الأتراك كانوا يقرأون من اليمين لليسار، إلى ان جاءت راحلةُ (كمال أتاتورك) تطلب تغيير المسيرة والمسار! والأتراك كانوا يكتبون من اليمين لليسار، فوبخّهم (أتاتورك) ‘أنتم فقراء، أكتبوا لليسار من اليمين لتصبحوا أغنياء’! والحجاب كان اللباس الوطني للمرأة في تركيا، ورمزاً لجمال الفتاة الشرقية وهي بالحجاب الأبيض وردةٌ بيضاء في الباقة البيضاء.. إلى ان جاءها الربيع الأوروبي قبل أوانه، يجبرها على التعرية الإندماجية الإستسلامية للنسخة الأوروبية ذكوراً وإناثاً! واللحيةُ كانت زينة رجال الأتراك في المحافل، قبل ان تلوح في الفضاء الشوارب الأتاتوركية الغليظة، تُجبرهم على التمكيُّج وحلق اللُّحى والتشبّه بالنساء إرضاء لبنت الحان وشيخ البرلمان! والزنا كان حراما في تركيا إلى ان قرأت النبأ! والنبأُ كان يدلُّ على ان تغييراً كبيراً حدث بعاصمة، معالمها عثمانيةُ المساجد والمآذن والمصاحف، يوم صوّت البرلمان في السادس من اكتوبر عام 2004 بأغلبية ساحقة للسماح بالزنا برضى الطرفين تحت قانون الحريات الشخصية! وقس على ذلك كلما يرضيهم ويمهد لهم الإنضمام لناديهم المنكر من اللواط والقمار ومناكر أخرى مما لا تعد ولا تحصى ولا تعد جريمة في قانون البلد الإسلامي اغلبيتها الساحقة بالشهادتين، تظلّلها العسكرة بشوارب أتاتورك، نعم كل حرام حلال، إن كان يُسهّل لتركيا المسلمة تأشيرة الإنضمام للنادي الأوروبي! كل هذا لم يحرك في الشارع التركي ساكنا، فياترى ما الجديد اليوم في حديقة غازي، وميدان التقسيم وأنقرة؟ هل إنهم فتيةٌ آمنوا بربهم فزدناهم هدى؟ ام انهم شبيبةٌ إستمتعوا بشوارب أتاتورك، ويخشون رجب أردوغان، وعبدالله غول وأربكان أن يلتحوا، خاصة وزوجاتهم متحجبات! لم استطع الحصول حتى هذه اللحظة من تدويني لهذه السطور على ما يشفي غليل قلبي وقلمي من الاجابات الدقيقة لأسئلتي، عدا ما ذكره (تايفون قهرمان) أحد أعضاء ‘منبر التضامن مع تقسيم’ الذي يعد الجهة المنظمة الرئيسية التي تمثل حركة الاحتجاج المستمرة في حديقة ‘المنتزه’، والذي التقى رجب طيب أردوغان، أن القرار الذي سيتخذه المحتجون في حديقة (المنتزه)، بعد عملية تقييم للتطورات واللقاءات التي تمت مؤخرا، سيتم الإعلان عنه؟ إن كان الجانب الاحتجاجي في الشوارع التركية قد تفاجأوا بالهراوات المفرطة من عناصر الشرطة، فإن الجانب الدبلوماسي في الدهاليز التركية هو مصددوم مما يحصل في بلد جعل الرومانس وعطور الشهوة ثروة مثيرة بين الجنسين لإبعاد الثورة وحصل العكس بإنقلاب السحر على الساحر لدرجة سقوط القتلى والجرحى في تلك الشوارع. إذن، الساعات المقبلة تبق انظار العالم مركزة على حديقة غازي اكثر مما هي تتجه إلى القصر الرئاسي والبرلماني والدبلوماسي في كل من أنقرة وأسطنبول، وان كان رجب أردوغان التقى خارج البرلمان وفي وقت متأخر من مساء الجمعة بثمانية من الفنانين الأتراك، فضلاً عن عضوين من أعضاء ‘منبر التضامن مع تقسيم’ الذي يعد الجهة المنظمة الرئيسية لهذه المظاهرات الاحتجاجية المستمرة في الحديقة ومستمرة على مدار 15 يوماً. وحديقة غازي في ميدان تقسيم في اسطنبول هي النقطة التي انطلقت منها وأثارت حولها احتجاجات واسعة النطاق امتدت إلى العاصمة أنقرة ومدن تركية أخرى. تركيا لا تستطيع مهاجمة المظاهرات بالطائرات كما تفعله سورية، لانها بهندام الديمقراطية الأوروبية ولو شكليا، وإن لم تمنحه أوروبا الى الآن العضوية المفتوحة المرجوّة، واردوغان من جانب يقول إن صبره قد نفد بمطالبته المحتجين مغادرة الحديقة، ومن جانب آخر يدعي انه لا يأبه بأمريكا وأوروبا، وان ما حصل في تركيا ليست باقل مما حصل في اليونان.. ثم ومن جانب آخر يطمئن المحتجين بانه إستلم رسالتهم على غرار ما قاله زين العابدين بن علي قبيل رحيله عن شباب توانسة ‘لقد فهمت عليكم لقد فهمت عليكم’. لكن هذا التعهد يتعارض مع موقفه السابق الذي اتسم بالتحدي عندما هاجم المحتجين ووصفهم بأنهم ‘رعاع’ وأصر على المضي قدما في خطط البناء في المتنزه المتاخم لميدان تقسيم، وان للصبر حدودا يا حبيبي. تركيا العثمانية القرآنية الإيمانية، قد تعود لأحضانها القرآنية آنيا ام آنفا، ان تركناها بشعبها على الفطرة التي فطر الله الناس عليها، والفطرة تدعو للإيمان مهما لوّثها الإلحاد وزعزتها العلمنة، وهذا ما ثبت في معظم العواصم التي زرعت جينيات الانحلال المتكاثر للشباب في الشباب، فانجبوا الشباب الإيمان تلو الإيمان. أحمد إبراهيم دبي [email protected]