تركيا: باباجان ينشق رسمياً عن اردوغان وغموض حول خطط غُل وداود أوغلو

إسماعيل جمال
حجم الخط
2

إسطنبول ـ «القدس العربي»: عقب أشهر من التكهنات، قدم علي باباجان، وزير الاقتصاد ونائب رئيس الوزراء السابق، استقالته من حزب «العدالة والتنمية» الحاكم الذي يعتبر أحد أبرز مؤسسه، في إعلان رسمي عن انشقاقه عن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، فيما أعطى ـ في بياناته ـ إشارات واضحة على قرب تشكيله حزباً سياسياً جديداً في البلاد، وذلك في ظل غموض وتكهنات متضاربة حول نوايا رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو والرئيس السابق عبد الله غُل، الانضمام إليه.
ومنذ أشهر تزايدت التكهنات والتسريبات حول نية قيادات بارزة في «العدالة والتنمية» الانشقاق وتشكيل حزب سياسي جديد أو أكثر، ويتركز الحديث حول باباجان وغُل وداود أغلو، الذين ابتعدوا منذ سنوات عن ممارسة أي نشاط سياسي واضح داخل أطر الحزب الحاكم بسبب خلافهم المتزايد مع اردوغان وسياساته في إدارة البلاد سياسياً واقتصادياً وداخلياً وخارجياً.
باباجان، استقال ـ وفق ما قال أمس ـ رسمياً من «العدالة والتنمية» عبر تقديم كتاب رسمي لرئاسة الحزب في العاصمة.
وذكر بأن من أسباب استقالته «الخلافات العميقة في المبادئ والقيم والأفكار» حول توجه الحزب على كافة الأصعدة، مشدداً على ضرورة بدء مسيرة جديدة في حياته السياسية، في إشارة قاطعة حول نيته تشكيل حزب سياسي.
وقال: «في ظل الظروف الحالية، تحتاج تركيا إلى رؤية جديدة تماماً لمستقبلها. هناك حاجة إلى تحليلات صحيحة في كل مجال، واستراتيجيات مطورة حديثاً وخطط وبرامج لبلادنا.. صار محتماً بدء جهد جديد من أجل حاضر تركيا ومستقبلها. كثير من زملائي وأنا، نشعر بمسؤولية عظيمة وتاريخية نحو هذا الجهد».
وباباجان هو أحد أبرز مؤسسي «العدالة والتنمية» إلى جانب اردوغان، وشغل عضوية البرلمان لعدة فترات، ووزارة الخارجية، وشؤون الاتحاد الأوروبي، ووزارة الاقتصاد، ونائباً لرئيس الوزراء في حكومات الحزب، وعرف عنه بأنه «رائد التجربة الاقتصادية التركية»، وعلى الرغم من أنه لا يتمتع بنشاط على المستوى الشعبي، إلا أنه يتمتع بثقة شريحة مهمة من الشعب التركي، لا سيما في الجانب الاقتصادي.
وتكمن قوة باباجان في الوقت الحالي بطرحه فكرة الحزب الجديد في ظل أزمة اقتصادية حقيقية تمر بها البلاد تمثلت في انخفاض قيمة الليرة التركية وتراجع مستويات النمو وسط ارتفاع في مستويات التضخم والبطالة، كما يأتي قرار باباجان بعد يومين من إقالة اردوغان رئيس البنك المركزي التركي، الذي ولد انتقادات لاذعة، وأدى لردود فعل سلبية في الأسواق وتراجع في قيمة العملة والبورصة التركية.

أعطى إشارات على قرب تشكيله حزباً سياسياً جديداً

كما جاء قرار باباجان عقب تسريبات أكدت عقده لقاء بداية الشهر الجاري مع اردوغان قدم خلاله تقريراً نقدياً لأداء الحزب ورفض عرضاً من الرئيس التركي لعدم تشكيل حزب سياسي جديد والعودة لممارسة نشاطه السياسي في إطار «العدالة والتنمية»، كما حذره اردوغان من الفشل في مسعاه الجديد.
وبات من المؤكد أن القيادات الثلاثة، باباجان، غُل، داود أوغلو، لا يعملون بشكل منظم، وفشلوا في الاتفاق على رؤية سياسية موحدة لتشكيل حزب سياسي واحد، لكن التكهنات تشير إلى أن باباجان وغُل الأقرب للعمل بشكل مشترك في الحزب الجديد، في حين يتوقع أن يعمل داود أوغلو، بشكل مستقل من أجل تشكيل حزب سياسي آخر، إذا قرر ذلك.
وحسب التسريبات، يتوقع أن يتصدر باباجان رئاسة الحزب الجديد مستنداً إلى حاجة الشعب التركي لشخصية جديدة يرى فيها منقذاً له من الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، في حين يتوقع أن يلعب عبد الله غُل دوراً أشبه بالزعيم الروحي للحزب الجديد.
وخلال الأسابيع الأخيرة، حاول اردوغان مراراً التقليل من شأن التحركات الأخيرة للقيادات المبتعدة عن الحزب. والجمعة، اعتبر أن الكثير من القيادات التي حاولت الانشقاق وتشكيل أحزاب جديدة فشلت وباتت جزءاً من الماضي.
لكن وفي محاولة لمواجهة تحرك باباجان، عقد اردوغان في الأيام الأخيرة اجتماعات موسعة مع قيادات «العدالة والتنمية»، وبشكل خاص نواب الحزب في البرلمان، وذلك من أجل تقليل عدد النواب المتوقع انشقاقهم من «العدالة والتنمية» لصالح حزب باباجان المتوقع الإعلان عنه قريباً.
ويخشى اردوغان بدرجة أساسية أن ينجح الحزب الجديد باجتذاب عدد كبير من نواب «العدالة والتنمية» لصالحه، وهو ما قد يقلب موازين القوى السياسية في البلاد لصالح المعارضة، حيث ما زال يتقدم تكتل المولاة في البرلمان على تكتل المعارضة بنحو 90 مقعداً.
ومن أصل 589 عضواً حالياً في البرلمان، يوجد 291 نائباً لحزب «العدالة والتنمية» و49 مقعداً لحليفه الحركة القومية، بإجمالي 340 مقعداً، بينما تتمتع المعارضة بقرابة 250 مقعداً لأحزاب الشعب الجمهوري 139، والشعوب الديمقراطي 62 مقعداً، والحزب الجيد 39 مقعداً.
ويستطيع أي حزب جديد يمتلك 20 نائباً في البرلمان تشكيل كتلة برلمانية مستقلة ليصبح حزباً رئيسياً في البلاد وله ثقل برلماني إلى جانب الأحزاب الخمسة الكبرى التي تمتلك كتلاً في البرلمان، وهي أحزاب: العدالة والتنمية، والحركة القومية، والشعب الجمهوري، والشعوب الديمقراطي، والجيد.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمود يوسف محمد علي-مصر المحروسه:

    كل هؤلاء إنشقوا عن الديكتاتور إردوجان؟!ياللهول!!!!وياتري هل مازالوا طلقاء أم لحقوا بزياد العليمي وأحمد ماهر ويحي القزاز ومعصوم مرزوق….إلخ في معتقلات سلطه العسكر التي لاتقبل بوجود معارضين لها؟!

  2. يقول الشيخ أحمد ياسين:

    تركيا دوله حديثه ونظامها ديمقراطي وانشقاق هذا وداك طبعآ له ثاثير ولكن يبقى الوضع في تركيا افضل من الانظمة العربيه الفاشله.
    أردوغان نجح في تغير وازدهار تركيا ولانه رجل مسلم ولم يخضع للغرب ولهذا يواجه عداء واسع.
    انا اعتقد ان أردوغان ما زال الشخصية الأكثر محبوبه عند الأتراك. واذا تغير سيعرف الأتراك قيمته لاني لا أرى شخص في الوقت الحالي يستطيع أن يقود تركيه بهذه القوه الحنكه.
    لكن نحن نعرف السعوديه ومصر والإمارات والغرب يعملون ليل ونهار ضد الزعيم أردوغان ان كيدهم عظيم.

إشترك في قائمتنا البريدية