ترامب: «ملك اليهود» أم المعادي للسامية؟

حجم الخط
7

بين «فضائل» الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن اللباقة والمجاملة واللغة الدبلوماسية تخون لسانه في مناسبات غير اعتيادية أو ذات حساسية خاصة، بحيث يفصح عن حقائق أو وقائع أو ملابسات اعتاد سواه من الرؤساء والمسؤولين الأمريكيين إخفاءها تحت أقنعة مختلفة عمادها النفاق والمخاتلة والخداع. أحدث هذه المناسبات كانت خطبة ترامب أمام مؤتمر «المجلس الإسرائيلي ــ الأمريكي» الذي يعتبر أحد أبرز مجموعات الضغط التي تخدم مصالح دولة الاحتلال في الولايات المتحدة.
ولقد بدأ ترامب من امتداح نفسه والتغني بازدهار الاقتصاد الأمريكي في عهده لا كما ازدهر في كل عهود الرؤساء أسلافه، وفي هذا لم يتورع عن تكرار الأقوال ذاتها التي جلبت عليه ضحكات المندوبين خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في مناسبة سابقة. ثم انتقل إلى تشخيص العلاقة الخاصة التي تجمع بين أمريكا ودولة الاحتلال، معتبراً أنها «نُسجت بفعل التاريخ والتراث وقلوب شعبنا»، متجاهلاً بالطبع أن «حكاية الانتصار» الإسرائيلية التي يتحدث عنها ترامب هي مسلسل متواصل من الاغتصاب والاستيطان والاحتلال.
ولم يكن غريباً أن يذكّر ترامب المجلس بأنه منذ أداء القسم وقف «مع شعب إسرائيل بقوة وثبات وفخار»، فيستعرض «الهدايا» التي قدمها في هذا المضمار، متفاخراً بأنه كان أول رئيس أمريكي يضع موضع التنفيذ القرار القديم الخاص بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، وأول المعترفين بسيادة الاحتلال على هضاب الجولان المحتل، هذا عدا عن إعلان الخارجية الأمريكية مؤخراً اعتبار المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية غير مخالفة للقانون الدولي. ولم ينس ترامب التعريج على «صفقة القرن» متباهياً بأنه «رجل الصفقات» أصلاً، ومتفاخراً بصهره جاريد كوشنر الذي لن يتم عقد أية صفقة، ولن تنجح، إلا بجهود الأخير.
غير أن المفاجأة الكبرى في خطاب الرئيس الأمريكي جاءت ضمن الفقرة الخاصة بالانتخابات الرئاسية المقبلة، حين حث ترامب الجالية اليهودية على انتخابه سواء أحبوه أم كرهوه لأنهم لا يملكون أي خيار آخر، واصفاً إياهم بـ«القتلة الوحوش»، و«الأناس غير اللطفاء أبداً»، ممن يتوجب عليهم دعمه تحت طائلة خسران أعمالهم خلال 15 دقيقة إذا فاز مرشح آخر ديمقراطي. ورغم أن بعض الحضور أخذ هذه الأقوال على محمل المزاح فتعالت في القاعة بعض الضحكات، إلا أن ردود الأفعال اللاحقة نمّت عن استياء كبير في الأوساط اليهودية بلغ درجة اتهام ترامب بالعداء للسامية.
وهنا ذروة المفارقة بالطبع لأن إنجازات ترامب في خدمة دولة الاحتلال، التي تأتي بالفوائد على الجاليات اليهودية في العالم بأسره كما يقول المنطق، أكسبته لقب «ملك اليهود» والصديق الصدوق الذي يبصم دون إبطاء على السياسات الإسرائيلية مهما بلغت درجة انتهاكها للقانون الدولي. فكيف يحدث أنه يُتهم بالعداء للسامية، أو في الأساس طيف يمكن أن تصدر عنه تصريحات لا يمكن إدراجها إلا في الخانات التي اعتادت مجموعات الضغط اليهودية تصنيفها في مصاف تنميطات كراهية لليهود؟
التفسير الأبرز قد يتمثل في استقتال ترامب على الفوز بولاية ثانية واستخدام كل الوسائل المتاحة للوصول إلى الهدف، إذ يستوي عنده أن يحتجز مساعدات مالية لأوكرانيا أو ابتزاز الجالية اليهودية في أمريكا، تحت طائلة الإدانة الدستورية أو تهمة العداء للسامية، فالأمور هذه عنده سواء.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول آصال أبسال:

    لا جديد تحت الشمس.. سوى ملاحظة منطقية.. في العبارة:
    /ومتفاخراً بصهره جاريد كوشنر الذي لن يتم عقد أية صفقة، ولن تنجح، إلا بجهود الأخير/..
    يرجى حذف “لن” الثانية لأنها تنفي نفي “لن” الأولى، فيصح المعنى عكس ما تريده الكاتبة.. !!

  2. يقول الكروي داود النرويج:

    ترامب يريد الصهاينة كالعبيد, كحال طغاة العرب! لن يحارب ترامب إيران من أجل صهاينة اليهود أو صهاينة العرب!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  3. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم رأي القدس اليوم عنوانه(ترامب: «ملك اليهود» أم المعادي للسامية؟)
    ترامب هو خليط من ملك اليهود
    غير المتوج الي المعادي للسامية الاهوج، فهو الموقف وضده.لكن الطبع غلب التطع فهو صهيوني أكثرمن اليهود وينتمي الي اليمين
    المسيحي المتصهين ،والمعادي الشرس للعرب والمسلمين امتدادا طبيعيا للروح الصليبية الحاقدة دون تفكير أو تروي .
    وهذه الروح هي التي دفعته لاهداء نتنياهو العطايا الكبرى بغض النظر عن موقف أكثر من مليار ونصف مسلم .هدايا ترامب لليهود في دولة الاغتصاب الصهيوني لا تعد ولا تحصى وابرزها الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لاسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها والاعتراف بالسيادة الاسرائيلية على الجولان المحتل وشرعنة المستوطنات على أراضي الفلسطينيين المحتلة ومعتبرا الانتصارات الاسرائيلية الوهميةعلى جيوش رباها زعماؤها على الفرار أمام جيش اسرائيل(المظفر!!!) لقاء حفظ العروش؛ متجاهلا بأن هذه الانتصارات المزعومة ليس الا
    (مسلسل متواصل من الاغتصاب والاستيطان والاحتلال.)
    ومع كل هذه الهدايا لحبيبه لنتنياهو فإن انفصام شخصيته لا يردعه عن وصف اليهود
    ( بـ«القتلة الوحوش»، و«الأناس غير اللطفاء أبداً») مما حدا بهم لرفع معلبتهم (معاداة السامية)
    في وجهه الكالح.

  4. يقول .Dinars.#TUN:

    من المنبر الحر القدس العربي الغراء أدعو السيد رئيس الجمهورية حل البرلمان التونسي بعد التلاعب بالشرعية ويعد استمرار وضع لا يطاق وأمام الإستهتار بقئات كثيرة من الشعب التونسي تتواصل معاناته فيزداد قهرا من خلال التفقير الممنهج فالمربي يعيش الأحمر في حسابه البنكي ومن يسكن الأرياف تتعطل حياته يوما بعد يوم. فالأغنياء يزدادون ” غنى ” بدءا بالنواب فالواحد منهم 30 مليون مليم سنويا ولم يتغير شيئا.
    يا سي قيس لقد انتخبتك أملا في التغيير إلة الأفضل.
    أنا كمرب أكاد أذرف الدمع على وطني العزيز الغالي الذي أفنيت فيه عمرا في تربية النشء وأنا الآن ، أقسم بالله أكاد أشحت، لا أحصل على مرتبي الذي تستولي عليه ” البانكة ” مصرف تابع للدولة التونسية ولا حتى سلفة مالية لا يمكنني الحصول عليها من البنك نتيجة الأوضاع الإجتماعية، وكثر هم على هذا الحال،
    أفنيت 37 سنة في التدريس ولم يقع تفعيل الفصل 28 من القانون 37 لسنة 2019 الخاص بالتقاعد، حتى إن تقاعدت فسأستمر في الفقر ما لم يتغير حال السياسة في تونس.
    دعوة إلى السيد قيس سعيد رئيس الجمهورية التونسية بحل البرلمان التونسي ثم الإنتقال إلى نظام رئاسي.

  5. يقول سامح//الاردن:

    *صدق المثل الشعبي (الطبع غلب التطبع)؟
    (ترامب) طول عمره تاجر ورجل أعمال
    ودخوله عالم(السياسة) طفرة وهفوة
    تاريخية لهذا دائما نراه يخلط السياسة
    بالتجارة و(الصفقات) ..؟!
    *همه الآن (التجديد) لولاية ثانية
    ولا يهمه الوسائل حتى لو كانت
    قبيحة أو (غير عادية)..

  6. يقول العلمي. المانيا:

    إلى آصال
    الفاصلة و واو العطف تنفي نفي النفي

  7. يقول عفاف عنيبة:

    نشكر القدس العربي علي المحتوي القيم للمقالة إنما لي بعض الملاحظات منها :
    الدولة الأمريكية أي كان رئيسها تعترف فقط بمبدأ القوة الحضارية و العسكرية علي الرض.
    ثانيا خروج العرب عن الدولة العثمانية و تخلفهم الحضاري و إنقسامهم إلي إمارات و دويلات جعلتهم لقمة سائغة في فم الغول الصهيوني و كما قالت لي زوجة ديبلوماسي غربي “نحن دسنا عليكم في فلسطين لأنكم كنتم الطرف الأضعف حضاريا بينما اليهود كانوا القوة الحضارية الصاعدة.دفعناكم ثمن إضطهادنا لليهود.”
    ثالثا الرئيس ترامب كأنجيلي ملتزم يؤمن أشد الإيمان بمحتوي الأناجيل و كيف انه لا بد أن يسند بنو صهيون ليدمروا المسلمين ثم يجهز عليهم هو و كل مسيحي الأرض ليستقبلوا بحفاوة بالغة نزول سيدنا المسيح…فتصور ترامب للحكم إنجيلي أي ديني بينما حكام العرب فهم يحتقرون أشد الإحتقار نبوءات دينهم و رسولهم محمد عليه أفضل الصلاة و السلام فسلط عليهم أمثال رابين و شارون و ترامب و القائمة طويلة…

إشترك في قائمتنا البريدية