واشنطن: سعت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) المتهمة بالسماح لدونالد ترامب باستخدامها لغايات سياسية، إلى النأي بنفسها عن الرئيس الأمريكي بعد تصريحات مثيرة للجدل أدلى بها وزير الدفاع مارك إسبر ونشر تعزيزات عسكرية حول البيت الأبيض.
وفي بلد يبجّل العسكريين، أثار إسبر قلقا بقوله الإثنين إن قوات حفظ النظام يجب أن “تسيطر على ساحة المعركة” لإعادة النظام بينما يحتج مئات الآلاف من الأمريكيين على وحشية الشرطة والعنصرية والتفاوت الاجتماعي الذي تفاقم مع وباء كوفيد-19.
وظهر إسبر ورئيس الأركان الأمريكي مارك مايلي إلى جانب ترامب عندما توجه سيرا على الأقدام إلى كنيسة سانت جون المبنى الذي يرتدي طابعا رمزيا بالقرب من البيت الأبيض وتعرض لتخريب قبل يوم على هامش تظاهرة.
وكان إسبر في الصف الأول من مسؤولي الإدارة الأمريكية الذين وقفوا إلى جانب ترامب لالتقاط صورة أمام الكنيسة وهو يحمل الكتاب المقدس، بعد دقائق من تفريق الشرطة بوحشية متظاهرين كانوا يحتجون أمام البيت الأبيض، مستخدمة الهراوات والغازات المسيلة للدموع.
وصورت لقطات للجنرال مايلي بزي التمويه العسكري يمشي وراء ترامب. وبث البيت الأبيض الصور بسرعة في تسجيل فيديو يطغى عليه الطابع الانتخابي.
أثار كل ذلك استياء المعارضة الديموقراطية ومسؤولين عسكريين سابقين.
وكتب رئيس الأركان السابق الجنرال مارتن ديمبسي في تغريدة: “أمريكا ليست ساحة معركة ومواطنونا ليسوا العدو”.
وأكد مسؤول كبير في البنتاغون أن إسبر لم يكن يضمر شيئا عندما تحدث عن “ساحة المعركة”، بل استخدم عبارة من “اللغة العسكرية المتداولة”.
أما بشأن وجود الجنرال مايلي خلف الرئيس خلال خروجه من البيت الأبيض لسبب من الواضح أنه سياسي، فقد برره المسؤول نفسه الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، بأنه لم يكن طوعيا.
وأوضح أن الرئيس قال لهم إنه “يريد أن يرى القوات منتشرة في الخارج”، مؤكدا أن إسبر ومايلي “لم يكونا على علم بأن قوات الأمن قررت إخلاء المنطقة”.
انتزع الكونغرس القضية. فقد عبّر رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب آدم سميث عن قلقه الثلاثاء من الإدارة “الاستبدادية” للرئيس ترامب و”الطريقة التي تؤثر فيها على حكم القيادة العسكرية”.
وذكّر بأن “دور الجيش الأمريكي في حفظ النظام على الأراضي (الأمريكية) محدد بالقانون”.
في الواقع يمنع قانون استخدام جنود من القوات الفعلية في مهمات لحفظ النظام، إلا في حال حدوث عصيان. وفي حال اضطرابات عامة، يعود إلى كل ولاية أمريكية قرار استدعاء شرطيين سابقين في الاحتياط في الحرس الوطني.
واتهم المرشح الديموقراطي للانتخابات الرئاسية جو بايدن الثلاثاء ترامب بأنه “قام بتحويل البلاد إلى ساحة معركة مزروعة بالأحقاد القديمة والمخاوف الجديدة”.
والأقليات ممثلة بشكل واسع في الجيش الأمريكي الذي يعد رافعة اجتماعية. وكان الاستياء واضحا في صفوف العسكريين بعد أسبوع على موت جورج فلويد الرجل الأسود البالغ من العمر 46 عاما، اختناقا خلال توقيفه من قبل شرطي أبيض.
وقال ضابط الصف في سلاح الجو الأمريكي كاليث رايت أحد أبرز العسكريين الأمريكيين السود: “أنا جورج فلويد”. وأضاف: “مثل معظم الطيارين السود، أشعر بالغضب عندما أرى رجلا أسود آخر يموت، على شاشة التلفزيون أمام أعيننا”.
وأضاف في رسائل لقيت صدى واسعا أن “ما يحدث في أغلب الأحيان في هذا البلد لرجال سود ضحايا وحشية الشرطة، يمكن أن يحدث لي”.
وقد حصل على دعم علني من أعلى ضباط سلاح الجو الجنرال ديف غولدستين الذي وصف موت جورج فلويد في رسالة إلى قادة وحدات الجيش بأنه “مأساة وطنية”، وأعلن أنه سيشارك الأربعاء مع رايت في مناظرة افتراضية حول العنصرية.
(أ ف ب)