خرج الوزير التركي السابق علي باباجان عن صمته، أخيراً، وخاطب الرأي العام من خلال مقابلة مطولة مع صحيفة «قرار» المقربة من تيار رئيس الوزراء السابق أحمد داوود أوغلو. وكلا الرجلين يعمل على تأسيس حزبه الخاص، بعد سنوات على تهميشهما خارج السلطة. وقد انتقل موضوع انشقاقهما من التسريبات إلى العلن بعد استقالة باباجان من حزب العدالة والتنمية، وإحالة داوود أوغلو وعدد من شركائه إلى لجنة الانضباط تمهيداً لطردهم من صفوف الحزب. الطريف في الأمر هو أن داوود أوغلو تكلم كثيراً، في الأشهر الأخيرة، عارضاً انتقادات حادة ضد السياسات المتبعة، على رغم عضويته في الحزب، مقابل التزام باباجان الصمت على رغم استقالته المعلنة منه، وكان يرفض جميع العروض التي تقدم إليه لإجراء مقابلات إعلامية يشرح فيها دوافعه لتأسيس حزب جديد ويعرض فيها برنامجه السياسي.
خروج باباجان من الصمت، بعد طول امتناع، يعني أن لحظة الإعلان عن تأسيس حزبه قد اقتربت، وقد قال في المقابلة إن ذلك سيكون قبل انتهاء العام الحالي. وكانت التسريبات السابقة تتحدث عن مشاركة الرئيس السابق عبد الله غل في الحركة السياسية الجديدة، لكن باباجان قال في المقابلة إن غل لا يريد العودة إلى السياسة الحزبية بعدما كان رئيساً للجمهورية، لكنه على تنسيق كامل معه، ويلتقي به، بانتظام، مرتين في الشهر، في إطار التحضيرات لتأسيس الحزب الجديد. أما عن علاقته بداوود أوغلو، فقال باباجان إن «اختلاف المنهج» بينهما يحول دون المشاركة سوية في تأسيس حزب يضمهما معاً. ويتحدث العارفون عن الاختلاف الكبير بين شخصيتي الرجلين: داوود أوغلو ذي الكاريزما القوية التي لا بد أن تطبع حركته بطابعها، مقابل ضمورها لدى باباجان «رجل العمل لا رجل الكلام». هذا الفارق بين الشخصيتين قد ينعكس، إلى حد كبير، على طبيعة الحزبين القادمين: حزب داوود أوغلو سيكون حزب القائد الفرد الذي يجمع حوله رجاله، مقابل «حزب فريق العمل» لدى باباجان، أي نوع من القيادة الجماعية لمجموعة من أصحاب المؤهلات والشخصيات المحترمة في المجتمع. حزب إيديولوجي (إسلامي) لدى داوود أوغلو، منافس لحزب العدالة والتنمية على قاعدته الاجتماعية، مقابل «حزب تكنوقراط» (يمين وسط) إذا جاز التعبير، يضم في صفوفه أفراداً من مختلف الخلفيات الإيديولوجية والمنابت الاجتماعية والجهوية.
ولأن تيار داوود أوغلو هو تيار انشقاقي، فخطابه يقوم على نقد الحزب الحاكم باتهامه بالابتعاد عن مبادئه المؤسسة، والدعوة إلى استعادة تلك المبادئ. أما تيار باباجان فهو «ابن اليوم» كما قال في مقابلته، ليس معنياً بانتقاد الأخطاء أو «الانحرافات»، ولا بالعودة إلى مبادئ تجاوزها الزمن، بقدر ما هو معني بمعالجة مشكلات تركيا اليوم.
من المرجح أن يتغير الحال إذا دخلت أحزاب جديدة إلى حلبة السياسة والانتخابات. وفي تاريخ تركيا الحديث أكثر من مثال على نجاح مفاجئ لأحزاب تأسست للتو، بسبب رغبة الناخبين في التغيير
يؤكد باباجان أنه لا مشكلة شخصية لديه مع حزب العدالة والتنمية، بل افترقت بهما الطرق بسبب انفصال «عقلي وعاطفي» عاشه مع الحزب منذ العام 2015، وأن الحزب الذي يعمل على تأسيسه لن يكون نسخة جديدة عن حزب العدالة والتنمية تقوم على مبادئه الأصلية. تركيا اليوم مختلفة تماماً عن تركيا التي تأسس فيها «العدالة والتنمية». سيكون الحزب الجديد حزب تركيا اليوم. استمد الأول مشروعية قيامه من المظلومية التي تعرضت لها البيئة المحافظة، أما اليوم فتركيا بكل فئاتها الاجتماعية تقريباً تعاني من مظالم. على الحزب الجديد، إذن، أن يسعى لتمثيل كل المجتمع، ويهتم بمشكلات جميع الفئات.
تهم العدالة والحرية والاقتصاد جميع الناس. المشكلة الاقتصادية «حلها سهل»، لكن تغييب العدالة والحريات هو الأكثر إيلاماً وإلحاحاً. «الماضي بات من الماضي، نحن نهتم بالمستقبل». لذلك سيصغي الحزب، بعناية خاصة، إلى أصوات الشباب. بخصوص المشكلة الكردية يقول إنها واحدة من أهم ميادين اهتمام الحزب الجديد، حلها في المستوى السياسي، وليس بواسطة الجيش أو الإعلام.
حول المشكلات الخارجية يقول باباجان إن تركيا لم يعد لديها ما تقوله بشأنها، وهي تلجأ إلى لغة السلاح لحل مشكلات قابلة للحل بدونه، معبراً عن قلقه من التفريط بما راكمته تركيا من إرث إيجابي في علاقاتها مع المجتمع الدولي ومنظماته المختلفة كحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، مؤكداً على ضرورة انفتاح تركيا على العالم، وإلا أفقر اقتصادها وتراجع نظامها الديموقراطي. لن تستقطب تركيا الاستثمارات ما لم يتمتع اقتصادها ونظامها التشريعي والقضائي بالثقة.
ثمة مسائل كثيرة تجنب باباجان الخوض فيها، من منطلق أنها من اختصاص العقل الجماعي الذي يعمل على تأسيس الحزب، ولا يمكنه إلزامه أو تقييده بآرائه الشخصية. ما هي حظوظ نجاح الحزب قيد التأسيس في المشهد السياسي في تركيا؟
إذا أخذنا نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة أساساً للتقييم، فسوف نرى أن المجتمع التركي ينحو نحو «اليسار» إذا صح وصف حزب الشعب الجمهوري وحلفائه باليسار. في حين أن حزب باباجان الموعود قد تم تصنيفه، منذ الآن، بيمين الوسط. لكن واقع الحال هو أن «الشعب الجمهوري» هو أبعد ما يكون عن مفهوم اليسار التقليدي، وإن كان عضواً في الأممية الاشتراكية. بل هو بالأحرى حزب الطبقات الوسطى العلمانية، مع نزعة قومية أقرب إلى التشدد. وحليفه الرئيسي «الحزب الخيّر» هو حزب قومي يميني. كما تلقى دعماً تكتيكياً من حزب الشعوب الديمقراطي (الكردي). ويمكن تفسير نجاح «الشعب الجمهوري» في الانتخابات البلدية بنزوع الناخبين في المدن الكبرى إلى التغيير. وإذ لم يكن أمامهم أي بدائل أخرى صوتوا لصالح مرشحي «الشعب الجمهوري» كبديل وحيد عن مرشحي الحزب الحاكم.
من المرجح أن يتغير الحال إذا دخلت أحزاب جديدة إلى حلبة السياسة والانتخابات. وفي تاريخ تركيا الحديث أكثر من مثال على نجاح مفاجئ لأحزاب تأسست للتو، بسبب رغبة الناخبين في التغيير. أحدث الأمثلة على ذلك هو حزب العدالة والتنمية نفسه الذي صعد إلى السلطة بلا تحالفات بعد عام واحد على تأسيسه.
كاتب سوري
لا يضر أردوغان بإذن الله ماما إنس ولا بابا جان.
هذا ان دل على سيء فيدل على ان اردوغان ممكن منافسته والفوز عليه بالانتخابات القادمة هو وحزبه الذي اصبح كما حزب البعث في فترة حكم صدام الذي كان هم افراده السلطة ولن تبقى لهم الا بوجود صدام ولكن الامر في تركيا مختلف فلا زال الدستور والنظام العلماني فيها هما ما يتمتع به الاتراك
سلام عادل,
النظام العلماني هو من حكم تركيا عقود طويله إنهار خلالها إقتصاد تركيا وإنهار معه دخل الدوله والفرد.النظام العلماني الذي تتشدق به لم يمنع العسكر من كتم أصوات الشعب التركي الذي يستطيع الأن إنتقاد إردوجان بل ومنافسته والفوز عليه في الإنتخابات كما قلت أنت.متي يكف غلاة العلمانيين عن كراهية الإسلام وكل مايمت له بصله؟!
سلام عادل,
النظام العلماني هو من حكم تركيا عقود طويله بالتعاون والتآمر مع العسكر إنهار خلالها إقتصاد تركيا وإنهار معه دخل الدوله والفرد.النظام العلماني الذي تتشدق به لم يمنع العسكر من كتم أصوات الشعب التركي الذي يستطيع الأن إنتقاد إردوجان بل ومنافسته والفوز عليه في الإنتخابات كما قلت أنت.متي يكف غلاة العلمانيين عن كراهية الإسلام وكل مايمت له بصله؟!
مازال أملنا فى الله كبير أن يتغلب العدالة والتنمية على الأسباب الجوهرية التى أدت للمؤشرات السلبية فى المحليات الأخيرة ليرتفع رصيده عند الناخب التركى مرة أخرى محتفظا بالسلطة ..
هل يستطيع أحد في أم الدنيا أن يقول كلمة لا تعجب العسكري الصهيوني أكثر من الصهيونية؟ أمن الدولة والنيابة الملاكي والعصا الغليظة لتأديب من يخرج على النص. فالجنرال هو الدولة، والدولة هي الجنرال، وقس على ذلك في أماكن أخرى المنشار والبرميل المتفجر ونحو ذلك.
لا حول ولا قوة الا بالله