تركيا تغرم منصات التواصل الاجتماعي بعشرات الملايين وتهدد بإجراءات أشد

إسماعيل جمال 
حجم الخط
0

إسطنبول – “القدس العربي”: أعلنت هيئة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات التركية تغريم منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وإنستغرام وتويتر وبيرسكوب ويوتيوب وتيك توك، مبلغ 10 ملايين ليرة تركية لكل منها، وذلك بموجب قانون تنظيم عمل مواقع التواصل الاجتماعي الذي أقره البرلمان التركي قبل أسابيع والذي تقول الحكومة إنه يهدف إلى تنظيم عملها وحماية المجتمع، وتخشى المعارضة أن يستخدم للتضييق على الحريات في البلاد.
ويأتي هذا القرار بسبب عدم تطبيق تلك الشركات قانوناً يقضي بوجوب فتح مكاتب تمثيلية لها في تركيا، بعد انتهاء المدة القانونية الممنوحة لها، ويتوقع أن تتصاعد الخطوات التركية ضد مواقع التواصل الاجتماعي في حال عدم خضوعها لمواد القانون الجديد الأمر الذي يمكن أن يتطور لحظر الوصول إليها في تركيا.
ووفقاً للقانون الذي يقضي بتعديل قانون تنظيم البثّ على الإنترنت ومكافحة الجرائم المرتكَبة من خلال هذه البرامج والذي دخل حيز التنفيذ اعتباراً من 1 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فإن المدة الممنوحة لتلك الشركات انتهت في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني 2020.
وكتب وزير النقل والبنية التحتية التركي عمر فاتح صايان، الأربعاء، عبر تويتر: “أبلغنا الشركات الأجنبية العاملة في تركيا والتي تصل إلى أكثر من مليون شخص يوميا ببعض القواعد التي يتوجب عليها الالتزام بها”، مضيفاً: “مع انتهاء الفترة القانونية، تم تغريم مزودي الشبكات الاجتماعية الذين لم يبلغوا عن تعيين ممثل، وهم فيسبوك وإنستغرام وتويتر وبريسكوب ويوتيوب وتيك توك عشرة ملايين ليرة” (1.18 مليون دولار).
وستفرض تركيا غرامة تصل إلى 30 مليون ليرة تركية على تلك الشركات إذا لم تُدفَع الغرامات المفروضة وفقاً للقرار الصادر خلال 30 يوماً. وإذا لم تلتزم الشركات فستحظر تركيا نشر الإعلانات على تلك المنصات، ثم تخفض سرعة التصفح بنسبة 50%.
أما إذا فتحت تلك الشركات مكاتب تمثيلية لها في وقت لاحق، فسيُحصَّل ربع الغرامات المفروضة عليها في ذلك الحين.
ويفرض القانون الذي مرر في البرلمان بأغلبية أصوات حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية على شركات مواقع التواصل الاجتماعي الذي يصل إليها أكثر من مليون شخص يومياً من تركيا أن تفتح مكاتب تمثيلية لها في تركيا وأن تتعامل مع الشكاوى ضد المحتوى المنشور على منصاتها والذي يطلب القضاء التركي متابعته أو حذفه أو التحقق منه.
وبناء على المحددات الموجودة في القانون، يشمل ذلك مواقع التواصل الاجتماعي الكبرى وعلى رأسها فيسبوك وتويتر وإنستغرام وسناب شات ولينكد إن، حيث ستكون هذه الشركات مجبرة على فتح مكاتب تمثيلية لها في تركيا، بشروط تفصيلية منها أن يكون ممثلها يحمل الجنسية التركية.
ويوجد في تركيا التي يبلغ عدد سكانها 82 مليون نسمة قرابة 54 مليون متابع لهذه المواقع، وفي حال رفضت شركات وسائل التواصل الاجتماعي تعيين ممثل رسمي، فإن التشريع يفرض غرامات باهظة على هذه الشركات وحظر الإعلانات وتخفيضات النطاق الترددي.
وبموجب حكم قضائي سيتم تخفيض النطاق الترددي إلى النصف، ثم خفضه بصورة أكبر. وهو ما يعني أن عمل شبكات التواصل الاجتماعي سيكون بطيئا جداً، وسيكون ذلك بمثابة حظر مقنن على المواقع التي ترفض الانصياع للقانون الذي يفرض أيضاً على الشركات تخزين بيانات المستخدمين في تركيا، وهو تحد كبير للشركات التي ستحاول الحفاظ على جمهورها وإعلاناتها الهائلة في تركيا وبين قدرتها وقابليتها للاستجابة إلى الشروط الجديدة للعمل في تركيا.
وسيتم تكليف مندوبي هذه الشركات بالرد على الطلبات الفردية لإزالة المحتوى الذي ينتهك الخصوصية والحقوق الشخصية في غضون 48 ساعة أو تقديم أسباب الرفض. وستتحمل الشركة المسؤولية عن الأضرار إذا لم تتم إزالة المحتوى أو حظره في غضون 24 ساعة.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اعتبر أن القانون يهدف إلى حماية الحقوق الشخصية للمواطنين ووضع حد للأعمال غير الأخلاقية عبر شبكات التواصل الاجتماعي، مشدداً على أن هذه الشركات يجب أن يكون لها تمثيل مالي وقانوني في تركيا وأنها ليست فوق القانون، ملوحاً بإغلاقها.
وتقول الحكومة التركية إن القانون يهدف بدرجة أساسية إلى محاربة المحتوى الذي يتضمن دعما أو ترويجا للإرهاب، ومكافحة الجرائم الإلكترونية وحماية المستخدمين والمجتمع من الأشخاص الذين يستخدمون مواقع التواصل للابتزاز أو التشهير أو التنمر الإلكتروني أو الإهانات بحق النساء.
في المقابل، تحذر المعارضة التي تصف القانون الجديد بأنه “قانون الرقابة” من أنه سيعزز من سلطة الدولة على مواقع التواصل وبالتالي سيحد من الحريات في البلاد، ويمكن أن يستخدم لتقييد حرية المواطنين والمعارضين السياسيين وملاحقة الصحافيين.
في المقابل، دافع نواب وصحافيون موالون للحكومة عن القانون الجديد من جانب قومي، معتبرين أن مواقع التواصل الاجتماعي التي تخضع لقوانين مشابهة في العديد من الدول الأوروبية تتعالى على تركيا وتحاول الإضرار بالمجتمع، مشددين على أن الحكومة بإمكانها من الآن فصاعداً أن تمارس دورها في حماية المجتمع، على حد تعبيرهم.
يُذكر أن تلك الشبكات تمتلك مكاتب تمثيلية في عديد من دول العالم، وتمتلك منصة تيك توك التي يستخدمها ملايين الأتراك على سبيل المثال مكاتب تمثيلية في 126 مدينة، منها بكين ولندن ونيويورك وباريس ودبي وطوكيو.
وسبق للحكومة التركية أن أغلقت يوتيوب وويكيبيديا بسبب رفض إدارة الموقعين التجاوب مع طلبات للحكومة بإزالة محتويات صنفت على إنها دعاية إرهابية أو مضرة بالمجتمع، ويؤيد مواطنون قرارات الحكومة باعتبار أنها قرارات وطنية وقومية، لكن كثيرين يخشون من تحولها إلى أداة للرقابة على الحريات، وهو ما تنفيه الحكومة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية