مريب
هنا والكلام ما زال لفاروق جويدة يتوقف الكاتب عند المؤسسة التي أعلن تشكيلها أخيرا في مصر “تكوين” تحت دعوة إصلاح الفكر الديني، وهذه الجماعة تثير تساؤلات كثيرة..أولا: أعضاء الجماعة ليسوا غرباء عن الساحة، سواء في تاريخهم أو آرائهم أو شخوصهم أو تعليمهم، فكثير منهم ليس له في الدين دراسة أو علم، وقد تجاوزوا كثيرا في مناسبات ومواقف ومعارك سبقت، رغم أن ما عرضوه في السنوات الماضية من مواقف كان يكفي للتصدي لتلك الأفكار. ثانيا: كان ينبغي في أول اجتماع للجماعة أن تعلن عن مصادر تمويلها منعا لإثارة اللغط حول تلك النقطة. كما أنه لا يمكن البحث حول هذه الجماعة، دون فتح ملفات ما يتعرض له الشباب من محاولات التشويه والإلحاد أمام الغزو الثقافي والسلوكي ودعوات الإلحاد والشذوذ.. الدعوات المغرضة التي تصل في بعض الاحيان إلى حذف آيات من القرآن، وتشويه صورة الصحابة وإصدار قرآن جديد كلها دعوات صريحة للفتن.. ثالثا: لا أعتقد أن العالم العربي في حاجة إلى المزيد من الانقسامات، ومصر في ظروفها الحالية تحتاج إلى من يوحد كلمتها ولا ينشر الفتن بين شعبها، وفي ظل وجود نحو 30 مليونا لا يقرأون ولا يكتبون، يصبح الاعتداء على قدسية الدين دعما لموجات الإلحاد التي تطارد شبابنا، فتجعله حائرا بين جماعات الإلحاد وجماعات الإرهاب، وهنا لا بد أن نكون على وعي بكل ما يحيط بنا أمنيا وسياسيا ودينيا.. إن المجتمع المصري وطن لا يفرق بين أبنائه، دينا أو انتماء، فلماذا تنطلق مثل هذه الدعوات الآن؟
شبهة نفاق
لم ينزعج إبراهيم نصر في “الأسبوع” كثيرا من تدشين مركز «تكوين للفكر العربي»، إذ إنه لم يأتِ بجديد سوى أنه جاء بالمتربصين بالفكر الإسلامي لفيفا: كعادتي لا أحب الحكم على الأشياء من دون التثبت من صحة الأخبار والتأكد من المعلومات المتداولة، التي لا ترقى إلى درجة اليقين، وأول الأخبار التي ثبت كذبها، وقد اتخذها البعض ذريعة لمهاجمة الدولة، أنها سمحت بهذا التكوين، ووافقت على إنشائه، وتبين في النهاية أن هذا الكيان غير مرخَّص ولم يتم إشهاره رسميّا. أما المؤكد واليقيني فإنه تم تدشينه إعلاميّا وبدا واضحا ضخامة التمويل والقدرة المالية مجهولة المصادر حتى الآن، وهذا ما سوف يتكشف من تحقيقات نيابة أمن الدولة إذا صحتِ الأخبار المتداولة بهذا الشان. وفي لقائه مع الإعلامي عمرو أديب في برنامج «الحكاية» يوم السبت الماضي قال إسلام بحيري عضو مجلس أمناء مركز «تكوين» عن الذين يهاجمون أفكارهم: «إنهم يعانون هشاشة رهيبة غير قادرة على المواجهة»، وإسلام بحيري هذا معروف بأفكاره المنحرفة، وإعادة إنتاج شبهات أكل الدهر عليها وشرب، وتم الرد عليها في حينها، بل جمعها العلماء وردوا عليها جميعا بما لا يدع مجالا للجهل، الذي يعيد هؤلاء «التكوينيون» تدويره، وهو نفسه الذي يعاني هشاشة رهيبة في الفكر، وغير قادر على المواجهة، بعد أن وعي الدرس من المواجهات المحدودة التي حدثت مع بعض علماء الإسلام، وخرج منها مفضوحَ الجهل، يلفُّه الخزي من كَمِّ المغالطات التي كشفها العلماء، وهذا ما جعله يشترط بعد ذلك على البرامج التي تستضيفه، أن يكون وحده، ولا يسمح بالمداخلات، حتى يكون الكلام من طرف واحد، فيُلقي بخرافاته، دون الرد عليها، ومهما بلغت ثقافة المحاور، فلن يستطيع الرد عليه.. معلوم أن خطر المنافق على الإسلام أكثر من خطورة الكافر، لأن المنافق عدو خفي، والكافر عدو ظاهر، والعدو الخفي ضرره أكثر، وإيذاؤه أشد، ولذلك جعل الله المنافقين في أسفل النار، قال تعالى: “إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا” (145: النساء). وقد حذَّر الإسلام من خطورة النفاق والمنافقين على المجتمع الإسلامي، وأنزل الله عز وجل في القرآن الكريم سورة (المنافقون).
رائحة الديمقراطية
بدأ ماراثون انتخابات مجالس الإدارة والجمعيات العمومية في المؤسسات الصحافية القومية، التي تحظى بمتابعة العاملين في المؤسسات الصحافية على أمل أن تساهم الدماء الجديدة في التصدي للمشاكل المزمنة التي تواجهها صاحبة الجلالة، ويهتم بها كذلك لغيرته على المهنة رفعت رشاد في “الوطن”: وضعت الهيئة الوطنية للصحافة جدولا لمواعيد إجراء الانتخابات، وحددت الهيئة يوما لكل مؤسسة تُجرى فيها الانتخابات، بحيث تتاح الفرصة لحسن التنظيم، وإتاحة الفرصة للمرشحين للتواصل مع زملائهم الناخبين، وطرح أفكارهم وبرامجهم للمناقشة. تعد انتخابات المؤسسات، فرصة لممارسة الديمقراطية بين فئات من المثقفين من الصحافيين والإداريين والعمال، وهو نهج يحمد للهيئة الوطنية للصحافة التي حرصت على إجراء الانتخابات، وكذلك تعيين قيادات المؤسسات لتنشيط العمل في الصحف والقطاعات داخل هذه الصروح، التي تساهم بقوة في العمل الصحافي والإعلامي والإعلاني. وقد شهدت الانتخابات حراكا إيجابيا تفاعل فيه الزملاء، وشهدت العملية الانتخابية مفاجآت في النتائج، بعدما قيم الزملاء أداء القدامى وتوقعوا خيرا في القادمين. ويأمل العاملون في المؤسسات القومية، أن يكون المنتخبون الجدد على قدر المسؤولية، وأن يساعدوا في تحسين أحوال المؤسسات. وقد حرص المهندس عبد الصادق الشوربجي رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، وأعضاء الهيئة على متابعة الانتخابات بتفاصيلها، وتفقد لجان التصويت، والتأكد من حسن التنظيم والاطمئنان على سير العملية الانتخابية. نأمل في أن يقود الفائزون مؤسساتهم إلى مكانة أفضل، وتحسين الأحوال للعاملين.
الحبس الاحتياطي
على مدى 63 شهرا، تابعت بصفحات التواصل الاجتماعي معاناة الدكتور محمد محيي الدين الأستاذ المساعد في كلية هندسة جامعة بني سويف وزوجته وأطفاله، الذي اهتم بمشاكله كارم يحيى في “الشروق”، خلال وبعد حبس احتياطي يتجاوز مدة العامين المحددة بالقانون بعام، وذلك لمجرد قول بالحسنى في تعديل الدستور وتمديد فترات الرئاسة، ودفاعا عن حقوق وحريات المصريين وكرامتهم. أول هذا الشهر، عاد لكليته، وبعد معاناة إضافية لعامين منذ إخلاء سبيله فصلا من العمل وتجويعا وتعنتا من زملاء جامعة، كان يفترض أنهم حراس استقلاليتها ورعاة لحقوق هيئة تدريسها. حارب أمام المحاكم إصرار رئاسة الجامعة الجائر على حرمانه من نصف الراتب خلال الحبس الاحتياطي إلى كامله بعد إخلاء سبيله، من دون إدانة، والطعن على حكم مجلس الدولة بإلغاء قرار الفصل، بزعم انقطاعه عن العمل، مع علم الجامعة بحبسه احتياطيا. وعاد القضاء ورفض الطعن، وألزم الجامعة بتنفيذ العودة. واليوم نتمنى إعادة الجامعة سريعا حقوقه المالية المستحقة كافة، وتسوية المرتب وملحقاته كاملا عن فترة الفصل التعسفي الجائر، أو نصف الراتب احتراما وتطبيقا لحكم المحكمة الدستورية في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 بصرف الراتب كاملا للمحبوسين احتياطيا، فضلا عن تعويضهم. وهو حكم ألغى المادة الشيطانية الشريرة (رقم 64) عند تعديل قانون الخدمة المدنية 2016، التي تحرم الموظف نصف راتبه خلال هذا الحبس، ولو لم يدن. سألت وبحثت من دون نتيجة عن أعداد أساتذة الجامعات، نخبة النخبة ومحل التقدير في كل مجتمع، المحبوسين حاليا في قضايا رأي، أو من كانوا على مدى 10 سنوات خلت. وكأننا أمة لا يعنيها دفع المزيد منهم للهجرة وعواقب “نزيف الأدمغة”. وفكرت في ما ضاع على البلد من فرص تعليم أبنائه وأبحاث علمية وإسهامات تطبيقية جراء سنوات تغييب الدكتور محمد. وتساءلت ألا يوجد بين ذوي المناصب في جامعاتنا، ولو أصبحوا بالتعيين وأكثر هشاشة أمام تدخلات قوى خارجها مخالفة للقانون، من يتحلى بحكمة العلماء وبنظرة للمستقبل، فيعوض ماليا ووظيفيا كل أكاديمي تعرض لهذا الحبس. بل يكرّمه ردا لاعتبار الجامعة والأكاديميين كافة وللعلم ومصر أولا.
الضمير مات
تذكر عبد المحسن سلامة في “الأهرام” مقولة الراحل جلال عامر عن سائقي التاكسي «بيشغل القرآن ويعطل العداد» وهو ما ينطبق على الكثير من التجار في هذا الزمان «يغلق المحل للصلاة، ويغش في الميزان». غش الميزان، أصبح من الظواهر المنتشرة في الكثير من السلع، وبالذات السلع الاستهلاكية اليومية «السكر والزيت والألبان» وغيرها من السلع، بعد أن أصبح الكيلو جرام «900 جرام» أو أقل، وأصبح النصف كيلو 400 جرام أو أقل، وهكذا. اتصل الكاتب بالوزير علي مصيلحي وزير التموين يسأله عن «فوضى الموازين»، ولماذا لا يكون هناك إلزام بعدم التلاعب، وضرورة توحيد وحدة الوزن «كيلو جرام ـ نصف كيلو جرام ـ ربع كيلو جرام» كما كان يحدث قبل ذلك؟ وإلغاء «بدعة» الجرام الحالية؟ تفاعل الدكتور علي مصيلحي وزير التموين مع هذا الطرح قائلا: هم يكتبون الوزن على العبوة بما يعني أنهم غير مخالفين، مشيرا إلى أن المشكلة تكمن في المستهلك الذي يشتري العبوة على أنها، كيلوجراما كاملا أو نصف كيلو جرام، لأنه لا يوجد مستهلك يطلب شراء 900 جرام أو 400 جرام، ومن هنا تكون «الخدعة» التي يقع فيها المستهلك. وأضاف الدكتور علي مصيلحي قائلا: إنه سوف يخصص اجتماعا لهذا الغرض خلال الأيام المقبلة مع الغرف التجارية، وممثلين عن الشركات المنتجة لتوجيههم بضرورة تعديل تلك الصيغة والعودة إلى وحدة الوزن المعتادة «الكيلو جرام» أو «النصف كيلو جرام» أو حتى «الربع كيلو جرام».
معاقبة المخالفين
بعد الاجتماع الذي حدثنا عنه عبد المحسن سلامة ويستبشر بتداعياته، حسب التصريحات التي كشف عنها وزير التموين سوف يكون هناك قرار ملزم بذلك، وسوف تتم معاقبة المخالفين في حالة وجود عبوات مخالفة مكتوب عليها غير ذلك. سألته هل يمكن تطبيق ذلك أيضا على الخبز السياحي و«الفينو»؟ أجاب: بالفعل يمكن أن يتم تطبيق هذه الإجراءات على الخبز السياحي و«الفينو»، لأنه أكثر دقة وانضباطا، وينهي ألاعيب التجار، وأساليب الغش والخداع، التي ينتهجها البعض بسوء قصد أو حتى بحسن نية، مشيرا إلى أن البعض يحاول ترويج أنه قام بتخفيض السعر في حين أنه قام بتخفيص الوزن، ويتهرب من المسؤولية بكتابة الوزن بالجرام على العبوة، في حين أن معظم المستهلكين يشترون السلع بوحدة الوزن المعروفة والشائعة وهي الكيلوجرام.. أعلم الجهد غير العادي الذي بذله وزير التموين والتجارة الداخلية الدكتور علي مصيلحي في الآونة الأخيرة، وسط ظروف صعبة، والأمر المؤكد أنه سوف يترجم هذا الجهد بسد الذرائع، وسد منافذ التلاعب أمام الشركات والتجار، لكي يشعر المواطن العادي بالتحسن الفعلي في الأسعار، بعد تجاوز مرحلة عنق الزجاجة في الأزمة الاقتصادية، واستقرار سعر الصرف، وزيادة الاحتياطي النقدي إلى 41.05 مليار دولار ليسجل أعلى مستوى له منذ ثلاث سنوات بعد زيادة موارد النقد الأجنبي خلال الشهرين الماضيين، وهذا هو المطلوب في هذه المرحلة.
غوتيريش العروبي
كانت بداية ملهمة وموفقة من غوتيريش، عندما أشار إلى التاريخ الاستعماري في المنطقة في كلمته خلال انعقاد القمة العربية في المنامة، فالأمين العام للأمم المتحدة، كما يقول علاء الغطريفي في “المصري اليوم”، أراد أن يُذكِّر المجتمعين بأن هناك تاريخا سابقا يلاحقهم، وإذا كانوا قد تحرروا في السابق فعليهم اليوم أن يتحرروا أيضا، لأن هناك من يتربص بهم، ويريدهم دائما في قبضة يده، أو في فلك نفوذه. إنها تذكرة من سياسي عجوز يعلم كيف يُدار العالم، وكيف ينظر إلى منطقتنا؟ ولعل الذكرى تنفع السامعين والمجتمعين، يوما بعد يوم يتحدث غوتيريش بلسان مبين عند حديثه عن العرب، فلم يختر كلمة بروتوكولية عن أوضاع المنطقة ومعاناتها، بل ارتدى ثوب الداعي للوحدة والناصح بالتآلف، لأنه يعرف جيدا حجم الخلافات والاختلافات بين المجتمعين. استخدم غوتيريش المولود في لشبونة في بلاد الأندلس، ليؤكد للحضور إلى أي حضارة ينتمون، ولم يفته أن يذكر بغداد التي كانت مركز الحضارة العربية الإسلامية، وكذلك العالم وقتها، ولولا لغته لشعرنا بأن من يتحدث عروبي وُلد على هذه الأرض، أو طارق لباب الاصطفاف تحت لوائها، قالها صريحة واضحة «توحدوا لكي تفرضوا كلمتكم على العالم»، أطلقها في القاعة، فشكرا لمن يهدي إلينا عيوبنا، ويدعونا إلى طريق الرشد، مقصد نبيل ودعوة صادقة. السياسي البرتغالي المخضرم، يحثنا على الاتحاد تحت راية واحدة كي يخشانا العالم، لأنه يعرف أنه لا وجود سوى للأقوياء أو المتحدين، فما بالك لو كانت تجمعهم لغة واحدة وتاريخ مشترك ومستقرالأديان السماوية. يعرج إلى التأثير العظيم للحضارة العربية في التاريخ، بلهجة الفخر بمنجز المنطقة الحضاري، كأنه واحد منا يجلب أمام الحضور قصة وجودنا ليعلن قوة وبأس هذه الأمة بين الأمم، ففي اليوم الذي كانت فيه المنطقة منارة للإنسانية، كانت الدنيا تغيب في ظلامها وفوضاها، قبل أن يخوض في معاناة الشعب العربي في أكثر من بقعة على خريطتنا، يتوجه الموظف الدولي رقم واحد، ليتناول بيت الداء العربي، التنافر وتجنب الاتفاق، على الرغم من أن الاتفاق باب النجاة الوحيد لتجاوز تحدياتنا ونافذة الهروب الوحيدة من الالتحاق بالآخر المستعمر الذي لم ينسَ استغلاله، وحريص على إعادة صياغة حضوره عبر طرق جديدة للسيطرة والهيمنة! يستدعى جهاد المنطقة للتحرر من الاستعمار، ويدعوها لاستغلال هذه الثروة التاريخية للنجاح في هذا العالم، فلديها الموارد والبشر والثقافة لكي تضع لنفسها مكانة تستحقها! لم أجد غوتيريش سوى عروبى حتى إن لم ينتمِ للمنطقة، هكذا رأيته وسيراه كل من يتدبر كلماته، ابن الأندلس أعطانا درسا وحشّد رسائله الاستثنائية عن شروط صلاح أحوال العرب، التي لن تأتي إلا بالاتحاد، فهو السبيل الوحيد للنجاح والمرور في هذا العالم القاسي، الذي يشكو فيه أيضا الموظف الدولي الأول من الظلم وغياب العدل.
كل العالم ضدنا
ينتفض الطلاب في جامعات النخبة في الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية، أو ما يُعرف باسم الـ«آيفي ليج» (رابطة جامعات النخبة الثماني الخاصة: براون، وهارفارد، وييل، وبنسلفانيا، وكولومبيا، ودارتموث كوليج، وبرينستون، وكورنيل) وفي غيرها من الجامعات الأمريكية والجامعات الكبرى بالعالم، حسبما يرى يحيى عبدالله في “الشروق”، ضد حرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلى ضد رجال ونساء وأطفال قطاع غزة، منذ نحو سبعة أشهر، وضد سياسة «الأبارتهايد»، التي تمارسها إسرائيل في المناطق الفلسطينية المحتلة، في الضفة الغربية، حيث تسيطر على مناطق مأهولة بسكان فلسطينيين وتقيم فيها مستوطنات يهودية بحتة، دون أن تمنحهم، وهم السكان الأصليون، حقوقا مدنية أو الحق في تقرير المصير، وهو ما حوَّلها إلى نظام شبيه بنظام الفصل العنصري، على الأقل في جزء منها، منذ ما يزيد على خمسين عاما، كما يقول البروفيسور شلومو زند في كتابه: «عرق متوهم – موجز تاريخ كراهية اليهود».
ينتفضون ضد الاستيطان الفاشي الديني، المصحوب، دائما بالعنف، وضد سياسات الحصار والتجويع، وضد تجريد الشعب الفلسطيني من آدميته، وضد سد كل الآفاق في وجه إمكانية إقامة دولة لهم، وضد انحياز الإدارة الأمريكية إلى إسرائيل في حربها ضد غزة ودعمها عسكريا إقامة جسر جوي وبحري لتزويدها بالأسلحة والذخيرة. ودعمها سياسيا، استعملت الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض/الفيتو ثلاث مرات في مجلس الأمن الدولي منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 ضد مشروعي قرار لوقف الحرب في غزة وضد مشروع قرار لإرسال بعثة تقصي حقائق إلى الأراضي الفلسطينية للتحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل خلال عدوانها على غزة.
احتجاجات الطلاب
انتفض الطلاب أيضا ضد تعاون المؤسسات الأكاديمية الأمريكية مع نظيرتها الإسرائيلية خاصة في مجالات تطوير بعض الأسلحة كالمسيَّرات، وضد استثمار هذه الجامعات لأموالها في إسرائيل التوسعية العدوانية. هذه هي الأسباب الحقيقية التى من أجلها تنتفض الجامعات الأمريكية؛ وهي احتجاجات تعيد إلى الأذهان احتجاجات الطلاب في الجامعات الأمريكية فىيالستينيات من القرن الماضي من أجل حقوق المواطن، وضد حرب فيتنام، وهي ليست حدثا عابرا، وإنما إعصار فعلى، حسب تعبير تسفيكا كلاين رئيس تحرير «جيروزاليم بوست». يعزو الدكتور، دافيد باراك، في «معاريف»، أسبابها، إلى التطورات الثقافية والاجتماعية التى أدت إلى تحويل إسرائيل إلى دولة منبوذة في الجامعات الأمريكية، ومنها التعاون بين النظريات النقدية بها، خاصة حوار ما بعد الكولونيالية، وأنصار للقضية الفلسطينية نجحوا في عرض الكفاح الفلسطيني. تتواكب حملة الأكاذيب والاتهامات الباطلة التي تتبناها النخب الإسرائيلية مع نغمة من البكائيات الصهيونية المعتادة، ومع حيلة تقمص دور الضحية، ومع إشهار التهمة الممجوجة «معاداة السامية» في وجوه الطلاب، الذين يشاركهم حتى بعض اليهود الأمريكيين احتجاجاتهم؛ وهي حيلة تنقل المعركة إلى أرض الخصم وتربك حساباته، وتضعه في موقف دفاعي. لهذه الحيل، التي تتهم العالم كله بمعاداة اليهود، جذور في التراث التوراتي، كما في سفر إستير(3،8): «فقال هامان رئيس بلاط الإمبراطور الفارسي للملك أحشويروش إمبراطور فارس: «إنه موجود شعبٌ ما [اليهود] متشتت ومتفرق بين الشعوب في كل بلاد مملكتك، وسُننهم مغايرة لجميع الشعوب، وهم لا يعملون سُنن الملك، فلا يليق بالملك تركهم. فإذا حَسُن عند الملك فليكتب أن يبادوا»؛ ولهذه الحيل جذورٌ في الأدب الصهيوني، أيضا، تعبر عنه الأغنية – القصيدة الشهيرة: «كل العالم ضدنا»، التي ألفها أحد كبار الشعراء ومؤلفي الأغاني الوطنية في إسرائيل يورام طهر ليف 1938- 2022، التي تقول كلماتها: «كل العالم ضدنا/ لحنٌ قديم جدا/ علَّمَنا إياهُ آباؤنا/ كي نغنيه ونرقصه/ هم رقصوا على أنغامه رقصة الهورا (رقصها شعبية سرقها المهاجرون الصهاينة قبل قيام إسرائيل من دول البلقان، وجعلوا منها طقسا صهيونيا؛ وربما يعود أصلها إلى رقصة الهوَّارة الشعبية الصعيدية) / لن نسكت نحن أيضا/ هوب إلى الأمام، هوب إلى الخلف/ إمَّا فالس (رقصة ألمانية الأصل يؤديها اثنان) وإمَّا كزتشوك (رقصة قوقازية الأصل سريعة الإيقاع، شائعة في أوكرانيا وروسيا)/ كل العالم ضدنا/ لا بأس، سنتغلب على ذلك/ لا يأبه بنا على الإطلاق/ لا بأس، سنتدبر أمرنا/ كل العالم ضدنا/ نحن أيضا/ لا نأبه به/ من أعظم من هرتسل؟/ قال للمؤتمر (الصهيوني الأول في بازل في سويسرا عام 1897): «الأمر ممكن مع الإرادة والسعي» عندما بدأ كل الرفاق/ يتشككون ويترددون/ أخذ الهارمونيكا/ وعلَّم المؤتمر: كل العالم ضدنا/ لا بأس، سنتغلب/ لا يأبه بنا على الإطلاق/ لا بأس، سنتدبر أمرنا/ كل العالم ضدنا/ لا بأس، سنتغلب/ نحن أيضا/ لم نعد نأبه/ هذه الأغنية علَّمَنا إيَّاها/ آباؤنا من الشيوخ/ سنغنيها نحن أيضا/ وسيغنيها من بعدنا الأبناء/ وأحفاد الأحفاد/ هنا في أرض إسرائيل/ وليذهب كل من هو ضدنا/ إلى الجحيم”. تلخص القصيدة الرؤية الصهيونية لكل العالم. لا تستثني أحدا؛ وهي ترجمة لمقولة، دافيد بن غوريون، مؤسس إسرائيل، خلال خطاب ألقاه أمام جنود الجيش الإسرائيلي عام 1955: «لا يرتبط مستقبلنا بما يقوله الأغيار، وإنما بما يفعله اليهود”.